بقلم: الشيخ وسام برهان البلداوي
نقلا عن كتاب إحياء علوم الدين للغزالي قال: (ودخل الحسن ذات يوم على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ــ فقيه المدينة ورئيسها ــ ولم يكن له بالمدينة نظير. وبه ضربت المثل عائشة رضي الله عنها حيث قالت لو لم أسر مسيري ذلك لكان أحب إلي من أن يكون لي ستة عشراً ذكراً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
فدخل عليه الحسن في بيته فعظمه عبد الرحمن وأجلسه في مجلسه وقال: ألا أرسلت إلي فكنت أجيئك فقال: الحاجة لنا.
قال: وما هي قال جئتك خاطباً ابنتك.
فأطرق عبد الرحمن ثم رفع رأسه وقال: والله ما على وجه الأرض أحد يمشي عليها أعز علي منك ولكنك تعلم أن ابنتي بضعة مني يسوءني ما ساءها ويسرني ما سرها وأنت مطلاق فأخاف أن تطلقها وإن فعلت خشيت أن يتغير قلبي في محبتك وأكره أن يتغير قلبي عليك فأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن شرطت أن لا تطلقها زوجتك. فسكت الحسن وقام وخرج.
وقال بعض أهل بيته:سمعته وهو يمشي ويقول: ما أراد عبد الرحمن إلا أن يجعل ابنته طوقاً في عنقي)[1].
وهذه الرواية أيضا لا يمكن الركون إليها ولا قبولها لعدة وجوه منها:
الوجه الأول: نظرة مجملة حول كتاب إحياء علوم الدين للغزالي
الغزالي قد عرفه الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء بقوله: (زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي)[2].
وقد روى ابن النجار بسنده أن والد أبي حامد (كان يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، فأوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديق له صوفي صالح،فعلمهما الخط، وفُنِيَ ما خلف لهما أبوهما، وتعذر عليهما القوت،فقال:أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنكما طالبان للفقه عسى يحصل لكما قوت،ففعلا ذلك. قال أبو العباس أحمد الخطيبي: كنت في حلقة الغزالي،فقال: مات أبي، وخلف لي ولأخي مقدارا يسيرا ففُنِيَ بحيث تعذر علينا القوت، فصرنا إلى مدرسة نطلب الفقه، ليس المراد سوى تحصيل القوت، فكان تعلمنا لذلك، لا لله... )[3].
والظاهر ان انتفاء نية القربة لله سبحانه عند الغزالي في بداية رحلته العلمية قد اثر تأثيرا بالغا على مستقبله وإنتاجه العلمي، فاخرج نتيجة ذلك كتبا تحوي مواضيع لم يقره عليها علماء مذهبه[4] فضلا عن الباقين،ومن هذه الكتب التي كثر رد العلماء عليها كتاب إحياء علوم الدين الحاوي على الطامات العظام والمنكرات الجسام، ونحن هنا سنذكر للقارئ الكريم جملة من أقوال علماء المذاهب الأخرى حول كتاب إحياء علوم الدين لتكون به الحجة ابلغ والاستدلال أوكد.
قال أبو بكر الطرطوشي: (شحن أبو حامد "الإحياء" بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا أعلم كتابا على بسيط الأرض أكثر كذبا منه، ثم شبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قوم يرون النبوة مكتسبة، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق)[5].
وقال محمد بن الوليد في رسالة له إلى ابن مظفر: (فأما ما ذكرت من أبي حامد، فقد رأيته، وكلمته، فرأيته جليلا من أهل العلم، واجتمع فيه العقل والفهم، ومارس العلوم طول عمره، وكان على ذلك معظم زمانه، ثم بدا له عن طريق العلماء، ودخل في غمار العمال، ثم تصوف، وهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلاج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين،ولقد كاد أن ينسلخ من الدين، فلما عمل " الإحياء "، عمد يتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غير أنيس بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط على أم رأسه، وشحن كتابه بالموضوعات)[6].
