اللسان وخطر إطلاقه وفضيلة صمته

بقلم: السيد عبد الله شبر، تحقيق شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية

وهو من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة ومننه الجسيمة، فإنه صغير جرمه عظيم طاعته وجُرمه، ولا يعلم الكفر والإيمان اللذان هما غاية الطاعة والطغيان إلا بشهادة اللسان، وما من موجود أو معدوم خالق أو مخلوق متخيل أو معلوم مظنون أو موهوم إلا واللسان يتناوله ويتعرض له بإثبات أو نفي بحق أو باطل.

وهذه الخاصية لا توجد في غيره من الأعضاء، فإن العين لا تصل إلى غير الألوان والصور، والأذن لا تصل إلى غير الأصوات، واليد لا تصل إلى غير الأجسام، وكذا سائر الأعضاء.

واللسان رحب الميدان، له في الخير والشر مجال واسع، فمن أهمله فرخي[1] العنان سلك به طرق الهلكة والخسران، إذ لا تعب في تحريكه ولا مؤونة في إطلاقه[2]، فينبغي ضبطه تحت حكم العقل والشرع.

وحيث كان الطبع مائلاً إلى إطلاقه وإرخاء عنانه[3] جاء الشرع بالبحث على إمساكه حتى يحصل التعادل، كما تقدم في الجوع.

وتحقيق الكلام فيه يتم في فصول:

في خطر إطلاقه وفضيلة صمته


قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من صمت نجا[4].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الصمت حكمة، وقليل فاعله[5].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من يتكفل[6] لي بما بين لحييه[7] ورجليه أتكفل له بالجنة[8].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من وقى شر قبقبه وذبذبه ولقلقه فقد وقي[9]، والقبقب: البطن[10]. والذبذب: الفرج[11]. واللقلق: اللسان[12].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: هل يكبُّ الناس على مناخرهم[13] إلا حصائد ألسنتهم[14].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت[15].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن لسان المؤمن وراء قلبه، فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره[16] بقلبه ثم أمضاه بلسانه،وإن لسان المنافق أمام قلبه فإذا همّ بشيء[17] أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه[18].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به[19].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: أمسك لسانك فإنها صدقة تتصدق[20] بها على نفسك. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ولا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن لسانه[21].

ومر أمير المؤمنين عليه السلام برجل يتكلم بفضول الكلام، فوقف عليه فقال[22]: يا هذا إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك[23].

وعن السجاد عليه السلام قال: إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويناشدونه ويقولون: إنما نثاب ونعاقب بك[24].

وقال الباقر  عليه السلام: إن شيعتنا الخرس[25].

وقال الصادق عليه السلام: النوم راحة للجسد، والنطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل[26].

وقال[27]: في حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه[28].

وقال عليه السلام[29]: قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب[30].

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه، فزن كلامك واعرضه على العقل والمعرفة، فإن كان لله وفي الله فتكلم[31] وإن كان غير ذلك فالسكوت خير منه[32].

وسئل السجاد عليه السلام عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال عليه السلام: لكل واحد منهما آفات، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت. قيل: وكيف ذاك يا بن رسول الله؟ قال: لأن الله عزّوجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا توقيت النار بالسكوت، ولا تجنب سخط الله بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام، ما كنت لأعدل القمر بالشمس إنك تصف فضل السكوت بالكلام ولست تصف فضل الكلام بالسكوت[33].

في آفات اللسان، وهي أمور


الأول: وهو أهونها وأحسنها ــ التكلم في المباح، وهو تضييع للعمر الشريف ويحاسب عليه ويكون قد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير[34].

روي أن لقمان دخل على داود عليه السلام وهو يسرد الدرع ولم يكن رآها قبل ذلك، فجعل يتعجب مما يرى، فأراد أن يسأله عن ذلك فمنعته الحكمة فأمسك نفسه ولم يسأله، فلما فرغ قام داود ولبسها فقال: نعم الدرع للحرب. فقال لقمان: الصمت حكم وقليل فاعله ــ أي حصل العلم به من غير سؤال. وقيل: كان يتردد إليه سنة وهو يريد أن يعلم ذلك ولم يسأل[35].

