بقلم: السيد مرتضى الحكيمي
ليس في مصرع الشهيد- في ميادين الجهاد المقدس- ما يبعث على الحيف والأسف، وليس في مصرعه دور للفناء والحرمان بل فيه – أول ما فيه- دور دام لتركيز الجهاد، وفيه – آخر ما فيه- دور للحياة والخلود، وإنما الشهيد الخالد هو ذلك الإنسان الذي فدى بدمه وحياته امة شكت اليه فقر الدم والحياة، وضحى بحياة خالدة قد أزهقها، وبدم زكي قد راقه في سبيل الحق في ميادين الجهاد المقدس.
أجل، لا تموت الشهداء، ولا يفنى ذكرهم ما داموا قد عملوا في الحياة أكثر مما تعمله أمة كاملة، وما داموا يملون على الناس دروسهم في التضحية والإباء، ويبعثون فيهم روح الحرية والحياة معاً.
ولعل روعة التضحية، وأسمى معانيها إنما يتجلى في مصرع الشهداء أنفسهم وفي جهادهم وحده، وإنما التضحيات الحقيرة مما تعود هي أن يأتي بها الضعفاء من الناس، لغايات تافهة ولدواع حقيرة وأما التضحيات الغالية فلا يقود حركتها الجبارة إلاّ جبابرة مثلها، فهم لابد أن يقبلوا تاريخ أمة دراسة، ويبعثوا فيهم من جديد حياة أبية داعية.
والحسين سيد الشهداء الذي قاد حركة الوعي والأرادة، وعلمَ الناس ناموس التضحية والإباء، فقد آثر الجهاد المميت على السلم الذي رجاه من وراء حربه هذه، فكان موقفه – بحق- موقفاً عصيباً ينازل فيه الظلم والإستبداد ويقيم بيديه العدل والحرية وهو يريد أن يخلد مبادئ الإسلام في دنيا العدل والحرية.
وها هو الحسين – جاهد بالأمس القريب- وحيداً في ميادين الجهاد، وليس حواليه سوى آله وعياله، وهو غريب بين القوم أينما يتجه فيهم، ولقد كان يعلم هذا لغربة ويحسب لهذا الخذلان حسابه، وأنتم – أيها القراء- هبوا إن ليس لمثله أن يسكت على الظلم أو يبايع مثل يزيد، ولكن أليس له أن يختار غير العراق والحجاز ملجأ، أو يتحصن بجيش جرار ويتأهب أهبته للقتال، ما هذا السر الدفين في حال عقد البيعة مع أشياعه وأعوانه طيلة الطريق، وهو ماض على قلة أعوان وأنصار مجابهاً عدداً لا يلين، وهو غير آبه ولا هائب لا يثنيه عن عزمه ضعف في عدته ولا تروعه قوة في اعدائه، ولا يبالي- على تلك الحال- أن يحارب عدوه الطاغية يزيد كما يحارب أبوه معاوية هذا يبرز للقتال يوم صفين، وذاك يختفي تحت الفسطاط، وهكذا كان يزيد في الشام يقاتل الحسين السبط- يابى أن يحيد – في الحياة عن سنة أبيه قيد شعرة، فهو – بالأمس- كان يخطو خطوات أبيه نحو الجهاد، وخطوات السلطان المقتدر غير مبال بقوة أو عدد كانتا له أم عليه.
ولقد قدر الحسين هو لنفسه هذا الموقف الرهيب، وأدار عليه محور هذا الجهاد كل ذلك ليعطي لعظماء الرجال بموقفه هذا درسين خالدين. درساً يبعث فيهم روح التفائل والرجاء في أحرج ساعة، ويريهم اعلاء الحق وغلبته على مسرح الخذلان ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) ودرساً آخر يقول لهؤلاء أنفسهم، إن الجهاد كتب عليهم وحدهم، وأنهم جراثيم الحياة وروحها متى خلدوا خلد الحق بهم واذا ماتوا مات الحق تحت أرجلهم.
