ولاية أهل البيت عليهم السلام في كلمات الإمام الحسين عليه السلام

بقلم: الشيخ علي الفتلاوي

نص الخطبة

(أمَّا بَعْدُ، أيُّها الناسُ، فَإنَّكُمْ إنْ تَتَّقُوا اللهَ وَتَعْرِفُوا الْحَقَّ لأِهْلِهِ يَكُنْ أرْضَى للهِ عَنْكُمْ، وَنَحْنُ أهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وَأوْلى بوِلايَةِ هذا الأمْرِ عَلَيْكُمْ مِنْ هؤلاءِ الْمُّدَعِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ، وَالسَائِرينَ فِيكُمْ بالجَوْرِ وَالعُدْوان؛ وَإنْ أبَيْتُمْ إلاّ كَرَهِيَّةً لَنا وَالجَهلَ بِحَقِّنَا، فَكانَ رَأيُكُم الآنَ غَيْرَ ما أتَتْنِي بِهِ كُتُبُكُمْ وقَدِمَتْ بِهِ عَليَّ رُسُلُكُمْ، انْصَرَفْتُ عَنْكُمْ).

المعنى العام

أيها الناس إن تخافوا الله وتخشوه وتفهموا أن الحق لنا يكن هذا الفعل منكم مرضيا لله تعالى، فنحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم أحق من يملك هذا الأمر ويقوم به من هؤلاء الظالمين لحق غيرهم، والحاكمين فيكم بالظلم والتجاوز، وإن رفضتم إلا كرهنا وترك حقنا عمدا، فكان رأيكم الآن غير ما جاءت به رسائلكم ورسلكم، ذهبت عنكم.

ولاية أهل البيت عليهم السلام

قوله عليه السلام: (وَنَحْنُ أهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، وَأوْلى بوِلايَةِ هذا الأمْرِ عَلَيْكُمْ مِنْ هؤلاءِ الْمُّدَعِينَ مَا لَيْسَ لَهُمْ...).

ولاية أهل البيت عليهم السلام ركن من أركان الإسلام الخمسة بل هي أهم الأركان وأعظمها لما فيها من طاعةٍ لله تعالى وامتثالٍ لأوامر رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم فلذا جاء في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوه إِلَى اللَّه وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُم تُؤْمِنُون بِاللَّه وَالْيَوْم الْآَخِر ذَلِك خَيْرٌ وَأَحْسَن تَأْوِيلًا)([1]).

ففي هذه الآية الكريمة بيان منزلة أولي الأمر وبيان رتبة طاعتهم وضرورة الحاجة إليهم، فمن أراد طاعة الله تعالى ورسوله فعليه بطاعة أولي الأمر الذين عصمهم الله تعالى من الزلل وطهرهم من الدنس وسما بهم عن سفاسف الأمور وجعلهم الأمناء على وصيه والحافظين لدينه والسائرين بنهجه والمقيمين لسننه والعاملين بشرعه، وليس لهذا الوصف مصداق إلا محمد وآل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وهذا ما أشار إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم عندما سأله الصحابي الجليل جابر الأنصاري: فقد ورد في تفسير نور الثقلين (عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: لَمّا أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلى نَبِيَِّهِ مُحَمَّد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، عَرَفْنا اللهَ وَرَسُولَهُ، فَمَنْ أُولو الأمْرِ الّذينَ قَرَنَ اللهُ طاعَتَهُمْ بِطاعَتِكَ؟

فَقالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: هُمْ خُلَفائي يا جابِرُ، وأئِمَّةُ المُسْلِمينَ مِنْ بَعْدي، أوَّلُهُمْ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ، ثُمَّ الحَسَنُ، ثُمَّ الحُسَيْنُ، ثُمَّ عَليُّ بنُ الحُسَيْنِ، ثُمَّ مُحَمَّدْ بنُ عليٍّ المَعْروفُ في التَوْراةِ بِالباقِرِ، وسَتُدْرِكُهُ يا جابِرُ فَإذا لَقِيتَهُ فَأقْرِئْهُ مِنّي السَّلامَ، ثُمَّ الصّادِقُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ موسَى بنُ جَعْفَرٍ، ثُمَّ عَليُّ بنُ مُوسَى، ثُمَّ مُحَمَّدُ بن عَليّ، ثُمَّ عَليُّ بنُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ الحَسَنُ بنُ عليٍّ، ثُمَّ سَمِيِّي وكَنِيِّي حُجَّةُ اللهِ في أرْضِهِ وَبَقِيَّتُهُ في عِبادِهِ ابنُ الحَسَنِ بنِ عليٍّ، ذاكَ الّذي يَفْتَحُ اللهُ ــ تَعالى ذِكرُهُ ــ عَلى يَدَيْهِ مَشارِقَ الأرْضِ وَمَغارِبَها، ذاكَ الّذي يَغيبُ عَنْ شِيعَتِهِ وَأوْلِيائِهِ غَيْبَةً لاَ يَثْبُتُ فيها عَلَى القَوْلِ بِإمامَتِهِ إلاّ مَنِ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ للإيمان.

قالَ جابِرٌ: فقلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، فَهَلْ يَنْتَفِعُ الشِّيعَةُ بِهِ في غَيْبَتِهِ؟ فقالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إي والّذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ، إنَّهُمْ يَنْتَفِعونَ بِهِ وَيَسْتَضيئون بِنُورِ وَلايَتِهِ في غَيْبَتِهِ كانْتِفاعِ النّاسِ بالشَّمْسِ وإنْ تَجَلاّها السَّحابُ، يا جابِرُ، هذا مِنْ مَكْنُونِ سِرِّ اللهِ وَمَخْزونِ عِلْمِهِ فاكْتُمْهُ إلاّ عَنْ أهْلِهِ»)([2]).

وللإحاطة بهذا الموضوع أي (ولاية أهل البيت عليهم السلام) لابد أن يصاغ على صيغة الأسئلة والأجوبة لكي يسهل على القارئ الكريم الإلهام به وسنتعرض إلى هذا الموضوع كالآتي:

السؤال الأول: ما هو مفهوم الولاية؟

الجواب: الولاية لغة: الولاية بالكسر: السلطان، والولاية: النُصرة، يقال: هم على ولاية أي مجتمعون في النصرة([3])، هذه الهيمنة والسلطة والحاكمية، وللتوسع راجع مصادر اللغة.

الولاية اصطلاحا: هي أن تكون للمعصوم السلطة والحاكمية على من يتولى عليه، وله حق الطاعة على أتباعه.

السؤال الثاني: ما هو مفهوم الولاية التشريعية والولاية التكوينية؟



الجواب: الولاية التشريعية: هي حق التشريع وتقنين الأحكام كما أرادها الله تعالى لعباده.

الولاية التكوينية: قدرة الولي على تسخير الممكنات والتصرف فيها بإذن الله تعالى بما تحتاجه حجية الولي على غيره.




([1]) سورة النساء، الآية: 59.
([2]) تفسير نور الثقلين: ج1، ص499، ح331. ميزان الحكمة: ج11، ص4898 ــ 4899، ح22767.
([3]) الصحاح للجوهري: ج6، ص2530.

إرسال تعليق