وعلاج هذا أن يعلم أن الموت بين يديه، وأنه مسؤول عن كل كلمة، وأن أنفاسه رأس ماله، وأن لسانه شبكة يقدر على أن يقتنص بها الحور العين، فإهماله وتضييعه خسران. والعلاج من حيث العمل أن يلزم نفسه السكوت عن بعض ما يعنيه ليتعود اللسان ترك ما لا يعنيه.

الثاني: الخوض في الباطل، وهو الكلام في المعاصي، كحكايات أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق وتنعم الأغنياء وتجبر الملوك وأحوالهم.

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك[36] بها جلساءه يهوى[37] بها أبد من الثريا[38].[39]

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعظم الناس خطايا يوم القيامة هو[40] أكثرهم خوضاً في الباطل[41].

وإليه الإشارة بقوله تعالى:((وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ))[42]. ويدخل في هذا الخوض حكايات البدع والمذاهب الفاسدة، فإن الحديث في ذلك كله خوض في الباطل[43].

الثالث: المراء[44] والمجادلة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعداً فتخلفه[45].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من ترك المراء وهو محق بني له[46] في أعلى الجنة، ومن ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في مربض الجنة[47].[48]

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء والجدال[49] وإن كان محقاً[50].

وقال لقمان لابنه: يا بني لا تجادل العلماء فيمقتوك[51].

واعلم أن المراء عبارة عن الطعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير وإظهار مزيد الكياسة[52]. والجدال عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها.

الرابع: الخصومة، وهي لجاج في الكلام ليستوفى به مال أو حق مقصود، وذلك تارة يكون ابتداءً وتارة يكون اعتراضاً، والمراء لا يكون إلا اعتراضاً على كلام سبق.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبغض الرجال إلى الله الألد[53] الخصم[54].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من جادل في خصومة بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع[55].

الخامس: الفحش والسب وبذاءة اللسان، مصدره الخبث[56] واللؤم.

قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش[57].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم:ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفحاش[58] ولا البذي[59].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها[60].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا عائشة لو كان الفحش رجلاً لكان رجل سوء[61].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا يحب الفاحش المتفحش الصياح[62] في الأسواق[63].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر[64].

السادس: اللعن لإنسان أو حيوان أو جماد. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: المؤمن ليس بلعان[65].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه[66]، ومن كان يستحق اللعن لإبداعه في الدين جاز لعنه بل وجب. قال تعالى:((أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ))[67]. وقال تعالى:((أُولئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ))[68].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لعن الله الكاذب[69] ولو كان مازحاً[70].

وكان أمير المؤمنينعليه السلام يقنت في بعض نوافله بلعن صنمي قريش[71].[72]

السابع: الغناء والشعر. قال الله تعالى:((فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ))[73]. قال الصادق عليه السلام: هو الغناء[74].

وقال عليه السلام[75] في قوله تعالى:((لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ))[76] قال: الغناء[77].

وقال عليه السلام[78]: الغناء عشر[79] النفاق[80].

وقال الباقر عليه السلام: الغناء مما وعد الله عزّوجل عليه النار، وتلا هذه الآية:((وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي[81] لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))[82].[83]

وأما الشعر فيطلق على معنيين:

أحدهما: الكلام الموزون المقفى، سواء كان حقاً أو باطلاً، وعلى حقه يحمل حديث: bإن من الشعر لحكمة[84]v[85] وما ورد في مدح الشعر، فإن المراد به ما كان حقاً من الموزون المقفى الذي ليس فيه تمويه[86] ولا كذب.

والثاني: الكلام المشتمل على التخيلات الكاذبة والتمويهات المزخرفة التي لا أصل ولا حقيقة لها، سواء كان لها وزن وقافية أم لا، وعليه يحمل ما ورد في ذمه، وهو المراد من نسبة قريش القرآن إلى الشعر[87]، وقولهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنه شاعر[88]. وقال تعالى:((وَمٰا عَلَّمْنٰاهُ الشِّعْرَ وَمٰا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ))[89]، فإن القرآن ليس بموزون[90].

