بقلم: الشيخ حسن الشمري
لقد أولى الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام هذه الخطة اهتماماً بالغاً، ثم إنه اعتمدها في كلّ تفاصيل الثورة، لقد وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
مصداق ذلك مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهم السلام الرجل الكبير والعظيم، وقد حمّله الإمام عليه السلام مسؤولية إدارة الصراع في الكوفة، فنهض بها، وفاق التوقعات في انجازاته وأدائه، لأنّ مسلم بن عقيل امتاز بصفات عالية أهلته بجدارة لإدارة الصراع، ثم توجيه المعركة لصالح الثورة الحسينية، بالرغم من شدّة الضغوط وقساوة الصراع، فاستطاع أن يخرج بنتائج باهرة ظلّت لهذه الساعة تشغل أذهان العلماء والمفكرين وأصحاب النظريات.
مسلم بن عقيل
تقول الروايات أنه ولد في حياة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وقال فيه رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما سأله الإمام علي عليه السلام عن حبه لعقيل، قائلاً: ((يا رسول الله إنك لتحب عقيلاً؟)).
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إي والله! إني لأحبه حبين، حباً له، وحباً لحبِّ أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون)).
ثم بكى الحبيب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم حتى جرت دموعه على صدره، ثم قال: ((إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي))[1].
يقول (البلاذري): ((وكان مسلم بن عقيل من أرجل ولد عقيل وأشجعهم))[2].
وقد اشترك في صفين، وكان أحد قادة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وقد أبلى بلاءً حسناً[3].
ولا غرو في ذلك، وهو قد تخرّج من مدرسة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
جاء في كتاب (مبعوث الحسين عليه السلام): ((الشجاعة الخارقة المشهودة لمسلم كسمة من أشهر سماته، لم تأتِ من التدريبات البدنية فحسب، وإنما جاءت أيضاً من تعاطيه العلم والعرفان في مدرسةٍ وفقت بنجاح بين دروسها السلاح، مدرسة أفلحت بمعلمين غير عاديين وحظيت بأساتذة غير ضعفاء ولا نظريين فمن هم هؤلاء الذين علّموه ودرّسوه؟! إنهم معلّمو الأمة وأساتذة الإنسانية الذين كان سيد الكائنات وأشرف البشرية قد خصّهم بعلمه وحكمته دون غيرهم من الناس، إنهم: أخو النبي وابن عمّه، وريحانتاه من الدنيا.
قد زاحم أقرانه والصحابة والتابعين في وقوفه عند باب مدينة العلم علي أمير المؤمنين عليه السلام، وريث خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، فتشرّب من عمه التقوى واليقين، وارتوى من نمير علوم عليّ العظيم، مستلهماً منه الصفات والمزايا الحيدرية.
إنه شاطر الهاشميين الهيبة والشمائل، وسائر السمات كالعلم والحلم والأناة والسؤدد والإباء والشمم، يلتهب حماساً ليمتلئ وعياً وعرفاناً، وعلماً جماً))[4].
ومسلم كان قائداً عسكرياً في صفين جعله الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على فيلق من الجيش على الميمنة التي ضمّت كبار القادة، مثل: سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام، وعبد الله بن جعفر زوج العقيلة زينب عليها السلام»[5].
وجاء في كتاب (مبعوث الإمام الحسين عليه السلام) أيضاً:
قال البياسي في (الأعلام) بسنده: ((كان مسلم بن عقيل مثل الأسد، وقد كان من قوته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت))[6].
يقول الزركلي عنه: ((إنه كان من ذوي الرأي والعلم والشجاعة))[7].
وتزوج الشهيد مسلم بن عقيل من رقية بنت الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وكانت زوجته الفضلى التي أنجبت عبد الله بطل من أبطال كربلاء.
وتقول الروايات: إن مسلم صاهر الإمام عليه السلام ثانية عقب وفاة الأولى برقية الصغرى، وقيل بأم كلثوم.
كما اختلف المؤرخون حول أولاد مسلم، فقيل خمسة وبنت واحدة، وقيل أربعة وبنت واحدة، من رقية الأولى، أو أختها بعد وفاتها.
لكن المتفق عليه لدى سائر المحققين أنه لم يبق لمسلم عقب.
ولمسلم عشرة أو أحد عشر من إخوته الكرام، وقد استشهدوا في كربلاء الحسينعليه السلام، وهم يجودون بمهجهم من أجل القرآن والعقيدة))[8].
