بقلم: : عبد الهادي المختار
كان معاوية مصروف الهمة الى تدبير الملك. يهون عليه كل شيء اذا إنتظم أمره له فلما مرض مرضه الذي مات فيه دعا أبنه فأوصاه بعدة وصايا منها:
إني لست أخاف عليك أن ينازعك في هذا الأمر إلاّ أربعة من قريش: الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فأما ابن عمر فرجل قد وقذته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما أبن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله ليست له همة إلاّ في النساء واللهو وأما الحسين بن علي فهو رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه فإن خرج وظفرت به فأصفح عنه فإن له رحماً ماسة وحقاً عظيماً وقرابة من محمد. وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإن أمكنه فرصة وثب فذاك ابن الزبير فإن هو وثب عليك فظفرت به فقطعه إرباً إرباً.
هذا بعض ما وصى به معاوية ولي عهده وخليفته من بعده يزيد وهذه الوصية تناقلها المؤرخون مع بعض التحريف فيها والتحوير إلاّ إنني أشك في صحة قسم منها. في القسم الذي يختص بالحسين (عليه السلام) ولي في شكي هذا عذر هو أن معاوية لم يتردد في دس السم للحسن (عليه السلام) حتى بعد ما بايعه وتنازل له عن الخلافة فكيف يوصي أبنه يزيداً بالعفو عن أخيه الحسين إن هو ظفر به..؟
لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله حرمة أو قرابة حتى يوصي أبنه يزيد برعاية آل محمد. كلا أبداً فقد حارب الرسول في الجاهلية حتى أسلم كرهاً يوم فتح مكة. ثم حارب صهر الرسول وخليفته وأبن عمه علياً ونزا على خلافة المسلمين وانتزعها قهراً وقوة وسم ابن بنت الرسول الحسن، فهل يصدق بعد كل هذا أن يوصي بمثل ما أوصى به..؟ قد يكون قد أوصاه ان يغتاله سراً ويدس له السم، ويبعث له من يطعنه بليل. ربما كان هذا الفرض أقرب إلى الصحة من تلك الوصية.
ولكن المؤرخين –سامحهم الله- أرادوا إلا أن يبرؤا ساحة الأب ويلقوا جميع التبعات على الأبن وهما في الحقيقة غرس اثم واحد وثمرة جريمة واحدة.
أما ولي العهد يزيد فقد كان موفر الرغبة في اللهو والقنص والخمر والنساء والشعر لذلك لم يبال بإرتكاب أعظم اثم في الإسلام فيسفك أطهر دم ويهدم اقدس بيت ويستبيح آمن حرم.
ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد لاهم له بعد موت أبيه إلاّ تحصيل البيعة من الحسين وتشديده على عامله بالمدينة بلزوم اجبار الحسين على البيعة.
ولما كان الناس على دين ملوكهم. وكما تكونوا يول عليكم فقد كان عمال يزيد ممن هم على مشاكلته ومشربه ومن التف حوله وحولهم من حاشية لا يقلون عنه وعنهم قبح سيرة ومجاهرة بالأثم واشتهاراً بالقبائح والفضائح.
لا عجب بعد هذا أن يرتكب يزيد أعظم جرم في الإسلام ولا غرابة في أن يقوم عبيد الله بن زياد بن سمية بتنفيذ ذلك الجرم. ولكن العجب كل العجب والغرابة كل الغرابة أن يستمر حكم الدولة الأموية مدة أثنين وتسعين سنة وهي على ما هي عليه من بطش وسفك للدماء وانتهاك للحرمات وقضاء على الحريات وفسق وفجور وتنكيل واعتداء ولا يعلم إلاّ الله كم كان يدوم حكمها لولا جرائمها وما اقترفته ايدي خلفائها وأمرائها وولاتها اللهم إلاّ بإستثناء عمر بن عبد العزيز منهم..!!
من يدري ربما دامت أجيالاً وقروناً ولكن الظلم له حد وهو أن دام دمر وما ظالم إلاّ ويبلى بأظلم ولله عاقبة الأمور. كان الحسين (عليه السلام) قد اعترض على أخيه الحسن عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية ونصحه ان لا يفعل ذلك ولكن الحسن أفهمه بأن يريد حقن دماء المسلمين قبل كل شيء ومن ثم إلقاء الحجة على الظالمين فالناس قد اصبحوا عبيد المال لا عبيد الحق لذا قل الناصرون وكثر المناوؤن. واقتنع الحسين بحجة أخيه ثم حدث ان دس السم للحسن فكان ذلك ابلغ حجة وأوضح عذر لذلك التنازل وعندها علم الحسين أن بني أمية لا تكف أيديها عن بني هاشم حتى بعد أن بايعوا لهم ويلقوا بمقاليد الأمور اليهم ويسلموا الخلافة لهم.
