بعض حقوق الوالدين والولد

قال الله تعالى: ((وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسٰاناً))([1]) وقال: ((أمّا([2]) يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمٰا أَوْ كِلاَهُمٰا فَلا تَقُل لَهُمآ أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمٰا وَقُل لَهُمٰا قَوْلاً كَرِيمًا ! وَاخْفِضْ لَهُمٰا جَنٰاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ))([3]).

وفي الصحيح عن أبي ولاد الحناط([4]) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ((وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسٰاناً))([5]) ما هذا الإحسان؟ فقال الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلفهما أن يسألاك مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين، أليس يقول الله تعالى: ((لَن تَنٰالُواْ الْبِرَّ حَتّى تُنفِقُواْ مِمّا تُحِبُّونَ))([6]). قال: ثم قال عليه السلام: وأما قول الله تعالى: ((أمّا([7]) يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمٰا))([8])ـ الآية. قال: إن أضجراك فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما إن ضرباك. قال: ((وَقُل لَهُمٰا قَوْلاً كَرِيمًا))([9]) إن ضرباك فقل لهما bغفر الله لكماv فذلك منك قول كريم. قال: ((وَاخْفِضْ لَهُمٰا جَنٰاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ))([10]) قال: لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما([11]).

وعنه عليه السلام([12]): إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله أوصني. فقال: لا تشرك بالله شيئاً وإن حرقت وعذبت([13]) إلا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل فإن ذلك من الإيمان([14]).

وعنه عليه السلام أنه سئل أي الأعمال أفضل؟ فقال([15]): الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله([16]).

وعنه عليه السلام([17]) قال: أتى رجل رسول الله([18]) فقال: يا رسول الله إني راغب في الجهاد نشيط . قال: فقال له النبي([19]): فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل تكن حياً عند الله ترزق، وإن مت([20]) فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت. قال: يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فقر مع والديك، فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة([21]).

وعنه عليه السلام([22]) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال([23]): يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال([24]): أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك([25]).

وعن جابر([26]) قال: سمعت رجلاً يقول لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي أبوين مخالفين. فقال: برهما كما تبر المسلمين بمن([27]) يتولانا([28]).

وعن سدير([29]) قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام([30]): هل يجزي الولد والده؟ فقال: ليس له جزاء إلا في خصلتين: أن يكون الوالد مملوكاً فيشتريه ابنه([31]) فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه([32]).

وعنه عليه السلام([33]) قال: إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما دينهم ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً، وإنه ليكون لهما عاقاً في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله تعالى باراً([34]).

وعن الكاظم عليه السلام قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما حق الوالد على ولده؟ قال: أن([35]) لا يسميه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسب له([36]).

وعن الباقر D قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف سنة ولا يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء. إنما الكبر رداء الله تعالى.([37])

وعن زيد بن علي([38]) عن أبيه([39]) عن جده([40]) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما([41]).

وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما([42]).

وفي رواية أخرى: قلت: كيف يعينه على بره؟ قال: يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه ولا يخرق به، وليس([43]) بينه وبين أن يصير في حد من حدود الكفر إلا أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم([44]).

وعن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حق الولد على والده إذا كان ذكراً أن يستفره([45]) أمه ويستحسن اسمه ويعلمه كتاب الله ويطهره ويعلمه السباحة، وإن([46]) كانت أنثى يستفره([47]) أمها ويستحسن اسمها ويعلمها سورة النور ولا يعلمها سورة يوسف ولا ينزلها الغرف ويعجل سراحها إلى بيت زوجها([48]).




