سماع الأذان وتأثيره في تهذيب النفس

بقلم : السيد عبد الله شبر

قال أبو حامد[1]: إذا سمعت نداء المؤذن فأحضر في قلبك هول النداء يوم القيامة، وتشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة، فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطف يوم العرض الأكبر، فاعرض قلبك على هذا النداء، فإن وجدته مملوءً بالفرح والاستبشار مشحوناً بالرغبة إلى الابتدار[2] فاعلم أنه يأتيك النداء بالبشرى والفوز يوم القضاء، ولذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أرحنا يا بلال[3]» أي أرحنا بها وبالنداء إليها إذ كانت قرة عينه فيها[4] - انتهى[5].

وقال الشهيد الثاني[6] رحمه الله: واعتبر بفصول الأذان وكلماته كيف افتتحت بالله واختتمت بالله، واعتبر بذلك، أن الله جل جلاله هو الأول والآخر والظاهر والباطن، ووطن قلبك بتعظيمه وتكبيره عند سماع التكبير، واستحقر الدنيا وما فيها لئلا تكون كاذباً في تكبيرك، وانف عن خاطرك كل معبود سواء بسماع التهليل[7]، وأحضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتأدب بين يديه، واشهد له بالرسالة مخلصاً، وصل عليه وآله، وحرك نفسك واسع بقلبك وقالبك عند الدعاء إلى الصلاة، وما يوجب الفلاح، وما هو خير الأعمال وأفضلها، وجدد عهدك بعد ذلك بتكبير الله وتعظيمه، واختمه بذكره كما افتتحت به، واجعل مبدأك منه وعودك إليه وقوامك به، واعتمادك على حوله وقوته، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم[8].

ـــــــــــــــــ
[1] أبو حامد: زين الدين أبو حامد، محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، وكانت وفاته بطوس صبيحة يوم الاثنين رابع عشر جمادي الآخرة سنة خمس وخمسمائة، وعمره خمس وخمسون سنة. خرج إلى الحجاز في سنة ثمان وثمانين فحج ورجع إلى دمشق واستوطنها عشر سنين، بمنارة الجامع، وصنف فيها كتبا،يقال:إن الإحياء منها، ثم صار إلى القدس والإسكندرية، ثم عاد إلى وطنه بطوس، مقبلا على التصنيف، والعبادة، وملازمة التلاوة، ونشر العلم، وعدم مخالطة الناس.
طبقات الشافعية، الأسنوي: 2/111 ــ 113/ الرقم 860.
[2] يقال: ابتدر القوم أمرا وتبادروه، أي: بادر بعضهم بعضا إليه أيهم يسبق إليه فيغلب عليه.
تاج العروس، الزبيدي:3/33.
[3] قال الخطيب البغدادي: قال الخزاعي: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها.
تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: 10/444.
وأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : أرحنا يا بلال.
الحبل المتين، البهائي: 154.
[4] أنظر: رسائل الكركي، المحقق الكركي: 3/ 225. سنن النسائي، أحمد بن شعيب النسائي: 7/ 61،كتاب عشرة النساء، باب حب النساء. وفيه: "وجعل قرة عيني في الصلاة".
[5] إحياء علوم الدين، الغزالي: 1/ 158، كتاب أسرار الصلاة.
[6] مرت ترجمته.
[7] قال الليث: التهليل قول: لا إله إلا الله.
لسان العرب، ابن منظور: 11/ 705، مادة "هلل".
[8] رسائل الشهيد الثاني، زين الدين بن علي: 121، أسرار الصلاة.

إرسال تعليق