بقلم: السيد جعفر مير القزويني
النفوس المريضة، لا وجه غير التخبط بالآثام، ولا تهدف الى معنى يرمز الى الاستقامة، والضمائر لا حياة فيها ولا نبل، والعقول لا تفكر الا بالجحود والطغيان مجتمع ثائر على المعاني السامية ينفر من الفضيلة ويتهافت على الرذيلة كلما بدا في الافق بصيص من النور. من مرشد او ناصح اسدلوا عليه من غياهب الجهل، استاراً كثيفة، تحجبه عن دنياهم، ويعود الى مصدره ضئيلاً لا يجد منقذاً يدخل منه الى تلك النفوس المرضى فكمن ثم كمن، الى ان انبعث ساطعاً وهاجاً من الانسانية الكاملة، التي تتدفق بالحيوية والاصلاح. وتريد من الانسان ان يكون على غاية من التهذيب والسمو في الاخلاق. صرخ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في دنيا الاباطيل، صرخة اصلاحية لا تزال تدوي في الاحقاب والاجيال لتزول دنيا الباطل وتبيد، ولتؤسس دنيا الحق ويدعم بنيانها على تقوى من الله وهدى وفلاح ولكن الجاهلية الرعناء لا تتنازل عن باطلها ولا تغض الطرف عن سفاسفها وتضحي في هذا السبيل الانفس والاموال والطمأمنينة والسلام واذا العتاة من قريش والصناديد من العرب وفي الطليعة الحزب الاموي، يرغون ويزبدون على الدعوة الحقة والقائم بها وينـزلون في ساحته اصناف الاذى وضروب الآثام والنبي بادئ ذي بدئ يقابل السفه بالحكم، واللؤم بالكرم، داعياً الى سبيل ربه، بالحكمة والموعظة الحسنة الى ان استفحل الداء فلم تؤثر به الادوية، وان كانت ناجعة ولم يبل المريض من دائه رغم محاولة الطبيب، وحسن علاجه اذن فالمجال للبضع يستأصل شافة الداء العياء ولقطع دابر المرض المزمن فان الفساد اذا حل بعضو من الاعضاء، عمد الطبيب الى استئصالهِ محافظة على سلامة البقية الباقية لتكون في مأمن، نقية ناصعة بريئة صحيحة.
جلجل صوت الداعي هداراً مهتاجاً يحفز العصبة المستترة بضياء الحق ان تتأهب لازهاق الباطل، وتعد للمبطلين الضالين، ما استطاعت من قوة، ومن رباط الخيل، ترهب به العدو اللدود الخطر، فأستجابت له، بقلوب مؤمنة، ونفوس موقنة، باذلة الدماء قرباناً ليقوم اساسها على اشلائهم، وتشمخ بنيانها في اجسادهم والحق في كل زمان وفي اية بيئة، يحتاج الى تضحية ومفاداة، والباطل اينما كان لا يزهق الا بالمغامرة والهيجاء، فالدعوة الاسلامية، بعد ان تجهم لها العرب في اول الامر، تهافتوا عليها: بعد ان فهموها. ووعوا واقعها، وما فيها من اصالة وفكرة، كأنها جزء من عقائدهم القديمة، التي مارسوها، وجبلوا على حبها واعتناقها وانقلب الامر رأساً على عقب، فبعد محاربتها دافعوا عنها، وناضلوا من اجلها، حتى استقرأوها رغم كل محاولة.
ولكن الامويين، ارادوا ان يعيدوها جاهلية ثانية، فان ابا سفيان ومعاوية ما دخلوا الاسلام الا حقناً لدمائهم، والتربص والكيد والوقيعة في مقدساته، وكل من يرجع لتاريخ الامويين، وجد هذه هذه النيات عريانة مكشوفة، لا يعترفون بنبوة ولا وحي ولا اسلام.
فهذا قول ابي سفيان ( تلقفوها يا بني امية، تلقف الكرة، فوالذي يحلف به ابو سفيان، لا جنة ولا نار ) وهكذا بعده نجله المدلل معاوية، الذي اتخذ من دنيا الضلال دستوره الامثل ( اني لم اقاتلكم لتصوموا وتصلوا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم ).
