الطفيات في شعر محسن أبو الحب الكبير

بقلم: الدكتور علي كاظم المصلاوي

الطفِّيَّات: نسبة إلى الطف وهي"القصائد المتضمنة وصفاً لواقعة الطف وما جرى فيها من فاجعة حلت بالحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه ولاريب في ان هذا المصطلح يشمل جميع القصائد التي بكت الحسين عليه السلام وتفجعت بمقتله في تلك الواقعة الأليمة منذ حلولها سنة إحدى وستين للهجرة والى الآن"[1].

ونجد عند الشاعر محسن أبو الحب الكبير فضلاً عن الطفيات مجموعة من قصائد الرثاء الخاصة برجالات الطف غير الحسين عليه السلام كأخيه العباس عليه السلام وابنه علي الأكبر عليه السلام والحر الرياحي عليه السلام أو تلك التي خصت أصحاب الحسين عليه السلام بشكل عام مما يمكن إطلاق تسمية القصائد المصاحبة للطفيات عليها.

ويمكن عد القصائد الخاصة بذكر مسلم بن عقيل عليه السلام منها، اذ يعد أيضا من رجالات الطف على الرغم من عدم استشهاده في ارض المعركة، فهو بداية الشرارة لانطلاق أحداث الطف، اذ انقلب أهل الكوفة على الحسين عليه السلام وترجم هذا الانقلاب بقتل سفيره مسلم بن عقيل عليه السلام مما يمكن ان نقول بأنه أول شهيد في معركة الطف.

ونلاحظ هذه المعاني والعلاقات قد طرقها شاعرنا محسن أبو الحب الكبير إذ يقول في قصيدة في رثاء مسلم عليه السلام[2]:

وأعظم ما كـان في قلبــه *** من الهمّ ذكرُ الحسين النبيـلِ


وفيما يقول[3]:

لأبكى مصابك سبط الرسول *** وكان بكاه بعين الرســولِ

وقال[4]:

ظمأت وآليــت ان لاتــعـب *** إلا مــن الكوثر السلسبـيلِ
لعلمك ان ابــن بــنت النبـيّ *** يلقى المنية صادي الغلــيلِ
فكنت مواســية قــتلاً بقــتل *** وحــرّ غــليل بحرَّ غليلِ

فالأبيات توضح بشكل جلي الترابط الاستشهادي بين الحسين عليه السلام ومسلم بن عقيل عليه السلام والمواساة الحقيقية القائمة بينهما والترابط الروحي والعقائدي الغيبي بينهما.

ومهما كان من أمر فقد استقرأت القصائد الطفية والمصاحبة لها في ديوان الشيخ محسن (أبو الحب)، وبلغت ثلاث وثلاثين قصيدة شكلت أكثر من نصف قصائد الديوان البالغة خمس وستين قصيدة؛وتمتعت هذه القصائد في الغالب بتكامل البناء والنسج فضلاً عن اتضاح إمكانية الشاعر اللغوية والفنية فيها. وغلّفت هذه القصائد بغلاف الحزن والغضب، الحزن على ما أصاب الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه من قتل وسبي، وتحسره على انه لم يشارك في تلك الأحداث ويستشهد بين يدي الحسين عليه السلام؛ والغضب على أعداء الحسين عليه السلام الذين لم يراعوا حرمة رسول الله وخانوا وصاياه؛وكذلك نجد في ختامها توسلاً بمن رثاهم بل قل مدحهم ـ كما يرى هو ـ من أهل البيت عليهم السلام واستشفاعاً بهم وطلباً لقضاء حوائجه.

وهذه المحاور شكلت ابرز ملامح موضوع الطفية عند الشيخ محسن (أبو الحب) الكبير فنرى حزنه يتخذ أبعادا وألوانا عدة تمثلت بوصفه مصرع الحسين عليه السلام وما مثله من قيم دينية وخلقية مقدسة،وما أضفى عليه من وصف لشجاعته وكرمه وظمئه في ذلك اليوم العصيب، فنراه يقول في أحدى طفياته واصفاً يوم الطفوف بقوله[5]:

يـوم الطفوف وليس يوم غيره *** يبدي العجائب في الزمان ويعقبُ
يوم به بكــت السماء تفجعـاً *** بـدم فها هي للزمـاجر تنحبُ
مــا إن بكت إلا لأن مـقيمها *** أضـحى يظفرهُ الردى ويـنيّبُ

انه يوم ليس كبقية الأيام، يوم بكت السماء دماً وأبدت أنينها وصياحها عليه.

