شرح خطبة الإمام الحسين عليه السلام والتي فيها يذمّ الدنيا ويحذّر منها

بقلم: الشيخ علي الفتلاوي

 نص الخطبة

«الحَمْدُ لله الّذي خَلَقَ الدُّنْيا فَجَعَلَها دارَ فَناءٍ وَزَوالٍ، مُتَصرِّفَةً بِأَهْلِها حالاً بَعْدَ حالٍ، فَالْمَغْرُورْ مَنْ غَرَّتْهُ، والشَّقٍيُّ مَنْ فَتَنَتْهُ، فَلا تَغُرَّنَّكُمْ هذِهِ الدُّنْيا، فَإنَّها تَقْطَعُ رَجاءَ مَنْ رَكَنَ إلَيْها، وَتُخَيِّبُ طَمَعَ مَنْ طَمِعَ فيها، وأراكُمْ قَدْ اِجْتَمَعْتُمْ على أمْرٍ قَدْ أسْخَطْتُمُ الله فيه عَلَيْكُمْ، وَأعْرَضَ بوَجْهِهِ الكَريمِ عَنْكُمْ، وَأَحَلَّ بِكُمْ نِقْمَتَهُ، وَجَنَّبَكُمْ رَحْمَتَهُ، فَنِعْمَ الرَّبُ رَبُّنا، وَبِئسَ العَبيدَ أنْتُمْ، أقْرَرْتُم بِالطّاعَةِ، وَآمَنْتُمْ بِالرّسُولِ محَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم ثُمَّ إنَّكُمْ زَحَفْتُمْ إلى ذُريَتِهِ وَعِتْرَتِهِ(1) تُريدُونَ قَتْلَهُمْ، لَقَدِ اسْتَحوَذَ عَلَيْكُمُ الشّيْطانُ، فَأنْساكُمْ ذِكْرَ اللهِ العَظيمٍ، فَتَبّاً(2) لَكُمْ وَلِما تُريدُونَ، إنّا لله وَإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ، هؤُلاءِ قَوْمٌ كَفَرُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمينَ». 

المعنى العام

الثناء والشكر لله الذي ابتدع وصنع الدنيا فجعلها سكناً يتبعه نهاية وإبادة وتفرق وانفصال، مدبّرة لأهلها وقتا بعد وقت وصفة بعد صفة، الجاهل المخدوع من ينخدع فيها، التعيس وغير السعيد من وقع في إغرائها وانبهر بها.

فلا تخدعكم هذه الدنيا، فإنها تبعد وتنهي وتفرق بين الأمل وبين من مال وسكن إليها، وتحرم وتمنع من رغب بها، وأراكم قد انضم بعضكم إلى بعض على شأن قد أغضبتم الله فيه عليكم، وأشاح بوجهه أي لم يقبل عليكم، وأنزل بكم عقوبته، وأبعدكم من خيره ونعمه ولطفه، فنعم المدبر والمربي ربنا، وبئس المملوكون أنتم، إذ عنتّم واعترفتم بالخضوع والانقياد، وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم إنكم مشيتم بثقلكم وكثرتكم إلى نسله ورهطه وعشيرته تريدون قتلهم وفناءهم.

لقد غلبكم واستولى عليكم الشيطان فاعنف لكم عن ذكر الله ذي القوة والكبرياء، ثم دعا عليهم الإمام عليه السلام بالهلاك والخسران بقوله: «فتبّاً لكم ولما تريدون من زخرف الدنيا»، إنا مملوكون لله تعالى وإليه إيابنا، فهؤلاء قوم انحرفوا عن الاستقامة، فسحقا للقوم الجائرين والمائلين عن الحق.
  

ــ تغير الدنيا وتقلبها

يدرك كل عاقل أن هذه الدنيا فانية زائلة، ويلمس بوضوح تغيرها وتقلب أيامها من فرح إلى حزن ومن سعادة إلى شقاء ومن انشراح ونشوة إلى هم وغم فيحذرها ولا يطمئن فيها إلا بذكر الله تعالى، فهي دار الغرور ودار اللعب واللهو لمن غفل عن ذكر الله تعالى فلذا جاءت الآيات الكريمة تقر بيان هذا المعنى كما في قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(3).


وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(4).

وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(5).

وهناك الكثير من الآيات التي تؤكد هذا المعنى، كما أن أهل البيت عليهم السلام وصفوها تارة بالماكرة المتقلبة التي لا ثبات لها ولا اطمئنان لحالها كما في قول أمير المؤمنين عليه السلام: «ألا وإنَّ الدُّنْيا دارٌ غَرّارةٌ خُدَّاعَةٌ، تَنْكِحُ في كُلِّ يَوْمٍ بَعْلاً، وَتَقْتُلُ في كُلِّ لَيْلَةٍ أهْلاً، وتُفَرِّقُ في كُلِّ ساعَةٍ شَمْلاً»(6).

وتارة أخرى بالمؤذية المزعجة كما في قوله عليه السلام أيضا: «إتَّقُوا غُرورَ الدُّنْيا، فَإنَّها تَسْتَرْجِعُ أبَداً ما خَدَعَتْ بِهِ مِنَ المَحاسِنِ، وتَزْعَجُ المُطْمَئِنَّ إلَيْها والقاطِنَ»(7).

وتارة بأنها بخيلة شحيحة مع من تزود منها، فلذا نجد تحذير أمير المؤمنين عليه السلام جليا في قوله: «فَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ كَثْرَةُ ما يُعْجِبُكُمْ فيها لِقِلَّةِ ما يَصْحَبُكُمْ مِنْها»(8).