فهم يضمون الدين وكل معنى اقدس، للوصول الى غاياتهم المادية، وملكهم العضوض.
والحظ يسعف احياناً، من لا اخلاق له ولا دين، ويوصله الى رغباته وتمنياته، ليزداد في الاثم، ويتخبط في الباطل، جزاء لخبث سريرته، وسوء سيرته، فيضطرب شأنه، كريشة في مهب الريح، لا يستقر على حال من القلق... وذلك يكون حافزاً قوياً للمصلحين الذين لا تأخذهم لومة لائم، في سبيل احقاق الحق، واعلاء كلمته، ويستثير الحفيظة في نفوسهم، لتركيز الوضع، واعادة الحق الى نصابه، ونبذ المتزعم المتطفل، الذي هو ليس من الزعامة في شيء، عتاة يتكالبون على المادة، ولا يقيمون أي وزن للمثالية ورجالها، وجاهدوا بعنف وقسوة، الرجال المثاليين لينفثوا سمومهم في المجتمع، ويوجهوه توجيهاً فاسداً ملتوياً، يتلائم وطبيعة نفسياتهم المعقدة، وعقائدهم المضطربة، فراحوا يغرسون الشرور، بمعونة اذنابهم، لتتغلغل في الجمهور المسلم.
وبذلك أدرك.. امنية الخليع يزيد، الذي نشأ نشأة، لا تمت الى النشأة الاسلامية بصلة ولا نسب، فهو معلن للفسق، قاتل النفس المحترمة، يميل مع النعماء وكيف تميل، ولم يكن متكتماً ومع هذه المنافاة، يتحمله الملأ المسلم، خليفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحتل مكانته القدسية، ويزعق المسلمون لأوامره وزواجره، كما اذعنوا الى الخلفاء كأن يشبههم او احد منهم...
بالسخرية الاقدار… اين تلك الروح السامية، التي بثها النبي العظيم في امته، اين تلك التعاليم العالية، التي تركها تراثاً ضخماً، في قرآنه وسنته…
هل ذهبت ادراج الرياح … وطوح بها الزمان؟.. كلا انها خالدة خلود الزمن، راسخة رسوخ الاطواد الشامخة …، ولكن الناس على دين ملوكهم، يتلاعبون بمقدراتهم ويسيطرون على عقولهم.
ولابد من حملة عنيفة وشن غارة شعواء، على مثل هذا السلطان الغاشم، الذي يسير بالامة سيرة الفراعنة، ويحملها على نبذ مقدراتها، والتغافل عن تعاليمها القديمة والحياد عن جادتها المستقيمة...
ومن غير الحسين، ربيب النبوة، يفكر بالاصلاح والتضحية، لانقاذ الاسلام من محنته، والخطر المحدق به، فان جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اقام الدنيا واقعدها لبناء صرح الاسلام واباه الوصي، الساعد الايمن لتوطيد ذلك وان تلك الارتسامات المثالية، جزء من كيان الحسين، رضع لبانها وترعرع في احضانها، وان تلك التضحيات نمت مع نموه ورسخت في نفسه رسوخ عقيدته، فيستسهل كل صعب في سبيل عقيدته الحقة واشتقاق دين جده الحنيف...
صرخ الحسين (عليه السلام) صرخة مدوية في دنيا الاسلام هذه الملتوية. كما صرخ جده صرخته الاولى في دنيا الشرك والاباطيل فكان هدف الصرختين واحداً. تلك لاعداد المجتمع الجاهلي الى التوحيد والاسلام بديلاً عن الشرك والآثام، وهذه لاستعادة المثاليات الاسلامية التي فقدها الاسلام بسبب الاحداث الاموية وتهافتهم على الملك الجائر والحكم المستبد حتى ابدلوا الاوضاع الاسلامية وغيروا مجرى الاسلام عن مصبه واهدافه. ولكن الحسين تدارك الامر بنهضته وانقذ الاسلام بتضحيته فكانت نفسه القدسية فداء عن سمو الاسلام وقداسته وكانت هذه التضحية رجة عنيفة في دنيا الاسلام ارجعتها الى ماضيها والاتصال به والقت عليها درساً نافعاً في الفداء والمغامرة في سبيل المبدأ القويم والانتقام من المستبدين الغاشمين. ورات عملياً كيف تدك العروش الطاغية وتبيد الحكومات الظالمة التي لا هم لها سوى المحافظة على تسنم اريكة الحكم وان ضحت في سبيله المبادئ...