وقال الباقر عليه السلام في قوله تعالى:((وَالشُّعَراء يَتَّبِعُهُمُ الْغٰاوُونَ))[91] هل رأيت شاعراً يتبعه أحد، إنما هم قوم تفقهوا لغير الله فضلوا وأضلوا[92].

الثامن: المزاح، وأصله مذموم منهي عنه إلا القدر اليسير في غير معصية الله.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا تمار أخاك ولا تمازحه[93]. والمراد النهي عن الإفراط منه، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً[94].

وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم أتت عجوز إليه فقال لها: لا تدخل الجنة عجوز. فبكت فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنك لست يومئذ بعجوز، قال الله تعالى:((إِنّا أَنشَأْناهُنَّ إِنشٰاء (35) فَجَعَلْنٰاهُنَّ أَبْكارًا (36) عُرُبًا أَتْرٰابًا))[95].[96]

وروي أنه جاءت إليه صلى الله عليه وآله وسلم امرأة يقال لها أم أيمن[97] فقالت: إن زوجي يدعوك. فقال: ومن هذا هو الذي بعينه بياض؟ فقالت: لا والله ما بعينه بياض. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بلى إن بعينه بياضاً. قالت: لا والله. فقال: ما من أحد إلا بعينه بياض[98].

وجاءته امرأة أخرى فقالت: يا رسول الله احملني على بعير. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: نحملك[99] على ابن بعير. فقالت: ما أصنع به لا يحملني[100]. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هل من بعير[101] إلا وهو ابن بعير[102].

وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل رطباً مع ابن عمه وأخيه أمير المؤمنين، وكان يأكل ويضع النوى أمامه، فلما فرغا كان النوى كله مجتمعاً عند علي عليه السلام، فقال له: يا علي إنك لأكول. فقال له: يا رسول الله الأكول من يأكل الرطب ونواه[103].

التاسع: السخرية والاستهزاء، وهما حرام مهما كانا مؤذيين. قال تعالى:((لا يَسْخَرْ قَومٌ مِن قَوْمٍ عَسى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ))[104].

ومعنى السخرية الاستحقار والاستهانة والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة بالقول والفعل، وقد يكون بالإشارة والإيماء.

وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب من الجنة فيقال: هلم هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا أتى أغلق دونه، ثم يفتح له باب آخر فيقال: هلم هلم فما يأتيه[105].

العاشر: إفشاء السر، وهو منهي عنه لما فيه من الإيذاء والتهاون.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة[106]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الحديث بينكم أمانة[107].

الحادي عشر: الوعد الكاذب. قال صلى الله عليه وآله وسلم: العدة دين[108]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا[109] حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان[110].

الثاني عشر: الكذب في القول واليمين، وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب. قال صلى الله عليه وآله وسلم: كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدق وأنت له فيه[111] كاذب[112].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: الكذب ينقص الرزق[113].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: على[114] كل خصلة يطبع أو يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب[115].

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب[116].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث نفر لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم: المنان بعطية، والمنفق سلعته بالحلف الفاجر، والمسبل[117] إزاره[118].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما حلف حالف بالله فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا كانت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة[119].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما لي أراكم تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار، كل الكذب مكتوب كذباً لا محالة إلا أن يكذب الرجل في الحرب فإن الحرب خدعة، أو يكون بين رجلين شحناء فيصلح بينهما، أو يحدث امرأته يرضيها[120].