وقد أثبتت الوقائع في الكوفة أنّ مسلماً كان بطلاً شهماً، ورفيعاً في أخلاقه وعبادته، وقد سجل في تاريخ الإسلام صفحات بيضاء لا يمكن أن تنمحي من ذاكرة الزمن.
إنّ التاريخ المشرق يشكّل أحد الروافد في استنهاض الأمة، وعندما تجد الأمة تاريخاً مشرقاً ومفعماً بالمواقف الكبيرة فإنّ بإمكانها أن تكتب المواقف بقوة وبروح عالية.
إنّ مسلم بن عقيل كان الرجل المناسب للكوفة لأنها تشكّل أحد الحواضر المهمة، فكانت عاصمة الدولة الإسلامية في زمن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، ثم أصبحت العاصمة الثقافية للدولة مما أكسبها موقعاً استراتيجياً، فكان لابدّ من رجل يحمل المؤهلات الكافية ليكسب الموقع الاستراتيجي، لذلك جاء مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) مبعوثاً إليها. وقد أختار الإمام الحسين عليه السلام مسلماً لعدّة اعتبارات:
الاعتبار الأول ــ مؤهلات مسلم بن عقيل
((فهو رجلٌ يحمل هموم تقرير المصير، قد توفّرت فيه الكفاءات كافة، وتجمّعت لديه معالم الجد والجدارات، ليكون خليقاً بنيابة سبط رسول السماء صلى الله عليه وآله وسلم، متكامل اللياقة في الولاية المطلقة لإدارة حركة الكوفة بقابلية نادرة، إذ كان هذا الرجل واعياً للواقع المرير، معاصراً للآلام التي اعتصرت الشعوب المسلمة، مواكباً لمسار الوقائع ومجريات الأحداث، ونكبات الأمة، محيطاً بالحكم القائم، والنحو السياسي الذي ينحوه، مشاطراً الإمام في أهم آراء علاج الأزمة، ملماً بمنهج الإمام الحسين عليه السلام في القضايا المهمّة، فهو عضد ابن عمه السبط، ونجيته في تبادل وجهات النظر المصيرية الحاسمة، يتداول معه مظالم المسلمين، ومشكلاتهم التي تنقد بهم للثأر لدين الله، باعتبارهم أمناء الرسالة، وأحوط الناس على الإسلام الحنيف))[9].
فهذه الميّزات أهّلت الشهيد مسلم ليكون سفيراً للإمام الحسين عليه السلام بحق، وممّا أكّد هذه المؤهلات رسالة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
جاء في (الطبري): إنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما وجّه مسلماً (رضوان الله عليه) حمل أهل الكوفة الرسالة التالية: ((لقد أرسلت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي))[10].
إنّ هذه الرسالة لها دلالات مهمة فيما يخصّ الشهيد مسلم حيث عدّه الإمام أخاه، وهذه منزلة عظيمة لمسلم، ومن جانب تدلّ على دور مسلم الكبير ((وابن عمي وثقتي من أهل بيتي)).
وقد ارتقى مسلم الشهيد أعلى سلّم الكمال، وكان بحق الثقة، فهو لم يتلكأ لحظة في أداء واجبه، ولم يساوم السلطة في الكوفة حتى في السلام.
فكان في منتهى الاستقامة والأخلاق، إذ لم يجنح إلى أيّ شكل من أشكال الختل والمراوغة، آية ذلك عندما طلب منه الشريك بن الأعور اغتيال عبيد الله بن زياد، وهو في داره، فرفض مسلم، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((الإيمان قيّد الفتك، المؤمن لا يفتك)).
الاعتبار الثاني ــ في اختيار مسلم
فعلمه بالتركيبة السكانية المعقّدة في الكوفة، فالكوفة كانت خليطاً من القوميات، فقد سكنها الفرس، والنبط، واليهود، والسريان، والعرب، والأتراك، والأكراد، والروم الذين كانوا يشكّلون النسبة العددية الثّانية بعد الفرس[11].
وأصحاب الديانات:
1 ــ اليهود: لاسيما يهود المدينة والحجاز فهم استوطنوا الكوفة وشكّلوا شريحة صناعية مهمة.
2 ــ النصارى: يقسمون إلى طائفتين: النساطرة واليعاقبة، ونصارى نجران الذين سكنوا في محلة سميت باسمهم ((محلة النجرانية))، والنصارى كانت لهم علاقات مهمة مع البلاط الأموي، لاسيما الحلفاء منهم، كما جاء في (عيون الأخبار) لابن قتيبة[12].