وفيها يقول[6]:

بأبي الذين جسومهم فوق الثرى *** رغماً بفيض دم المناحر تخضبُ
بأبي الذيـن رؤوسهم فوق القنا *** تُهـدى لأبناء السفــاح وتجلبُ
بأبي الذيـن حريمهم في كربلا *** أضحت برغم ذوي الحمية تسلبُ

هكذا الأحداث جرت على الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام، انها مأساة حقيقية يتفجر الشاعر فيها ألما وحزناً ويتضح ذلك من خلال تكراره (بابي الذين) في بداية الأبيات منطلقاً منها لعرض ما يوجعه ويألمه.
ويعيد هذا المعنى بصورة أخرى مبتدئا إحدى طفياته بقوله([7]):

يا وقعة ما صاح صائحـها *** حتـى سمعنا في السما الندبا
قتل الحسين فجددوا حـزناً *** وتـجلببوا لمـصـابه ثوبـا
من لم يذب من أجله كمـداً *** فلقد أصـاب من الصفا قلبـا
وارى الصفا ينهد منصدعاً *** هو حـين يذكر يومه الصعبا
يوم يجـدده الزمـان لـنا *** فيـعود يابس حزنـنا رطـبا

فالشاعر يعلن الحداد على الحسين عليه السلام بعدما سمع ندب السماء وبكائها ويطلب تجديد الحزن على مقتله والتوشح بالسواد، وما هذا العمل الا وفاء للصفا كناية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المصطفى وهذا اليوم يجدده الزمان ولا يبلى بل يجدد الدمع ويجدد الحزن ويجعله رطباً كالزرع الذي جاءه الربيع فاهتز وربى.

ونراه يذكر ذلك اليوم وحرارته في القلوب بصورة رائعة أخرى فهو يقول في بيت تخلصه وبعده[8]:

لــولا البقية من أبنـاء فاطمـة *** مــا كان يوماً لطلاب الندى أملُ
أحيوا رسوم الهدىمن بعدما طمست *** آثــارها ومحاها الحادث الجـللُ
لا كــان يومهم في كربـلاء ولا *** طـافت عليه به الركبان والرسـلُ
يــوم من الدهر لم تفتر نوائحه *** عــن المناح ولم تبـرد لها غلـلُ
يــوم به أسـلس الهدّار مقوده *** واسترنب الليث حتى اصطاده الوعلُ
أما ترى الشمس تهوي نحو مغربها *** حمــراء تحســبها بالدمع تكتحلُ
امــا ترى صفحات الجو مظلمة *** كأنـها برداء الحـــزن تشتـملُ
نـعم وحقك ما في الدهر من كبد *** الا بــه من بقــايا ذكره شعلُ

فالشاعر يرى في الحسين عليه السلام ومن معه في ذلك اليوم انهم قد قاموا بإحياء الدين بعدما حاول الأعداء طمسه. وهذا الحادث الكربلائي تعالى في الذكر بين الركبان والرسلُ، ولم يهدأ الدهر من نوائحه ولم تبرد فيه الغلل العاطشة ثم يوضح صورة ذلك اليوم الذي اختلت فيه مقاييس الأشياء والطباع حتى أصبح الليث أرنبا يجري ليصطاد الوعل؛ ويأخذ بسؤال الآخر (الملتقي) ليضمن الإجابة الحقيقية التي أعلنها؛ فقد رأى في احمرار الشمس عند غروبها صورة الدمع والاكتحال به، ورأى في ظلمة الجو رداءً حزينا تشتمل عليه صفات ذلك الجو، ثم يصل إلى مبتغاه مؤكداً إياه بالقسم (وحقك) الموجه للملتقي اذ أعلن ان كل ما في الدهر من كبد ومعاناة يرجع شررها من ذلك اليوم الرهيب؛ وفي طفية أخرى يعيد إنتاج هذه الصورة ويعطيها ملامحاً أكثر أبعادا وألوانا فقال بعد ما رأى ان النواح والبكاء على آل علي عليه السلام من السنن التي ينبغي الإدمان عليها وشهادته على ذلك اكبر ودليله أبين وهو[9]:

هذه أعين السمـاء وهذي *** أعين الأرض ودمعها ما توانا
لم تبارح بكاؤها مذ درت *** ان حسيناً ذاق الردى ظمــآنا
لا أرى للفرات عذراً وان *** غار مدى الدهر ماؤه غضبانا
مـا سمعنا ولا رأينا قتيلاً *** مـات والمـاء حوله عطشـانا

فالشاعر يرى كل الاشياء التي من حوله تبكي حسيناً فمن الواجب ان لا يجفو الإنسان عن البكاء والحزن على آل علي عليهم السلام والا كان أجفى الورى واعد الأعداء لهم في نظر الشاعر، ولا ينكر لطافة المعاني التي طرقها وصورها في هذه الأبيات.

ويعد الشاعر هلال محرم وأيام عاشور سببا للبكاء والحزن، بل ان قلبه مفتون بتجديد الأسى كلما هلّ محرم فنراه يقول[10]:

جاءت تفـجِّر أكبدا وعيوناً *** أيام عاشورا بكاً وحنـينا
ما قيل هلّ محرم الا انثنى *** قلبي بتجديد الأسى مفتونا
أو كان يوم منه الا كان لي *** سبباً الى طول البكاء سنينا

ثم يخاطب محرماً بنبرة غاضبة وكأنه يحمله مسؤولية هذا الحزن المتجدد في كل عام:

لا مرحباً بك يا محرم لم تدع *** قلباً على بشرٍ به مأمونا

ونجده في طفية أخرى يستغيث بوقعة كربلاء ويعدها أُما لكل محزونة وحزين[11]:

غوثاه من ذكراك وقعة كربلا *** يا أمَّ كلِّ حزينة وحزينِ

ثم يسترسل في طرح عذاباته منها فيقول:

ليس اللديغ سوى لديغك لا الذي *** أمسى يكـابد نهشة التنـين
وعسى اللديغ أصاب حيناً راقياً *** إلا لـديغك مالـه من حين
حتى القيامة وهي دون عذابه *** بلظى همومك لا لظى سجين
لاقى الحسين بك المنون وانني *** لاقيت فيك عن الحسين منوني

هكذا يسوق الشاعر الدليل على حزنه وغضبه من تلك الواقعة الأليمة التي لاقى الحسين فيها المنون ومن ثم وجد الشاعر في منون الحسين عليه السلام منوناً له وأي منون منون الحسرة والأسى والحزن على سيد الشهداء الذي يتحدث عن تضحيته في ذلك اليوم قائلاً:

في يوم ألقى للمهالك نفسـه *** كيـما تكون وقاية للدين
وبيوم قال لنفسه من بـعدما *** أدى بها حق المعالي بيني
أعطيت ربي موثقاً لا ينقضي *** الا بقتلي فاصعدي وذريني
ان كـان دين محمد لم يستقم *** الا بقتلي يا سيوف خذيني
هذا دمي فلترو صادية الظبا *** منه وهذا للرمـاح وتيني

ولاريب في ان الشاعر تمازج روحيّاً مع موقف الحسين عليه السلام وذاب فيه الى درجة انه استنطق الموقف بعد ما قرأ الأحداث والظروف التي أحاطت بابي عبد الله فكان واقع حال متجسد،وصوت حق مرتفع مثّل صدى ما أراد الإمام بموقفه وأقواله التي رافقت ذلك. ومن القصائد المصاحبة للطفيات قصيدته في رثاء أبي الفضل العباس عليه السلام، وفيما يصطنع الشاعر مقارنة تشبيهة جميلة بينه وبين أبيه الإمام علي عليه السلام فقال[12]:

اذا كان ساقي الناس في الحشر حيدرٌ
فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضل
عـلى ان ساقي الناس في الحشر قلبهُ
مـريع وهذا بالظما قلبــهُ يغلي