وبعد..فلنعد الى انفسنا..انفسنا نحن ماذا جنينا من نهضة الحسين (عليه السلام) وماذا ارتسم في قلوبنا من معالم آثارها ونور قبسها وعظمة تضحيتها. ماذا اكتسبنا منها؟ لا شيء اجل لا شيء الم يجز في النفوس فيثير الآهات ويدمي القلوب.
نعم. رسمنا على الصحائف كيف يعود الاسلام. ثم كيف يحضى بسيادته وتمثلناه دولة عظمى عشناها على صعيد من الورق وعدنا نقول انه هو وحده كفيل لاسعاد الامة رأينا التجربة وهل هي مجرد أقوال وما قيمة الاقوال اذا لم تسندها الافعال انها زبد يذهب جفاء نريد ما ينفع الناس نريد تطبيقاً لأقوالنا نريد ان يكون اناساً عمليين لا نكتب ثم نلف ما نكتبه وندعه زاوية مهملة ثم نبكي على الاسلام المبعد.. ان الاسلام لا يأتي اذا لم نثابر للعمل من اجله والدعوة اليه بصورة عملية متلاحقة ولا تتحقق الدعوة اليه بصورتها الصحيحة ونحن شيعاً واحزاباً متفرقة. كل يدعو لتركيز فكرة معينة ثم يحاول الا يدع لغيره معارضة فكرية فيلتمس لذلك الطريق الذي يستطيع بواسطته نشرها وتطبيقها ولو كان باراقة الدماء وقتل النفوس والارهاب والتشريد فهي وسيلة ومادامت توصله الى غايته وتحطه عند هدفه. هذه محنة لاتزال يعيشها الاسلام ويتجرع من ويلاتها انواع العذاب.
ففي كل يوم لنا يد تصفعنا وفي كل ساعة سوط يلهب ظهورنا وفي يد كل جلاد سكين تفصل رقابنا. اما يكفي الذل والهوان والحرمان الا ندري ان لنا في كل ارض قلباً دامي وحرية مسلوبة وحق مغتصب وحرمة مهدورة وكرامة منهارة واخ يصرخ واخت تنعى والايادي الاثيمة لا ترحم وهل العيش على هذه الشاكلة مسر؟ وهل هذا اللون من الحياة الا الموت. وما الموت الا موت الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا وما الموت الا موت اللامبالات بما يحدث في ارضنا الاسلامية وما يعانية اخونا المسلم على يد المستعمرين الكافرين الذين يهون عليهم ان يذبحوا الاطفال والشيوخ ليصمت صوت الحق والحرية.
اما يكفي كل هذا لنشعر بعظم المسؤولية. فنهب من رقدتنا لنوحد صفوفنا ونجمع كلمتنا لنعود من جديد ونحن اشد قوة واعظم عزيمة –يجب ان نمحو كل هذه المعالم وندك اثارها ثم نخرج عن صعيد الورق الى دنيا الواقع من الخيال الى الحقيقة لنلبي صوت الله المدوي ( اقيموا الدين ) وبعد ذلك نأخذ بقوة ما غصب من ارضنا لنعيد المشردين البائسين الى اوطانهم اعزة مكرمين ليعيشوا في كنف الدولة الاسلامية وظلها الوريف كما عاش آباؤهم من قبل سادة الامة وحماة لأرضهم ودينهم لتعيد للصوت المجلجل روعته اخسئوا ياطغام لا حكم الا لله.
