بقلم: الباحثة كفاح الحداد
استضافها فأضافته بعد ان عرَّفها انه ليس له في المصر أهل ولا عشيرة وأنه من أهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب فأدخلته بيتاً غير الذي يأوي إليه ابنها وعرضت عليه الطعام فأبى وأنكر ابنها كثرة الدخول والخروج لذلك البيت فاستخبرها فلم تخبره إلا بعد ان حلف لها كتمان الأمر.
وعند الصباح اعلم ابن زياد بمكان مسلم فأرسل ابن الأشعث في سبعين مع قيس ليقبض عليه، ولما سمع مسلم وقع حوافر الخيل عرف انه قد أُتي فعجل دعاءه الذي كان مشغولاً به بعد صلاة الصبح ثم لبس لامته وقال لطوعة: قد أديت ما عليك من البر وأخذت نصيبك من شفاعة رسول الله ولقد رأيت البارحة عمي أمير المؤمنين في المنام وهو يقول لي: أنت معي غداً. (نفس المهموم، ص 56)
والعجب انه ليس هناك بيت يؤوي مسلماً في الكوفة كلها!! فالشيعة الخُلص كانوا في السجون وباقي الناس أقعدهم الخوف وأغراهم المال عن النصرة ولما استبدت الحيرة بمسلم لم يجد خيارا سوى ان يقف بجوار بيت لا يعلم من هم أصحابه! فتكون هذه المرأة الموالية هي الناصرة له وهي المضيفة له. ولكن ابنها الذي آثر الدنيا هو الذي يشي بمسلم ويرسل خبره إلى ابن زياد ويكون سبباً للإيقاع به.
عجباً لهذه المرأة العظيمة التي لم يداخلها الخوف الذي جثم على قلوب الناس فأبوا ان يضيفوا من دعوه إلى بيوتهم ومن وعدوه بالنصرة!! لكن الموقف يشير إلى قوة التفكير وإلى دعم قوي للرسالة رغم خطورة المرحلة.
وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي فقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً وشد عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى وقطع بكر بن حي ساقه.
فأخذ أسيراً وقتل صبراً، فمشت إليه زوجته أم وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول: هنيئاً لك الجنة اسأل الله الذي رزقك الجنة ان يصحبني معك فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود فشدخه وماتت مكانها وهي أول امرأة قتلت من أصحاب الحسين. (الطبري، ج6، ص251، وفي مسند أحمد ج2، ص 100).
ويضيف المقرم في المقتل قائلا: وقطع رأسه ورمى به إلى جهة الحسين فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ثم أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء فردها الحسين وقال: ارجعي رحمك الله فقد وضع عنك الجهاد فرجعت وهي تقول: اللهم لا تقطع رجائي فقال الحسين: لا يقطع الله رجاءك.( المقرم , مقتل الحسين ص242).
وهنا لابد من تأمل صغير فقد كانت هذه المرأة حاضرة مع زوجها في كربلاء وقد همت بان تقاتل دفاعاً عن الحسين عليه السلام لكن الإمام لم يسمح لها بالقتال، فما على المرأة من قتال، لكن الشهادة كانت مذخورة لها فإذا بها المرأة الوحيدة التي قتلت مع أصحاب الإمام الحسين عليه السلام!. يالعظمة النساء يقتل الزوج والولد وتبقى تقاتل الرجال دفاعا عن ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!.
لا أدري لماذا اصطحب أبو وهب زوجته وأمه إلى أرض المعركة وهو يعرف ان قتالاً حامياً سيدور وقد جاء لنصرة الإمام وأرجح الظن انه لما سمع ان الحسين عليه السلام جاء بعياله ونسائه إلى كربلاء اخذ هو أيضاً عائلته معه كي تكون إلى جوار حرائر الوحي في ذلك الوقت العصيب، وما أكثر الآفلين في موقع الخطوب! وما أكثر الأصدقاء الذين يفرون بعيداً حين تقع النائبات!.
