بقلم: شاكر الغرباوي
صاحب مجلة البطحاء
قيمة كل أمة من الأمم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقيم شهدائها الذين يقدمون حياتهم رخيصة في سبيل حريتها واستقلالها، وقيمة كل شهيد من الأمة تقدر بقيمة القضية التي يناضل ويكافح ويستشهد من أجلها، وكلما سمت القضية وأرتفعت سمت قيمة الشهيد وارتفعت تبعاً لذلك، وأن الأمة التي لا تجد من يناضل ويكافح ويستشهد - اذا اقتضى الأمر- في سبيل سعادتها واستقلالها لأمة كتب عليها الذل والخنوع... وهي أمة لن تظل إلاّ في مؤخرة القافلة...
كذلك كان موقف الحسين عليه السلام) في كربلا. ذلك الموقف الذي لم يعرف التاريخ أروع ولا أقوى منه حينما وقف ابو عبد الله يحارب الباطل، ويدعو الى الحرية والعدل فقد خاض غمرات المنايا، واقتحم هو وأصحابه وحواريوه صفوف جيش الباطل اللجب فسجلوا أروع انتصار للفضيلة، والمثل العليا في تاريخ الإنسانية، وتركوا في جبين التاريخ أنصع أثر، وابلغ دليل على أن الإنسانية متقدمة الى الخير ما دامت تنطوي على مثل هذه المعاني السامية التي تمخضت عنها حركة الحسين ... وهي بلا ريب قضية سامية خالدة تتجدد ذكراها كل عام، حية كأشد ما تكون الحياة جدة وستبقى خالدة ما كرّ الجديدان، وتعاقبت الأعوام، توحي بالعبرة، وتدل السارين على سبل الحرية والكرامة... فما كانت ثورة ( عاشوراء) رغبة في الحكم، أو رجاء للسلطان، وانما هي ثورة في سبيل احقاق الحق، وانتزاع الحكم من الأقلية الطاغية المستبدة... هي صرخة لا تزال تدوي كلما عنّ لفئة باغية أن تضطهد شعبها، او تأتي الحكم من غير طريقه الشرعي...
هي ذكرى لن تبلى..؟ .. ودم لن يغور، وصرخة لن تذوب، وفاجعة لن تغفل، ويوم لن ينسى…
ذلك هو يوم عاشوراء، وتلك هي ذكرى شهداء الطفوف وذلك هو دم الأطهار من آل النبي، وتلك هي صرخة الحق والعدل، وهذه هي فاجعة المحرم الحرام..
هي خالدة لانها تستمد خلودها من خلود الحق.
وهي باقية لأنها تستمد بقاءها من بقاء العدل.
وستخلد، وستبقى. لأنه لا يخلد إلاّ الحق، ولا يبقى إلاّ العدل.
ومن ذلك جاءت قيمة القضية التي أقدم من أجلها أبو الشهداء على التضحية والإستشهاد.
إن موقف العرب ينبغي أن يكون موقف اعتزاز من تراثهم وتاريخهم لأنه لو خلا من كل أثر ذي معنى سام إلاّ من موقف الحسين، ومن تضحية الحسين، في سبيل الفكرة والعقيدة لكان ذلك كافياً في أن يزيد من حرصنا على تراثنا وتقديسنا له، وإن الأمم التي تريد أن تتبوأ مكانها تحت الشمس يجب أن تستهدي بسير عظمائها، وتحذو حذوهم، لأنهم شقوا لها الطريق اللاحب بدمائهم وأرواحهم وبذلوا نفوسهم رخيصة.
وأن هذه الظروف الراهنة التي نجتازها اليوم ظروف دقيقة تتطلب التحفز والاستعداد لاسترجاع ما سلف من مجدنا وكرامتنا ونأخذ مقامنا اللائق بين الأمم.. فما أجدرنا كأمة متوثبة تنشد الحرية، وتتطلب المكان المرموق أن نترسم آثار الحسين في خطواتنا، وان نتمسك بدعوته، بل نجعلها دستوراً وأمثولة في جهادنا في سبيل كرامتنا.
ما حرى العروبة في هذا اليوم ان تستمد معنى الوحدة والتكتل، من وحدة أصحاب الحسين وتكتلهم وان تنبري لمناهضة الباطل كما انبرى له الحسين وانصاره.. وان تدعوا الى المثل التي استشهد أبو عبد الله من أجل تحقيقها.
فلنستخلص سيرتنا من سيرة الحسين بن علي ولنستق اخلاقنا من اخلاقه وليكن مبدأ الحسين هو المثل الأعلى الذي نهدف اليه.
إرسال تعليق