لماذا التأكيد على ثار الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه دون غيره من الأنبياء الأوصياء والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟

بقلم: الشيخ وسام برهان البلداوي

حينما سينطلق الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه بثورته المباركة ضد أهل الظلم فانه وكما ذكرنا من قبل سيرفع ثارات الإمام الحسين شعارا له كما ورد في الزيارة المنقولة في بحار الأنوار: (السلام على الإمام العالم، الغائب عن الأبصار... الذي يظهر في بيت الله الحرام ذي الأستار وينادي بشعار يا لثارات الحسين، أنا الطالب بالأوتار أنا قاصم كل جبار أنا القائم المنتظر بن الحسن عليه وآله أفضل السلام)(1).

وان أول دم سينتصر له هو دم الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، كما في الرواية التي عن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه والتي جاء فيها: (... القائم إذا خرج يطلب بدم الحسين وهو قوله نحن أولياء الدم وطلاب الدية)(2).

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كان دم الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هو محور النهضة المهدوية وان ثار الإمام الحسين سيكون الهدف منها فأين يا ترى بقية ثارات الأنبياء والأوصياء والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟ ولماذا لا يكون شعار النهضة المهدوية المباركة أكثر شمولية وسعة، بحيث تدخل تلك الدماء العظيمة ضمن أهداف النهضة وشعاراتها؟.

ويمكن لنا تلخيص الإجابة عبر النقاط التالية:

ألف: ان النهضة المهدوية المباركة وان أخذت دماء الإمام الحسين وثاراته شعارا لها حين انطلاق شرارتها الأولى، إلا ان هذا لا يعني بان قائدها المعصوم قد نسي أو تناسى دماء الأنبياء والأوصياء وباقي الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين حاشاه، فقد ورد في دعاء الندبة المبارك قوله صلوات الله وسلامه عليه: (أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء، أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى، أين المضطر الذي يجاب إذا دعا)(3) فدماء الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأبناء الأنبياء من الأوصياء والصلحاء غير منسية ولا مهملة من الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه، وكيف ينساها وهو يأخذ بحقوق ودماء عامة المؤمنين صغيرها وكبيرها حتى من كان منهم مجهولا ولا يشار إليه بالبنان، فكيف بدماء الأنبياء وأوصيائهم ودماء الأئمة من أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟!

باء: أوضحنا إجمالا فيما سبق ان انتصار الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف للإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هو انتصار لجميع الأنبياء والرسل وأخذه بثارات الإمام الحسين هو في واقعه أخذٌ لثارات الأنبياء وأولادهم، ومطالبته بدم الحسين وأهل بيته هو مطالبة بدماء جميع المظلومين، وذلك لان قضية الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هي قضية كل الأنبياء والأوصياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين منذ خلق الله الأرض ومن عليها والى قيام الإمام المنصور المهدي بن الحسن صلوات الله وسلامه عليه، فالإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه قد صرح مرات عديدة بأنه لم يخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا ولكنه خرج طلبا للإصلاح في امة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وان هدفه من النهضة هو رفع يد الظلم والظالمين عن المؤمنين وإعادتهم إلى الصراط المستقيم، وهذا هو نفس الهدف الذي كان يعمل جميع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين على تحقيقه، وعليه فقضية الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هي قضية كل الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كما أن محنته هي محنة الأنبياء جميعا وأوصيائهم وباقي الأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، والقصاص من قتلته هو في الحقيقة قصاص من جميع القتلة والمتجبرين الذين أذاقوا الأنبياء والمؤمنين شديد العذاب، لان هؤلاء هم امتداد لأولئك .

فشعار (يا لثارات الحسين) هو المعبر عن آلام الإنسانية بشكل عام وعن معاناة الأنبياء والمصلحين بشكل خاص، لذلك سيتخذه الإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه عنوانا لثورته الإنسانية، ويكون دم الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه هو محور التغيير الذي يمثل كل تلك الدماء والأرواح التي سفكت وأزهقت سواء كانت لأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأولادهم، أو للقادة والمصلحين والشهداء إلى زمن قيام الإمام المهدي أرواحنا فداه.

 
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار ج99 ص193.

(2) بحار الأنوار ج 24 ص224.

(3) المزار لمحمد بن المشهدي ص579.

إرسال تعليق