وما أكثر الأخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
إِنّـي عجوز في النسـا ضعيفـة
خـاويـة بـاليـة نـحيفة
اضـربـكم بضـربـة عنيفـة
دون بنـي فاطمـة الشـريفة
فردها الحسين إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلين. (المقرم، ص 253).
ومازالت مجالس العزاء حتى يومنا الحاضر تقيمها النساء المواليات النادبات للإمام وهنّ الصورة الحاضرة لنساء الطفوف.
دور طوعة في نصرة مسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين عليه السلام
طوعة يقال لها أم ولد كانت للأشعث بن قيس فاعتقها وتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا، كان مع الناس، وامه واقفة على الباب تنتظره وقف مسلم على باب البيت والحيرة تسيطر على مشاعره، والخجل يحوط شفتيه، طلب الماء منها، جاءته بالماء، شرب ثمّ جلس على باب الدار لا يدري أين يتوجّه؟ أثار وضعه الحائر، وسيماء الغربة عليه، وجلوسه عند باب البيت، انتباه طوعة، فراحت تتساءل، ألم تشرب الماء؟ إذن لِمَ لا تنصرف؟ فأجاب: انّه غريب ليس له دار، ولا أهل في هذا البلد، ثمّ عرفها بنفسه: (أنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب سفير الحسين، ورسوله إلى الكوفة وابن عمه). فتحت له باب البيت ثمّ أدخلته فاختبأ ليقضي ليلته، وينظر ماذا سيكون الغد. (ذكر هذه الأحداث الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 277 و278).استضافها فأضافته بعد ان عرَّفها انه ليس له في المصر أهل ولا عشيرة وأنه من أهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب فأدخلته بيتاً غير الذي يأوي إليه ابنها وعرضت عليه الطعام فأبى وأنكر ابنها كثرة الدخول والخروج لذلك البيت فاستخبرها فلم تخبره إلا بعد ان حلف لها كتمان الأمر.
وعند الصباح اعلم ابن زياد بمكان مسلم فأرسل ابن الأشعث في سبعين مع قيس ليقبض عليه، ولما سمع مسلم وقع حوافر الخيل عرف انه قد أُتي فعجل دعاءه الذي كان مشغولاً به بعد صلاة الصبح ثم لبس لامته وقال لطوعة: قد أديت ما عليك من البر وأخذت نصيبك من شفاعة رسول الله ولقد رأيت البارحة عمي أمير المؤمنين في المنام وهو يقول لي: أنت معي غداً. (نفس المهموم، ص 56)
والعجب انه ليس هناك بيت يؤوي مسلماً في الكوفة كلها!! فالشيعة الخُلص كانوا في السجون وباقي الناس أقعدهم الخوف وأغراهم المال عن النصرة ولما استبدت الحيرة بمسلم لم يجد خيارا سوى ان يقف بجوار بيت لا يعلم من هم أصحابه! فتكون هذه المرأة الموالية هي الناصرة له وهي المضيفة له. ولكن ابنها الذي آثر الدنيا هو الذي يشي بمسلم ويرسل خبره إلى ابن زياد ويكون سبباً للإيقاع به.
عجباً لهذه المرأة العظيمة التي لم يداخلها الخوف الذي جثم على قلوب الناس فأبوا ان يضيفوا من دعوه إلى بيوتهم ومن وعدوه بالنصرة!! لكن الموقف يشير إلى قوة التفكير وإلى دعم قوي للرسالة رغم خطورة المرحلة.
دور أم وهب في نصرة آل البيت عليهم السلام
وهي زوجة عبد الله بن عمير الكلبي المكنى بأبي وهب جاء في المقتل: ثم أخذت زوجته أم وهب بنت عبد الله من النمر بن قاسط، عموداً وأقبلت نحوه تقول له: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأراد ان يردها إلى الخيمة فلم تطاوعه وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول: لن ادعك دون ان أموت معك فناداها الحسين: جزيتم عن أهل بيت نبيكم خيراً إرجعي إلى الخيمة فانه ليس على النساء قتال فرجعت. (الطبري، ج1، ص 245؛ وابن الأثير، ج 4، ص 37).وحمل الشمر في جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم وفيها قاتل عبد الله بن عمير الكلبي فقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً وشد عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فقطع يده اليمنى وقطع بكر بن حي ساقه.
