بقلم: الدكتور شريف عسيران
ليس لمثلي ان يكتب عن فاجعة الطف الأليمة فهي حديث الأزمان وفاجعة التأريخ الكبرى تثير في نفس كل من قرأها أو سمعها أشجى العواطف وتستنزف عيونه دماء سواء اكان مسلماً أو غير مسلم بل تحتاج الى وصاف ماهر اوتي حظاً من مقدرة البيان ولكن عاطفة القلب اقوى من عاطفة اللسان وقد تبارى المؤرخون والشعراء والكتاب من عرب واعاجم في تصوير فضاعتها وسجلوا اسوأ الصفحات السود في تاريخ الإنسان فلم يتركوا زيادة لمستزيد.
وها ذكرى الحسين(عليه السلام) خالدة في نفوس ملايين البشر تملي عليهم الفضائل العالية وتمثل لهم الإباء والتضحية والمبادئ السامية وتلقي عليهم ابلغ الـدروس في عـزة النفس ومـكارم الأخلاق ومقاومة الظلم، فقد قدم الحسين(عليه السلام) نفسه فداء لتلك المبادئ لندين بها ونفعل مثلما فعل فهل نحن فاعلون..؟ ليس البكاء دليل الحزن فقد يتصنع الإنسان البكاء او تثيره عوامل خارجية كالصوت الشجي والنواح او تذكر عزيز او غير ذلك من الحوافز المؤقته والحزن الصحيح هو المتأصل في النفس يثير الذكرى في كل آن.
لم تتبدل اساليبنا في تخليد ذكرى الحسين منذ وفاته (عليه السلام) ولم نقم بعمل يتناسب وجلال قدره وعظم تضحيته وتأدية رسالته وقنعنا بالمظاهر البسيطة المؤقتة. تتفنن الأمم الراقية في تخليد عظماءها وتقديرهم ممن لا يقاسون بشهيدنا العزيز ولو أضفنا الى مظاهرنا بعض الأمور النافعة كفتح المدارس والكليات والجامعات وأسسنا المستشفيات ومراكزاً لرعاية الأم والطفل وبنينا قاعات للإرشاد والمحاضرات ودوراً للأيتام وغير ذلك من المؤسسات النافعة التي تكون خير ذكرى لبطل المبادئ السامية تخلد ذكراه في كل لحظة وكل يوم وكل سنة وتغرس فينا المبادئ التي اعتنقها وتجعل هذه الذكرى أكثر انتشاراً وأرسخ قدماً واشد تأثيراً وأكبر نفعاً وأرقى مظهراً فعسى أن نفكر تفكيراً جدياً بتبديل اساليبنا وإحياء هذه الذكرى احياء عملياً.
إرسال تعليق