ولشدة حرص أمير المؤمنين عليه السلام على دفع الضرر عن المؤمنين، وكونه الخبير الذي لا يقاس به أحد في فهم تقلبات الدنيا وغرورها نجده يقدم النصيحة للغافلين عن ذلك بقوله عليه السلام: «ما قَدَّمْتَ فَهُوَ لِلمالِكينَ، وَما أخَّرْتَ فَهُوَ لِلوارِثينَ، وما مَعَكَ فَما لَكَ عَلَيْهِ سَبيلٌ سِوَى الغُرورِ بِهِ»(9).

وبيّن الآثار السلبية التي تصيب المغرور بهذه الدنيا بقوله: «إنَّ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيا بِمُحالِ الآمالِ وخَدَعَتْهُ بِزُورِ الأمانِيِّ أوْرَثَتْهُ كَمَهاً، وألْبَسَتْهُ عَمىً، وَقَطَعَتْهُ عَنِ الأخْرى، وأوْرَدَتْه مَوارِدَ الرَّدى»(10).

فبعد هذه النصائح والتحذيرات من تقلب الدنيا وغرورها لا يصح الاطمئنان إليها والركون إلى لذائذها والانغماس في شهواتها المحرجة، بل إن الاطمئنان إليها يثير العجب والاستغراب عند أهل البيت عليهم السلام كما جاء ذلك على لسان سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليهما السلام: «وُجِدَ لَوْحٌ تَحْتَ حائِطِ مَدينَةٍ مِنَ المَدائِنِ فيهِ مَكْتُوبٌ: أنا اللهُ لاَ إلهَ إلاّ أنا وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي... عَجِبْتُ لِمَنِ اخْتَبَرَ الدُّنْيا كَيْف يَطْمَئِنُّ؟!»(11).

كما أن الإمام الصادق عليه السلام لشدة تعجبه ممن يغتر بالدنيا ويطمئن إليها يستفهم استفهاماً استنكارياً كما في قوله: «إنْ كانَتِ الدُّنْيا فانِيَةً فَالطُّمَأنينَةُ إلَيْها لِماذا؟!»(12).

فلذا صار واضحا وجوب الحذر منها وعدم الاطمئنان لحالها، ولا يترك الحذر منها إلاّ من كان جاهلاً أحمق كما في هذه الأحاديث الشريفة التي صدرت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «الرُّكونُ إلى الدُّنْيا مَعَ ما يُعايَنُ مِنْ غِيَرِهاجَهْلٌ»(13).

وعنه عليه السلام قال: «الرُّكُونُ إلى الدُّنْيا مَعَ ما يُعايَنُ مِنْ سُوءِ تَقَلُّبِها جَهْلٌ»(14).

وورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «العاجِلَةُ غُرورُ الحَمْقى»(15).  «الفَرَحُ بِالدُّنْيا حُمْقٌ»(16).
  

ــ الغضب المذموم والممدوح

ركّب في الإنسان قوى متعددة أولها القوة العاقلة ثم القوة الغضبية والقوة الشهوية والقوة الشيطانية، ولكي نقف على تفصيل القوة الغضبية لابد لنا من معرفة الغضب في اللغة والاصطلاح لكي يتسنى لنا الدخول في معرفة غضب الله تعالى.

الغضب في اللغة: غضب عليه غضبا: سخط عليه وأراد الانتقام منه، فهو غضب وهي غضبة، اغضبه، حمله على الغضب، غاضب فلان فلاناً: اغضب كل منهما الآخر ــ وفلانا: هجره وتباعد عنه(17).

الغضب: استجابة لانفعال، يتميز بالميل إلى الاعتداء.

الغضب في الاصطلاح: هو كيفية نفسانية موجبة لحركة الروح من الداخل إلى الخارج للغلبة، ومبدئه شهوة الانتقام(18).

الغضب المذموم جمرة من الشيطان تستعر في قلب الغاضب ثم تظهر على الجوارح عندما تثور حمية الجاهلية فيكون المرء قد وقع في الافراط الذي يخرجه عن طاعة الله تعالى وحدود العقل، وأما الغضب الذي تستخرجه حمية الإيمان للدفاع عن الدين فهو غضب ممدوح ومطلوب فهذا النوع من الغضب هو من باب دفع الضرر قبل وقوعه.

وفي قبال الغضب الممدوح عدم الغضب الذي يصل إلى درجة الضعف والخوار والاستسلام، فهذا ما يسمى بالجبن أو هو من قبيل عدم الغيرة والحمية فيضيع ما يجب الحفاظ عليه كالدين والعرض والأولاد والأموال أو كل عزيز ينبغي الغضب لأجله، ولذا ورد في القرآن الكريم ما يبين آثار الغضب الممدوح كقوله تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ)(19). وقوله تعالى: (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)(20).

فهذه المقاطع من الآيات الكريمة يفهم منها مدح الشدة على الكفار المعتدين والغلظة عليهم وهذا المدح يؤول إلى مدح الغضب لله تعالى الذي أمرت به الأحاديث الشريفة كقول أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: «وَقَدْ تَرَوْنَ عُهودَ اللهِ مَنْقوضَةً فَلاَ تَغْضَبُونَ، وأنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبائِكُمْ تَأنَفُونَ!»(21).

