بقلم: الشيخ باقر شريف القرشي
لا أرى الموت إلاّ سعادة **** والحياة مع الظالمين إلاّ برما
وهكذا يأبى التفكير الصحيح من الخضوع لمسالمة من أراد بالأمة سوء وتحكم فيها مستبداً دون أن تثيره النخوة فلا يفتأ أن يصرخ في وجوه المستبدين فيبني كيان أمته بكل ما يستطيعه وإن وجوده في الأمة لنادر بل لا يدركه الشعور والحسين أبو الشهداء، لأنه المثل الأعلى للمجاهدين حيث ضرب المثل العليا لجميع الشهداء.
وواقعة الطف متى ذكرت تذكر مقرونة بالتعظيم والتبجيل ذلك لأنها اشتملت على مفاخر وعبر ما لم تحويه أيَّ مأساة جرت في الوجود فحلت في قلب كل إنسان خضع لصاحب الرسالة أو لم يخضع. وحتى أخذت اثرها في قلب كل رجل كان الناس لا يظنون به إلاّ سوء فأسمعه يرثيه بما يتم عن أثرها العميق في نفسه فيقول:
وعلى الأرض من دماء الشهيدين **** علي ونجـلـه شـاهـدان
فهـما في أواخـر الليل فجران **** وفي أوليـائـه قـمــران
فما سبب هذا التأثير الذي يجده كل من قدس الفضيلة وما سبب خلود هذه التضحية إلاّ لأنها قاومت الباطل بكل ما استطاعت من رفع الظلم عن الأمة وإزالة حلم الإستبداد الجائر عنها. يقول علي لأبيه ألسنا على الحق، فيقول له ابوه بلى والذي إليه يرجع أمر العباد، وهكذا كانت نية أصحابه وأهل بيته إيماناً بالحق وتفانياً أزاء المبدأ القويم. خرج من مكة عالماً بمصرعه متيقناً أن تضحيته هذه ستعود بالخير الكثير على أمة جده سار في طريقه وهو يرتل.
سأمضي وما بالموت عار على الفتى **** إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلـما
نعم هان الموت عنده وعند اصحابه الأشاوس وعظم عليهم الخضوع لذلك الفاسق المستهتر لقد خاب ظن أبن هند فيما فكَّر فيه من تنصيب يزيد خليفة على المسلمين وتمكينه من رقابهم ولسنا ببعيدين عن الحقيقة إذا قلنا أن إذهاب الإسلام وفل شعاعه كان أمنية في نفس معاوية فلم يستطعها في حياته فخلف ابنه من بعده واسر اليه بها فما تربع يزيد دست الخلافة إلاّ أخذ يجاهر بقوله لاخبر جاء ولا وحي نزل وبأعماله التي ينفر القلم من ذكرها فهل يا ترى يخضع الحسين لهذا الفاجر وهو سبط صاحب الرسالة والمثل الأعلى لجده القائل فيه (( حسين مني وأنا من حسين)) فصرخ في وجوه المعادين لدين الله فعاد بأجمل الذكر وفل عروش الدولة الجائرة وأوضح ما إنطوت عليه نفوس أمية فحصل كما قيل:
من رام تفسير الحياة لقومه **** قدم الشهيد يبين عن معناها
لولا الدماء تراق لم تك أمة **** بلغت من المجد العريق مناها
تسمو الحياة بكل حر ماجد **** وجبت عليه حقوقها فقضاها
فسلام عليك يا ضحية الفضيلة وعلى أصحابك تحيات من الله.
إرسال تعليق