النفوس المريضة، لا وجه غير التخبط بالآثام، ولا تهدف الى معنى يرمز الى الاستقامة، والضمائر لا حياة فيها ولا نبل، والعقول لا تفكر الا بالجحود والطغيان مجتمع ثائر على المعاني السامية ينفر من الفضيلة ويتهافت على الرذيلة كلما بدا في الافق بصيص من النور. من مرشد او ناصح اسدلوا عليه من غياهب الجهل، استاراً كثيفة، تحجبه عن دنياهم، ويعود الى مصدره ضئيلاً لا يجد منقذاً يدخل منه الى تلك النفوس المرضى فكمن ثم كمن، الى ان انبعث ساطعاً وهاجاً من الانسانية الكاملة، التي تتدفق بالحيوية والاصلاح. وتريد من الانسان ان يكون على غاية من التهذيب والسمو في الاخلاق. صرخ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في دنيا الاباطيل، صرخة اصلاحية لا تزال تدوي في الاحقاب والاجيال لتزول دنيا الباطل وتبيد، ولتؤسس دنيا الحق ويدعم بنيانها على تقوى من الله وهدى وفلاح ولكن الجاهلية الرعناء لا تتنازل عن باطلها ولا تغض الطرف عن سفاسفها وتضحي في هذا السبيل الانفس والاموال والطمأمنينة والسلام واذا العتاة من قريش والصناديد من العرب وفي الطليعة الحزب الاموي، يرغون ويزبدون على الدعوة الحقة والقائم بها وينـزلون في ساحته اصناف الاذى وضروب الآثام والنبي بادئ ذي بدئ يقابل السفه بالحكم، واللؤم بالكرم، داعياً الى سبيل ربه، بالحكمة والموعظة الحسنة الى ان استفحل الداء فلم تؤثر به الادوية، وان كانت ناجعة ولم يبل المريض من دائه رغم محاولة الطبيب، وحسن علاجه اذن فالمجال للبضع يستأصل شافة الداء العياء ولقطع دابر المرض المزمن فان الفساد اذا حل بعضو من الاعضاء، عمد الطبيب الى استئصالهِ محافظة على سلامة البقية الباقية لتكون في مأمن، نقية ناصعة بريئة صحيحة.
جلجل صوت الداعي هداراً مهتاجاً يحفز العصبة المستترة بضياء الحق ان تتأهب لازهاق الباطل، وتعد للمبطلين الضالين، ما استطاعت من قوة، ومن رباط الخيل، ترهب به العدو اللدود الخطر، فأستجابت له، بقلوب مؤمنة، ونفوس موقنة، باذلة الدماء قرباناً ليقوم اساسها على اشلائهم، وتشمخ بنيانها في اجسادهم والحق في كل زمان وفي اية بيئة، يحتاج الى تضحية ومفاداة، والباطل اينما كان لا يزهق الا بالمغامرة والهيجاء، فالدعوة الاسلامية، بعد ان تجهم لها العرب في اول الامر، تهافتوا عليها: بعد ان فهموها. ووعوا واقعها، وما فيها من اصالة وفكرة، كأنها جزء من عقائدهم القديمة، التي مارسوها، وجبلوا على حبها واعتناقها وانقلب الامر رأساً على عقب، فبعد محاربتها دافعوا عنها، وناضلوا من اجلها، حتى استقرأوها رغم كل محاولة.
ولكن الامويين، ارادوا ان يعيدوها جاهلية ثانية، فان ابا سفيان ومعاوية ما دخلوا الاسلام الا حقناً لدمائهم، والتربص والكيد والوقيعة في مقدساته، وكل من يرجع لتاريخ الامويين، وجد هذه هذه النيات عريانة مكشوفة، لا يعترفون بنبوة ولا وحي ولا اسلام.
فهذا قول ابي سفيان ( تلقفوها يا بني امية، تلقف الكرة، فوالذي يحلف به ابو سفيان، لا جنة ولا نار ) وهكذا بعده نجله المدلل معاوية، الذي اتخذ من دنيا الضلال دستوره الامثل ( اني لم اقاتلكم لتصوموا وتصلوا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم ).