وعنه عليه السلام قال: «مَنْ شَنِئَ الفاسِقينَ وَغَضِبَ للهِ، غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأرْضاهُ يَوْمَ القِيامَةِ»(22).
  

ـ غضب الله ـ تعالى ـ ونقمته

غضب الله ـ تعالى ـ

كل ما تقدم بيانه عن الغضب من تعريفه الاصطلاحي أو بيان قسميه المذموم والممدوح لا يجري إلاّ في الإنسان، وأما جريان ذلك في الله تعالى فهو محال لأنه واجب الوجود وليس ممكنا.

ما ورد في القرآن الكريم عن غضب الله تعالى كقوله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(23).

وقوله تعالى: (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(24).

وقوله تعالى: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)(25).

وما ورد في الأحاديث الشريفة كقول أمير المؤمنين عليه السلام: «مَنْ شَنِئَ الفاسِقينَ وَغَضِبَ للهِ، غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأرْضاهُ يَوْمَ القِيامَةِ».

لا يعني أن غضب الله تعالى هو كيفية نفسانية أيضا ولا يعني أن غضبه تعالى يهيج ويسكن كما في الإنسان، كما لا يعني أن غضبه تعالى ناشئ من شهوة الانتقام أو هو من باب دفع الضرر لأنه محال لجريان ذلك في المخلوق دون الخالق وفي المتغيّر بالأحوال دون الذي لا تعتريه الحوادث ولا يتغير ولا ينفعل، فهو تعالى قد تنزه عن كل الصفات التي يتصف بها المخلوق كما أنه تعالى ليس محلاً لقيام الحوادث بذاته.

إذن بعد هذه المقدمة نبين المراد من معنى غضب الله تعالى، فنقول: إن غضب الله تعالى هو اللعنة والعقاب كما ورد في مجمع البيان: (وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ)(26). أي رجعوا بغضب الله الذي هو عتابه ولعنه(27).

ومما يؤيد ذلك قول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان إذ يقول: (فيمتنع أن يكون صفة من الصفات القائمة بذاته لتنزهه تعالى عن أن يكون محلاً للحوادث فما نسب إليه تعالى من الرضا صفة فعل قائم بفعله منتزع عنه كالرحمة والغضب... الخ).

فغضب الله تعالى ليس كغضب الإنسان وإنما غضبه فعله وقد يكون فعلاً تكوينيا أو فعلاً تشريعيا لانقسام فعله تعالى إليها وهذا ما أشار إليه العلاّمة في تفسير الميزان أيضا إذ يقول: (وإذ كان فعله قسمين تكويني وتشريعي انقسم الرضا منه أيضا إلى تكويني وتشريعي... الخ)(28).

إذن تبين مما سبق أن الغضب الإلهي هو الفعل التكويني الذي أوجده الله تعالى وهو العقاب أو العذاب الساقط على من يستحقه.

ــ انتقام الله تعالى

الانتقام في اللغة: نقم منه نقماً: عاقبه، انتقم منه: عاقبه، النقمة: العقوبة.

الانتقام في الاصطلاح: هو العقوبة التي تذيقها غيرك بمقدار ما أذاقك منها أو أكثر من ذلك وهي صادرة عن التشفي غالبا.

فالانتقام من الغير قد يكون عادلاً وقد يخرج عن الإنصاف إلاّ أن هذا الانتقام صادر عن التشفي بالغير وعن فورة الغضب بسببه، فهذا الانتقام مختص بالمخلوق فقط حيث لا يمكن صدوره عن الله تعالى لتنزهه عن التشفي والغضب البشري، بل إن الانتقام الإلهي ليس إلاّ مجازاة المسيء على إساءته فقط، لأن الله تعالى وعد أهل الحق بالخير وأهل الباطل بالشر والعذاب.

فلذا ورد قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)(29).

ولكي يتضح المطلب أكثر نقول: إن الانتقام يمكن أن يلحظ بلحاظات متعددة، تارة نلحظه من جهة المنتقم فيكون على قسمين: الانتقام الفردي وهو ما تقدم في التعريف الاصطلاحي للانتقام، والانتقام الاجتماعي وهو ما ينزله المجتمع من عقوبات ومؤاخذات على من يسيء للحق الاجتماعي أو على من يوجد الخلل في النظام العام وهذا لا يصدر عن التشفي أو الغضب وإنما لأجل الحفاظ على النظام والحماية العامة أو الفردية.

فهذا النوع من الانتقام هو حق من حقوق المجتمع لما له من غاية سامية ألا وهي حفظ النظام وهذا الانتقام هو مصداق من مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلذا ورد عن الإمام الحسين عليه السلام قوله: «اعْتَبِروا أيُّها النّاسُ بِما وَعَظَ اللهُ بِهِ أوْلِياءَهُ مِنْ سوءِ ثَنائِهِ عَلَى الأحْبارِ؛ إذْ يَقولُ: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ)(30). وقالَ: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)(31). وإنَّما عابَ اللهُ ذلِكَ عَلَيْهِمْ لأنَّهُم كانوا يَرَوْنَ مِنَ الظَّلَمَةِ الّذينَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ المُنْكَرَ وَالفَسادَ فَلاَ ينْهَوْنَهُمْ عَنْ ذلِكَ، رَغْبَةً فيما كانوا يَنالونَ مِنْهُمُ، وَرَهْبَةً مِمّا يَحْذَرُونَ، واللهُ يقول: (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)(32)»(33).