فأخذ أسيراً وقتل صبراً، فمشت إليه زوجته أم وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول: هنيئاً لك الجنة اسأل الله الذي رزقك الجنة ان يصحبني معك فقال الشمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود فشدخه وماتت مكانها وهي أول امرأة قتلت من أصحاب الحسين. (الطبري، ج6، ص251، وفي مسند أحمد ج2، ص 100).
ويضيف المقرم في المقتل قائلا: وقطع رأسه ورمى به إلى جهة الحسين فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ثم أخذت عمود خيمة وبرزت إلى الأعداء فردها الحسين وقال: ارجعي رحمك الله فقد وضع عنك الجهاد فرجعت وهي تقول: اللهم لا تقطع رجائي فقال الحسين: لا يقطع الله رجاءك.( المقرم , مقتل الحسين ص242).
وهنا لابد من تأمل صغير فقد كانت هذه المرأة حاضرة مع زوجها في كربلاء وقد همت بان تقاتل دفاعاً عن الحسين عليه السلام لكن الإمام لم يسمح لها بالقتال، فما على المرأة من قتال، لكن الشهادة كانت مذخورة لها فإذا بها المرأة الوحيدة التي قتلت مع أصحاب الإمام الحسين عليه السلام!. يالعظمة النساء يقتل الزوج والولد وتبقى تقاتل الرجال دفاعا عن ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!.
لا أدري لماذا اصطحب أبو وهب زوجته وأمه إلى أرض المعركة وهو يعرف ان قتالاً حامياً سيدور وقد جاء لنصرة الإمام وأرجح الظن انه لما سمع ان الحسين عليه السلام جاء بعياله ونسائه إلى كربلاء اخذ هو أيضاً عائلته معه كي تكون إلى جوار حرائر الوحي في ذلك الوقت العصيب، وما أكثر الآفلين في موقع الخطوب! وما أكثر الأصدقاء الذين يفرون بعيداً حين تقع النائبات!.
وما أكثر الأخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل
ام عمرو بن جنادة الانصاري
جاء في المقتل الحسيني: وجاء عمرو بن جنادة الأنصاري بعد أن قتل أبوه وهو ابن إحدى عشرة سنة يستأذن الحسين فأبى وقال: هذا غلام قتل أبوه في الحملة الأولى ولعل أمه تكره ذلك قال الغلام: إن أمي أمرتني فإذن له فما أسرع أن قتل ورمي برأسه إلى جهة الحسين فأخذته أمه ومسحت الدم عنه وضربت به رجلاً قريباً منها فمات وعادت إلى المخيم فأخذت عموداً وقيل سيفاً وأنشأت:إِنّـي عجوز في النسـا ضعيفـة
خـاويـة بـاليـة نـحيفة
اضـربـكم بضـربـة عنيفـة
دون بنـي فاطمـة الشـريفة
فردها الحسين إلى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلين. (المقرم، ص 253).
دور مارية بنت منقذ العبدي
وهي «مارية» أبنة سعد أو منقذ على اختلاف الروايات وهي من الشيعة المخلصين ودارها مألف لهم يتحدثون فيه فضل أهل البيت وقد قتل زوجها وأولادها يوم الجمل مع أمير المؤمنين عليه السلام. ولما بلغها أن الحسين عليه السلام كاتب أشراف أهل البصرة ودعاهم إلى نصرته جاءت وجلست بباب مجلسها وجعلت تبكي. حتى علا صراخها فقام الناس في وجهها وقالوا لها: ما عندك ومن أغضبك؟ قالت: ويلكم. ما أغضبني أحد. ولكن أنا امرأة ما أصنع. ويلكم سمعت أن الحسين ابن بنت نبيّكم استنصركم وأنتم لا تنصرونه. فأخذوا يعتذرون منها لعدم السلاح والراحلة. فقالت: أهذا الذي يمنعكم؟ قالوا: نعم؛ فالتفتت إلى جاريتها وقالت لها: انطلقي إلى الحجرة وآتيني بالكيس الفلاني، فانطلقت الجارية وأقبلت بالكيس إلى مولاتها. فأخذت مولاتها الكيس وصبته وإذا هو دنانير ودراهم. وقالت: فليأخذ كل رجل منكم ما يحتاجه وينطلق إلى نصرة سيدي ومولاي الحسين.