فهم يضمون الدين وكل معنى اقدس، للوصول الى غاياتهم المادية، وملكهم العضوض.
والحظ يسعف احياناً، من لا اخلاق له ولا دين، ويوصله الى رغباته وتمنياته، ليزداد في الاثم، ويتخبط في الباطل، جزاء لخبث سريرته، وسوء سيرته، فيضطرب شأنه، كريشة في مهب الريح، لا يستقر على حال من القلق... وذلك يكون حافزاً قوياً للمصلحين الذين لا تأخذهم لومة لائم، في سبيل احقاق الحق، واعلاء كلمته، ويستثير الحفيظة في نفوسهم، لتركيز الوضع، واعادة الحق الى نصابه، ونبذ المتزعم المتطفل، الذي هو ليس من الزعامة في شيء، عتاة يتكالبون على المادة، ولا يقيمون أي وزن للمثالية ورجالها، وجاهدوا بعنف وقسوة، الرجال المثاليين لينفثوا سمومهم في المجتمع، ويوجهوه توجيهاً فاسداً ملتوياً، يتلائم وطبيعة نفسياتهم المعقدة، وعقائدهم المضطربة، فراحوا يغرسون الشرور، بمعونة اذنابهم، لتتغلغل في الجمهور المسلم.
وبذلك أدرك.. امنية الخليع يزيد، الذي نشأ نشأة، لا تمت الى النشأة الاسلامية بصلة ولا نسب، فهو معلن للفسق، قاتل النفس المحترمة، يميل مع النعماء وكيف تميل، ولم يكن متكتماً ومع هذه المنافاة، يتحمله الملأ المسلم، خليفة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحتل مكانته القدسية، ويزعق المسلمون لأوامره وزواجره، كما اذعنوا الى الخلفاء كأن يشبههم او احد منهم...
بالسخرية الاقدار… اين تلك الروح السامية، التي بثها النبي العظيم في امته، اين تلك التعاليم العالية، التي تركها تراثاً ضخماً، في قرآنه وسنته…
هل ذهبت ادراج الرياح … وطوح بها الزمان؟.. كلا انها خالدة خلود الزمن، راسخة رسوخ الاطواد الشامخة …، ولكن الناس على دين ملوكهم، يتلاعبون بمقدراتهم ويسيطرون على عقولهم.
ولابد من حملة عنيفة وشن غارة شعواء، على مثل هذا السلطان الغاشم، الذي يسير بالامة سيرة الفراعنة، ويحملها على نبذ مقدراتها، والتغافل عن تعاليمها القديمة والحياد عن جادتها المستقيمة...
ومن غير الحسين، ربيب النبوة، يفكر بالاصلاح والتضحية، لانقاذ الاسلام من محنته، والخطر المحدق به، فان جده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اقام الدنيا واقعدها لبناء صرح الاسلام واباه الوصي، الساعد الايمن لتوطيد ذلك وان تلك الارتسامات المثالية، جزء من كيان الحسين، رضع لبانها وترعرع في احضانها، وان تلك التضحيات نمت مع نموه ورسخت في نفسه رسوخ عقيدته، فيستسهل كل صعب في سبيل عقيدته الحقة واشتقاق دين جده الحنيف...
صرخ الحسين (عليه السلام) صرخة مدوية في دنيا الاسلام هذه الملتوية. كما صرخ جده صرخته الاولى في دنيا الشرك والاباطيل فكان هدف الصرختين واحداً. تلك لاعداد المجتمع الجاهلي الى التوحيد والاسلام بديلاً عن الشرك والآثام، وهذه لاستعادة المثاليات الاسلامية التي فقدها الاسلام بسبب الاحداث الاموية وتهافتهم على الملك الجائر والحكم المستبد حتى ابدلوا الاوضاع الاسلامية وغيروا مجرى الاسلام عن مصبه واهدافه. ولكن الحسين تدارك الامر بنهضته وانقذ الاسلام بتضحيته فكانت نفسه القدسية فداء عن سمو الاسلام وقداسته وكانت هذه التضحية رجة عنيفة في دنيا الاسلام ارجعتها الى ماضيها والاتصال به والقت عليها درساً نافعاً في الفداء والمغامرة في سبيل المبدأ القويم والانتقام من المستبدين الغاشمين. ورات عملياً كيف تدك العروش الطاغية وتبيد الحكومات الظالمة التي لا هم لها سوى المحافظة على تسنم اريكة الحكم وان ضحت في سبيله المبادئ...