3 ــ المجوس: وبعض الديانات القادمة مع أسرى الحروب كالزرادشتية، والمانوية، والمزدكية التي كانت يعتقد بها البعض، أو يعتنقها، ولها أنصارها[13].
4 ــ الفرس: فقد استوطنوا الكوفة وتحالفوا مع قبيلة بني تميم، وأكثرهم من بقايا فلول الجيش الساساني، وقد عرفت في التاريخ باسم ((حمراء ديلم)).
5 ــ الأنباط: وكانت الأنباط من العناصر التي سكنت الكوفة، وهم فئة من العرب يستخدمون اللغة الدارمية في كتاباتهم، وكانوا يستوطنون بلاد العرب الصخرية، وقد انتقلوا منها إلى العراق، واشتغلوا بالزراعة، وكانوا ينطقون بلغتهم الدارمية[14].
وأما القبائل العربية:
فقد تسابقت القبائل اليمنية إلى سكنى الكوفة منها:
1 ــ قضاعة.
2 ــ غسان.
3 ــ بجيلة.
4 ــ خثعم.
5 ــ كندة.
6 ــ حضر موت.
7 ــ الأزد.
8 ــ مذحج.
9 ــ حمير.
10 ــ همدان.
11 ــ النخع.
وهذه القبائل نزلت في الجانب الشرقي من مسجد الكوفة.
وأما القبائل العدنانية، فهي:
1 ــ تميم.
2 ــ بنو العصر.
وقبائل بني بكر:
1 ــ بنو أسد.
2 ــ غطفان.
3 ــ محارب.
4 ــ نمير.
وكان في الكوفة الخوارج، فقد سكنوها وجعلوها قاعدة انطلاق لعملياتهم العسكرية ضد الحكومات.
والنواصب، فقد تكاثروا في الكوفة بعد استشهاد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
والأمويون، فإنهم شكّلوا جزءاً مهماً من المجتمع الكوفي، وقد ساهم معاوية كثيراً في سكناهم، وحاول أن يحدث توازناً سكانياً بينهم وبين شيعة الإمام أمير المؤمنينعليه السلام.
إنّ هذا الخليط السكّاني جعل الكوفة صعبة المراس، وعصيةً دائماً، وبالتالي لا ترسو على قرار، من هنا فإنّنا لا نقبل ما تفوّه به القاضي ابن العربي في (العواصم من القواصم) بأنّ أوباش الكوفة غرّوا الإمام أبا عبد الله الحسين عليه السلام فخرج استجابة لهم، فهذا الكلام غير واقعي ويجانب الصواب، لأنّ الكوفة كما هو ثابت خليط غير متجانس من القوميات، ولا تشكّل الشيعة إلا نسبةً قليلةً بعد التسفير القهري الذي قام به عبيد الله بن زياد.
فعليه فإنّ سفير الإمام الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل كان ملماً بالتركيبة السكانية لأهل الكوفة، وهي إحدى الاعتبارات في اختياره.
الاعتبار الثالث ــ وجود المذاهب والديانات
فكانت الكثير من المذاهب والديانات تسكن الكوفة، فالخوارج كما ذكرنا استوطنت الكوفة والنواصب والعثمانية ومن الديانات الأخرى.
الاعتبار الرابع ــ إنّها العاصمة الثانية بعد الشام
كلّ هذه الاعتبارات وغيرها جعلت الشهيدَ مسلماً مرشحاً لسفارة النهضة الحسينية.
وكما هو ثابت في الدبلوماسية الدولية أنّ السفير يمثّل الدولة فلابدّ أن يملك المؤهّلات الكافية لتسيير دفّة الحركة الدبلوماسية، وقد مثّل الشهيد مسلم السفارة خير تمثيل ممّا جعله يدخل سجلّ السفراء الخالدين.
فهو دخل الكوفة وكانت تموج بالفتن والاضطرابات، فاستطاع بفترة قياسية تطويق الفتن، ومحاصرة الاضطرابات، مما خلق جواً إيجابياً ساهم في تدعيم حركة السفير مسلم الإصلاحية، فالتحق به الكثير.
جاء في (تاريخ الطبري): ((أما بعد: فإنّ الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجّل الإقبال حين يأتيك كتابي، فإنّ الناس كلّهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى، والسلام))[15].