قال الراوي: فقام عبد الله الفقعسي وهو يبكي - وكان عنده أحد عشر ولداً - فقاموا في وجهه وقالوا: إلى أين تريد؟
قال: إلى نصرة ابن بنت رسول الله. ثم التفت إلى من حضر وقال: ويلكم هذه إمرأة أخذتها الحمية وأنتم جلوس؟ ما عذركم عند جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة؟.
قال: ثم خرج من عندها وتبعه من ولده أربعة فأقبلوا يجدون السير. حتى استخبروا بأن الحسين عليه السلام ورد كربلاء. فجاء الشيخ بأولاده إلى كربلاء ورزقوا الشهادة.
وفي رواية أخرى انها لما قالت كلمتها قال يزيد بن نبيط وهو من عبد القيس لأولاده وهم عشرة: أيكم يخرج معي؟ فانتدب منهم اثنان عبد الله وعبيد الله، وقال له أصحابه في بيت تلك المرأة نخاف عليك أصحاب ابن زياد، قال: والله لو استوت إخفاقها بالجدد لهان علي طلب من طلبني وصحبه مولاه عامر وسيف بن مالك والأدهم بن أمية فوافوا الحسين بمكة وضموا رحالهم إلى رحله حتى وردوا كربلاء وقتلوا معه.
وقد ذكر ابن الأثير هذا الاجتماع وسجّله في كتابه الكامل في التاريخ: (واجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منـزل امرأة من عبد القيس يقال لها مارية بنت سعدة وكانت تتشيّع، وكان منـزلها لهم مألفاً يتحدّثون فيه، فعزم يزيد بن نبيط على الخروج إلى الحسين عليه السلام، وهو من عبد القيس، وكان له بنون عشرة، فقال لهم: أيكم يخرج معي؟ فخرج معه ابنان له: عبد الله وعبيد الله، فساروا فقدموا عليه بمكّة ثمّ ساروا معه فقتلوا معه). (تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 263؛ وابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 21).
دور النساء النادبات على الإمام عليه السلام في منع تعيين عمر بن سعد والياً على الكوفة
ذكر صاحب المقتل الحسيني: وكان من صنع المختار معه (مع عمر بن سعد) انه لما أعطاه الأمان استأجر نساء يبكين على الحسين ويجلسن على باب دار عمر بن سعد، وكان هذا الفعل يلفت نظر المارة إلى ان صاحب هذه الدار قاتل سيد شباب أهل الجنة، فضجر ابن سعد من ذلك وكلم المختار في رفعهن عن باب داره، فقال المختار: ألا يستحق الحسين البكاء عليه. (العقد الفريد، باب نهضة المختار).
ولما أراد أهل الكوفة أن يؤمروا عليهم عمر بن سعد بعد موت يزيد بن معاوية لينظروا في أمرهم جاءت نساء همدان وربيعة، إلى الجامع الأعظم صارخات يقلن ما رضي ابن سعد بقتل الحسين حتى أراد أن يتأمر فبكى الناس واعرضوا عنه. (المقرم ص206 نقلا عن مروج الذهب، ج2، ص 105، في أخبار يزيد).
أم سلمة تبكي الإمام عليه السلام
رأت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام أشعث مغبراً وعلى رأسه التراب. فقالت له: يا رسول الله ما لي أراك أشعث مغبراً؟ قال: قتل ولدي الحسين وما زلت أحفر القبور له ولأصحابه (تهذيب التهذيب ج2، ص139).