فإذا اتضح هذا يتضح ما ينسب إلى الله تعالى من مفهوم الانتقام فيكون حينئذ انتقام الله تعالى عقوبة ينزلها الله تعالى لحفظ النظام والدين والمجتمع وهي ردع لكل ظالم أخذته العزّة بالإثم وهذا ما يفهم من الآيات الكريمة كقوله تعالى: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)(34).

وقوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ)(35).

وتارة يلحظ الانتقام من جهة ذات الانتقام وهو ليس محل البحث.

ــ الانقلاب بعد الإيمان

الإيمان فضيلة تدل على رجاحة عقل صاحبها، بل هو زينة يتزين بها العقلاء، وتاج يعلو رؤوس النبلاء، ورداء يرتديه الفضلاء، فهو العفة والإخلاص والصبر والسماحة والصدق والشكر والسخاء والتسليم لله تعالى والرضا بقضائه وقدره والقناعة والحب في الله تعالى والبغض فيه تعالى وهو الخوف والرجاء، وهو معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان، فإذن الإيمان هو أصل الفضائل وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «الإيمانُ أصْلُ الحَقِّ، وَالحَقُّ سَبيلُ الهُدى، وَسَيْفُهُ جامِعُ الحِلْيَةِ، قَديمُ العُدِّةِ، الدُّنْيا مِضْمارُهُ»(36).

فلذا نجد الآية الكريمة التي تشير إلى فضل الله تعالى وكرمه إذ تقول: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)(37).

لما له من دور في بناء شخصية الإنسان وعلوه وسموه، وحيث إن البحث يهتم بالانقلاب بعد الإيمان لابد من التعرض إلى بيان بعض النقاط التي من خلالها يتضح لنا أسباب الانقلاب والانحراف، وهي كما يلي:

1ــ الإيمان ليس هو الإسلام لقوله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(38).

فيظهر من هذه الآية أن هناك فرقاً بين الإسلام وبين الإيمان فيُعرف منه الفرق بين المؤمنين والمسلمين، فالإيمان حقيقة محلها القلوب وتصدقها الأعمال، والإسلام محله اللسان وهذا ما ورد على لسان النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:«لَيْسَ الإيمانُ بِالتَّحَلّي وَلاَ بالتَّمَنّي، ولكِنَّ الإيمانَ ما خَلَصَ في القَلْبِ وَصَدَّقَهُ الأعْمالُ»(39).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «الإيمانُ مَعْرِفَةٌ بِالقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسانِ، وعَمَلٌ بِالأرْكانِ»(40).

وما ورد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام فيه بيان جلي للفرق بين الإيمان والإسلام فلذا يقول عليه السلام: «قالَ لي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ: يا عَليُّ أُكْتُبْ، فَقُلْتُ: ما أكْتُبُ؟ فَقالَ: أكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، الإيمانُ ما وَقَرَ في القُلوبِ وَصَدَّقَتْهُ الأعْمالُ، والإسْلامُ ما جَرى على اللِّسانِ وحَلَّتْ بِهِ المُناكَحَةُ»(41).

2ــ الإيمان لا يقتصر على المعرفة القلبية أو الإقرار باللسان بل لابد من ترجمة ذلك إلى العمل والتطبيق وهذا ما يفهم من قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(42).

أو قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(43).

وهناك ما يقارب خمسين آية تربط بين الإيمان والعمل؛ إذ لا فائدة لإيمان دون عمل أو لعمل دون إيمان، بل هما الجناحان الوحيدان اللذان يطير بهما المؤمن ويعرج بهما إلى ربه تعالى.

وما ورد في الأحاديث أعلاه يؤكد على ضرورة العمل المقرون بالإيمان، بل إن هناك أحاديثَ صريحة بذلك نورد بعضا منها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الإيمانُ وَالعَمَلُ أخَوانِ شَريكانِ في قَرَنٍ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ أحَدَهُما إلاّ بِصاحِبِهِ»(44).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يُقْبَلُ إيمانٌ بِلاَ عَمَلٍ، وَلاَ عَمَلٌ بِلاَ إيمانٍ»(45).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: «لَوْ أنَّ العِبادَ وَصَفوا الحَقَّ وَعَمِلوا بِهِ وَلَمْ تُعْقَدْ قُلوبُهُمْ عَلى أنَّهُ الحَقُّ ما انْتَفَعوا»(46).

3ــ لابد للمؤمن أن يتصف بنصرة الحق ودحض الباطل، وأن يكون ميزانه في التعامل والمواقف رضا الله تعالى دون سواه، وإن أدى ذلك إلى ضرره أو عدم نفعه، وهذا ما صرح به النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام الصادق عليه السلام، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَحُقُّ العَبْدُ حَقيقَةَ الإيمانِ حَتّى يَغْضَبَ للهِ وَيَرْضى للهِ، فَإذا فَعَلَ ذلِكَ فَقَدِ اسْتَحَقَّ حَقيقَةَ الإيمانِ»(47).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «إنّ مِنْ حَقيقَةِ الإيمانِ أنْ تؤثِرَ الحَقّ وإنْ ضَرّكَ عَلى الباطِلِ وإنْ نَفَعَكَ».

4ــ قد يؤمن المرء، ردحاً من الزمن ثم يخرج من الإيمان لأسباب منها الطمع في الدنيا كما في هذا الحديث الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام وقد سُئلَ عما يُثَبِّتُ الإيمانَ في العَبْدِ: «الّذي يُثَّبّتُهُ فيهِ الوَرَعُ، والّذي يُخْرِجُهُ مِنْهُ الطَّمَعُ»(48).