إنّ هذا العدد يدلّ على سرعة استجابة الناس لحركة الشهيد مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه)، فاستطاع أن يوسع حركته بحيث شملت الكثير من القبائل العربية وغير العربية، فرجحت كفّة الشهيد مسلم بن عقيل ممّا اضطر أعوان السلطة إلى مراسلة يزيد بن معاوية يحذّرونه من التحولات الخطيرة.
فبادر عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي بالكتابة إلى يزيد: ((أما بعد: فإنّ مسلم بن عقيل، قد قدِم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن علي، فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً ينفذ أمرك، ويعمل مثل عملك في عدوك، فإنّ النعمان بن بشير رجل ضعيف، أو هو يتضعّف))[16].
وقد توالت الرسائل على يزيد بن معاوية من أعوان السلطة، أمثال عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وعمر بن سعد، وغيرهما، مما حفّز يزيد بن معاوية إلى استنفار قواته ومستشاريه، ومنهم ((سرجون المسيحي المتهتك))، فأشار عليه بتوليه عبيد الله بن زياد، فقبل استشارته.
2 ــ استطاع مسلم بن عقيل المبعوث الحسيني أن يوحّد القبائل العربية، ويجعلها تنتظم في سلك العقيدة الإسلامية بعد أن شهدت القبائل حوادث مرّة كادت أن تعصف بقيمها الإسلامية، ومثلها العربية، فجمع مذحج، وهمدان، وتميم، وكندة، في ثورته الإصلاحية.
تقول الروايات:
قام مسلم بتنظيم جيشه، وأسند القيادات في الجيش إلى من عرفوا بالولاء والإخلاص لأهل البيت عليهم السلام، وهم:
أ ــ عبد الله بن عزيز الكندي: جعله على ربع كندة.
ب ــ مسلم بن عوسجة: جعله على ربع مذحج.
ج ــ أبو ثمامة الصّائدي: جعله على ربع قبائل بني تميم، وهمدان.
د ــ العباس بن جعدة الجدلي: جعله على ربع المدينة[17].
لقد جعل الشهيد مسلم هذه القبائل تتوحد وتتآلف، وتنبذ جميع الاختلافات، وهذه الخطوة إنما تدلّ على حنكة الشهيد مسلم وبعد نظره، فإنّ القائد الناجح هو الذي يوحد، ويعمق العلاقات بين الطوائف، ويجعلها في خندق واحد.
وتعدّ هذه الخطوة من أهمّ الخطوات في تقدّم القادة، وسرّ نجاحهم، لذلك فإنّ العدو يحسب لهذه الخطوة ألف حساب، فيصنع المستحيل كي لا تجتمع الفئات وتتوحد.
وهكذا أسرع يزيد بن معاوية بعد أن تناهت إلى سمعه أخبار توحد المجتمع الكوفي في ظلّ مبعوث الإمام الحسين عليه السلام، فأرسل مضطراً عبيد الله بن زياد ليجهز على الوحدة التي ظهرت بقوة.
3 ــ إنّ طاعة مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) لإمامه الحسين عليه السلام، وفي ظروف غاية في التعقيد يدلّ على عمق إيمانه، ونفاذ بصيرته، بالنهضة الحسينية، وهذا مما ساهم كثيراً في قوة تحديه للطغمة الحاكمة.
إنّ تحدّي مسلم شكّل مَعْلماً من معالم الثورة الحسينية، ومفصلاً مهماً من مفاصلها، ممّا أثار الدهشة حتى عدّوه أحد أبرز قادة الإمام أبي عبد الله الحسينعليه السلام.
جاء في كتاب (مبعوث الإمام الحسين عليه السلام):
يقول الزركلي عنه: إنه كان من ذوي الرأي، والعلم، والشجاعة.
بينما قال أحد معاصري مسلم شعراً ينص على مدى مجد قوته:
فتى كان أحيى من فتاة حييةٍ*** وأقطع من ذي شفرتين صقيلِِ
وأشجعُ من ليثٍ بخفان مصحرٍ*** وأجرأ من ضارٍ بغابةِ غيلِ[18]
والعجيب في الأمر:
إنّ الناس عندما انفضّوا من حوله ازداد شجاعة واستقامة، فبلغ أعلى درجاتها.
لهذا نقول: إنّ فرداً واحداً إذا تجسّد فيه خلق الإسلام، ومثله العليا يغني عن الآلاف، بل عن الملايين، فيصبح أمة كاملة، كإبراهيم النبي عليه السلام الذي قال فيه الله عز وجل: ((إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ))[19].
