دور الزبيريين في محاربة فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام ومنها الولادة في الكعبة

بقلم: السيد نبيل الحسني

لم يكن عبد الله بن الزبير وأبناؤه بأحسن حالاً من الأمويين في الاعتقاد بحرمة بيت الله وأهله وبعدائهم عليَّ بن أبي طالب وبني هاشم عامة، ولم يكن البيت الحرام ولا أهله بمانعيهم عن المحاربة لهما.

المسألة الأولى: تغيير عبد الله بن الزبير بناء الكعبة وانتهاك حرمتها وسفك دماء المسلمين فيها


روى الشيخ الكليني رحمه الله عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: (كانت الكعبة على عهد إبراهيم عليه السلام تسعة أذرع وكان لها بابان فبناها عبد الله بن الزبير فرفعها ثمانية عشر ذراعاً فهدمها الحجاج فبناها سبعة وعشرين ذراعاً)[1].

وهنا نلحظ أنّ ارتفاع الكعبة كان بفعل رأي عبد الله بن الزبير وتغيره لما أمر أمر الله به نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام فحولها من تسعة أذرع إلى ثمانية عشر ذراعاً ثم يقوم الحجاج فيرفعها أكثر من ذلك فيحولها إلى سبعة وعشرين ذراعاً.

وأما ما دار فيها من القتال بين عبد الله بن الزبير وأتباعه وجيش الشام بقيادة مسرف بن عقبة في زمن معاوية حتى احترقت ثياب الكعبة، وفي قيادة الحجاج بن يوسف الثقفي في زمن عبد الملك بن مروان حتى هدمت الكعبة واستبيحت حرمتها وسفكت دماء التابعيين وأبنائهم والمسلمين فيها، وإنّ في هذا غنيً عن التفصيل؛ إذ أن كتب التاريخ لحبلى بهذه الأحداث.

المسألة الثانية: معاداة عبد الله بن الزبير  أهل البيت عليهم السلام وامتناعه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغضاً لأهل بيته عليهم السلام


إنّ مما يدل على زيف ادّعاء الزبيريين في ولادة ابن عمهم حكيم بن حزام في جوف الكعبة فضلاً عن بيان السبب الحقيقي لهذا الادعاء الكاذب والدافع من ورائه، هو ما رواه أبو الفرج الأصفهاني لحديث يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام مع عبد الله بن مصعب ــ والذي يظهر فيه عداء الزبيريين وبغضهم عليّ بن أبي طالب وأولاده عليهم السلام ــ حينما اتهمه بالخروج على الخليفة العباسي هارون، وقد جمع بينهما هارون (المدعو بالرشيد) بعد أن سجن يحيى بن عبد الله بن الحسن فأخرجه من السجن وأحضره إلى القصر، وكان عبد الله بن مصعب حاضراً، فقال لهارون متهماً يحيى بالخروج على الخليفة: (إن هذا دعاني إلى بيعته، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين أتصدّق هذا وتستنصحه وهو ابن عبد الله بن الزبير! أدخل أباك وولده الشعب وأضرم عليهم النار حتى تخلّصه أبو عبد الله الجدلي صاحب علي بن أبي طالب منه عنة.

وهو الذي بقى أربعين جمعة لا يصلي على النبي[2] ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ في خطبيته حتى إلتاث عليه الناس. فقال: إنّ له أهل بيت سوء إذا صليت عليه أو ذكرته أتلعوا أعناقهم واشرأبوا لذكره وفرحوا بذلك فلا أحب أن أقر عينهم بذكره.

وهو الذي فعل بعبد الله بن العباس ما لا خفاء به عليك حتى لقد ذبحت يوما عنده بقرة فوجدت كبدها قد نقبت فقال ابنه علي بن عبد الله: يا أبة أما ترى كبد هذه البقرة؟ فقال: يا بني، هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف، فلما حضرته الوفاة قال لعلي ابنه: يا بني، الحق بقومك من بني عبد مناف بالشام، ولا تقم في بلد لابن الزبير فيه إمرة، فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير. ووالله إن عداوة هذا يا أمير المؤمنين لنا جميعا بمنزلة سواء، ولكنه قوى علي بك وضعفت عنك، فتقرب بي إليك، ليظفر منك بما يريد، إذ لم يقدر على مثله منك، وما ينبغي لك أن تسوغه ذلك فيّ، فإنّ معاوية بن أبي سفيان، وهو أبعد نسباً منك إلينا، ذكر يوماً الحسن بن علي فسفّهه فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك، فزجره معاوية وانتهره فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين! فقال: إن الحسن لحمي آكله. ولا أوكله.