فانتبهت فزعة ونظرت إلى القارورة التي فيها تراب أرض كربلاء فإذا به يفور دما (المقرم نقلا عن كامل ابن الأثير ج4، ص 38).
وهو الذي دفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها وأمرها أن تحتفظ به وزاد على ذلك سماعها في جوف الليل هاتفاً ينعى الحسين عليه السلام فيقول:
أيها القاتلون جهلاً حسيـناً
أبشـروا بـالعذاب والتنكيـل
قد لعنتم على لسان ابن داود
ومـوسى وصـاحب الانجيـل
كلُّ أهل السماء يدعو عليكم
مـن نبـيٍّ ومـرسل وقتيـل
وكانت تسمع في جوف الليل أصوات نعي الحسين ولم تر أحداً فمن ذلك:
ألا يـا عيـنُ فـاحتفلي بجهدٍ
ومَنْ يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهُـمُ المنـايـا
إلى متجبـرٍ في مـلك عبـدِ
ولما سمع ابن عباس بكاءها أسرع إليها يسألها الخبر فأعلمته بأن ما في القارورتين يفور دماً.
وفي أصول الكافي أن الإمام الحسين عليه السلام كان قد أودعها ذخائر الإمامة وأوصاها ان تدفعها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام.
ومما نضيفه هنا ان الإمام حينما أعطى الرخصة ليلاً لأصحابه كي يذهبوا عنه متسترين بهذا الليل كانت النساء قد سمعن الكلام، هؤلاء النساء اللاتي جئن مع أسرهن مثل أسرة عبد الله بن عمير الكلبي، وجنادة بن حرث الأنصاري، ومسلم بن عوسجة الأسدي وغيرهم ولكن واحدة منهم لم تطلب الرحيل ولم تعلن ذلك أبداً بل بقين مع الرجال إلى جنب الإمام عليه السلام وهذه مكرمة عظيمة لهؤلاء النساء القويات في الدين والقويات في الإرادة.
قال الراوي: فقام عبد الله الفقعسي وهو يبكي - وكان عنده أحد عشر ولداً - فقاموا في وجهه وقالوا: إلى أين تريد؟
قال: إلى نصرة ابن بنت رسول الله. ثم التفت إلى من حضر وقال: ويلكم هذه إمرأة أخذتها الحمية وأنتم جلوس؟ ما عذركم عند جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة؟.
قال: ثم خرج من عندها وتبعه من ولده أربعة فأقبلوا يجدون السير. حتى استخبروا بأن الحسين عليه السلام ورد كربلاء. فجاء الشيخ بأولاده إلى كربلاء ورزقوا الشهادة.
وفي رواية أخرى انها لما قالت كلمتها قال يزيد بن نبيط وهو من عبد القيس لأولاده وهم عشرة: أيكم يخرج معي؟ فانتدب منهم اثنان عبد الله وعبيد الله، وقال له أصحابه في بيت تلك المرأة نخاف عليك أصحاب ابن زياد، قال: والله لو استوت إخفاقها بالجدد لهان علي طلب من طلبني وصحبه مولاه عامر وسيف بن مالك والأدهم بن أمية فوافوا الحسين بمكة وضموا رحالهم إلى رحله حتى وردوا كربلاء وقتلوا معه.
وقد ذكر ابن الأثير هذا الاجتماع وسجّله في كتابه الكامل في التاريخ: (واجتمع ناس من الشيعة بالبصرة في منـزل امرأة من عبد القيس يقال لها مارية بنت سعدة وكانت تتشيّع، وكان منـزلها لهم مألفاً يتحدّثون فيه، فعزم يزيد بن نبيط على الخروج إلى الحسين عليه السلام، وهو من عبد القيس، وكان له بنون عشرة، فقال لهم: أيكم يخرج معي؟ فخرج معه ابنان له: عبد الله وعبيد الله، فساروا فقدموا عليه بمكّة ثمّ ساروا معه فقتلوا معه). (تاريخ الأمم والملوك، ج 4، ص 263؛ وابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 21).