فكانت نهضة الحسين (عليه السلام) كما علمتم لوناً جديداً من التضحية والإباء والبطولة والإنتصار مثله على مسرح الطف يوم كانت تفر على الأفكار فكرة التضحية والإباء، وفكرة الحياة بالموت. انه كان حقاً نضال يوم واحد، ولكنه لم ينقطع- بعد ذلك صداه المدوي في الأرجاء بل ظلت في خفايا ذلك الصدى سياسة الغلبة والغزو الصامت ينهش من جسم أمية، وينتقم منه حتى سلبها ملكها وسلطانها وبنى على انقاضه ما شاء لنفسه المجد والسلطان وهنا نجد العبرة والبطولة في قضية الحسين، العبرة التي يحق لنا ان نستخلصها من نهضة الحسين الدينية والسياسية وهي ان نعرف كيف اشترى الحياة بالموت، وكيف احرز النصر بالخذلان واسترد بالصبر والمظلومية كل ما استهدفه من دعوته هذه.
فما أحوجنا اليوم لمثل هذه النهضات في نواحي اخلاقنا، وديننا وسياستنا تلك النواحي الروحية والحياتية التي يعوزها كثير من الإصلاح والتقديم ولعلنا لا نجد لتلك المشاكل العامة حلاً حاسماً إلاّ الدين. والنهضة الدينية وحدها هي التي تكفل لنا تحقيق هذا الإتجاه الروحي وهذا التركيز الديني والمدني جميعاً وإذاً فما أحوجنا الى تجديد ذكرى تلك النهضة المباركة، فلعلها تجد الى نفس أحد سبيلاً، أو تثير فيها تجاوباً ونهوضاً، فان المصلح الذي نهيب بالرجال أن نتبع نهجه هو الحسين وحده، وقد كانت نهضته مطالبة بالسياسة العادلة، وكان نهجه الأخلاق الإسلامية السامية وهدفه الحياة السعيدة للمسلمين.
فلنجدد ذكرى نهضة الحسين في كل عام، ونقتفي أثره في ميادين الجهاد أو نموت تحت قيود الذل والصغار.
صلوات الله عليك يا أبا عبد الله فقد عرفت وحدك كيف تحيى وتحيي امتك لأنك عرفت كيف تموت.
ليس في مصرع الشهيد- في ميادين الجهاد المقدس- ما يبعث على الحيف والأسف، وليس في مصرعه دور للفناء والحرمان بل فيه – أول ما فيه- دور دام لتركيز الجهاد، وفيه – آخر ما فيه- دور للحياة والخلود، وإنما الشهيد الخالد هو ذلك الإنسان الذي فدى بدمه وحياته امة شكت اليه فقر الدم والحياة، وضحى بحياة خالدة قد أزهقها، وبدم زكي قد راقه في سبيل الحق في ميادين الجهاد المقدس.
أجل، لا تموت الشهداء، ولا يفنى ذكرهم ما داموا قد عملوا في الحياة أكثر مما تعمله أمة كاملة، وما داموا يملون على الناس دروسهم في التضحية والإباء، ويبعثون فيهم روح الحرية والحياة معاً.
ولعل روعة التضحية، وأسمى معانيها إنما يتجلى في مصرع الشهداء أنفسهم وفي جهادهم وحده، وإنما التضحيات الحقيرة مما تعود هي أن يأتي بها الضعفاء من الناس، لغايات تافهة ولدواع حقيرة وأما التضحيات الغالية فلا يقود حركتها الجبارة إلاّ جبابرة مثلها، فهم لابد أن يقبلوا تاريخ أمة دراسة، ويبعثوا فيهم من جديد حياة أبية داعية.
والحسين سيد الشهداء الذي قاد حركة الوعي والأرادة، وعلمَ الناس ناموس التضحية والإباء، فقد آثر الجهاد المميت على السلم الذي رجاه من وراء حربه هذه، فكان موقفه – بحق- موقفاً عصيباً ينازل فيه الظلم والإستبداد ويقيم بيديه العدل والحرية وهو يريد أن يخلد مبادئ الإسلام في دنيا العدل والحرية.