وبعد..فلنعد الى انفسنا..انفسنا نحن ماذا جنينا من نهضة الحسين (عليه السلام) وماذا ارتسم في قلوبنا من معالم آثارها ونور قبسها وعظمة تضحيتها. ماذا اكتسبنا منها؟ لا شيء اجل لا شيء الم يجز في النفوس فيثير الآهات ويدمي القلوب.
نعم. رسمنا على الصحائف كيف يعود الاسلام. ثم كيف يحضى بسيادته وتمثلناه دولة عظمى عشناها على صعيد من الورق وعدنا نقول انه هو وحده كفيل لاسعاد الامة رأينا التجربة وهل هي مجرد أقوال وما قيمة الاقوال اذا لم تسندها الافعال انها زبد يذهب جفاء نريد ما ينفع الناس نريد تطبيقاً لأقوالنا نريد ان يكون اناساً عمليين لا نكتب ثم نلف ما نكتبه وندعه زاوية مهملة ثم نبكي على الاسلام المبعد.. ان الاسلام لا يأتي اذا لم نثابر للعمل من اجله والدعوة اليه بصورة عملية متلاحقة ولا تتحقق الدعوة اليه بصورتها الصحيحة ونحن شيعاً واحزاباً متفرقة. كل يدعو لتركيز فكرة معينة ثم يحاول الا يدع لغيره معارضة فكرية فيلتمس لذلك الطريق الذي يستطيع بواسطته نشرها وتطبيقها ولو كان باراقة الدماء وقتل النفوس والارهاب والتشريد فهي وسيلة ومادامت توصله الى غايته وتحطه عند هدفه. هذه محنة لاتزال يعيشها الاسلام ويتجرع من ويلاتها انواع العذاب.
ففي كل يوم لنا يد تصفعنا وفي كل ساعة سوط يلهب ظهورنا وفي يد كل جلاد سكين تفصل رقابنا. اما يكفي الذل والهوان والحرمان الا ندري ان لنا في كل ارض قلباً دامي وحرية مسلوبة وحق مغتصب وحرمة مهدورة وكرامة منهارة واخ يصرخ واخت تنعى والايادي الاثيمة لا ترحم وهل العيش على هذه الشاكلة مسر؟ وهل هذا اللون من الحياة الا الموت. وما الموت الا موت الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا وما الموت الا موت اللامبالات بما يحدث في ارضنا الاسلامية وما يعانية اخونا المسلم على يد المستعمرين الكافرين الذين يهون عليهم ان يذبحوا الاطفال والشيوخ ليصمت صوت الحق والحرية.
اما يكفي كل هذا لنشعر بعظم المسؤولية. فنهب من رقدتنا لنوحد صفوفنا ونجمع كلمتنا لنعود من جديد ونحن اشد قوة واعظم عزيمة –يجب ان نمحو كل هذه المعالم وندك اثارها ثم نخرج عن صعيد الورق الى دنيا الواقع من الخيال الى الحقيقة لنلبي صوت الله المدوي ( اقيموا الدين ) وبعد ذلك نأخذ بقوة ما غصب من ارضنا لنعيد المشردين البائسين الى اوطانهم اعزة مكرمين ليعيشوا في كنف الدولة الاسلامية وظلها الوريف كما عاش آباؤهم من قبل سادة الامة وحماة لأرضهم ودينهم لتعيد للصوت المجلجل روعته اخسئوا ياطغام لا حكم الا لله.
إرسال تعليق