بقلم: السيد عبد الله شبر
العمدة في آدابه الإقبال بالقلب، لأن من لا يقبل
عليك لا يستحق إقبالك عليه، كما لو حادثك من تعلم غفلته عن محاورتك وإعراضه عن
مجاورتك، فإنه يستحق إعراضك عن خطابه واشتغالك عن جوابه.
قال الصادق عليه السلام: من أراد أن ينظر منزلته
عند الله فلينظر منزلة الله عنده، فإن الله ينزل العبد مثل ما ينزل العبد الله من
نفسه([1]).
وقال
أمير المؤمنين عليه السلام: ((لا يقبل الله دعاء لاهٍ([2])((([3]).
ومن
جملة آدابه تسمية الحاجة، والتعميم في الدعاء، والبكاء حالته، والاعتراف بالذنب
قبل السؤال، والتقدم في الدعاء قبل الحاجة إليه، وأن لا يعتمد في حوائجه على غير
الله، وأن لا يلحن في الدعاء([4]).
وعن الصادق عليه السلام قال: إحفظ آداب الدعاء،
وانظر من تدعو وكيف تدعو ولماذا تدعو، وحقق عظمة الله وكبرياءه، وعاين بقلبك علمه
بما في ضميرك واطلاعه على سرك وما كمن فيه من الحق والباطل، واعرف طرق نجاتك وهلاكك
كي لا تدعو الله بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظن أن فيه خيراً وتفكر ماذا تسأل ولماذا
تسأل، والدعاء استجابة الكل منك للحق وتذويب المهجة في مشاهدة الرب، وترك الاختيار
جميعاً، وتسليم الأمور كلها ظاهرها وباطنها إلى الله، فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا
تنتظر الإجابة فإنه يعلم السر وأخفى، فلعلك تدعوه بشيء علم من نيتك بخلاف ذلك.
واعلم أنه لو لم يكن أمرنا الله بالدعاء لكنا إذا
أخلصنا الدعاء تفضل علينا بالإجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء، قال:
فإذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء وأخلصت سرك لوجهه فأبشر بإحدى ثلاث: إما أن
يعجل لك بما سألت، أو يدخر لك ما هو أعظم منه، وإما أن يصرف عنك من البلاء ما أن
لو أرسله عليك لهلكت([5]).
وروي عن الصادق عليه
السلام أنه قرأ ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعٰاهُ))([6]) فسئل ما لنا ندعو ولا
يستجيب لنا؟ فقال: لأنكم تدعون من لا تعرفونه، وتسألون ما لا تفهمونه([7]).
وفيه النص: «قال الصادق
عليه السلام: احفظ أدب الدعاء وانظر من تدعو كيف تدعو ولماذا تدعو وحقق عظمة الله وكبرياءه وعاين بقلبك علمه
بما في ضميرك واطلاعه على سرك وما تكن وما تكون فيه من الحق والباطل واعرف طرق
نجاتك وهلاكك كيلا تدعو الله تعالى بشيء عسى فيه هلاكك وأنت تظن أن فيه نجاتك قال
الله تعالى: ((وَيَدْعُ الإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ
الإِنْسانُ عَجُولاً)) سورة الإسراء/ 11. وتفكر ماذا تسأل ولماذا تسأل والدعاء
استجابة الكل منك للحق وتذويبا لمهجة في مشاهدة الرب وترك الاختيار جميعا وتسليم
الأمور كلها ظاهرا وباطنا إلى الله تعالى فإن لم تأت بشرط الدعاء فلا تنظر الإجابة
فإنه يعلم السر وأخفى فلعلك تدعوه بشيء قد علم من سرك خلاف ذلك قال بعض الصحابة
لبعضهم أنتم تنتظرون المطر وأنا أنتظر الحجر واعلم أنه لو لم يكن الله أمرنا
بالدعاء لكان إذا أخلصنا الدعاء تفضل علينا بالإجابة فكيف قد ضمن ذلك لمن أتى
بشرائط الدعاء وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن اسم الله الأعظم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم كل اسم من أسماء الله
أعظم ففرغ قلبك عن كل ما سواه وادعه تعالى بأي اسم شئت فليس لله في الحقيقة اسم
دون اسم بل هو الله الواحد القهار، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن الله لا
يستجيب الدعاء من قلب لاه، قال الصادق عليه السلام إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه
إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم ولا يكن رجاه إلا من عند الله عزّوجل فإذا علم
الله تعالى ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه فإذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط
الدعاء وأخلصت سرك لوجهه فأبشر بإحدى ثلاث إما أن يعجل لك ما سألت وإما أن يدخر لك
ما هو أفضل منه وإما أن يصرف منك من البلاء ما لو أرسله إليك لهلكك، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى: من
شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي للسائلين. قال الصادق D لقد دعوت الله مرة فاستجاب لي
ونسيت الحاجة لأن استجابته بإقباله على عبده عند دعوته أعظم وأجل مما يريد منه
العبد ولو كانت الجنة ونعيمها الأبدي وليس يعقل ذلك إلا العاملون المحبون العارفون
صفوة لله وخواصه».
إرسال تعليق