فقال عبد الله بن مصعب: إن عبد الله بن الزبير طلب أمراً فأدركه. وإن الحسن باع الخلافة من معاوية بالدراهم، أتقول هذا في عبد الله بن الزبير، وهو ابن صفية بنت عبد المطلب؟ فقال يحيى: يا أمير المؤمنين، ما أنصفنا أنْ يفخر علينا بامرأة من نسائنا وامرأة منا، فهلا فخر بهذا على قومه من النوبيات والاساميات والحمديات!

فقال عبد الله بن مصعب: ما تدعون بغيكم علينا وتوثبكم في سلطاننا؟ فرفع يحيى رأسه إليه، ولم يكن يكلمه قبل ذلك، وإنما كان يخاطب الرشيد بجوابه لكلام عبد الله، فقال له: أتوثبنا في سلطانكم؟ ومن أنتم ــ أصلحك الله ــ عرفني فلست أعرفكم؟ فرفع الرشيد رأسه إلى السقف يجيله فيه ليستر ما عراه من الضحك ثم غلب عليه الضحك ساعة، وخجل ابن مصعب.

 ثم التفت يحيى فقال: يا أمير المؤمنين، ومع هذا فهو الخارج مع أخي على أبيك والقائل له:

إن الحمامة يوم الشعب من دثن **** هاجت فؤاد محب دائم الحزن
إنا لنأمل أن ترتد إلفتنا **** بعد التدابر والبغضاء والإحن
حتى يثاب على الإحسان محسننا **** ويأمن الخائف المأخوذ بالدمن
وتنقضي دولة أحكام قادتها **** فينا كأحكام قوم عابدي وثن
فطالما قد بروا بالجور أعظمنا **** بري الصناع قداح النبع بالسفن
قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا **** إن الخلافة فيكم يا بني الحسن
لا عز ركنا نزار عند سطوتها **** إن أسلمتك ولا ركنا ذوي يمن
ألست أكرمهم عودا إذا انتسبوا **** يوما وأطهرهم ثوبا من الدرن
وأعظم الناس عند الناس منزلة **** وأبعد الناس من عيب ومن وهن

قال: فتغير وجه الرشيد عند استماع هذا الشعر، فابتدأ ابن مصعب يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وبأيمان البيعة أن هذا الشعر ليس له وأنه لسديف. فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين ما قاله غيره، وما حلفت كاذبا ولا صادقا بالله قبل هذا، وإن الله إذا مجده العبد في يمينه بقوله: الرحمن الرحيم، الطالب الغالب، استحيى أن يعاقبه، فدعني أحلفه بيمين ما حلف بها أحد قط كاذبا إلا عوجل. قال: حلفه.

قال: قل: برئت من حول الله وقوته، واعتصمت بحولي وقوتي، وتقلدت الحول والقوة من دون الله، استكباراً على الله، واستغناء عنه واستعلاء عليه إن كنت قلت هذا الشعر. فامتنع عبد الله من الحلف بذلك، فغضب الرشيد وقال للفضل بن الربيع: يا عباسي ماله لا يحلف إن كان صادقا؟ هذا طيلساني علي، وهذه ثيابي لو حلفني أنها لي لحلفت.

فرفس الفضل بن الربيع عبد الله ابن مصعب برجله وصاح به: إحلف ويحك ــ وكان له فيه هوى ــ فحلف باليمين ووجهه متغير وهو يرعد، فضرب يحيى بين كتفيه ثم قال: يا بن مصعب قطعت والله عمرك، والله لا تفلح بعدها. فما برح من موضعه حتى اصابه الجذام فتقطع ومات في اليوم الثالث.

