لماذا ندخل باقي أفراد الأئمة المعصومين ضمن أهل البيت مع ان حديث الكساء لا يشملهم؟

بقلم: الشيخ وسام البلداوي

إن واحدة من حقوق وصلاحيات النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هي إمكان تخصيص أو توسعة المفاهيم والحقائق الشرعية على وفق ما يرضي الله سبحانه وتعالى، وأن باقي المذاهب الإسلامية قبل الشيعة يعتقدون ويصححون روايات تخصيص النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم آية التطهير بالخمسة أهل الكساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو اعتقاد حق لا ريب فيه، لكن أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وتبعا لهم شيعتهم على مر الأيام والأعوام، كانوا ولا يزالون يعتقدون بأن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد خصص آية التطهير بأربعة عشر شخصا، هم كل من أهل الكساء الذين سبق ذكرهم في الأحاديث السابقة، وتسعة من أولاد الإمام الحسين صلى الله عليه وآله وسلم أولهم الإمام علي ابن الحسين وآخرهم الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهذا التخصيص وان لم يرد عن طريق المخالفين، فهو لا يضر ألبتة، لأنهم لا ينقلون شيئا يكون فيه حجة لخصومهم عليهم في أغلب الأحيان، فيصبح الاعتقاد بدخول الأئمة التسعة من ذرية الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أمر مذهبي بل من ضروريات مذهب الشيعة الاثني عشرية، ومن لم يعتقد بذلك فليس منهم.

وفيما يأتي جملة من تلك الروايات الشريفة عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين التي تلحق الأئمة التسعة من ذرية الإمام الحسين بأصحاب الكساء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين:

منها ما عن علي بن الحسين بن محمد، قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري، قال حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى، قال حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي عليه السلام قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت أم سلمة وقد نزلت هذه الآية ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي هذه الآية نزلت فيك وفي سبطي والأئمة من ولدك. فقلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟ قال: أنت يا علي، ثم ابناك الحسن والحسين، وبعد الحسين علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد جعفر ابنه، وبعد جعفر موسى ابنه، وبعد موسى علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن، هكذا وجدت أساميهم مكتوبة على ساق العرش، فسألت الله تعالى عن ذلك فقال: يا محمد هم الأئمة بعدك مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون)[1].

ومنها ما عن عبد الرحمان بن كثير قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما عنى الله تعالى بقوله: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) قال: نزلت في النبي صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وفاطمة عليهم السلام. فلما قبض الله نبيه، كان أمير المؤمنين، ثم الحسن، ثم الحسين عليهم السلام.

ثم وقع تأويل هذه الآية: ((وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ)) فكان علي بن الحسين عليه السلام، ثم جرت في الأئمة من ولده الأوصياء، فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله)[2].

وعن محمد بن علي الحلبي، (عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا)) يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء عليهم السلام، وقوله: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) يعني الأئمة عليهم السلام وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله)[3].

وقد ورد في الزيارة الجامعة: (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرسالة وخزان العلم ومنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الأمم وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب الإيمان)[4].

فوصف الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه بأنه (مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) صحيح وعليه إجماع الفرقة الناجية أعزها الله، بل ان وصف الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه بأنه من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد ورد حتى في روايات باقي المذاهب الإسلامية، ففي مسند احمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري قال: (قال رسول الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أجلى أقنى يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين)[5].
وعن أبي سعيد الخدري أيضا قال: (قال رسول الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا قال ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا)[6].

ـــــــــــــــــــــــ
[1] كفاية الأثر للخزاز القمي ص155 ــ 156.

[2] الإمامة والتبصرة لابن بابويه القمي ص 47 ــ 48.

[3] الكافي للشيخ الكليني ج1 ص423.

[4] عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق ج 1 ص 305.

[5] مسند احمد لأحمد بن حنبل ج 3 ص 17.

[6] المصدر السابق ج 3 ص 36.

إرسال تعليق