فالمقارنة تقابليه شرطية فما دام هناك ساقي في الحشر وهو حيدرٌ كناية معروفة للإمام علي عليه السلام فهناك ساق لعطاشى كربلاء وهو أبو الفضل عليه السلام؛ ويستدرك الشاعر ليخبرنا ان قلب ساقي الحشر مريع متألم اما قلب ساقي عطاشى كربلا فهو متحرق بالظمأ ويغلي به وقد جعل الشاعر هذين البيتين بداية مشحونة بالتوقع فمهد لأسباب ذلك العطش فيقف عليه وهو ماء الفرات ليسأله كما وقف الشاعر القديم وسأل الطل ولم يجبه! ولكن ماء الفرات يجيبه على معاتبته وأسئلته فقال[13]:

وقفت على ماء الفرات ولم أزل *** أقـول لــه والقول يحسنه مثلي
علامـك تجري لا جريت الوارد *** وأدركت يوماً بعض عارك بالغسل
اما نشفت أكبــاد آل محمــد *** لــهيباً وما ابتلَّت بعـلّ لا نهـل
من الحق ان تذوي غصونك ذبّلاً *** أسـى وحياءً من شفــاهم الذبل

انها معاتبة مرة كشفت عن عمق حزن الشاعر وألمه لما أصاب آل الرسول من قتل وسبي وقد جاء عتابه كحزنه رقيقاً مؤلماً، ثم يجيب الفرات على أسئلته وعتابه:

فقال استمع للقول ان كنت سامعاً
وكن قابلاً عذري ولا تكثرن عذلي
الا ان ذا دمعي الذي انت ناظـر
غـداة جعلت النوح بعدهم شغـلي
برغـمي أرى مائي يلذّ سواهم
به وهم صرعى على عطش حولي
جزى الله عنهم في المؤاساة عمّهم
أبالفضل خيراً لو شهدت أبا الفضلِ

فلم يكن حال الفرات بأحسن حال من الشاعر على ما أصاب آل محمد عليهم السلام، ولعل الشاعر كما أسلفنا منطلق من ان كل الوجود بما امتلك من صفاء ونقاء وخير يبكي على الحسين وأهل بيته لما أصابهم في واقعة الطف فهم الخير والنقاء والرحمة الالاهية المبعوثة للوجود جميعاً فلا عجب بعد ذلك ان يتألم ماء الفرات وينتحب لما أصابهم.

ونجد الشاعر في قصيدة مصاحبة أخرى خصّ فيها ابن الإمام الحسين علي الأكبر عليه السلام قال فيها مستوحياً موقف الحسين عليه السلام على ما اصاب ابنه وخطابه لله سبحانه وتعالى بقوله[14]:

أترضى الهي عن معاشر اجمعوا *** على قطع رحمي ثم قتلي حلّلوا
فـكن شاهدي اني بعثت لــهم *** شبيه رسول الله من ليس يجهل
شــبيه رسول الله ربي بعثـته *** فكن شاهدي يامن عليه أعول

ولعل تكرار (شبيه رسول الله) في بيتين تدل على خوف الحسين عليه السلام على ابنه من أعدائه وحزنه عليه وهو محاط بهم، كما تدل على التأكيد على الامتداد الرسالي بينه وبين جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وعدم مراعاة الأعداء على الرغم من معرفتهم الشبه بينه وبين جده صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الأمر مستوحى من قول الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء عندما خرج إليهم ابنه علي الأكبر لقتالهم اذ قال: "اللهم اشهد انه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه،.."[15] وفيها يصف شجاعة علي الأكبر في المعركة وكرّه على الأعداء بقوله[16]:

فكرَّ وكرّ الموت يعدو أمامه *** على عجلٍ والموت إذ ذاك أعجلُ
وناهيـك قرمٌ عمّه وأبوه من *** علمت فقل في أمره كيف يعملُ

ففي البيت الأول صورة متحركة للموت مشخصة اظهر من خلالها إقدام علي الأكبر عليه السلام وعدم مهابته الموت على الرغم من عدوه أمامه، ثم يعرج على شجاعته فهو بطل متميز وكيف لا يكون ذلك وأبوه وعمّه مشهود لهما في الإقدام في الحرب والطعن في الأعداء.