الخامس عشر: كلام ذي اللسانين، وهو الذي يتردد بين المتعادين ويكلم كل واحد بكلام يوافقه وذلك عين النفاق. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يجيء يوم القيامة ذو الوجهين دالعاً[121] لسانه في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان ناراً حتى يلتهبا خده[122]، ثم يقال: هذا[123] الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين يعرف بذلك يوم القيامة.[124]

وقال الباقر عليه السلام: بئس العبد عبداً يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهداً ويأكله غائباً، إن أعطي حسده وإن أبتلي خذله.[125]

السادس عشر: المدح، وفيه ست آفات أربع في المادح:

الأولى: إنه قد يفرط فينتهي به الإفراط[126] إلى الكذب.

الثانية: إنه قد يدخله الرياء[127]، فإنه بالمدح مظهر للحب وقد لا يكون مضمراً[128] له ولا معتقداً لما يقوله، فيكون مرائياً[129] منافقاً.

الثالثة: إنه قد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل له للاطلاع عليه.

الرابعة: إنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم فاسق وذلك غير جائز. قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق[130].

واثنتان في الممدوح: إحداهما أنه قد يحدث فيه كبر أو إعجاب وهما مهلكان. الثانية أنه إذا أثنى عليه بالخير فرح به وفتر ورضي عن نفسه.

فإذا سلم المدح من هذه الآفات فلا بأس به[131]. وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أحثوا التراب في وجوه المداحين[132]. وقال أمير المؤمنين عليه السلام لما أثني عليه: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤخذني بما يقولون واجعلني خيراً مما يظنون[133].

