بقلم: السيد عبد الله شبر، تحقيق شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية
قال الله تعالى: ((وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْضِ))[1] وقال تعالى: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها))[2].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تفكر ساعة خير من عبادة سنة[3].
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: التفكر يدعو الى البر والعمل به[4].
وقال عليه السلام[5]: نبه بالتفكر قلبك، وجاف[6] عن الليل جنبك، واتق الله ربك[7].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تفكروا في آلاء[8] الله ولا تفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره[9].
وقال الباقر عليه السلام: إياكم والتفكر في الله، ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته[10] فانظروا إلى عظم خلقه[11].
وقال الصادق عليه السلام: من نظر في الله كيف هو هلك[12].
واعلم أن التفكر الذي أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام أنه يدعو الى البر والعمل به قد يكون في الحسنات والسيئات بأن يتفكر العبد في حسناته هل هي تامة أو ناقصة، موافقة للسيئة أو مخالفة لها، خالصة عن الشرك والشك أو مشوبة بهما، فيدعوه هذا التفكير لا محالة إلى إصلاحها وتدارك ما فيها، وكذا إذا تفكر في سيئاته وما يترتب عليها من العقوبات والبعد عن الله، فيدعوه ذلك إلى الانتهاء عنها وتداركها بالتوبة والندم.
وقد يكون بالتفكر في صفات الله وأفعاله، من لطفه بعباده وإحسانه إليهم بسوابغ[13] النعماء وبسطة الآلاء، والتكليف دون الطاقة، والوعد بالثواب الجزيل والثناء الجميل على العمل الحقير القليل، وتسخيره له ما في السماوات والأرض وما بينهما[14] ونحو ذلك، فيدعوه ذلك الى البر والعمل به، والرغبة في الطاعات والانتهاء عن المعاصي.
وهذا تفكير المتوسطين، وإليه الإشارة بقول الرضا عليه السلام: ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله[15].[16]
وسئل الصادق عليه السلام عما يروي الناس «إن تفكر ساعة خير من قيام ليلة» قيل: كيف يتفكر؟ قال: تمر بالخربة أو بالدار فتقول: أين ساكنوك وأين بانوك ما لك لا تتكلمين؟[17].
وهذا التفكر دون الأولين في الفضل، وللناس فيه مراتب[18].
ــــــــــــــــــ
[1] سورة آل عمران/ 191.
[2] سورة محمد/ 24.
[3] تفسير العياشي، العياشي: 2/ 208، تفسير سورة الرعد/ ح 26.
[4] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 2/ 184.
[5] أي: "الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام".
[6] جفا الشيء يجفو جفاء وتجافى:لم يلزم مكانه،كالسرج يجفو عن الظهر،وكالجنب يجفو عن الفراش. لسان العرب، ابن منظور: 14/ 147، مادة "جفا".
[7] الكافي، الكليني: 2/ 54، كتاب الإيمان والكفر، باب التفكر/ ح1.
[8] ((آلاء الله)) سورة الأعراف/ 69، أي:نعمه، واحدها "ألى". وقيل: "الآلاء" هي: النعم الظاهرة. مجمع البحرين، الطريحي: 1/ 97، مادة "ألى".
[9] بحار الأنوار، المجلسي: 68/ 322، كتاب الإيمان والكفر، أبواب مكارم الأخلاق، باب80 التفكر والاعتبار والاتعاظ/ ح3. وفيه النص: «تفكروا في آلاء الله فإنكم لن تقدروا قدره».
[10] في التوحيد: "إلى عظمة الله".
[11] التوحيد،الشيخ الصدوق:458،باب 67 النهي عن الكلام والجدل والمراء في الله عزّوجل/ ح20.
[12] المحاسن،البرقي: 1/ 237، باب 24 جوامع من التوحيد/ ح3.
[13] نعمة سابغة، وأسبغ الله عليه النعمة: أكملها وأتمها ووسعها.
لسان العرب، ابن منظور: 8/ 433، مادة "سبغ".
[14] إشارة إلى قوله تعالى في سورة لقمان/ الآية 20. ونصها: ((أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَْرْضِ)).
[15] في مجموعة ورام: "الله عزّوجل".
[16] مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 2/ 183 ــ 184.
[17] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 54 ــ 55، كتاب الإيمان والكفر، باب التفكر/ ح2.
[18] أنظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 308 ــ 309، الباب الثالث في التفكر والتدبر.
إرسال تعليق