ومنها نيل الشهوات الحرام والشرك كما في الأحاديث الآتية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كانَ أكْثَرُ هَمِّهِ نَيْلَ الشَّهَواتِ نُزِعَ مِنْ قَلْبِهِ حَلاوَةُ الإيمانِ»(49).

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «قَدْ يَخْرُجُ [العَبْدُ] مِنَ الإيمانِ بِخَمْسِ جِهاتٍ مِنَ الفِعْلِ كُلُّها مُتَشابِهاتٌ مَعْروفاتٌ: الكُفْرُ، وَالشِّرْكُ، وَالضَّلالُ، وَالفِسْقُ، وَرُكوبُ الكَبائِرِ»(50).

وعنه عليه السلام قال: «أدْنى ما يَخْرُجُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الإيمانِ أنْ يُواخِيَ الرَّجُلَ عَلى دِينِهِ فَيُحْصيَ عَلَيْهِ عَثَراتِهِ وَزَلاّتِهِ لِيُعَنِّفَهُ (لِيُعَيِّرَهُ) بِها يَوْماً (مّا)»([51]).

بعد هذه المقدمة التي بيناها نستطيع القول: إن الذين ينقلبون على أعقابهم على أربعة أقسام:

ألف: هم من لم يدخل الإيمان في قلوبهم، أو من دخل الإيمان في قلبه دون أن يصدّقه بالعمل.

باء: ومن الذين ينقلبون بعد إيمانهم هم من خذلوا الحق ونصروا الباطل.
جيم: من كانت أقوالهم وأعمالهم مخالفة لرضا الله تعالى وموافقة لرضا المخلوق العاصي.

دال: الذين انقلبوا عبيد شهواتهم وأطماعهم بعد أن خلقهم الله تعالى أحرارا.

استحواذ الشيطان

الشيطان في اللغة: روح شريرة مغوٍ، كل متمرد فاسد، يقال في تقبيح الشيء، كأنه وجه شيطان أو رأس شيطان، وفي التنزيل العزيز في وصف شجرة جهنم: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ)(52). ويقال ركبه شيطانه: غضب ولم يعبأ بالعاقبة.

الشيطان: مخلوق من الجان تمرد على الأمر الإلهي لعجب أصابه وغرور أعماه.

فإذا عرف القارئ الكريم ما تقدم يلزم الحذر الشديد من طاعة الشيطان الذي لا هم له إلا أن يكيد لبني آدم، ولو تأملنا المعنى اللغوي فقط للشيطان لكفانا ذلك للابتعاد عن هذا المخلوق المخيف الذي يتربص بنا الدوائر ويترصدنا في كل حركة وسكنة ليستزلنا عن الطريق المستقيم كما استزل غيرنا كما في الآية الشريفة: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)(53).

فلذا لابد من الاستعاذة بالله تعالى منه قولا وعملا، أي إذا قلت (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ينبغي أن تحضر في قلبك عداوة الشيطان، وأن تبتعد عن كل ما يحبه، وأن تأتي كل ما يريده الله تعالى منك وتعمل كل ما يحبه بارئك، وهذا لا يكون إلاّ من خلال هجر الشهوات التي حرمها الله تعالى، وإتيان الفرائض التي أوجبها تعالى عليك.

ولابد أن تتسلح بكل ما يقوي صوت الرحمن في قلبك ويضعف صوت الشيطان الذي يهجم عليك بتسويلاته ووساوسه، وهذا يتم من خلال معرفتك ألاعيب الشيطان وطرقه وحيله وإغوائه، ولكي لا تقع في شراكه وتقيدك حباله عليك أن تقف على معنى الخير والشر وعاقبة كل واحد منهما, ولكي نعرف أسباب استحواذ الشيطان على الإنسان لابد من ملاحظة ما يأتي:

1ــ من يعش بعيداً عن ذكر الله تعالى يسقط في براثن الشيطان كما في قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(54).

2ــ إتباع الشهوات والسعي وراء تحصيلها بما لا يرضي الله تعالى كما في قول أمير المؤمنين عليه السلام: «الفِتَنُ ثَلاثٌ: حُبُّ النِّساءِ وَهُوَ سَيْفُ الشَّيْطانِ، وشُرْبُ الخَمْرِ وَهُوَ فَخُّ الشَّيْطانِ، وَحُبُّ الدِّينارِ والدِّرْهَمِ وَهُوَ سَهْمُ الشَّيْطانِ»(55).

3ــ الاتصاف ببعض الرذائل وممارستها تؤدي بصاحبها إلى الانقياد لإبليس كما في قول الإمام الصادق عليه السلام: «يَقولُ إبْليسُ لِجُنُودِهِ: ألْقُوا بَيْنَهُمُ الحَسَدَ وَالبَغْيَ؛ فَإنَّهُما يَعْدِلانِ عِنْدَ اللهِ الشِّرْكَ»(56).

4ــ إتيان الذنوب والإصرار عليها يؤدّيان إلى نزول الشياطين على فاعلهما كما في قوله تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ)(57).

5ــ العجب بالنفس سبب في استحواذ الشيطان كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَيْنَما موسى عليه السلام جالِساً إذْ أقْبَلَ إبْليسُ... قالَ موسى: فَأخْبِرْني بِالذَّنْبِ الذي إذا أذْنَبَهُ ابنُ آدَمَ استَحْوَذْتَ عَلَيْهِ، قالَ: إذا أعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، واسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ، وَصَغُرَ في عَيْنِهِ ذَنْبُهُ»(58).