وها هو الحسين – جاهد بالأمس القريب- وحيداً في ميادين الجهاد، وليس حواليه سوى آله وعياله، وهو غريب بين القوم أينما يتجه فيهم، ولقد كان يعلم هذا لغربة ويحسب لهذا الخذلان حسابه، وأنتم – أيها القراء- هبوا إن ليس لمثله أن يسكت على الظلم أو يبايع مثل يزيد، ولكن أليس له أن يختار غير العراق والحجاز ملجأ، أو يتحصن بجيش جرار ويتأهب أهبته للقتال، ما هذا السر الدفين في حال عقد البيعة مع أشياعه وأعوانه طيلة الطريق، وهو ماض على قلة أعوان وأنصار مجابهاً عدداً لا يلين، وهو غير آبه ولا هائب لا يثنيه عن عزمه ضعف في عدته ولا تروعه قوة في اعدائه، ولا يبالي- على تلك الحال- أن يحارب عدوه الطاغية يزيد كما يحارب أبوه معاوية هذا يبرز للقتال يوم صفين، وذاك يختفي تحت الفسطاط، وهكذا كان يزيد في الشام يقاتل الحسين السبط- يابى أن يحيد – في الحياة عن سنة أبيه قيد شعرة، فهو – بالأمس- كان يخطو خطوات أبيه نحو الجهاد، وخطوات السلطان المقتدر غير مبال بقوة أو عدد كانتا له أم عليه.
ولقد قدر الحسين هو لنفسه هذا الموقف الرهيب، وأدار عليه محور هذا الجهاد كل ذلك ليعطي لعظماء الرجال بموقفه هذا درسين خالدين. درساً يبعث فيهم روح التفائل والرجاء في أحرج ساعة، ويريهم اعلاء الحق وغلبته على مسرح الخذلان ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) ودرساً آخر يقول لهؤلاء أنفسهم، إن الجهاد كتب عليهم وحدهم، وأنهم جراثيم الحياة وروحها متى خلدوا خلد الحق بهم واذا ماتوا مات الحق تحت أرجلهم.
فكانت نهضة الحسين (عليه السلام) كما علمتم لوناً جديداً من التضحية والإباء والبطولة والإنتصار مثله على مسرح الطف يوم كانت تفر على الأفكار فكرة التضحية والإباء، وفكرة الحياة بالموت. انه كان حقاً نضال يوم واحد، ولكنه لم ينقطع- بعد ذلك صداه المدوي في الأرجاء بل ظلت في خفايا ذلك الصدى سياسة الغلبة والغزو الصامت ينهش من جسم أمية، وينتقم منه حتى سلبها ملكها وسلطانها وبنى على انقاضه ما شاء لنفسه المجد والسلطان وهنا نجد العبرة والبطولة في قضية الحسين، العبرة التي يحق لنا ان نستخلصها من نهضة الحسين الدينية والسياسية وهي ان نعرف كيف اشترى الحياة بالموت، وكيف احرز النصر بالخذلان واسترد بالصبر والمظلومية كل ما استهدفه من دعوته هذه.
فما أحوجنا اليوم لمثل هذه النهضات في نواحي اخلاقنا، وديننا وسياستنا تلك النواحي الروحية والحياتية التي يعوزها كثير من الإصلاح والتقديم ولعلنا لا نجد لتلك المشاكل العامة حلاً حاسماً إلاّ الدين. والنهضة الدينية وحدها هي التي تكفل لنا تحقيق هذا الإتجاه الروحي وهذا التركيز الديني والمدني جميعاً وإذاً فما أحوجنا الى تجديد ذكرى تلك النهضة المباركة، فلعلها تجد الى نفس أحد سبيلاً، أو تثير فيها تجاوباً ونهوضاً، فان المصلح الذي نهيب بالرجال أن نتبع نهجه هو الحسين وحده، وقد كانت نهضته مطالبة بالسياسة العادلة، وكان نهجه الأخلاق الإسلامية السامية وهدفه الحياة السعيدة للمسلمين.
فلنجدد ذكرى نهضة الحسين في كل عام، ونقتفي أثره في ميادين الجهاد أو نموت تحت قيود الذل والصغار.
صلوات الله عليك يا أبا عبد الله فقد عرفت وحدك كيف تحيى وتحيي امتك لأنك عرفت كيف تموت.
إرسال تعليق