آثر عليه السلام السكوت طيلة حياة معاوية وبعد وفاة أخيه الحسن لا لأن معاوية كان عادلاً وخليفة حقاً بل رعاية لعهد أخيه وأداءاً لواجب الوفاء وحرفة لبيعة أخيه. وأخيراً ربما يموت معاوية فيولي المسلمون أمورهم من هو أهل لها ويقلدوا خلافتهم من هو أولى من معاوية بها. قد يعودون الى رشدهم و يثوبون الى ضمائرهم فيعود الحق الى نصابه. ثم عهد معاوية بالأمر من بعده الى ولده يزيد. فسكت الحسين ايضاً إذ لعل الأمر ينقلب بعد موت معاوية. ولو أنه جاهر وصرح ونادى في مواطن عديدة ومواقف كثيرة بأن يزيد ليس أهلاً للخلافة وأن معاوية قد ارتكب أعظم اثم في عهده لإبنه ولكنه لم يترو ولم يشهر السيف انتظاراً لما سيأتي به الغد ففي الغد أسرار.
ولي الأمر يزيد وأصبح- لسوء حظ المسلمين- خليفة عليهم فلم يسع الحسين (عليه السلام) السكوت على ذلك المنكر وهو حفيد الرسول ونجل علي فامتنع عن البيعة لخليفة انصرف عن رعاية المسلمين الى رعاية القرود والكلاب والفهود. كان الحسين يعلم حق العلم انه لا طاقة له بمناهضة الطغيان والجبروت والظلم والتعسف فأنصاره وأعوانه وهم أنصار الحق وأعوانه قليلون، أما الأكثرية المطلقة من الناس فهم عبيد المال رقيق للدنيا قد استهواهم بريق الأصفر الرنان وأخذ بلبهم رنين الذهب وأمات حب الدعة والسكون فيهم كل عاطفة وقضى حب الشهوات على كل شعور وطغى حب الحياة على كل فضيلة.
كان الحسين يدري انه مقتول. بايع ليزيد أو لم يبايع فقد سم أخوه الحسن بعد أن بايع لمعاوية ويزيد لم يكن أعف من والده ولا اتقى حتى يتحرج من الدس الى الحسين والإيقاع به. موت على كل حال وموت تحت خفق البنود ولمع السيوف وبريق الأسنة أشهى الى نفس عالية كنفس الحسين سليل النبوة من ميتة عادية على فراش بعد بيعة تأباها نفسه الكريمة لرجل مثل يزيد. ويزعم بعض المؤرخين أن الحسين (عليه السلام) قد أخطأ – وحاشاه عما يقولون- بتركه الحجاز وذهابه الى العراق وعدم اعتصامه بمكة والتجائه الى من خانوا أباه وأخاه وتصديقه لوعودهم له بعدما خبرهم وعرفهم.
أقول: إنه لم يعتصم بمكة لأن أمية لا يعظم عليهم أبداً انتهاك بيت الله الحرام وقد انتهكوا حرمته فعلاً عندما حاربوا عبد الله بن الزبير ولم يعتصم بالمدينة وقد استباحوها بعد ذلك ولم يراعوا حرمة الرسول لم يشأ الحسين أن تضاف بسبب إعتصامه بمكة والمدينة سيئة أخرى الى سيئات بني أمية وهو سليل من أرسله الله رحمة للعالمين. لم يشأ عليه السلام أن يسفك دمه الحرام في البلد الحرام وأن يحرم المسلمون من الحج إن حوصروا ودام أمد الحصار.
كما إنه لم يصدق حرفاً مما كتبه اليه أهل الكوفة إذا كان يعلم حق العلم انهم قوم لا يصبرون على طعام واحد خذلوا أباه وتآمروا على أخيه قوم لا يركن اليهم البته. سار اليهم الى أهل العراق وهو يدري نتيجة مسيره واصطحب معه افراد اسرته وعائلته وهو أدرى الناس بمصيرهم ولقيه نفر وحذروه العاقبة وهو أعرف منهم بها. ثم وصل والتقى بمن كاتبه وراسله وبايعه فأنكروا وتبرأوا وتنصلوا. ثم طلب الرجوع الى بلده فأبوا وامتنعوا. وتنازل فطلب الذهاب الى يزيد – عله يتمكن من هدايته الى الطريق السوي- فجحدوا وأصروا إلاّ النزول على حكم ابن مرجانة سليل بن سمية وهو ما تأباه النفوس الأبية والضمائر الحرة والقلوب السامية.