دور النساء النادبات على الإمام عليه السلام في منع تعيين عمر بن سعد والياً على الكوفة
ذكر صاحب المقتل الحسيني: وكان من صنع المختار معه (مع عمر بن سعد) انه لما أعطاه الأمان استأجر نساء يبكين على الحسين ويجلسن على باب دار عمر بن سعد، وكان هذا الفعل يلفت نظر المارة إلى ان صاحب هذه الدار قاتل سيد شباب أهل الجنة، فضجر ابن سعد من ذلك وكلم المختار في رفعهن عن باب داره، فقال المختار: ألا يستحق الحسين البكاء عليه. (العقد الفريد، باب نهضة المختار).
ولما أراد أهل الكوفة أن يؤمروا عليهم عمر بن سعد بعد موت يزيد بن معاوية لينظروا في أمرهم جاءت نساء همدان وربيعة، إلى الجامع الأعظم صارخات يقلن ما رضي ابن سعد بقتل الحسين حتى أراد أن يتأمر فبكى الناس واعرضوا عنه. (المقرم ص206 نقلا عن مروج الذهب، ج2، ص 105، في أخبار يزيد).
أم سلمة تبكي الإمام عليه السلام
رأت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام أشعث مغبراً وعلى رأسه التراب. فقالت له: يا رسول الله ما لي أراك أشعث مغبراً؟ قال: قتل ولدي الحسين وما زلت أحفر القبور له ولأصحابه (تهذيب التهذيب ج2، ص139).
فانتبهت فزعة ونظرت إلى القارورة التي فيها تراب أرض كربلاء فإذا به يفور دما (المقرم نقلا عن كامل ابن الأثير ج4، ص 38).
وهو الذي دفعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها وأمرها أن تحتفظ به وزاد على ذلك سماعها في جوف الليل هاتفاً ينعى الحسين عليه السلام فيقول:
أيها القاتلون جهلاً حسيـناً
أبشـروا بـالعذاب والتنكيـل
قد لعنتم على لسان ابن داود
ومـوسى وصـاحب الانجيـل
كلُّ أهل السماء يدعو عليكم
مـن نبـيٍّ ومـرسل وقتيـل
وكانت تسمع في جوف الليل أصوات نعي الحسين ولم تر أحداً فمن ذلك:
ألا يـا عيـنُ فـاحتفلي بجهدٍ
ومَنْ يبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهُـمُ المنـايـا
إلى متجبـرٍ في مـلك عبـدِ
ولما سمع ابن عباس بكاءها أسرع إليها يسألها الخبر فأعلمته بأن ما في القارورتين يفور دماً.
وفي أصول الكافي أن الإمام الحسين عليه السلام كان قد أودعها ذخائر الإمامة وأوصاها ان تدفعها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام.
ومما نضيفه هنا ان الإمام حينما أعطى الرخصة ليلاً لأصحابه كي يذهبوا عنه متسترين بهذا الليل كانت النساء قد سمعن الكلام، هؤلاء النساء اللاتي جئن مع أسرهن مثل أسرة عبد الله بن عمير الكلبي، وجنادة بن حرث الأنصاري، ومسلم بن عوسجة الأسدي وغيرهم ولكن واحدة منهم لم تطلب الرحيل ولم تعلن ذلك أبداً بل بقين مع الرجال إلى جنب الإمام عليه السلام وهذه مكرمة عظيمة لهؤلاء النساء القويات في الدين والقويات في الإرادة.
مجالس العزاء
وقد أقيمت في الشام حينما كانت السبايا هناك وأيضاً في كربلاء بعد عودتهن إليها في الأربعين وفي المدينة قبل وصول السبايا وبعده.ومازالت مجالس العزاء حتى يومنا الحاضر تقيمها النساء المواليات النادبات للإمام وهنّ الصورة الحاضرة لنساء الطفوف.
1 التعليقات:
روعه ست كفاح
تعليقإرسال تعليق