وهكذا هو مسلم بن عقيل أصبح أمة كاملة بعد أن جسد كل معاني الإسلام ومثله العليا. لقد ترك صوراً عن خلق الإسلام لا تنمحي أبداً من ذاكرة الإنسانية، فقد أطاع الإمام عليه السلام، وهو يعلم أن طاعته زلفى لله عز وجل.
ومن جانب فأنّ مسلماً استوعب تماماً مقام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وهذه خصلة تحتاج إلى عقل كبير، وإيمان عميق، وقد توفرت في مسلم طاعة الإمام الحسينعليه السلام وأثرت تماماً على أخلاقه، بحيث جعلته يدور حول شخص الإمام عليه السلام في كل صغيرة وكبيرة.
وبذلك حقق نجاحاً كبيراً في مجال الأخلاق والمثل، وهل الانتصار إلا تحقيق المثل؟ لعل الكثير لا ينسى شهامته وهو في بيت هاني بن عروة، وقد أبى أن يقتل عبيد الله بن زياد قائلاً: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((المؤمن لا يفتك، إن الإيمان قيّد الفتك)).
وكذلك وقوفه إلى آخر لحظة يتحدى الطغيان، فعندما انهزم الناس وتركوه لوحده مع ثلة من أصحابه لم يترك الكوفة وكان بإمكانه ذلك، ولكنه أبى أن يتراجع، بل تقدم بخطوات كبيرة تعد بحق من أروع ما سجله التاريخ في حياة مسلم، وهكذا ظل يتحدى الطغاة ويقاتل بقوة لا مثيل لها إلا عند أهل البيت عليهم السلام، وهذا الموقف ردٌ قاطع لمن تقوَّل على مسلم ووصفه بالجبان في رسالة منسوبةٍ إلى الإمام أبي عبد الله الحسينعليه السلام.
4 ــ استقامة مسلم بن عقيل: ثم إن مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) جعل الهدف السامي أمامه في كل خطوة، فكان دقيقاً في خطواته وحساباته، وإدارته للصراع.
فكان يسعى إلى خلق أجواء إيمانية عبر تركيزه على الصلاة جماعة في المسجد في أخذ البيعة، فأخذ الناس يرتادون المسجد ويسلموا أمرهم لقائدهم مسلم بن عقيل.
فسيطرة أجواء عبقة على الكوفة مما جعل الكثير يسترجع الصور المشرقة لمثل الإمام عليه السلام أمير المؤمنين في الكوفة، فتهيأت النفوس للدفاع عن نهضة الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
إن من الضروري تهيأة الأجواء الإيمانية لأي نهضة، فما لم تتهيأ الأجواء لا يمكن للنهضة أن تتقدم وتستقيم، إن الدافع الروحي من أقوى الدوافع لدى الإنسان، فهو الذي يمد الإنسان بالقوة والصبر والشجاعة في ساعة العسرة، ولا يقهر العدو إلا الإستقامة والصبر.
وشاهدت بنفسي كيف أن الإستقامة ترغم العدو على التراجع، وتعلمت الكثير من السجن، منها أهمية القوة الروحية، فإنها كانت تعطينا عزماً عالياً، وثباتاً قوياً، جعلنا نقف بقوة أمام الطغيان ونستصغر شأنه.
وكلما تقدم الإنسان نحو الاستقامة أزداد عزماً ومضياً.
قال تعالى: ((إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى))[20].
وقال تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم: ((وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ))[21].
ومن الحقائق الثابتة أن الاستقامة على المبدأ حتى لو كان سقيماً ترفعه في أعين الناس، ويكتسب الاحترام والتقدير، أما إذا استقام الإنسان على المبدأ الصحيح فهو يرتفع في عين الله عز وجل، ثم يكتسب المصداقية التي هي أمثل طريقة في زرع الثقة بالمبدأ.
لهذا فإن مسلماً (رضوان الله عليه) عندما استقام على الطريقة وضرب بها أروع الأمثلة، ارتفع في عين الله عز وجل واكتسب المصداقية اللازمة لثورة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فحفر نهراً من المعرفة في الكوفة ظل يرفد الثورة لحد الآن.