6ــ معاشرة أهل السوء ومخالطتهم تقود إلى طاعة الشيطان، وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام: «مُجالَسَةُ أهْلِ الهَوى مَنساةٌ للإيمانِ وَمَحْضَرَةٌ للشَّيْطانِ»(59).

7ــ عدم احترام الذات والاتصاف بالقبائح وإتيانها تجعل صاحبها شيطانا كما في قول الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ لَمْ يُبالِ ما قالَ وَما قِيلَ فيهِ فَهُوَ شِركُ شَيْطانٍ، وَمَنْ لَمْ يُبالِ أنْ يَراهُ النّاسُ مُسِيئاً فَهُوَ شِركُ شَيْطانٍ، وَمَنِ اغْتابَ أخاهُ المُؤْمِنَ مِنْ غَيْرِ تِرَةٍ بَيْنَهُما فَهُوَ شِرْكُ شَيْطانٍ، وَمَنْ شُغِفَ بِمَحَبَّةِ الحَرامِ وَشَهْوَةِ الزِّنا فَهُوَ شِركُ شَيْطانٍ»(60).

ــ أسئلة مهمة

السؤال الأول: ما هو السبب المهم الذي طرد بسببه إبليس من مرتبته عند الله تعالى؟


الجواب: لكي لا نقع فيما وقع فيه إبليس من خسران، ولكي لا نطرد من رحمة الله تعالى لابد من الاعتبار مما حصل له وهذا من خلال معرفة أسباب خسرانه وطرده وهي كما يلي:

ألف: التكبر على أمر الله تعالى كما يؤكد ذلك أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «فَاعْتَبِرُوا بِما كانَ مِنْ فِعْلِ اللهِ بِإبْليسَ؛ إذْ أحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّويلَ وَجَهَدَهُ الجَهِيدَ (الجميلَ) وَكانَ قَدْ عَبَدَ اللهَ سِتَّةَ آلافِ سَنَةٍ، لاَ يُدْرى أمِنْ سِني الدُّنْيا أمْ مِنْ سِني الآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ ساعَةٍ واحِدَةٍ»(61).

باء: العجب بالنفس وتفضيل النفس على الغير دون استحقاق وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(62).

جيم: عبادة الله تعالى من حيث تريد النفس، لا من حيث يريد الله تعالى كما بيّن ذلك الإمام الصادق عليه السلام بقوله: «أمَرَ اللهُ إبْليسَ بالسُّجودِ لآدَمَ، فقالَ: يا رَبِّ وَعِزَّتِكَ إنْ أعْفَيْتَني مِنَ السُّجودِ لآدَمَ لأعْبُدَنَّكَ عِبادَةً ما عَبَدَكَ أحَدٌ قَطُّ مِثْلَها، قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إنّي أُحِبُّ أنْ أُطاعَ مِنْ حَيثُ أُرِيدُ»(63).

ــ السؤال الثاني: ما هي حدود الشيطان وسلطته؟ وعلى من يتسلط؟


الجواب:
ألف: إن سلطة الشيطان لا تتعدى التزيين أو التسويل أو الوسوسة أو الإغواء ولا تصل إلى حد إجبار العبد على الفعل كما في الآيات الكريمة الآتية:

1ــ آيات تبين تزيين الشيطان كقوله تعالى: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(64).

وقوله تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)(65).

وقوله تعالى: (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(66)، وهناك الكثير من الآيات التي تشير إلى ذلك.

2ــ آيات تشير إلى التسويل كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ)(67).

3ــ آيات تشير إلى الوسوسة كما في قوله تعالى: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)(68).

وقوله تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى)(69).

وقوله تعالى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)(70).

4ــ آيات تشير إلى الإغواء كما في قوله تعالى: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(71).

وقوله تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(72).

وأما ما يؤكد أن سلطة الشيطان لا تصل إلى حد الإجبار على العمل بل ليس له دخل في وقوع المعاصي إلا ما تقدم من التزيين والتسويل والوسوسة والإغواء فهو قوله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(73).

وأما ما يدل على عدم إجباره لبني آدم على المعصية فهو ضعفه وعجزه عن ذلك كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)(74).

وقول الإمام الكاظم عليه السلام في وصيّته لهشام: «فَلَهُ [أي لإبْليسَ] فَلْتَشْتَدَّ عَداوَتُكَ، وَلاَ يَكُونَنَّ أصْبَرَ عَلى مُجاهَدَتِهِ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلى صَبْرِكَ لِمُجاهَدَتِهِ؛ فَإنَّهُ أضْعَفُ مِنْكَ رُكْناً في قُوَّتِهِ، وأقَلُّ مِنْكَ ضَرَراً في كَثْرَةِ شَرِّهِ، إذا أنتَ اعْتَصَمْتَ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيتَ إلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ»(75).

باء: إضافة لما تقدم من أسباب الاستحواذ نبين أن سلطة إبليس لا تكون إلاّ على مَن لهم هذه الصفات:

1ــ الذين يتولونه كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(76).

2ــ الغاوين كما في قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)(77).

3ــ إتباع الهوى وأهل الفتن كما في قول أمير المؤمنين عليه السلام: «إنَّما بَدْءُ وُقُوعِ الفِتَنِ أهْواءٌ تُتَّبَعُ... فَهُنالِكَ يَسْتَولِي الشَّيْطانُ عَلى أوْلِيائِهِ، وَيَنْجُو الذينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللهِ الحُسْنى»(78).