وقال المازري: (وفي "الإحياء" من الواهيات كثير. قال: وعادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، وقال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم. ثم قال: ويستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، كقص الأظفار أن يبدأ بالسبابة، لان لها الفضل على باقي الأصابع، لأنها المسبحة، ثم قص ما يليها من الوسطى، لأنها ناحية اليمين، ويختم بإبهام اليمنى، وروى في ذلك أثرا. قلت: هو أثر موضوع. ثم قال: وقال: من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن البارية قديم، مات مسلما إجماعا. قال: فمن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون الإجماع في خلافه، فحقيق أن لا يوثق بما روى)[7].
قال أبو الفرج ابن الجوزي: (صنف أبو حامد "الإحياء"، وملاه بالأحاديث الباطلة، ولم يعلم بطلانها، وتكلم على الكشف، وخرج عن قانون الفقه)[8].
وقد جمع السبكي في طبقاته الأحاديث الواقعة في كتاب الإحياء التي لم يجد لها إسنادا، وعدتها تسعمائة وثلاثة وأربعون حديثا تقريبا[9].
فنستخلص مما سبق ان كتاب الإحياء قد شحن بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلم، وليس على بسيط الأرض أكثر كذبا منه[10]،كما قال أبو بكر الطرطوشي، وكذلك قد شحن بالموضوعات كما قال محمد بن الوليد،وفيه من الواهيات الكثير ويروي فيه أحاديث موضوعة ويحكي إجماع المسلمين على عكس ما قد عرف عنهم ومن يكون حاله هكذا فحقيق أن لا يوثق بما روى كما قاله المارزري، وقد أحصى عليه السبكي تسعمائة وثلاثة وأربعين حديثا تقريبا لم يجد لها إسنادا. وكتاب هذا شانه حري بان لا يستشهد بمروياته التي ينفرد بها عن غيره،كالرواية التي نحن بصدد الرد عليها، فإنها من منقولاته التي هو أساسها،والتي نقلها في كتابه الإحياء كما ذكرناه من دون سند، وكل من نقلها غيره إنما نقلها عنه كابن شهر آشوب في كتابه مناقب آل أبي طالب[11]، وكالمجلسي في بحار الأنوار[12].
الوجه الثاني: هدف الغزالي من نقل هذه الرواية المكذوبة
لا نجد صعوبة في الجواب على هذا السؤال فيما لو تعرفنا أكثر على توجهات الغزالي الفكرية وانتماءاته الطائفية، ونحن سننقل للقارئ الكريم شاهدا واحدا يكشف وبشكل لا يقبل الشك ان الغزالي كان صاحب هوى أموي وهو مستميت في الدفاع عن كل ما يمس كرامتهم، وان ذكره لهذه الرواية وغيرها ما هي إلا خدمة يقدمها لهم كدليل على حسن ولائه.
وهذا الشاهد ننقله من نفس كتاب الإحياء حيث يبين الغزالي رأيه بخصوص جواز لعن يزيد عليه اللعنة بما نصه: (وعلى الجملة ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب، ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلا فضلا عن غيره، فإن قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو أمره به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلا، فلا يجوز أن يقال: إنه قتله، أو أمر به ما لم يثبت فضلا عن اللعنة، لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق... فإن قيل: فهل يجوز أن يقال: قاتل الحسين لعنه الله، أو الآمر بقتله لعنه الله؟ قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة، فإن وحشيا قاتل حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتله وهو كافر، ثم تاب عن الكفر والقتل جميعا، ولا يجوز أن يلعن والقتل كبيرة، ولا تنتهي إلى رتبة الكفر، فإذا لم يقيد بالتوبة وأطلق كان فيه خطر، وليس في السكوت خطر فهو أولى)[13].
والعجيب ان الغزالي يدعي بان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد اقره على كتابه فقال: (فنظر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورقة ورقة إلى آخره ثم قال:والله إن هذا شيء حسن، ثم ناوله أبا بكر رضي الله عنه فنظر فيه كذلك،ثم قال: نعم،والذي بعثك بالحق يا رسول الله! إنه لحسن. ثم ناوله عمر... فنظر فيه كذلك ثم قال كما قال أبو بكر...)[14].