ومن الصور الفذة في الاستقامة إن الجيش السفياني الذي حاصر بيت طوعة لم يتمكن من القبض عليه، فاضطره للخروج من البيت، ثم هجم عليهم مسلم فقتل الكثير منهم، حتى ضج الخبيث ابن الخبيث محمد بن الأشعث بن قيس، وطلب المزيد من الأراذل مما أثار حنق ابن زياد، فقال: ويحك يا محمد إنما تقاتل رجلاً وليس جيشاً!.
فرد عليه محمد: أتحسب أنك أرسلتني إلى بقال من بقالين الكوفة؟ أو جرمق من جرامقتها؟! إنه مسلم بن عقيل فارس بني هاشم.
فأرسل المدد ولكن لم يستطع القضاء على الشهيد مسلم، فأثخن فيهم الجراح وكان يأخذ الواحد منهم ويرميه فوق السطح، فأثار الرعب، عندها عرض عليه محمد بن الأشعث الأمان، وأقسم أنه يفي به.
وتقول الروايات: أن مسلماً لم يصدق، ولكن محمد حلف بالأيمان المغلظة أنه آمنٌ.
ولكن رواية أبي مخنف تقول: إنهم عملوا له حفيرةً وستروها بالتراب، ثم انكشفوا بين يديه، فلما انتهى إليها سقط فيها مسلم (رضوان الله عليه) فازدحموا عليه وأسروه.
مع ابن زياد
دخل الشهيد مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) على ابن زياد فلم يحفل بابن زياد، فسلم على الناس ولم يسلم على ابن زياد، فصاح به أحد الحراس: هلا سلمت على الأمير؟.
أسكت لا أم لك، ما لك والكلام؟ والله ليس لي بأمير فأسلم عليه.
وفي رواية: أن أميري الحسين بن علي عليه السلام.
فغضب ابن زياد وصاح: لا عليك، سَلَّمتَ أم لم تسلم فأنت مقتول.
واندفع الطاغية يصيح بمسلم: يا شاق، يا عاق، خرجت على إمام زمانك، وشققت عصا المسلمين، وألحقت الفتنة.
فانبرى مسلم العظيم قائلاً: والله ما كان معاوية خليفة بإجماع الأمة، بل تغلب على وصي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحيلة، وأخذ منه الخلافة بالغصب، وكذلك ابنه يزيد وأما الفتنة فإنما ألقحتها أنت وأبوك زياد من بني علاج.
وأنا أرجو أن يرزقني الله الشهادة على يد شر بريته، فوالله ما خالفت ولا كفرت ولا بدلت، وإنما أنا في طاعة أمير المؤمنين الحسين بن علي، ونحن أولى بالخلافة من معاوية وابنه وآل زياد.
فصاح ابن مرجانة: بماذا أتيت إلى هذا البلد؟.
شتت أمرهم، وفرقت كلمتهم، ورميت بعضهم ببعض؟.
فرد عليه فخر هاشم بكل اعتزاز وشموخ: لست لذلك أتيت هذا البلد، ولكنكم أظهرتم المنكر، ودفنتم المعروف، وتأمرتم على الناس من غير رضى، وحملتموهم على غير ما أمركم الله به، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنة، وكنا أهلاً لذلك، فإنه لم تزل الخلافة لنا منذ قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ولا تزال الخلافة لنا فإنا قهرنا عليها، إنكم أول من خرج على إمام هدى، وشق عصا المسلمين، وأخذ هذا الأمر غصباً،ونازع أهله بالظلم والعدوان[22].
يقول كونفوشيوس: ((إذا أردت أن تعرف رجلاً فأعطه عملاً)).
ويقول حكيم آخر: ((إذا أردت أن تعرف قدر الرجال، وعمق إيمانهم بالمبادئ التي يحملونها، فاعرفهم عند المواقف العصيبة التي يمرون بها)).
وقد ثبت أن فخر هاشم مسلم بن عقيل كان رجلاً تربع قمة الفضائل من خلال أعماله الجليلة، ومواقفه السامية، بالذات موقفه مع عبيد الله بن زياد الذي أركسه وصغّره بحيث لم يستطع أن يجابه مسلم فما كان منه إلا أن أمر بضرب عنق الشهيد مسلم.
فندب لقتله بكيراً بن حمران الذي ضربه مسلم، فقال له:
خذ مسلماً، واصعد به إلى أعلى القصر وأضرب عنقه بيدك ليكون ذلك أشفى لصدرك.
واستقبل الشهيد مسلم الموت بكل شموخ وكبرياء، فصعدوا به إلى أعلى القصر، وهو يسبح الله ويستغفره.