موت وقتل بايع أو لم يبايع نزل على حكم يزيد أو لم ينزل سلم نفسه الى ابن زياد او لم يسلمها.
لم لا يموت اذن وقد القى عن كاهله الشريف عبء النصيحة وثقل الحجة..؟
لم لا يضحي بنفسه وروحه وأرواح من تابعه في سبيل الإباء والعزة..؟ ومن أحق بالتضحية من شبل علي .. حفيد محمد..؟
جعل من نفسه الشريفة قنبلة تحت عرش الدولة الأموية فهو إن لم يتمكن من دك ذلك العرش في حياته فسيكون موته شهيداً مدعاة قوية لتحطيم تلك الدولة وانحلالها.
ولاقى قبيل مصرعه مالم يلاقه بشر قتل أولاده وأطفاله وأتباعه. ومثل بهم وضجت نساؤه عطشاً وولهاً. ثم أسلم نفسه بعدما تمزق جسده. وسالت دماؤه واضمحلت قواه. ولاقى الناكثون جزاءهم فقد سلط عليهم المختار والحجاج ولاقت بنو أمية جزاءها وما جنت ايديها فقد تولى أمرهم السفاح وأخيراً أعود فأكرر عجبي وأستغرابي من دوام حكم الدولة الأموية مدة أثنتي وتسعين سنة بعد مقتل الحسين وهدم الكعبة واستباحة المدينة وملك مثل مروان ويزيد بن عبد الملك والوليد بن يزيد. ولكن لله في خلقه شؤون انما نملي لهم ليزدادوا إثماً.
كان معاوية مصروف الهمة الى تدبير الملك. يهون عليه كل شيء اذا إنتظم أمره له فلما مرض مرضه الذي مات فيه دعا أبنه فأوصاه بعدة وصايا منها:
إني لست أخاف عليك أن ينازعك في هذا الأمر إلاّ أربعة من قريش: الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فأما ابن عمر فرجل قد وقذته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما أبن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئاً صنع مثله ليست له همة إلاّ في النساء واللهو وأما الحسين بن علي فهو رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه فإن خرج وظفرت به فأصفح عنه فإن له رحماً ماسة وحقاً عظيماً وقرابة من محمد. وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإن أمكنه فرصة وثب فذاك ابن الزبير فإن هو وثب عليك فظفرت به فقطعه إرباً إرباً.
هذا بعض ما وصى به معاوية ولي عهده وخليفته من بعده يزيد وهذه الوصية تناقلها المؤرخون مع بعض التحريف فيها والتحوير إلاّ إنني أشك في صحة قسم منها. في القسم الذي يختص بالحسين (عليه السلام) ولي في شكي هذا عذر هو أن معاوية لم يتردد في دس السم للحسن (عليه السلام) حتى بعد ما بايعه وتنازل له عن الخلافة فكيف يوصي أبنه يزيداً بالعفو عن أخيه الحسين إن هو ظفر به..؟
لم يكن معاوية بالذي يرعى لرسول الله حرمة أو قرابة حتى يوصي أبنه يزيد برعاية آل محمد. كلا أبداً فقد حارب الرسول في الجاهلية حتى أسلم كرهاً يوم فتح مكة. ثم حارب صهر الرسول وخليفته وأبن عمه علياً ونزا على خلافة المسلمين وانتزعها قهراً وقوة وسم ابن بنت الرسول الحسن، فهل يصدق بعد كل هذا أن يوصي بمثل ما أوصى به..؟ قد يكون قد أوصاه ان يغتاله سراً ويدس له السم، ويبعث له من يطعنه بليل. ربما كان هذا الفرض أقرب إلى الصحة من تلك الوصية.
ولكن المؤرخين –سامحهم الله- أرادوا إلا أن يبرؤا ساحة الأب ويلقوا جميع التبعات على الأبن وهما في الحقيقة غرس اثم واحد وثمرة جريمة واحدة.