ونجد الشاعر يخاطب أصحاب الحسين عليه السلام وينعتهم بالحواريين لابن فاطمة عليها السلام محاولة منه لإعطاء أبعاد دينيه قرآنية لهم بمقارنتهم بحواري ابن مريم عيسى عليهم السلام حيث نعتهم بحواري ابن فاطمة عليها السلام فنراه يقول[17]:

أحبتي مالــكم حالفتم التُرُبَـا *** لا طاب بعدكم عيشي ولا عذبا
انتم لعمري حواري ابن فاطمة *** إذ لم يجبه سواكم ساعة انتدبا
أنفـقتم في سبيل الله أنفسكـم *** فنــلتم فوق ما أمَّـلْتم رتبا

ثم يعمد إلى مقاربة أخرى يصطنعها بينهم وبين فتية الكهف ويجعلهم أعلى مرتبة وشرفاً منهم:

ما فتية الكهف أعلى منكم شرفاً *** أنـتم أشدُّ وأقوى منـهم سبباً
ناموا وما نمـتم لهفي كنومـهم *** أنى وقد قطِّعت أعضاؤكم إربا
فروا ومـا قابلوا والله من أحد *** ومـا فررتم وقد قابلتم اللجبا
كـان الرقيم لهم كهفاً يضمهم *** ولـم يكن كهفكم الا قناً وظبا

فهو يعمد لأخذ عينات موضوعية من قصة أصحاب الكهف وربطها بصورة موضوعية أخرى حدثت في واقعة الطف، وقد انتقى من تلك الأحداث ما كان عليه أصحاب الحسين يوم عاشوراء فوصفهم بالشدة والقوة في الاعتقاد والتمسك بعقيدتهم، وناموا كما نام أصحاب الكهف ولكن نومهم جاء بعد ان قطعوا إربا في سبيل الله تعالى وفي نصرة ابن بنت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم انهم لم يفروا وواجهوا عدوهم إلى ان قضوا في حين فرّ أصحاب الكهف مما كان سيقع بهم من بطش أعدائهم ثم فرّوا إلى الرقيم ليحتموا به عن أعين أعدائهم بينما لم يفر أصحاب الحسين وكان كهفهم تلك القنا وتلك الظبا التي وقعت في أجسادهم وعليها.

ومن قصائده المصاحبة للطفيات قصيدته في بطل من أبطال الطف وهو الحرّ الرياحي عليه السلام اذ قال فيه[18]:

الا يا قتيلاً زعزع المجدُ قتــله *** فأضحى علـيه المجد ذا مقلة عبرا
لئن ساء عــيني تحجِّبك الغبرا *** لقد سرَّ قلبي ان تصافحك الخضرا
وما لريــاح لا تهبَّ رياحـها *** حواصب تستقصي لموتورها وترا
أما شـملتها بعد موتــك ذلَّـة *** نعم سلبتها بعــدك العزَّ والفخرا

لقد جاء الشاعر بصور متحركة جميلة استوفى بها موضوعه، فقد جعل للمجد عيناً باكية على الحر، ثم أوضح بصورة تقابلية ما ساءه وما سره من موقفين موقف الحر وقد حجبته الغبراء عن عينه وهو موقف حزين باكي، اما موقفه الأخر فهو ما قدمه يوم الطف؛ ثم يعمد في البيت الذي بعده إلى المجانسة التامة بين الرياح الحقيقية وقبيلة الحر بني رياح الذي أراد منها ان تهب لقتيلها وتطلب ثارة من قتلته فقد شملتها الذلة من بعده وسلبت العز والفخر بعد مقتله.




[1] طفيات الشريف الرضي دراسة في اللغة الشعرية، مجلة جامعة كربلاء:128 وينظر هذا المصطلح وتقعيده في: طفيات الشيخ صالح الكواز الحلي دراسة موضوعية تحليلية، مجلة جامعة كربلاء:182ــ183.
[2] ديوان الشيخ محسن أبو الحب الكبير: 116.
[3] م.ن:117.
[4] م.ن.
[5] م.ن: 42.
[6] م.ن.
[7] م.ن:40.
[8]م.ن: 119
[9] م.ن:160.
[10]م.ن:159.
[11] م.ن: 169.
[12]م.ن:124ـ125.
[13] م.ن:125.
[14]م.ن:131.
[15] مقتل أبي مخنف:162.
[16] ديوان الشيخ محسن أبو الحب الكبير:131.
[17]م.ن:47.
[18]م.ن:79.

إرسال تعليق