بقلم: السيد عبد الله شبر، تحقيق شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية

الأول: الحسد، وهو أن يحملك الحقد على أن تتمنى زوال النعمة منه.
الثاني: أن تزيد على إضمار الحسد في الباطن فتشمت بما يصيبه من البلاء.
الثالث: أن تهجره وتقطعه وإن أقبل عليك.
الرابع: أن تعرض عنه استصغاراً له.
الخامس: أن تتكلم فيه بما لا يحل من كذب وغيبة وإفشاء سر وهتك ستر وغيره.
السادس: أن تحاكيه استهزاءً وسخرية منه.
السابع: إيذاؤه بالضرب وما يؤلم بدنه.
الثامن: أن تمنعه حقه من صلة رحم أو قضاء دين أو رد مظلمة وكل ذلك حرام.
وأقل درجات الحقد أن يحتزر من الآفات الثمانية، ولكن تستثقله وتبغضه في الباطن وتمتنع من البشاشة[2] والرفق والعناية.
والأولى أن يبقى على حالته السابقة معه، وإن أمكنه أن يزيد في الإحسان على العفو مجاهدة للنفس وإرغاماً للشيطان فذلك مقام الصديقين[3]، وهو من أفضل أعمال المقربين[4]، فللحقود ثلاثة أحوال عند القدرة.
أحدها: أن يستوفي حقه الذي يستحقه من غير زيادة ونقصان، وهو العدل.
والثاني: أن يحسن إليه بالعفو والصلة، و((ذٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ))[5].
والثالث: أن يطلبه بما لا يستحقه، وذلك هو الجور[6].
وعلاج الحقد أن يعلم أنه مهما كان في قلبه حقد فلا يزال مغموماً مهموماً مبتلى معذباً في الدنيا والآخرة، وأن ينظر في فضيلة العفو والرفق[7].
قال تعالى:((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ))[8]. وقال تعالى:((وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى))[9].
وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك[10].
وعنه عليه السلام[11] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عليكم بالعفو، فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزاً، فتعافوا يعزكم الله[12].
وعن معتب[13] قال: كان أبو الحسن موسى عليه السلام في حائط له يصرم[14]، فنظرت إلى غلام له قد أخذ كارة[15] من تمر فرمى بها وراء الحائط، فأتيته وأخذته وذهبت به إليه. فقلت له: جعلت فداك إني وجدت هذا وهذه الكارة. فقال للغلام: فلان. قال: لبيك. قال: أتجوع؟ قال: لا يا سيدى. قال: فتعرى؟ قال: لا سيدي. قال: فلأي شيء أخذت هذا؟ قال: اشتهيت ذلك، قال: إذهب فهي لك، وقال: خلوا عنه[16].
وعن الكاظم عليه السلام قال: الرفق نصف العيش[17].
ــــــــــــــــــــ
[1] منية المريد، الشهيد الثاني: 321، الباب الثالث في المناظرة وشروطها وآدابها وآفاتها، الفصل الثاني في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق.
[2] البشاشة: طلاقة الوجه. ورجل هش بش، أي: طلق الوجه طيب.
الصحاح، الجوهري: 3/ 996، مادة "بشش".
[3] الصديق: من يصدق بكل أمر الله والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتخالجه شك في شيء.
العين، الفراهيدي: 5/ 56، مادة "صدق".
[4] المقربين، أي: السابقين.
بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 66/157، كتاب الإيمان والكفر، باب 32 درجات الإيمان وحقائقه.
قال أبي الفرج البغدادي: أصل الموالاة القرب، وأصل المعاداة البعد، فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه بما يقربهم منه، وأعداؤه الذين أبعدهم منه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه، فقسم أولياؤه المقربين قسمين: أحدهما من تقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعل الواجبات، وترك المحرمات، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده. والثاني: من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل.
جامع العلوم والحكم، أبي الفرج البغدادي: 361.
[5] سورة فاطر/ 32.
[6] أنظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 79 ــ 80، الفصل الثالث الحقد من نتائج الغضب. إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 162 ــ 163، القول في معنى الحقد ونتائجه وفضيلة العفو والرفق.
[7] أنظر: جامع السعادات، النراقي: 1/ 347، الحقد.
[8] سورة الأعراف/ 199.
[9] سورة البقرة/ 237.
[10] الكافي، الكليني: 2/ 107، كتاب الإيمان والكفر، باب العفو/ ح1.
[11] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[12] الكافي، الكليني: 2/ 108، كتاب الإيمان والكفر، باب العفو/ ح5.
[13] معتب: مولى أبي عبد الله الصادق عليه السلام، ثقة.
رجال العلامة، العلامة الحلي: 170، الباب الحادي عشر في الآحاد/ الرقم 6.
[14] صرم الشيء: قطعه. وصرم الرجل: قطع كلامه. والانصرام: الانقطاع. والتصارم: التقاطع. والتصرم: التقطع.
مختار الصحاح، الرازي : 192، مادة "صرم" .
[15] الاكتيار: صرع الشيء بعضه على بعض، وكور المتاع تكويرا: جمعه وشده. وقيل: ألقى بعضه على بعض، ومنه: الكارة. عكم الثياب، وكذا كارة القصار، لكونه يكور ثيابه في ثوب واحد ويحملها، فيكون بعضها على بعض.
تاج العروس، الزبيدي: 3/ 531، مادة "كور".
[16] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 108، كتاب الإيمان والكفر، باب العفو/ ح7.
[17] الكافي، الكليني: 2/ 120، كتاب الإيمان و الكفر، باب الرفق/ ح11.
إرسال تعليق