أما ولي العهد يزيد فقد كان موفر الرغبة في اللهو والقنص والخمر والنساء والشعر لذلك لم يبال بإرتكاب أعظم اثم في الإسلام فيسفك أطهر دم ويهدم اقدس بيت ويستبيح آمن حرم.
ولو أن الوصية المزعومة كانت صحيحة لما كان يزيد لاهم له بعد موت أبيه إلاّ تحصيل البيعة من الحسين وتشديده على عامله بالمدينة بلزوم اجبار الحسين على البيعة.
ولما كان الناس على دين ملوكهم. وكما تكونوا يول عليكم فقد كان عمال يزيد ممن هم على مشاكلته ومشربه ومن التف حوله وحولهم من حاشية لا يقلون عنه وعنهم قبح سيرة ومجاهرة بالأثم واشتهاراً بالقبائح والفضائح.
لا عجب بعد هذا أن يرتكب يزيد أعظم جرم في الإسلام ولا غرابة في أن يقوم عبيد الله بن زياد بن سمية بتنفيذ ذلك الجرم. ولكن العجب كل العجب والغرابة كل الغرابة أن يستمر حكم الدولة الأموية مدة أثنين وتسعين سنة وهي على ما هي عليه من بطش وسفك للدماء وانتهاك للحرمات وقضاء على الحريات وفسق وفجور وتنكيل واعتداء ولا يعلم إلاّ الله كم كان يدوم حكمها لولا جرائمها وما اقترفته ايدي خلفائها وأمرائها وولاتها اللهم إلاّ بإستثناء عمر بن عبد العزيز منهم..!!
من يدري ربما دامت أجيالاً وقروناً ولكن الظلم له حد وهو أن دام دمر وما ظالم إلاّ ويبلى بأظلم ولله عاقبة الأمور. كان الحسين (عليه السلام) قد اعترض على أخيه الحسن عندما تنازل عن الخلافة لمعاوية ونصحه ان لا يفعل ذلك ولكن الحسن أفهمه بأن يريد حقن دماء المسلمين قبل كل شيء ومن ثم إلقاء الحجة على الظالمين فالناس قد اصبحوا عبيد المال لا عبيد الحق لذا قل الناصرون وكثر المناوؤن. واقتنع الحسين بحجة أخيه ثم حدث ان دس السم للحسن فكان ذلك ابلغ حجة وأوضح عذر لذلك التنازل وعندها علم الحسين أن بني أمية لا تكف أيديها عن بني هاشم حتى بعد أن بايعوا لهم ويلقوا بمقاليد الأمور اليهم ويسلموا الخلافة لهم.
آثر عليه السلام السكوت طيلة حياة معاوية وبعد وفاة أخيه الحسن لا لأن معاوية كان عادلاً وخليفة حقاً بل رعاية لعهد أخيه وأداءاً لواجب الوفاء وحرفة لبيعة أخيه. وأخيراً ربما يموت معاوية فيولي المسلمون أمورهم من هو أهل لها ويقلدوا خلافتهم من هو أولى من معاوية بها. قد يعودون الى رشدهم و يثوبون الى ضمائرهم فيعود الحق الى نصابه. ثم عهد معاوية بالأمر من بعده الى ولده يزيد. فسكت الحسين ايضاً إذ لعل الأمر ينقلب بعد موت معاوية. ولو أنه جاهر وصرح ونادى في مواطن عديدة ومواقف كثيرة بأن يزيد ليس أهلاً للخلافة وأن معاوية قد ارتكب أعظم اثم في عهده لإبنه ولكنه لم يترو ولم يشهر السيف انتظاراً لما سيأتي به الغد ففي الغد أسرار.
ولي الأمر يزيد وأصبح- لسوء حظ المسلمين- خليفة عليهم فلم يسع الحسين (عليه السلام) السكوت على ذلك المنكر وهو حفيد الرسول ونجل علي فامتنع عن البيعة لخليفة انصرف عن رعاية المسلمين الى رعاية القرود والكلاب والفهود. كان الحسين يعلم حق العلم انه لا طاقة له بمناهضة الطغيان والجبروت والظلم والتعسف فأنصاره وأعوانه وهم أنصار الحق وأعوانه قليلون، أما الأكثرية المطلقة من الناس فهم عبيد المال رقيق للدنيا قد استهواهم بريق الأصفر الرنان وأخذ بلبهم رنين الذهب وأمات حب الدعة والسكون فيهم كل عاطفة وقضى حب الشهوات على كل شعور وطغى حب الحياة على كل فضيلة.
