ما هي معطيات ثورة الحسين (عليه السلام) في خط التاريخ الثوري ضد الأمويين؟

بقلم: روكس بن زائد العزيزي
ممثل الرابطة الدولية لحقوق الإنسان في الأردن

ج/س2: إن الذي يتبع المعاملة الوحشية التي عومل بها الثائر العظيم الحسين  عليه السلام) وأعوانه يشعر بأن قلبه ينسحق وليس من الضروري أن يكون مسلماً ولا شيعياً، يكفي أن يكون ذا شعور إنساني، وذا قلب بشري، لكي يتألم للفاجعة التي حلت ببيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا عجب إذا كانت الفاجعة قد هزت العالم الإسلامي يومذاك كله، هزاً عنيفاً، زرع الحقد في قلوب الناس على الأمويين، ولا عجب اذا كانت هذه الفاجعة المروعة قد خلقت في بلاد فارس شعوراً وطنياً ساعد احفاد العباس فيما بعد على استغلال ذلك الشعور لمصلحتهم الشخصية، فكان معولاً هدموا به عرش أمية.

ولا عجب اذا ثار أهل المدينة المنورة غضباً لابن بنت نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يبالوا بجيش بني أمية الذي سحق بلا رحمة، زهرة شباب الأنصار والمهاجرين وبعث (مسلم بن عقبة) برؤوس أهل المدينة إلى يزيد، فلما ألقيت بين يديه جعل يتمثل بقول ابن الزبعري:

ليت أشياخي ببدر شهدوا   ****   جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلـوا واستهلوا  فرحاً   ****    ولقالـوا ليزيـد لا فشـل

وبعد أن أذلوا أهل المدينة أشنع اذلال، أرغموهم على مبايعة يزيد على أنهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم فمن امتنع منهم وصمه بالكي على رقبته، ولم يستئن من هذا العار، الا (علي) الثاني بن الحسين و(علي حفيد العباس).

وفي تلك الواقعة هدمت بعض المنشآت العامة، ودخلت شبه جزيرة العرب في عهد مظلم، شديد الحلكة !..

الى حد أن المنصور الخليفة العباسي الثاني، لما زار المدينة اضطر أن يتخذ له دليلاً، يرشده الى آثار أبطالها الاقدمين.

كل هذا حصل، فلا تعجبن إذا كانت دماء الحسين الشهيد وثورته قد زرعت ألغاما تحت العرش الأموي، فظلت كل انتفاضة على الحكم الأموي في العالم الاسلامي تستمد جذوتها من هذا البركان، الذي انفجر بعد حين، فأطاح بالعرش الاموي، وعاملهم العباسيون بالطريقة نفسها، التي، عاملوا بها، لأن من يزرع الدماء يحصد الجماجم.

فاذا كان حقد الامويين قد تتبع الحسين  (عليه السلام) في قبره فوضعوا المسالح عليه لكي لا يزار مثواه، وطوقوا قبره بالمخافر تتولى منع الناس عن زيارته فان هذا الارهاب الفكري عجل في ايقاد النقمة عليهم، وأسرع في دمارهم.

لكن قبر الحسين(عليه السلام) كان سبباً في عمران مدينة كربلاء مضفياً عليها هيبةً وجلالاً لأنه يوم أم الحسين العراق لم تكن كربلاء على شيء يذكر من العمران.

فاذا جاز لنا بعد الأعتماد على هذه الحقائق أن نسمح لخيالنا أن يمتد، فاننا نستطيع أن نقول أن ثورة الحسين كانت أملاً لكل ثورة واجهها العهد الأموي فيما بعد.

لكن لنا كلمة لا بد منها في الختام، وهي أنه يجب علينا أن نتخذ هذه الذكرى الدامية الخالدة للتسامح والإخاء، فلا نجعل أغلاط السياسة وأخطاء المصالح الشخصية تجترف عواطفنا الى الكراهية والحقد على الابناء الذين لا يد لهم في زلات الآباء والأجداد.

وسلام منا على الحسين وأبي الحسين(عليهما السلام)!

إرسال تعليق