فهل وقف يا ترى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر حينما قرأوا كتاب الإحياء ورقة ورقة على دفاع الغزالي عن يزيد اللعين وإنكاره لقتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه على يديه؟! أم انه صلى الله عليه وآله وسلم قد قرأه واقر الغزالي على مقولته فيكون صلى الله عليه وآله وسلم بذلك قد أرضى الغزالي وأنكر آلاف الشواهد التاريخية والروايات الموثقة والمجمع عليها والتي تنص باجمعها على صحة قتل يزيد لعنه الله واخزاه للإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وأهل بيته وأصحابه في كربلاء،حاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كل تعصب أموي يجري في قلب الغزالي وروحه حتى أعماه عن رؤية الحق.
الوجه الثالث: من هو عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
ذكرنا مرارا ان الشخصيات التي يأتي ذكرها في روايات زواج الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وطلاقه يتم اختيارهم بشكل متعمد ومقصود،ومن ثم يقحمون في تلك الروايات إقحاما ويوصفون في ضمنها بأوصاف تعلي من شأنهم وتعظم من مقامهم ومنزلتهم،وفي المقابل تقوم تلك الروايات بنسج أحداث وكلمات تصور الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه اقل شأنا منهم ودائما ما يتعرض للانتقاد والإحراج من قبلهم،فيكونوا على الدوام بمنزلة المعلم والإمام صلوات الله وسلامه عليه بمنزلة المتعلم، ويكونوا بمنزلة المصيب الذي لا يخطئ والإمام صلوات الله وسلامه عليه هو الذي يخطئ ويصوب فعله ومنطقه من قبلهم، والإمام صلوات الله وسلامه عليه في كل تلك الروايات لا يصور إلا محتاجا طالبا لمعونتهم، وهم في كلها متفضلون عليه يملكون قبول التماساته أو رده من دون أن يصل إلى مطلوبه.
وأفضل شاهد على هذه الحقيقة هي ما قدمه الغزالي في تعريف عبد الرحمن بن الحارث بن هشام حيث قال (عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ــ فقيه المدينة ورئيسها ــ ولم يكن له بالمدينة نظير وبه ضربت المثل عائشة رضي الله عنها حيث قالت لو لم أسر مسيري ذلك لكان أحب إلي من أن يكون لي ستة عشر ذكراً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) ومع ان هذه العبارة لا ربط لها بقصة زواج الامام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وخطبته إلا أن الغزالي أقحمها إقحاما في ضمنها ليعلو شأن عبد الرحمن وينزل من شأن الحسن صلوات الله وسلامه عليه وإلا ما معنى قوله فقيه المدينة ورئيسها ولم يكن له في المدينة نظير ألا يعني انه أفضل من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه جاها وفقها،لان الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه من أهل المدينة ومع ذلك لم يجعله الغزالي نظيرا لعبد الرحمن بن الحارث.
وكشاهد ثانٍ تأمل في قوله (وقال: ألا أرسلت إلي فكنت أجيئك فقال: الحاجة لنا) فجعل الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه محتاجا وعلى العكس صور عبد الرحمن فجعله الكريم والوجيه الذي يقصده الإمام صلوات الله وسلامه عليه بحوائجه.
أما لماذا حاول القوم إعلاء شان عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فهذا ما يمكن معرفته من خلال معرفة شخصيته وانتماءاته وميوله الفكرية والتي ستتضح من خلال التالي: قال محمد بن سعد: (هو عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة و أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ويكنى عبد الرحمن أبا محمد وكان بن عشر سنين حين قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومات أبوه الحارث بن هشام في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة فخلف عمر بن الخطاب على امرأته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة[15]وهي أم عبد الرحمن بن الحارث فكان عبد الرحمن في حجر عمر وكان يقول ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب... وتوفي عبد الرحمن بن الحارث في خلافة معاوية بن أبي سفيان بالمدينة وكان رجلا شريفا سخيا مريا وكان قد شهد الجمل مع عائشة وكانت عائشة تقول لان أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله عشرة من الولد كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام)[16].
وتزوج بنت عثمان بن عفان فولدت له كما يقول ابن سعد (زينب... ويقال بل اسمها مريم وأمها مريم ابنة عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية)[17].