السؤال الخامس: ما هي الوسائل التي تعصم الإنسان من السقوط تحت سلطنة الشيطان؟


الجواب:
ألف: الإيمان الحقيقي الذي حصل نتيجة المعرفة يقود إلى التوكل، وإلى التحلي بالفضائل التي من شأنها حماية الإنسان من السقوط في براثن الشيطان كما في قوله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(79).

ولكي يحقق الإيمان أهدافه لابد من اقترانه بالعمل الصالح، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)(80).

باء: ذكر أهل الحكمة والموعظة، وخزانة العلم في أحاديثهم الشريفة مجموعة من الوسائل التي تنجي من الوقوع في شراك الشيطان وهي كما يلي:

1ــ نفتح الجواب عن هذا السؤال بنصيحة سيد الرسل وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: «ألا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إنْ أنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَباعَدَ الشَّيْطانُ مِنْكُم تَباعُدَ المَشْرِقِ مِنَ المَغْرِبِ؟ قالوا: بَلى، قالَ: الصَّوْمُ يُسَوِّدُ وَجْهَهُ، والصَّدَقَةُ تَكْسِرُ ظَهْرَهُ، وَالحُبُّ في اللهِ وَالمُوازَرَةُ عَلى العَمَلِ الصّالِحِ يَقْطَعانِ دابِرَهُ، والاسْتِغْفارُ يَقْطَعُ وَتِينَهُ»(81).

2ــ أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى اللجوء إلى الله تعالى والاعتصام به من خلال الدعاء والتوسل كما في قوله عليه السلام: «أكْثِرِ الدُّعاءَ تَسْلَمْ مِنْ سَوْرَةِ الشَّيْطانِ»(82).

3ــ ذكر الإمام الباقر عليه السلام أن التلبس بالخوف والخشية من الله تعالى ظاهراً وباطناً وفي السر والعلن كفيل بحماية العديد من مكائد الشيطان كما في قوله عليه السلام: «تَحَرَّزْ مِنْ إبْليسَ بِالخَوْفِ الصّادِقِ»(83).

وقوله عليه السلام: «عَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَبَكِّرُوا بِها؛ فَإنَّها تُسَوِّدُ وَجْهَ إبْليسَ»(84).

4ــ أرشدنا الإمام الصادق عليه السلام إلى الوقوف على اعتراف إبليس بالعجز إزاء خمسة أشياء لو التزم بها المؤمن لا يصل إليه شر إبليس ولا يناله شيء من حيله ومكائده كما في قوله عليه السلام: «قالَ إبْليسُ: خَمْسَةُ (أشْياءَ) لَيْسَ لي فيهِنَّ حِيلَةٌ وسائِرُ النّاسِ في قَبْضَتي: مَنِ اعْتَصَمَ بِاللهِ عَنْ نِيّةٍ صادِقَةٍ واتَّكَلَ عَلَيْهِ في جَميعِ أمُورِهِ، وَمَنْ كَثُرَ تَسْبيحُهُ في لَيْلِهِ وَنَهارِهِ، وَمَنْ رَضِيَ لأخِيهِ المُؤْمِنِ بِما يَرْضاهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ لَمْ يَجْزَعْ عَلى المُصيبَةِ حينَ تُصِيبُهُ، وَمَنْ رَضِيَ بِما قَسَمَ اللهُ لَهُ وَلَم يَهْتَمَّ لِرِزْقِهِ»(85).

السؤال السادس: هل يؤثر الشيطان على المعصومين؟

الجواب: لا يمكن أن يؤثر عليهم الشيطان لعصمتهم التي ثبتت في محلها بالأدلة العقلية والنقلية، وقد تقدم ذكر صفات من يستحوذ عليهم الشيطان، وذكر أسباب استحواذه على البشر التي تنزه عنها المعصومون، وأما ما ورد من آيات فيها إشارة إلى تسلط الشيطان على الأنبياء كقوله تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)(86).

وقوله تعالى: (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)(87).

فتفسر بأن للشيطان قدرة التأثير على أجسام الأنبياء دون نفوسهم وعقولهم لعصمتهم.