كان الحسين يدري انه مقتول. بايع ليزيد أو لم يبايع فقد سم أخوه الحسن بعد أن بايع لمعاوية ويزيد لم يكن أعف من والده ولا اتقى حتى يتحرج من الدس الى الحسين والإيقاع به. موت على كل حال وموت تحت خفق البنود ولمع السيوف وبريق الأسنة أشهى الى نفس عالية كنفس الحسين سليل النبوة من ميتة عادية على فراش بعد بيعة تأباها نفسه الكريمة لرجل مثل يزيد. ويزعم بعض المؤرخين أن الحسين (عليه السلام) قد أخطأ – وحاشاه عما يقولون- بتركه الحجاز وذهابه الى العراق وعدم اعتصامه بمكة والتجائه الى من خانوا أباه وأخاه وتصديقه لوعودهم له بعدما خبرهم وعرفهم.
أقول: إنه لم يعتصم بمكة لأن أمية لا يعظم عليهم أبداً انتهاك بيت الله الحرام وقد انتهكوا حرمته فعلاً عندما حاربوا عبد الله بن الزبير ولم يعتصم بالمدينة وقد استباحوها بعد ذلك ولم يراعوا حرمة الرسول لم يشأ الحسين أن تضاف بسبب إعتصامه بمكة والمدينة سيئة أخرى الى سيئات بني أمية وهو سليل من أرسله الله رحمة للعالمين. لم يشأ عليه السلام أن يسفك دمه الحرام في البلد الحرام وأن يحرم المسلمون من الحج إن حوصروا ودام أمد الحصار.
كما إنه لم يصدق حرفاً مما كتبه اليه أهل الكوفة إذا كان يعلم حق العلم انهم قوم لا يصبرون على طعام واحد خذلوا أباه وتآمروا على أخيه قوم لا يركن اليهم البته. سار اليهم الى أهل العراق وهو يدري نتيجة مسيره واصطحب معه افراد اسرته وعائلته وهو أدرى الناس بمصيرهم ولقيه نفر وحذروه العاقبة وهو أعرف منهم بها. ثم وصل والتقى بمن كاتبه وراسله وبايعه فأنكروا وتبرأوا وتنصلوا. ثم طلب الرجوع الى بلده فأبوا وامتنعوا. وتنازل فطلب الذهاب الى يزيد – عله يتمكن من هدايته الى الطريق السوي- فجحدوا وأصروا إلاّ النزول على حكم ابن مرجانة سليل بن سمية وهو ما تأباه النفوس الأبية والضمائر الحرة والقلوب السامية.
موت وقتل بايع أو لم يبايع نزل على حكم يزيد أو لم ينزل سلم نفسه الى ابن زياد او لم يسلمها.
لم لا يموت اذن وقد القى عن كاهله الشريف عبء النصيحة وثقل الحجة..؟
لم لا يضحي بنفسه وروحه وأرواح من تابعه في سبيل الإباء والعزة..؟ ومن أحق بالتضحية من شبل علي .. حفيد محمد..؟
جعل من نفسه الشريفة قنبلة تحت عرش الدولة الأموية فهو إن لم يتمكن من دك ذلك العرش في حياته فسيكون موته شهيداً مدعاة قوية لتحطيم تلك الدولة وانحلالها.
ولاقى قبيل مصرعه مالم يلاقه بشر قتل أولاده وأطفاله وأتباعه. ومثل بهم وضجت نساؤه عطشاً وولهاً. ثم أسلم نفسه بعدما تمزق جسده. وسالت دماؤه واضمحلت قواه. ولاقى الناكثون جزاءهم فقد سلط عليهم المختار والحجاج ولاقت بنو أمية جزاءها وما جنت ايديها فقد تولى أمرهم السفاح وأخيراً أعود فأكرر عجبي وأستغرابي من دوام حكم الدولة الأموية مدة أثنتي وتسعين سنة بعد مقتل الحسين وهدم الكعبة واستباحة المدينة وملك مثل مروان ويزيد بن عبد الملك والوليد بن يزيد. ولكن لله في خلقه شؤون انما نملي لهم ليزدادوا إثماً.
2 التعليقات
لا حول ولا قوة الا بالله والله قصة مقتل الحسين تدمي القلب ,,,, الموت للخونه
تعليقلعنه الله على كل غاصب لحق ال البيت اولهم معاويه
تعليقإرسال تعليق