وقد روى عبد الرحمن هذا أحاديث شنيعة تمس قدسية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم منها حديثه الذي يصرح فيه ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم[18]، وهو أيضا احد رواة حديث صيام يوم عاشوراء الذي ابتدعه بنو أمية[19] بعد استشهاد الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، قال ابن عبد البر: (وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه أخبره أن عمر بن الخطاب أرسل إلى عبد الرحمن بن الحارث ليلة عاشوراء أن تسحر لتصبح صائما فأصبح عبد الرحمن صائما هكذا قال أرسل إلى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وهذا حديث متصل وهو عندي أصح من بلاغ مالك)[20].
وهو الذي: (قال لمعاوية لما قتل حجر بن عدي وأصحابه أين عزب منك حلم أبي سفيان، ألا حبستهم في السجون، وعرضتهم للطاعون)[21]. ولا ادري ما الفرق بين أن يقتلهم معاوية عليه اللعنة بالسيف أو يعرضهم للطاعون ليميتهم به، فاعتراضه بحسب الظاهر من كلامه هو ليس على أصل قتلهم وانهم من الأولياء وان حجر بن عدي كان من خيار الصحابة، وإنما على الطريقة المكشوفة والعلنية التي قتلوا بها صبرا، فعبد الرحمن كان يريد من معاوية أن يقتلهم بصورة مبطنة لا تترك وراءها أثرا.
فتحصل مما سبق ان عبد الرحمن بن الحارث هو من تربى في بيت عمر بن الخطاب وترعرع تحت إشرافه، وهو زوج ابنة عثمان بن عفان، وهو احد من روج بدع بني أمية وأشاع أضاليلهم وهو احد من شارك في الإساءة إلى شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشوّه صورته.
فكيف لا يفضل مثل هذا على الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه من قبل الأمويين والعباسيين، وليس من الغريب أن يرمي الحسن صلوات الله وسلامه عليه بالمطلاق في روايته المكذوبة بعد أن رمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بانه يصوم وهو مجنب والعياذ بالله، وليس غريب ان يفتري على الإمام الحسن بعد أن حرض معاوية بن أبي سفيان على قتل الصالحين أمثال حجر بن عدي وأصحابه.
الوجه الرابع: هل يسرقون فضائل فاطمة الزهراء عليها السلام أم ماذا؟
نقلت الرواية قول عبد الرحمن بن الحارث التالي: (ولكنك تعلم أن ابنتي بضعة مني يسوءني ما ساءها ويسرني ما سرها).
ومن له أدنى إحاطة بطريقة كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأسلوبه في الخطاب مع ابنته وقرة عينه السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها يجد بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أطلق هذه الكلمات بحقها صلوات الله وسلامه عليها فعن البخاري قال: (حدثنا أبو الوليد حدثنا ابن عيينة عن عمر و ابن دينار عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال فاطمة بضعة منى فمن أغضبها أغضبني)[22].
وعن مسلم قال: (عن المسور بن مخرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما فاطمة بضعة منى يؤذيني ما آذاها)[23].
وعن الطبراني قال: (حدثنا جعفر بن هارون النوفلي المدني ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي عن أم بكر بنت المسور عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال أن فاطمة شجنة مني ويغضبني ما أغضبها ويبسطني ما يبسطها)[24].
وروى جلال الدين السيوطي: (فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري)[25].
فهل ما قاله عبد الرحمن بن الحارث عن ابنته التي لم يذكر لنا التاريخ اسمها هو سرقة لأوصاف وفضائل السيدة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، أم ان عبد الرحمن بن الحارث في هذه الرواية يحاول أن يشبه نفسه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتقمص شخصيته، ويسرق نفس ألفاظه، أم ان الأمر مجرد صدفة، وإذا كان الأمر صدفة فلماذا لم يختر ألفاظا أخرى أو بمعنى أدق لماذا لم يختر له واضع الرواية ألفاظا أخرى يستدل بها على كبير معزته وعظيم محبته لابنته.
ـــــــــــــــ
[1] إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي ج2 ص56 دار المعرفة بيروت.