(1) العترةُ: نسلُ الرّجُلِ ورَهْطُهُ وَعَشِيَرتُهُ.
(2) تَبّ فُلانٌ: خَسِرَ وهَلَك.
(3) سورة آل عمران، الآية: 185.
(4) سورة لقمان، الآية: 33.
(5) سورة فاطر، الآية: 5.
(6) نهج السعادة: ج3، ص174. ميزان الحكمة: ج3، ص1212، ح5879.
(7) غرر الحكم: 2562. ميزان الحكمة: ج3، ص1212، ح5881.
(8) بحار الأنوار: ج73، ص118، ح109. ميزان الحكمة: ج3، ص1212، ح5880.
(9) بحار الأنوار: ج71، ص356، ح17. ميزان الحكمة: ج3، ص1213، ح5886.
(10) غرر الحكم: 3532. ميزان الحكمة: ج3، ص1213، ح5885.
(11) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2، ص44، ح158. ميزان الحكمة: ج3، ص1215، ح5904.
(12) بحار الأنوار: ج73، ص88، ح54. ميزان الحكمة: ج3، ص1215، ح5903.
(13) غرر الحكم: 1979. ميزان الحكمة: ج3، ص1214، ح5894.
(14) غرر الحكم: 2037. ميزان الحكمة: ج3، ص1214، ح5895.
(15) غرر الحكم: 896. ميزان الحكمة: ج3، ص1214، ح5897.
(16) غرر الحكم: 454، ميزان الحكمة: ج3، ص1214، ح5898.
(17) القاموس الفقهي: ص275.
(18) جامع السعادات: ج1، ص320.
(19) سورة الفتح، الآية: 29.
(20) سورة التوبة، الآية: 73.
(21) نهج البلاغة: الخطبة 106. ميزان الحكمة: ج7، ص3011، ح15066.
(22) نهج البلاغة: الحكمة: 31. ميزان الحكمة: ج7، ص3011، ح15069.
(23) سورة آل عمران، الآية: 112.
(24) سورة النور، الآية: 9.
(25) سورة طه، الآية: 81.
(26) سورة البقرة، الآية: 61.
(27) مجمع البيان: ج2، ص294.
(28) تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: ج17، ص242.
(29) سورة النجم، الآية: 31.
(30) سورة المائدة، الآية: 63.
(31) سورة المائدة، الآية: 78.
(32) سورة المائدة، الآية: 44.
(33) تحف العقول: ص237. ميزان الحكمة: ج6، ص2576، ح12709.
(34) سورة آل عمران، الآية: 4.
(35) سورة الزمر، الآية: 37.
(36) كنز العمال: 44216. ميزان الحكمة: ج1، ص250، ح1250.
(37) سورة الحجرات، الآية: 7.
(38) سورة الحجرات، الآية: 14.
(39) بحار الأنوار: ج69، ص72، ح26. كنز العمال: 11 نحوه. ميزان الحكمة: ج1، ص251، ح1261.
(40) كنز العمال: 2. ميزان الحكمة: ج1، ص251، ح1262.
(41) بحار الأنوار: ج5، ص208، ح22. ميزان الحكمة: ج1، ص250، ح1253.
(42) سورة العصر، الآيات: 1 و2 و3.
(43) سورة البقرة، الآية: 25.
(44) كنز العمال: 59. ميزان الحكمة: ج1، ص255، ح1289.
(45) كنز العمال: 260. ميزان الحكمة: ج1، ص255، ح1290.
(46) نور الثقلين: ج3، ص546، ح87. ميزان الحكمة: ج1، ص255 ــ 256، ح1295.
(47) كنز العمال: 99. ميزان الحكمة: ج1، ص254، ح1280.
(48) الخصال: ج9، ص29. ميزان الحكمة: ج1، ص266، ح1359.
(49) تنبيه الخواطر: ج2، ص116. ميزان الحكمة: ج1، ص268، ح1374.
(50) تحف العقول: 330، أنظر تمام الحديث. ميزان الحكمة: ج1، ص268، ح1379.
(51) معاني الأخبار: ص394، ح48. ميزان الحكمة: ج1، ص269، ح1380.
(52) سورة الصافات، الآية: 65.
(53) سورة آل عمران، الآية: 155.
(54) سورة الزخرف، الآية: 36.
(55) الخصال: ص113، ح91. ميزان الحكمة: ج5، ص1921، ح9376.
(56) الكافي: ج2، ص327، ح2. ميزان الحكمة: ج5، ص1927، ح9393.
(57) سورة الشعراء، الآية: 221.
(58) الكافي: ج2، ص314، ح8. ميزان الحكمة: ج5، ص1930، ح9407.
(59) نهج البلاغة: الخطبة 86. ميزان الحكمة: ج5، ص1930، ح9408.
(60) الخصال: ص216، ح40. ميزان الحكمة: ج5، ص1932، ح9417.
(61) نهج البلاغة: الخطبة 192. ميزان الحكمة: ج5، ص1918، ح9365.
(62) سورة الأعراف، الآيتان: 11 و12.
(63) بحار الأنوار: ج63، ص250، ح110. ميزان الحكمة: ج5، ص1918، ح9366.
(64) سورة الأنعام، الآية: 43.
(65) سورة الأنفال، الآية: 48.
(66) سورة النمل، الآية: 63.
(67) سورة محمد، الآية: 25.
(68) سورة الأعراف، الآية: 20.
(69) سورة طه، الآية: 120.
(70) سورة الناس، الآيتان: 4 و5.
(71) سورة ص، الآيتان: 82 و83.
(72) سورة الحجر، الآيتان: 39 و40.
(73) سورة إبراهيم، الآية: 22.
(74) سورة النساء، الآية: 76.
(75) تحف العقول: ص400. ميزان الحكمة: ج5، ص1925، ح9387.
(76) سورة آل عمران، الآية: 175.
(77) سورة الحجر، الآية: 42.
(78) نهج البلاغة: الخطبة 50. ميزان الحكمة: ج5، ص1929، ح9406.
(79) سورة النحل، الآية: 99.
(80) سورة الحجر، الآية: 42.
(81) أمالي الصدوق: ص59، ح1. ميزان الحكمة: ج5، ص1930، ح9412.
(82) بحار الأنوار: ج78، ص9، ح64. ميزان الحكمة: ج5، ص1928، ح9403.
(83) بحار الأنوار: ج78، ص164، ح1. ميزان الحكمة: ج5، ص1928، ح9402.
(84) تحف العقول: ص298. ميزان الحكمة: ج5، ص1930، ح9413.
(85) الخصال: ص285، ح37. ميزان الحكمة: ج5، ص1928، ح9401.
(86) سورة ص، الآية: 41.
(87) سورة الكهف، الآية: 63.

إرسال تعليق