فحضر الفضل بن الربيع جنازته، ومشى الناس معه، فلما جاءوا به إلى القبر ووضعوه في لحده وجعل اللبن فوقه، انخسف القبر فهوى به حتى غاب عن أعين الناس، فلم يروا قرار القبر وخرجت منه غبرة عظيمة.

فصاح الفضل: التراب التراب فجعل يطرح التراب وهو يهوى، ودعا بأحمال الشوك فطرحها فهوت، فأمر حينئذ بالقبر فسقف بخشب وأصلحه وانصرف منكسراً.

فكان الرشيد بعد ذلك يقول للفضل: رأيت يا عباسي، ما أسرع ما اديل ليحيى من ابن مصعب)[3].

والحادثة تدل على جملة من الحقائق:

1. المجاهرة ببغض عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2. إعلان الحرب عليهم وإيذائهم أشد الأذى، مع ما في ذلك من أذى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

3. محاربة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم جهاراً بالامتناع عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأربعين أسبوعاً أي لتسعة أشهر.

4. الدافع الحقيقي لإطلاق أكذوبة ولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة وهو التقليل من شأن العلويين والهاشميين الذين حباهم الله سبحانه برسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبوصيه وخليفته علي بن أبي طالب عليه السلام.

5. ثبوت حرمة ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض النفوس التي خالطتها الظنون حينما رأوا بأم أعينهم ما جرى لعبد الله بن مصعب من الهلاك والخزي في الدنيا.

المسألة الثالثة: دور الزبير بن بكار وعمه مصعب في نشر الادعاء بولادة حكيم بن حزام في الكعبة، والدليل على زيفه


إلا إننا نجد أن الحافظ ابن حجر العسقلاني قد كشف عن الرواي الأساس في قضية ولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة، فقال: «وحكى الزبير بن بكار: أنّ حكيم بن حزام قد ولد في جوف الكعبة وكان من سادات قريش في الجاهلية والإسلام».

وهو بذاك قد وضع أيدينا على الجرح وذلك لما عُرف به الزبير بن بكار من معاداة للعلويين في المدينة المنورة وفي غيرها حسبما دلت عليه النصوص التاريخية:

1. قال ابن الأثير الجزري: (قدم الزبير بن بكار العراق هارباً من العلويين لأنه كان ينال منهم فتهدوده فهرب منهم وقدم على عمه مصعب بن عبد الله وشكا إليه حاله وخوفه من العلويين وسأله إنهاء حاله إلى المعتصم ــ الخليفة العباسي ــ فلم يجد عنده ما أراد وأنكر عليه حاله ولامه، قال أحمد: فشكا ذلك إلي وسألني مخاطبة عمه في أمره، فقلت له في ذلك وأنكرت عليه إعراضه عنه فقال لي: إن الزبير فيه جهل وتسرع، فأشر عليه أن يستعطف العلويين، ويزيل ما في نفوسهم، والله على مثل ذلك أوافقه ولا أقدر أذكرهم عنده بقبيح، فقل له ذلك حتى يرجع عن الذي هو عليه من ذمهم)[4].

ومن كان هذا حاله من العلويين، ومعروف لدى الناس بذمهم، فضلاً عن إقرار عمه مصعب بأنه جاهل ومتسرع كيف لا يدعي بأن حكيم بن حزام قد ولد في جوف الكعبة نكاية بعلي بن أبي طالب عليه السلام.

2. ذكره أحمد بن علي السليماني ــ صاحب كتاب العالم والمتعلم ــ في عداد من يضع الحديث؛ وقال ــ مرة ــ: منكر الحديث، وهو ما نقله الحافظ الذهبي في ميزانه، وغيره[5].

وهذه الرتبة وإن كان الذهبي قد حاول عدم الإقرار بها، إلا أنها تكشف حال الرجل عند غير الذهبي.