[2] سير أعلام النبلاء للذهبي ج 19 ص 322.
[3] المصدر السابق ص335.
[4] قال أبو عمرو بن الصلاح: (فصل لبيان أشياء مهمة أنكرت على أبي حامد ففي تواليفه أشياء لم يرتضها أهل مذهبه من الشذوذ منها قوله في المنطق:هو مقدمة العلوم كلها،ومن لا يحيط به،فلا ثقة له بمعلوم أصلا. قال:فهذا مردود، إذ كل صحيح الذهن منطقي بالطبع، وكم من إمام ما رفع بالمنطق رأسا ) راجع سير أعلام النبلاء الذهبي ج 19 ص329.
[5] سير أعلام النبلاء للذهبي ج19 ص334 في الغزالي محمد بن محمد.
[6] سير أعلام النبلاء للذهبي ج19 ص334 في الغزالي محمد بن محمد، وراجع أيضا تاريخ الإسلام للذهبي ج35 ص122.
[7] سير أعلام النبلاء للذهبي ج19 ص342 في الغزالي محمد بن محمد.
[8] المصدر السابق.
[9] في ج 6 ص 287 ــ 388 نقلا عن كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي ج 19 هامش ص 339 .
[10] كتاب إحياء علوم الدين للغزالي وان كان هو مورد بحثنا إلا أن ذلك لا يعني ان بقية كتب الغزالي مستثناة مما قيل في كتاب الإحياء، بل ذلك الذي قيل في كتاب الإحياء ينطبق بنفسه على بقية كتبه فعلى سبيل المثال لا الحصر نرى الذهبي ينقل عن عبد الغافر قوله: (... وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث... ولم يتفق له أن يروي... ومما كان يعترض به عليه وقوع خلل من جهة النحو في أثناء كلامه، وروجع فيه، فأنصف، واعترف أنه ما مارسه،واكتفى بما كان يحتاج إليه في كلامه... ومما نقم عليه ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب " كيمياء السعادة والعلوم " وشرح بعض الصور والمسائل بحيث لا توافق مراسم الشرع وظواهر ما عليه قواعد الملة، وكان الأولى به ــ والحق أحق ما يقال ــ ترك ذلك التصنيف ).
[11] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج3 ص199 باب امامة أبي محمد الحسن بن علي.
[12] بحار الأنوار للمجلسي ج44 ص177 تحقيق في عدد أولاده عليه السلام وأسمائهم وأمهات أولاده.
[13] إحياء علوم الدين للغزالي ج3 ص125.
[14] الغدير للشيخ الاميني ج11 ص162 في إحياء علوم الدين للغزالي.
[15] فعمر بن الخطاب زوج أم عبد الرحمن بن الحارث وهو الذي رباه بعد زواجه منها.
[16] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 5 ــ 6.
[17] المصدر السابق ص7.
[18] الاستذكار لابن عبد البر ج3 ص 292 ــ 293.
[19] روى الشيخ الكليني في الكافي ج 4 ص 147عن محمد بن سنان، عن أبان، عن عبد الملك قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صوم تاسوعا وعاشوراء من شهر المحرم فقال تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين عليه السلام وأصحابه رضي الله عنهم بكربلا واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه رضي الله عنهم وأيقنوا أن لا يأتي الحسين عليه السلام ناصر ولا يمده أهل العراق ــ بأبي المستضعف الغريب ــ ثم قال وأما يوم عاشورا فيوم أصيب فيه الحسين صريعا بين أصحابه وأصحابه صرعى حوله [عراة] أفصوم يكون في ذلك اليوم؟! كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو إلا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام،فمن صامه أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه ومن ادخر إلى منزله ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده وشاركه الشيطان في جميع ذلك).
[20] الاستذكار لابن عبد البر ج3 ص 328.
[21] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 18 ص 301.
[22] صحيح البخاري ج 4 ص210.
[23] صحيح مسلم ج 7 ص 141.
[24] المعجم الكبير للطبراني ج 22 ص 405.
[25] الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي ج 2 ص 208.
إرسال تعليق