بقلم الأستاذ: جميل رؤوف
في مثل هذا اليوم روع العالم الإسلامي بأعظم مأساة عرفها التاريخ وسجلتها الأيام، وأفظع جريمة ارتكبتها يد الأنسان، ألا وهي مقتل الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، وأي جريمة يا سادة..؟ إنها جريمة سودت وجه التاريخ والإنسانية، وصمت جبين الدنيا الإسلامية بالخزي والعار… جريمة يشيب من هولها الوليد وترتعد لها الفرائص وتخمد عند رؤيتها الأنفاس.. جريمة جعلت في كل بيت مناحة وفي كل قلب لوعة وآهة.
جريمة تستدر الدمع السخين وتملأ القلوب أسى على مرِّ السنين كلما تجدد ذكرها ولاح خيالها..
جريمة خرَّ فيها سبط الرسول وابن فاطمة الزهراء(صلوات الله وسلامه عليهم) صريع الظلم والعدوان، جريمة ملأت آفاق الأرض وأرجاء السموات بكاء وعويلاً على حفيد محمد نبي الله ورسوله، الذي استشهد في سبيل الحق والمبدأ..
ايها السادة مهما نبكي ونشق الجيوب ونضرب الصدور ونفج الرؤوس فلن نوفي إمامنا حقه.. إنه ضحى بنفسه وأولاده وعشيرته في سبيلنا وتلبية لدعوتنا واعلاء لكلمة الله في بلادنا، ومن أحق بإعلاء كلمة الله غير حفيد محمد، وريحانة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ناهيكم أيها السادة بما يتصف به إمامنا من صفات تجعله بحق خليفة المسلمين وزعيمهم ومربيهم. ولأترك البحث عن الخلافة والزعامة الى غيري ممن يحق له البحث فيهما وتثبيت احقية إمامنا بهما، ولأبحث عن الإمام عليه السلام ((كمرب)) بصفتي مرب ولو بموجز القول لأن الحفل في هذه المناسبة لا يتسع للإسهاب والتطويل، اقول إن الإمام (عليه السلام) كان مربياً بحق لأنه اتصف بصفات هي من مستلزمات المربي الناجح، منها الإيمان بعدالة قضيته والحماس لها بدرجة لا تعرف الوهن والفتور، وهكذا يتطلب من المعلم المربي أن يكون شديد الإيمان بالحياة ومتحمساً بلزوم تحسينها وترقيتها، وقد كان الإمام ذا شخصية قوية وخلق عال وشجاعة متناهية ونفس أبية فارطة في الإباء، وقد تجلت هذه الصفة الأخيرة بأروع مظاهرها عند إمتناعه من مبايعة يزيد على يد عمر بن سعد بن أبي وقاص والنزول على حكم عبيد الله بن زياد عندما طلب اليه، بالرغم من حراجة موقفه، ومعرفة نهايته، وهو الموت المحقق..
وهكذا يطلب من المعلم المربي أن يتصف بهذه الصفات ليلقنها الى طلابه ويدربهم عليها..
وقد كان الإمام صادقاً أميناً مخلصاً منصفاً عادلاً نزيهاً صبوراً عطوفاً يؤثر غيره على نفسه كما يتجلى ذلك بشكل لم يسبقه نظير حينما طلب الى اصحابه في آخر ليلة أن يتركوه لوحده يقاتل ويستسلم للقدر، ويتخذوا هم من الليل جملاً يفرون به من الموت المحتم - ولكنهم أبو عليه ذلك - وهذا مما يجب أن يتصف به المعلم المربي ليكون قدوة لطلابه ومثلاً أعلى لهم.
ومما تقدم يتضح لكم أيها السادة إن الإمام عليه السلام كان يجب أن يكون بحق ((مربياً)) للأمة الإسلامية حينذاك ليقودها الى الهداية والصلاح ويعمل على توحيد صفوفها واعلاء شأنها لتكون خير أمة أخرجت للناس.
إرسال تعليق