ـــــــــــــــ
[1] المراخاة: أن ترخى رباطا أو ربقا، يقال: راخ له من خناقة، أي: رفه عنه. وأرخ له القيد، أي:وسعه ولا تضيقه،وأرخ له الحبل،أي:وسع عليه في تصرفه حتى يذهب حيث شاء.
تاج العروس، الزبيدي: 10/147، مادة  "رخى".
[2] أنظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 69، الباب الثاني فيما يؤدي إلى مساوي الأخلاق، الفصل الأول الاعتدال في شهوتي البطن والفرج. إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/98، كتاب كسر الشهوتين، القول في شهوة الفرج.
[3] العنان: سير اللجام.
النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: 3/ 313، باب العين مع النون، مادة "عنن".
[4] روضة الواعظين، الفتال النيسابوري: 2/ 469، مجلس في ذكر حفظ اللسان والصدق والاشتغال عن عيوب الناس.
[5] سبل السلام، العسقلاني: 4/ 180/ ح11.
[6] في سبل السلام: "تكفل".
[7] انكسر أحد فكيه، أي: لحييه.
لسان العرب، ابن منظور: 10/ 476، مادة  "فكك".
[8] سبل السلام، العسقلاني: 4/ 180، باب الزهد والورع.
[9] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 105، باب ما جاء في الصمت وحفظ اللسان.
[10] مجمع البحرين، الطريحي: 3/ 450، مادة "قبقب".
[11] تاج العروس، الزبيدي: 1/ 251.
[12] غريب الحديث، ابن قتيبة: 1/ 170.
[13] في شرح ابن أبي الحديد: "وهل يكب الناس  في النار على مناخرهم".
[14] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد:7/90، الخطب والأوامر، فصل في مدح قلة الكلام وذم كثرته.
[15] المغني، ابن قدامه: 3/ 266، محذورات الإحرام وهي تسعة.
[16] في مجموعة ورام: "يدبره".
[17] في مجموعة ورام: "بالشيء".
[18] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 106، باب ما جاء في الصمت وحفظ اللسان.
[19] إحياء علوم الدين، الغزالي:3/101، كتاب آفات اللسان، بيان عظم خطر اللسان وفضيلة الصمت.
[20] في الكافي: "تصدق".
[21] الكافي، الكليني:2/114، كتاب الإيمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللسان/ ح7.
[22] في الفقيه: "ثم قال".
[23] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/ 396، باب ذكر جمل من مناهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموجزة التي لم يسبق إليها.
[24] الكافي،الكليني:2/115،كتاب الإيمان والكفر،باب الصمت وحفظ اللسان/ ح13.
[25] مشكاة الأنوار، الطبرسي: 175، الباب الثالث في محاسن الأفعال وشرف الخصال وما يشبههما، الفصل العشرون في حفظ اللسان.
[26] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/ 402، باب النوادر، من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموجزة / ح102.
[27] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[28] الكافي،الكليني:2/ 116،كتاب الإيمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللسان/ ح20.
[29] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[30] الكافي، الكليني:2/116،كتاب الإيمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللسان/ح16.
[31] في المحجة: "فتكلموا به".
[32] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 196 ــ 197، كتاب آفات اللسان، بيان عظم خطر اللسان وفضيلة الصمت.
[33] أنظر: الاحتجاج، الطبرسي: 2/ 315، احتجاجه عليه السلام في أشياء شتى من علوم الدين وذكر طرف من مواعظه البليغة.
[34] أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 102، كتاب آفات اللسان، الآفة الأولى: الكلام فيما لا يعنيك.
[35] أنظر: قصص الأنبياء، الجزائري: 329، باب فيه قصص لقمان وحكمه عليه السلام.
[36] في مجموعة ورام: "ليضحك".
[37] في مجموعة ورام: "فيهوي".
[38] الثريا: من الكواكب، سميت لغزارة نوئها. وقيل: سميت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر مرآتها. لسان العرب، ابن منظور: 14/ 112، مادة "ثرا".
[39] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 111، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[40] ليس في المحجة كلمة: "هو".
[41] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني:5/207، كتاب آفات اللسان، الآفة الثالثة الخوض في الباطل.
[42] سورة التوبة/ 65.
[43] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني:5/207، كتاب آفات اللسان، الآفة الثالثة الخوض في الباطل.
[44] المراء: الجدال. والتماري والمماراة: المجادلة على مذهب الشك والريبة.
لسان العرب، ابن منظور: 15/ 278، مادة "مرا".
[45] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 108، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[46] في منية المريد: "بني له بيت".
[47] في منية المريد: "في ربض الجنة".