([1]) سورة البقرة/ 83.
([2]) في النص القرآني: "إما".
([3]) سورة الإسراء/ 23 ــ 24.
([4]) أبي ولاد الحناط: حفص بن سالم أبو ولاد الحناط: قال ابن فضال حفص بن يونس مخزومي، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثقة، لا بأس به. و قيل إنه من موالي جعفي، ذكره أبو العباس. له كتاب يرويه الحسن بن محبوب أخبرنا ابن نوح قال حدثنا الحسن بن حمزة قال حدثنا ابن بطة، قال حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا الحسن بن محبوب عن حفص بكتابه.
رجال النجاشي، أحمد بن علي النجاشي: 135، باب الحاء/ الرقم 347.
([5]) سورة البقرة/ 83.
([6]) سورة آل عمران/ 92.
([7]) في النص القرآني: "إما".
([8]) سورة الإسراء/ 23.
([9]) سورة الإسراء/ 23.
([10]) سورة الإسراء / 24.
([11]) أنظر: الكافي،الكليني:2/157ــ 158،كتاب الإيمان والكفر، باب البر بالوالدين/ح1.
([12]) أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
([13]) في الكافي: "وإن حرقت بالنار وعذبت".
([14]) الكافي، الكليني: 2/ 158، كتاب الإيمان والكفر، باب البر بالوالدين/ ح2.
([15]) في المحاسن: "عن منصور بن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام، أي الأعمال أفضل؟ قال: ... الحديث".
([16]) المحاسن، البرقي: 1/ 292، كتاب مصابيح الظلم، باب 47 المحبوبات/ ح7.
([17]) أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
([18]) في الكافي: "رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم".
([19]) في الكافي: "رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم".
([20]) في الكافي:  "تمت".
([21]) الكافي، الكليني: 2/ 160، كتاب الإيمان والكفر، باب البر بالوالدين/ ح10.
([22]) أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
([23]) في كتاب الزهد: "فقال".
([24]) في كتاب الزهد: "قال عليه السلام".
([25]) كتاب الزهد، الأهوازي: 40، باب 5 بر الوالدين والقرابة والعشيرة والقطيعة/ ح22.
([26]) ورد الإسناد في أصول الكافي: "عنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن جابر، قال: ... الحديث".
(وعنه عائدة لما قبله) وقد ورد فيما قبله بالإسناد: "عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم ...". وجابر هذا قد اختلف فيه مع من سبقه، وهو أبو الصباح، ولم يقطع لأحد منهما ممن ترجم لهم بأنه جابر بن يزيد،أو غيره، أو أن أبو الصباح، هو: إبراهيم بن نعيم، أو مولى آل سام، وفي جابر، يقول الكاظمي: "المشترك بين جماعة لا حظ لهم بالتوثيق، ما عدا جابر بن يزيد الجعفي، ولا يخفى ما فيه، ويمكن استعلام: أنه هو: برواية عمرو بن شمر عنه، ورواية عبد الرحمن بن كثير عنه، و حريز عنه، ورواية أبي جميلة المفضل بن صالح السكوني عنه، ورواية عبد الله بن محمد عنه، ورواية المنخل بن جميل الأسدي عنه، وروى عنه يوسف بن يعقوب، وإبراهيم بن سليمان.
وحيث يعسر التمييز تقف الرواية على ما عرفت.
هداية المحدثين، محمد أمين الكاظمي: 28 ــ 29، باب جابر.
([27]) في الكافي: "ممن".
([28]) الكافي، الكليني: 2/ 162، كتاب الإيمان والكفر، باب البر بالوالدين/ ح14.
([29]) سدير بن حكيم: يكنى أبا الفضل. روى الكشي عن علي بن محمد القتيبي قال حدثنا الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن بكر بن محمد الأزدي قال و زعم لي زيد الشحام قال إني لأطوف حول الكعبة وكفي في كف أبي عبد الله D ودموعه تجري على خديه فقال يا شحام ما رأيت ما صنع ربي إلي، ثم بكى ودعا. ثم قال يا شحام إني طلبت إلى إلهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمن، وكانا في السجن، فوهبهما لي وخلى سبيلهما.
وهذا حديث معتبر يدل على علو مرتبتهما.
رجال العلامة، العلامة الحلي: 85، الباب العاشر في الآحاد/ الرقم3.
([30]) في الأمالي: "عن سدير عن أبيه، قال: قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام: ... الحديث".
([31]) ليس في الأمالي: "ابنه".
([32]) الأمالي، الشيخ الصدوق: 462، المجلس السبعون/ ح9.
([33]) أي: "الإمام الباقر عليه السلام".
([34]) أنظر: كتاب الزهد، الأهوازي: 33، باب 5 بر الوالدين والقرابة والعشيرة والقطيعة/ح2.
([35]) ليس في الكافي: "أن".
([36]) الكافي، الكليني: 2/ 158 ـ 159، كتاب الإيمان والكفر، باب البر بالوالدين/ ح5.
([37]) أنظر: مشكاة الأنوار، الطبرسي: 161، في حقوق الوالدين وبرهما.
([38]) زيد بن علي بن الحسين، قتل سنة إحدى وعشرين ومائة، وله اثنتان وأربعون سنة. شهد له الصادق عليه السلام بالوفاء وترحم عليه.
رجال ابن داود، ابن داود: 164، باب الزاي المعجمة/ الرقم 653.
([39]) الإمام علي بن الحسين عليه السلام.
([40]) الإمام الحسين بن علي عليه السلام.
([41]) الكافي، الكليني: 6/ 48، كتاب العقيقة، باب حق الأولاد/ ح5.
([42]) الكافي، الكليني: 6/ 48، كتاب العقيقة، باب حق الأولاد/ ح3.
([43]) في التهذيب: "فليس" بدل "وليس".
([44]) تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي: 8/ 113، كتاب الطلاق، باب 5 الحكم في أولاد المطلقات من الرضاع وحكمهم بعده وهم أطفال/ ح39.
([45]) يستفره الأفراس: يستكرمها.
القاموس المحيط، الفيروز آبادي: 4/ 289، فصل الفاء، مادة "فره".
([46]) في الكافي: "وإذا" بدل "وإن".
([47]) في الكافي: "أن يستفره".
([48]) الكافي، الكليني: 6/ 49، كتاب العقيقة، باب حق الأولاد/ ح6.

إرسال تعليق