وفي رواية: اتجه إلى الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام قائلاً: السلام عليك أبا عبدالله، وعلى أصحابك، المنتجبين وأهلك الطيبين.
ثم قال: ((اللهم أحكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا)).
ثم أشرف به الجلاد على موضع الحذائيين.
فضرب عنقه، ورمى برأسه وجسده إلى الأرض.
فالسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حيا، ويخاصم الجبارين الذين ظلموا محمداً وآل محمد.
ولنا وقفة قصيرة حول الأحداث في الكوفة:
1 ــ لقد شارك وعاظ السلاطين، وعلى رأسهم شريح القاضي في تخذيل الناس، وتثبيط هممهم في الوقوف إلى جنب مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه).
2 ـ إن سرقة المناصب العشائرية كان لها الدور الفعال في تمزيق ((الوحدة العشائرية))، وتهميش دورها، وخذلانها لمسلم بن عقيل.
فقد سرق شمر بن ذي الجوشن المنصب العشائري، وأيضاً شبث بن ربعي والحجار بن أبجر وعمر بن سعد فساهموا في تفتيت الوحدة العشائرية التي أعاد لحمتها الشهيد مسلم بن عقيل كما أسلفنا.
3 ــ التحالف الرومي الأموي كان له الأثر البالغ في ترجيح كفة الدولة الأموية في الكوفة، فسرجون المستشار السياسي لمعاوية ويزيد كان منسقاً بين الدولة الأموية والرومية فيما يخص الحركات التي تستهدف ضرب الدولة السفيانية.
4 ــ الاختراق الذي خبر به عبيد الله بن زياد فقد اخترق النهضة في الكوفة واستطاع معقل أن يصل إلى القيادة ويقتنص أخباراً غاية في الأهمية، مما سهل مهمة ابن زياد في القبض على هاني بن عروة، ومعرفة الكثير من أصحاب مسلم.
وقد أسلفت في فصل ((درء الاختراق)) أن أسلوب الاختراق يعد الآن من الأساليب المهمة للعدو.
5 ــ الدعاية المضللة فقد أتقنها ابن زياد واستطاع أن يضلل الكثير عبرها حتى تمكن من سلخ الكثير، وتثبيط الهمم المتأججة في النفوس، وقد أوعز عبيد الله إلى جلاوزته أن يبثوا إشاعة هجوم جيش الشام على الكوفة، ومما يحز في النفس أن الكثير صدقوا الإشاعة، وكان ينبغي معرفة مصدرها والناقل لها.
6 ــ رشوة الرؤوس: فقد رشا عبيد الله بن زياد بعض رؤساء العشائر، فانفضت عن مسلم بن عقيل، ثم اصطفت مع حكومة السفيانيين، ولكن ــ وهذه سنة الله الثابتة ــ فإن الحكم السفياني أذاقها الويل، فقبيلة مذحج التي سرق منصبها عمرو بن الحجاج الزبيدي لم تر العز بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام يوماً واحداً فظلت تعاني من الذل والهوان.
ومن القوانين الثابتة: إن من يصطف مع الباطل لا يرى العز، ويكون أمره سفالاً ولا يذوق طعم الراحة، ولا تمر الأيام إلا ويكون هو الضحية لأن الباطل ليس له صديق، وإنما يرافق الإنسان لفترة حتى إذا حقق مصلحته ينقلب على رفيقه فيمزقه شر ممزق.
7 ــ إن الخليط غير المتجانس جعل المجتمع الكوفي لا يرسو على قرار مشترك.
يقول علماء النفس الاجتماعي: إن المجتمع الخليط من عدة قوميات إذا لم تجمعهم مشتركات دينية وثقافية تتقوقع كل طائفة حول نفسها، وتحاول أن تقوي كيانها.
وهذا ما حصل في مجتمع الكوفة فإن بعض الشرائح التي سكنت الكوفة، مثل الفرس، والرومان، وغيرهم شكلوا لأنفسهم كيانات، وقد سرت موجة التشكيل إلى باقي الشرائح، مما أضعف قدرتها على اتخاذ قرار مشترك.
لذلك فإن بعض الفئات لم تشترك في نهضة الشهيد مسلم بن عقيل، بل وبعضها تعاون مع السلطة وشكل حلفاً معها، لذلك لا يمكن أن نلقي اللوم على مجتمع الكوفة في خذلان الإمام الحسين عليه السلام إلا إذا حشرنا جميع الشرائح.