[48] منية المريد،الشهيد الثاني:170،الباب الأول في آداب المعلم والمتعلم،النوع الأول آداب اشتركا فيها،القسم الثاني آدابهما في درسهما واشتغالهما،الثاني أن لا يسأل تعنتا وتعجيزا.
[49] في المحجة: "والجدل".
[50] المحجة البيضاء،الفيض الكاشاني:5/208،كتاب آفات اللسان،الآفة الرابعة المراء والجدال.
[51] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 109، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[52] الكيس: خلاف الحمق، والجماع، والطب، والجود، والعقل، والغلبة بالكياسة، وقد كاسه يكيسه.
القاموس المحيط، الفيروز آبادي: 2/ 248، مادة "الكيس".
[53] رجل ألد بين اللدد، شديد الخصومة لغيرة.
مجمع البحرين،الطريحي : 4/ 116، مادة "لدد".
[54] مسند ابن راهويه، ابن راهويه: 3/ 653، بدء مسند عائشة. وقد أورده بهذا المضمون الفيض الكاشاني في كتابه: المحجة البيضاء: 5/ 211، كتاب آفات اللسان، الآفة الخامسة: الخصومة.
[55] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 109، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[56] الخبث: ضد الطيب. وقد خبث الشيء خباثة، وخبث الرجل خبثا، فهو خبيث، أي: خب ردئ.
الصحاح، الجوهري: 1/ 281، فصل الخاء، مادة "خبث".
[57] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 215، كتاب آفات اللسان، الآفة السابعة الفحش والسب  وبذاءة اللسان.
[58] في الجامع الصغير: "ولا الفاحش".
[59] الجامع الصغير، السيوطي: 2/ 453/ ح7584.
[60] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 110، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[61] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 216، كتاب آفات اللسان، الآفة السابعة الفحش والسب وبذاءة اللسان.
[62] في الأدب المفرد: "ولا الصياح".
[63] الأدب المفرد، البخاري: 74، فضل من يعول يتيما له/ ح310.
[64] مسند أحمد، أحمد بن حنبل: 1/ 385.
[65] إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 111، كتاب آفات اللسان، الآفة الثامنة: اللعن.
[66] مسند أحمد، أحمد بن حنبل: 5/ 15. وفي ذيل الحديث: "ولا بالنار".
[67] سورة البقرة/ 161.
[68] سورة البقرة/ 159.
[69] في كشف الخفاء: "الكذاب".
[70] كشف الخفاء، العجلوني: 2/ 143، حرف اللام/ ح2050.
[71] أنظر: بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 30/ 394، كتاب الفتن والمحن، باب 20/ ذيل حديث 167. مستدرك الوسائل، المحدث النوري: 4/ 405، كتاب الصلاة، أبواب القنوت، باب 6 استحباب الدعاء في القنوت بالمأثور/ ح8.
[72] أنظر دعاء صنمي قريش: مصباح الكفعمي، الكفعمي: 552 ــ 553، الفصل الرابع والأربعون فيما يتعلق فيما يعمل في شعبان.
[73] سورة الحج/ 30.
[74] أنظر: الكافي، الكليني: 6/ 431، كتاب الأشربة والأطعمة، باب الغناء/ ح1.
[75] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[76] سورة الفرقان/ 72.
[77] أنظر: دعائم الإسلام، المغربي: 2/ 208، كتاب النكاح، فصل 4 ذكر الدخول بالنساء ومعاشرتهن/ ح18.
[78] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[79] قي ثواب الأعمال: "عش".
[80] ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق: 244، عقاب الخيانة والسرقة وشرب الخمر والزنا.
[81] في النص القرآني: "من يشتري".
[82] سورة لقمان/ 6.
[83] الكافي، الكليني: 6/ 431، كتاب الأشربة، باب الغناء/ ح4.
[84] في الفقيه: "إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا".
[85] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/379، باب النوادر، ومن ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموجزة التي لم يسبق إليها/ح43.
[86] التمويه: اسم لكل حيلة لا تأثير لها. ولا يقال تمويه إلا وقد عرف معناه والمقصد منه. ولهذا قيل التمويه ما لا يثبت، وقيل التمويه أن ترى شيئا مجوزا بغيره كما يفعل مموه الحديد فيجوزه بالذهب. الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري: 144/ الرقم 555 الفرق بين التمويه والسحر.
[87] إشارة إلى قوله تعالى:((وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ)) سورة الحاقة/ 41.  
[88] أنظر: متشابه القرآن، ابن شهر آشوب: 2/ 23.
[89] سورة يس/ 69.
[90] الخرائج  والجرائح، الراوندي: 3/ 1003، باب في أن إعجاز القران المعاني التي اشتمل عليها من الفصاحة.
[91] سورة الشعراء/ 224.
[92] معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: 385، باب نوادر المعاني/ ح19. ونص الحديث: "في قول الله عزوجل ((الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ)) سورة الشعراء/ 224. قال: هل رأيت شاعرا يتبعه أحد، إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا و أضلوا".