3. وقد حدث الشيخ الصدوق عن أحمد بن محمد بن إسحاق الخراساني قال: سمعت علي بن محمد النوفلي يقول: استحلف الزبير بن بكار رجل من الطالبيين على شيء بين القبر والمنبر، فحلف فبرص، فانا رأيته وبساقيه وقدميه برص كثير. وكان أبوه بكار قد ظلم الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في شيء فدعا عليه، فسقط في وقت دعائه عليه حجر من قصر فاندقت عنقه، وأما أبوه عبد الله بن مصعب فإنه مزق عهد يحيى بن عبد الله بن الحسن وأهانه بين يدي الرشيد وقال: أقتله يا أمير المؤمنين فإنه لا أمان له، فقال يحيى للرشيد: إنّه خرج مع أخي بالأمس ــ وأنشد أشعاراً له ــ فأنكرها، فحلّفه يحيى بالبراءة وتعجيل العقوبة، فحم من وقته، ومات بعد ثلاثة، وانخسف قبره مرات كثيرة)[6].

4. ولم يكن عداء الزبير بن بكار للعلويين، واتهمامه لهم، ومحاربتهم، أن يمر من دون عقاب دنيوي يكشف عن سوء العاقبة، فقد ذكر الخطيب البغدادي، والحافظ المزي، والسمعاني: (إنّ سبب وفاته أن وقع من فوق سطحه فمكث يومين لا يتكلم ومات)[7].

أما حال عمه مصعب بن عبد الله الذي نسب إليه مدعى ولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة فقد قال ابن الأثير الجزري في بيان حاله مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه قال: (وهو عم الزبير بن بكار، وكان عالماً فقيهاً، إلا أنه كان منحرفاً عن علي عليه السلام)[8].

ومن كان منحرفاً عن علي بن أبي طالب عليه السلام الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حبّه علامة الإيمان؛ وبغضَه علامة النفاق، كيف لا يتقول الأكاذيب في شأن علي عليه السلام، وما قوله في ولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة إلا واحد من تلك البدع التي نال بها من العلويين.

إذن: لم يكن لولادة حكيم بن حزام في جوف الكعبة أيّ حقيقة وإنما هي دعوى باطلة انطلقت من فم امرئ عُرف هو وآبائه بعدائهم الشديد لعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومجاهرتهم بالنفاق من خلال بغضهم لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وهذا أولاً.

ثانياً: كيف لم نجد في كتب التاريخ والحديث والتفسير والأدب رواية واحدة تنص على أنّ حكيم بن حزام قد صرح بولادته في الكعبة على الرغم من أنه عاش مائة وعشرين سنة نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام بل لم يرد عن أي امرئ من بنيه أو أخوته أو أخواته ذكر لهذه الحادثة سوى عن الزبير بن بكار وعم أبيه مصعب بعد مرور أكثر من ثلاثمائة سنة على ولادة حكيم بن حزام وذلك أن حكيم ولد ــ وبحسب قوله ــ سنة 13 قبل عام الفيل، والزبير بن بكار توفي سنة (256هـ)[9]، إنها من عجائب الدنيا السبعة وعجائب أدبيات المنافقين.

وثالثاً: إن المناقب تعد مناقب عند أهلها، أما من لا يجد لله ورسوله حرمة فلا منقبة لديه فيما يرتبط بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكأننا في هذه الحالة نقول للمسيحيين في العالم وغيرهم إن من المناقب التي خصكم الله بها أن جعل الله تعالى مكة قبلة للمصلين. فسرعان ما يقولون أي مصلين هؤلاء وأي قبلة تلك، إنما المناقب عندنا محصورة ببيت المقدس وبالسيدة العذراء وابنها عليهما السلام وبالقساوسة والكنائس.

والحال نفسه عند الأمويين والزبيريين فالمناقب عندهم محصورة في سادات الجاهلية وتجارة العبيد والتحكم في سوق النساء والخمور والسطو والقتل ومحاربة علي وفاطمة والحسن والحسين الذين في محاربتهم محاربة لجدهم فهو المقصود من ذلك، أما أن يولد أحدهم في جوف الكعبة فهذا آخر همهم.

