بقلم: الشيخ علي الفتلاوي
لا شك في أن الخدمة تستوجب
الذلة وتشعر بالحقارة، وتجرح الكبرياء إذا كانت من أجل الدنيا، أو كانت لشهوة
فانية ورغبة تافهة، أو لتزلف لمخلوق نأمل منه نفعا دنيويا وحطاماً زائلاً.
أما إذا كانت الخدمة
عبادة، والنية فيها هي القرب إلى الله تعالى فلا شك في كونها فخراً وعزة ورفعة في
الدنيا وجنة ورضواناً في الآخرة، وهذا ما أكده الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله
وسلم بقوله:«أيما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلاّ أعطاه الله مثل عددهم خداماً في
الجنة»([1]).
تأمل أخي الخادم ما أروع
هذا الحديث! هو يقول من خدم قوماً من المسلمين على وجه العموم دون أيّة صفة لهؤلاء
المسلمين يعطيه الله تعالى مثل عددهم خداماً في الجنة.
فكيف إذا كان هؤلاء القوم
المسلمون هم زوار الإمام الحسين عليه السلام؟!
وكيف إذا كان عددهم بالملايين؟!
فلا يقل قائل ما هو الفرق بين المسلمين سواء أكانوا
زواراً أم غير ذلك؛ فأقول: إن زائر الإمام الحسين عليه السلام له من الفضل ما يعجز
اللسان عن ذكره، وتكل الأقلام عن سطره، وتستبشر النفوس عند سماعه، وهذا ما أشارت
إليه الأحاديث التالية:
قال الإمام أبو عبد الله
الصادق عليه السلام:«وكّل الله بقبر الحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلّون عليه
كل يوم شعثاً غبراً من يوم قُتل إلى ما شاء الله ــ يعني بذلك قيام القائم ــ
ويدعون لمن زاره ويقولون: يا ربّ هؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم»([2]).
وسُئل الإمام الصادق عليه
السلام:هل الملائكة يدعون لزوار الحسين عليه السلام؟ فقال عليه السلام:«لا تدع
زيارة الحسين عليه السلام، أما تحب أن تكون فيمن تدعو له الملائكة»([3]).
وقال عليه السلام:«إن الملائكة الموكلين، يبكونه
ويستغفرون لزواره ويدعون الله لهم»([4]).
وورد عن أبي إبراهيم أنه
قال:«من خرج من بيته يريد زيارة قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام
وكّل الله به ملكاً فوضع اصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتى يرد
الحير، فإذا خرج من باب الحير وضع كفه وسط ظهره ثم قال له: أمّا ما مضى فقد غفر
الله لك فاستأنف العمل»([5]).
وقال الإمام أبو عبد الله
الصادق عليه السلام:«إن أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين عليه السلام شعثاً غبراً
يبكون إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه،
ولا يودعه مودع إلا شيعوه، ولا يمرض إلا عادوه، ولا يموت إلا صلوا على جنازته
واستغفروا له بعد موته»([6]).
فبعد أن عرفت فضل الخدمة
وفضل الزائر المخدوم، فهل يبقى لديك شك في توفيقك وفوزك وسعادتك؟ وهل يفرّط عاقل
بهذه الخدمة فيتركها ويذهب إلى الخدمة في دوائر الدولة من أجل المال الذي سيفنى؟
وهل يصح أن تعمل في هذا المكان المقدس من أجل الأجر المادي فقط؟ وهل تشك أخي
الخادم في أن عملك هذا عبادة؟
فلا تتردد في خدمة
المؤمنين ولا تستنكف من ذلك فإنها درجة لا يُدرك فضلها كما ورد عن النبي الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم، إذ يقول:«خدمة المؤمن لأخيه المؤمن درجة لا يُدرك فضلها
إلاّ بمثلها»([7]).
إرسال تعليق