بقلم: يوسف رجيب / صاحب جريدة النجف
أيها الحسين السبط الشهيد عليك سلام الله وسلام انبيائه ورسله، ولك دموع المسلمين وعليك حزنهم الى مصرعك المفجع ترنو عيون اهل القرآن والتوراة والزبور لتذرف على جدثك الطاهر دموع وجدها في يوم مصابك الأعظم.
سلام عليك وأنت على صعيد كربلا جثة بلا رأس وسلام على قبرك المقدس وهو يضم خلاصة اباء العرب وناموس الدين ودستور الحق وسلام على العاشر من محرم الحرام إذ هو يعيد لنا ذكراك هذه ليعيد النفوس الى منهج الرحمن وسنة المصطفى ودين السماء نفياً للجور واستجابة لدعوة الله على هذه الأرض ليعم الرشاد ولينقطع دابر المفسدين.
وفي هذا المحرم الكئيب تزحف قلوب المؤمنين وتربو عيون ابناء هذه الدنيا من شتى اقطارها الى ضريحك المقدس تطوف به باكية وترفرف عليه نادبة مقروحة، وليس لقبر أولياء الله الصالحين البررة غير قبر الحسين بن علي هو قبله الدنيا وكعبة بني الأرض لأن الله شرفه بجهاده اعداء جده الذين اعتزموا طمس الدين الحنيف وانتهاك الشريعة واتخاذ الخلافة الدينية امرة زمنية استباحوا بها حمى كل محرم يتلذذون بما حرم الله وحرمته كتبه المنـزلة حتى اصبحت ايامهم جاهلية جذعة تدرج في ضلالها ومجونها وإستهتارها خبط الناقة العشواء في الليلة الليلاء تلك طغمة الشر وحاشية الشيطان واعوان الكيد للإسلام الذين تمنوا ((أشياخهم)) وارواح طواغيتهم من قتلى ((بدر)) ليشمتوا بمصرع الحسين.
وليس للحسين بن علي وهو يسمع نغمة الجور تغطي صوت الحق ويرى دبيب افاعي الإجرام تلاحق المسلمين ويجد ولاة السوء تتخذ الناس خولاً وانعاماً لتهب من حلال ومن حرام العيش ما يستحله طائر حومان من غير ماء سعى اليه من يهماء ملتهبة القيعان.
ليس اذن للحسين وهو ربيب بيت النبوة وسليل الرسالة وأبواه محمد خاتم الرسل وعلي سيد الأوصياء إلاّ أن يجردها حرباً ويثيرها ملحمة تدك عروش البغي وتزلزل أركان امارات جعلت من منابر الوعظ وداراة ذكر الله وتلاوة القرآن ملكاً عضوضاً لا يعرف من الخلافة إلاّ كونها وسيلة لجر المغانم واشباع الشهوات البهيمية فلا وازع ولا رادع عما كانت تسعى اليه طغمة الشر في تلك الأيام السود.
ولئن كان للباطل جولة وللشيطان ان ينشط في مضمار غيه فان الحق يتعقب الباطل فيرديه ثم يجهز على شيطانه الدال على الطغيان والاثام فإذا الباطل وصاحبه لقى لليدين وللفم.
ذاك هو مصير الحكم الطائش وتلك هي دولة الجرائر والفساد وهذا يوم الحسين ومصرع الحسين وذكرى الحسين.
ذكرى تعطر جبين السماء ونخوة هي عنوان الإباء على ناصية العيون، وأباء هو اباء أبي الضيم:
جلا لها ابن جلا عضب الشبا ذكرا **** لا يعرف الصفح اما سله الغضب
وأي غضبة علوية كانت غضبة الحسين على خيول الشرك وحزب المارقين في يوم عاشوراء.
ولم ير يوم الطـف اصبر منهم **** غداة بها للموت طافت جحافل
رمى العز في الخضراء بين نجومها **** وكن ثاقبـاً فيها وهـن أوافـل
وليس من كريم مات شريفاً عصياً على الضيم في دنيا الأباء والشرف إلاّ وكان الحسين بن علي رائده وزعيمه وسيده في وثبته على الظالمين.
واضرمها لعنـان السـماء **** حمراء تلفـح اعنانهـا
ركين وللأرض تحت الكماة **** رجيف يزلزل ثهـلانها
ولمـا قضى للعلـى حقهـا **** وشيد بالسيـف بنيانها
ترجـل للموت عن سابـق **** له أخلت الخيل ميدانها
كأن المنيـة كانـت لديـه **** فتاة تواصـل خلصانها
أجل، يا أبا عبد الله فان دولة العلا ومجد الإسلام مدينان لحسامك ولجهادك وان شجرة هذا الدين الحنيف لتحنو عليك اليوم تحيي ذكراك المباركة وتمجد لك دماء آل الرسول الزكية سقيت بها اصلها الثابت فاذا هي فارعة في السماء تطبق الخافقين واذا كلمة شهادة التوحيد لها من الظهور والإشراق ما للشمس المنيرة في رأد الضحى..
وإذا بشانئيك وما شادوا للدنيا والفساد يتلقون اللعن الى يوم الدين وذلك جزاء الكافرين.