[93] مجموعة ورام، وارم ابن أبي فراس: 1/ 111، باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[94] كشف الغمة، الأربلي: 1/ 9، ذكر أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم.
[95] سورة الواقعة/ 35 ــ 37.
[96] أنظر:مجموعة ورام،وارم ابن أبي فراس:1/112،باب ما جاء في المراء والمزاح والسخرية.
[97] أم ايمن: حاضنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، واسمها بركة الحبشية ورثها النبي من أبيه. كانت وصيفة لعبد المطلب، وقيل كانت لآمنة أم رسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت تحضنه حتى كبر، فأعتقها حين تزوج خديجة، وتزوجها عبيدة بن زيد بن الحارث الحبشي فولدت له أيمن وكنيت به.
الدرجات الرفيعة، ابن معصوم: 439.
[98] أنظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 234، كتاب آفات اللسان، الآفة العاشرة: المزاح.
[99] في الإحياء: "بل نحملك".
[100] في الإحياء: "إنه لا يحملني".
[101] في الإحياء: "ما من ابن بعير".
[102] إحياء علوم الدين،الغزالي:3/ 116 ــ 117،كتاب آفات اللسان،الآفة العاشرة:المزاح.
[103] أنظر: التحفة السنية، السيد الجزائري : 323. 
[104] سورة الحجرات/ 11.
[105] أنظر: المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 236، كتاب آفات اللسان، الآفة الحادية عشر السخرية والاستهزاء.
[106] سنن الترمذي، الترمذي: 3/ 230، باب ما جاء في السخاء/ ح2025.
[107] كتاب الصمت وآداب اللسان، ابن أبي الدنيا: 213، باب حفظ السر.
[108] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 10/ 140، باب الخطب والأوامر، ذكر الآثار الواردة في آفات اللسان.
[109] في صحيح ابن حبان: "من إذا".
[110] صحيح ابن حبان، ابن حبان: 1/ 490/ ح256.
[111] في مجموعة ورام: "وأنت به".
[112] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 164، باب الكذب.
[113] العهود المحمدية، الشعراني: 867، النهي عن التهاون بالوقوع بالكذب.
[114] ليس في مجموعة ورام: "على".
[115] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 114، باب الكذب.
[116] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 20/ 260، باب الحكم والمواعظ، الحكم المنسوبة/ح47.
[117] أسبل أبزاره: أرخاه. امرأة مسبل: أسبلت ذيلها. وأسبل الفرس ذنبه: أرسله. أسبل فلان ثيابه إذا طولها وأرسلها إلى الأرض.
لسان العرب، ابن منظور: 11/ 321، فصل السين المهملة، مادة "أسبل".
[118] أنظر: مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 114، باب الكذب.
[119] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1/ 114، باب الكذب.
[120] بحار الأنوار، المجلسي: 69/ 254، كتاب الإيمان والكفر، باب 114 الكذب وروايته وسماعه/ح20.
[121] دلع لسانه يدلع دلعا ودلوعا، أي: خرج من الفم، واسترخى وسقط على عنفقته.
كتاب العين، الفراهيدي: 2/ 41، مادة "دلع".
[122] في الخصال: "حتى يلهبا جسده".
[123] في الخصال: "ثم يقال له هذا".
[124] الخصال، الشيخ الصدوق: 1/ 38، باب الاثنين، ما جاء في ذي وجهين/ ح16.
[125] إرشاد القلوب، الديلمي: 1/ 178، الباب الحادي والخمسون في أخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار.
[126] الإفراط: إعجال الشيء في الأمر قبل التثبت. يقال: أفرط فلان في أمره، أي: عجل فيه.
لسان العرب، ابن منظور: 7/ 369، مادة "فرط".
[127] الرياء نفاق إلا أن المنافق يظهر غير ما يسر، وذو الريا يبدي للناس خلاف ما يضمر.
غريب الحديث، ابن قتيبة: 1/ 185، ألفاظ من أحاديث المولد والمبعث.
[128] أضمرت الشيء: أخفيته.
لسان العرب، ابن منظور: 4/ 493، مادة "ضمر".
[129] مرائيا يرائي الناس بقوله وعمله، لا يكون وعظه وكلامه حقيقة.
النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير: 4/ 70.
[130] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 5/ 283، كتاب آفات اللسان، الآفة الثامنة عشر المدح. كشف الخفاء، العجلوني: 2/ 248، حرف اللام والألف/ ح2474.
[131] أنظر لتمام الفصل الثاني وما ورد في آفات اللسان: إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 105 ــ 145، كتاب آفات اللسان. الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 69 ــ 72، الباب الثاني فيما يؤدي إلى مساوي الأخلاق، الفصل الثاني في اللسان وآفاته.
[132] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 17/ 45، أبواب الكتب والرسائل، باب 53 ومن كتاب له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي رحمه الله لما ولاه على مصر وأعمالها، فصل النهي عن سماع السعاية وما هو. ونصه: «أحثوا في وجوه المداحين التراب».
[133] أنظر: نهج البلاغة، الشريف الرضي: 485، حكم أمير المؤمنين/ الحكمة رقم 100.

إرسال تعليق