8 ــ لقد ظلت الكوفة بعد استشهاد مسلم بن عقيل تلعق الضيم والصغار، فمن سنن الله عز وجل الثابتة أن الكبير إذا أُهين أو سقط ولم تنهض الأمة بأخذ حقه فإن الله عز وجل يسلط عليها من لا يرحمها، ولا يقيم لها وزناً، حتى تفهم معنى الاعتبار وتقييم الرجال ولا تفرط بهم.
جاء في الحديث القدسي: ((من عصاني وعرفني سلطت عليه من لا يعرفني)).
9 ــ ومن سنن الله عز وجل أنّ من يخذل الحق تباعاً يرميه الله عز وجل بذلٍ في نفسه بحيث لا يستطيع نصرةَ نفسه، فيظل تبعاً لكل من هب ودب، وقد جرت هذه السنة على أهل المدينة ومكة وباقي المدن.
المكان المناسب
ومن الخطط الإستراتيجية التي اعتمدها الإمام الحسين عليه السلام اختيار الأرض والزمان. وتعدُ هذه الخطة من الخطط الإستراتيجية التي تلعب دوراً مهماً في النتائج.
لقد اختار الإمام الحسين عليه السلام كربلاء الأرض المقدسة التي باركها جميع الأنبياء والأوصياء. وهناك روايات مؤكدة تثبت أن الكثير من الأنبياء وطؤوا أرض كربلاء وذكروا الإمامَ الحسين عليه السلام. وأرض العراق فيها من الأسرار لا تُعدُّ، بالذات كربلاء فما من حدث يقع فيها إلا ويكبر، ويترك صدىً واسعاً في أرجاء الدنيا.
2 ــ إن اختيار الإمام عليه السلام لكربلاء يقع ضمن المخطط المهدوي.
فإن شهادة الإمام عليه السلام في كربلاء لها أثر كبير في إلهام النفوس وتأجيج الحس الثوري لكي تتهيأ النفوس لاستقبال الدولة الإسلامية بقيادة الإمام المهديعليه السلام.
وإذا علمنا أن الدولة الإسلامية بقيادة الإمام المهدي عليه السلام عالمية فإنها تحتاج إلى قلوب كزبر الحديد، ورجال أشد من الجبال.
فإذن لابد من حدث مهم يظل دائماً يلهم ويفجر، وهذا يتمثل في نهضة الإمام الحسين عليه السلام. فإن ثورة الإمام الحسين عليه السلام تكتنز من قوة التفجير ما لا يضاهيها أي حدث أو واقعة، فلا زالت تلهم وتفجر كأقوى مما كانت عليه، وهذا سر كبير من أسرار كربلاء، فكل حدث يصغر على مرور الأيام وتقادم الزمن إلا كربلاء الحسين عليه السلام فهي تكبر وتسمو.
ثم هناك مواقع إستراتيجية توفرت في كربلاء مثل الماء والتلال، فهي تعدّ مهمة، ولكن الأهم موطن الأنبياء. أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا السفر المتواضع ذخراً لي ولوالدي، وكل من ساعدني على انجازه في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــ
[1] الأمالي: الصدوق، ص114.
[2] أنساب الأشراف: البلاذري، ج2/ص77.
[3] المناقب: ابن شهر آشوب، ج3/ص168.
[4] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص49، ط مؤسسة النشر الإسلامي.
[5] المناقب: ابن شهر آشوب، أولاد عقيل بن أبي طالب.
[6] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص52.
[7] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص52، نقلاً عن: الأعلام: للزركلي، ج7.
[8] نفس المصدر: ص55.
[9] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص82.
[10] تاريخ الطبري: الطبري، ج4/ص262.
[11] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص61.
[12] الأخبار: ابن قتيبة الدينوري، ج1/ص43.
[13] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص58.
[14] الحضارة الإسلامية: آدم متز، ص97.
[15] تاريخ الطبري: الطبري، ج4/ص281.
[16] تاريخ الطبري: الطبري، ج4/ص265.
[17] موسوعة الإمام الحسين عليه السلام: العلامة الشيخ القرشي، ج2/ص381.
[18] مبعوث الحسين: محمد علي عابدين، ص52.
[19] النحل: ١٢٠.
[20] الكهف: ١٣.
[21] محمد: ١٧.
[22] الفتوح: ابن أعثم، ج5/ص101.
إرسال تعليق