رابعاً: إنّ الولادة في جوف الكعبة هي منقبة عند أهل الكعبة لأنهم يدركون حرمتها ويعظمون حقها ويجلون شأنها وليس عند الأمويين والزبيرين والنواصب والوهابيين، والشواهد على تعظيم الكعبة عند بني هاشم وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة. فمنها:

1. قال إبراهيم الخليل عليه السلام حينما أنزل أهله عند الكعبة (أعزها الله): {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ}[10]، فإبراهيم عليه السلام هو الذي يعظم البيت ويدرك حرمته وليس بنو أمية وحجاجهم الثقفي ولا الزبيريون وقتالهم في الكعبة.


2. إن إبراهيم عليه السلام هو الذي قدم ولده فداء لإقامة البيت الحرام فتلك هي المنقبة العظمى، وليس حزام بن حكيم الذي كان من الطلقاء ومن أشد المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

3. إن عبد المطلب هو من تبع أباه إبراهيم في فداء البيت الحرام فنذر أحد أبنائه لبيت الله الحرام فكان ولده عبد الله الذي خصه الله بـ(محمد صلى الله عليه وآله وسلم) ليكون ابن الذبيحين.

4 . إنّ عبد المطلب هو من يعتقد بحرمة البيت الحرام وإنّ له شأناً عند الله تعالى ولذلك قال لأبرهة الحبشي (إنّ للبيت ربّاً يحميه) ولكرامة البيت وحرمته ونصرته ونصرة شيخ الأبطح الذي يؤمن برب البيت وأنه هو الذي سيتكفل بحمايته فقد أرسل الله طير الأبابيل كما ينص عليه القرآن الكريم في سورة الفيل.

5 . أما عند أبي طالب (رضوان الله تعالى عليه) فيبدو ذلك جلياً لا يحتاج إلى دليل، ويكفي من الشواهد على ذلك ما قاله في خطبة خديجة عليها السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضلاً عن وصيته لقريش وبني هاشم عند وفاته.

أ . فأمّا في خطبة خديجة فقال: «الحمد لرب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه..»[11].

ب . وأما في وصيته قبل وفاته فقال: «ما معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم السيد المطاع وفيكم المقدام الشجاع الواسع البائع.. ــ إلى أن يقول ــ وإنّي أوصيكم بتعظيم هذه البنية (يعني الكعبة)؛ فإنّ فيها مرضاة للرب، وقواماً للمعاش، وثباتاً للوطاة...»[12].

4. خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة خير دليل على تعظيم أهل البيت عليهم السلام لبيت الله الحرام وهو القائل: «ولأن أقتل وبيني وبين الحرم باع أحب إلي من أن أقتل وبيني وبينه شبر، ولأن أقتل بالطف أحب إلي من أن أقتل بالحرم»[13].

ــــــــــــــــــــ
[1] الكافي: ج4، ص207.
[2] مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني: ص315؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: ج4، ص62؛ النصائح الكافية لابن عقيل: ص125؛ مروج الذهب للمسعودي: ج3، ص88.
[3] مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصفهاني: ص315 ــ 318؛ البحار للمجلسي: ج48، ص183؛ شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج19، ص 91.
[4] الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج6، ص526.
[5] ميزان الاعتدال للذهبي: ج2، ص66؛ الكشف الحثيث لسبط ابن العجمي: ص119.
[6] عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج1، ص244.
[7] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج8، ص472؛ تهذيب الكمال للمزي: ج9، ص296؛ الأنساب للسمعاني: ج3، ص137.
[8] الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج7، ص57.

[9] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج8، ص472. تهذيب الكمال للمزي: ج9، ص296.

[10] سورة إبراهيم، الآية: 37.
[11]إعجاز القرآن للباقلاني: ص153. الفايق في غريب الحديث للزمخشري: ج1، ص276. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج14، ص70. تفسير الآلوسي: ج18، ص51.
[12] الروض الأنف، للسهيلي: ج1، ص259. المواهب اللدنية، للقسطلاني: ج1، ص72. تاريخ الخميس: ج1، ص339. الغدير للعلامة الأميني: ج7، ص366. جواهر المطالب لابن الدمشقي: ص22.
[13] كامل الزيارات لابن قولويه: ص151.

إرسال تعليق