من أي نور خلق الله عز وجل فاطمة بنت محمد عليها السلام؟

بقلم: السيد نبيل الحسني
سنتناول في هذه المقالة الأحاديث التي ورد فيها الأصل الذي خلق الله منه نور فاطمة عليها السلام. وبما أن هذه الأحاديث تحتوي على أكثر من مضمون فقد أخذنا موضع الشاهد وتركنا بقية الحديث، وهي كالآتي:

  الحديث الأول: خلقها الله تعالى من نوره  
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«خلقها الله عزوجل من نوره قبل أن يخلق آدم»( معاني الأخبار للصدوق: ص396، ط مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرسين، قم ــ إيران).

  الحديث الثاني: خلقها الله من نور عظمته  
عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت له: لم سميت فاطمة الزهراء، زهراء؟ فقال: «لأن الله عزوجل خلقها من نور عظمته..»( علل الشرايع للصدوق: ج1، ص180، ط منشورات المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف).

  الحديث الثالث: خلقها الله من نور عرش  
عن أبي أيوب الأنصاري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لما خلق الله عز وجل الجنة خلقها من نور العرش، ثم أخذ من ذلك النور فقذفه، فأصابني ثلث النور، وأصاب فاطمة ثلث النور، وأصاب علياً وأهـل بيته ثلث النور، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد، ومن لم يصبه من ذلك النور ضل عن ولاية آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم»( الخصال للصدوق: ص188، ط منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم إيران).

  الحديث الرابع : خلقها الله من نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم  
عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: «ثم اقتبس من نور محمد فاطمة ابنته كما اقتبس نوره من المصابيح») بحار الأنوار: ج35، ص28، ط مؤسسة الوفاء، بيروت ــ لبنان(.

  الحديث الخامس: خلقها الله من نور النبي صلى الله عليه وآله وسلم والوصي عليه السلام  
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يا سلمان خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعت، وخلق من نوري علياً فدعاه فأطاعه، وخلق من نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعته») الهداية الكبرى للخصيبي: ص375، ط مؤسسة البلاغ، ط بيروت. دلائل الإمامة: ص448، ط مؤسسة البعثة، قم. البحار: ج15، ص9، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت).

  الحديث السادس: خلقها الله والنبي وعلي والحسن والحسين من نور واحد  
عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «أن الله عز وجل خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد»( البحار: ج27، ص131، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت. المحتضر لحسن بن سليمان الحلي: ص225).

  ماذا يستفاد من مجموع هذه الأحاديث الشريفة؟  
إن المستفاد من هذه الروايات أن البضعة النبوية فاطمة الطاهرة عليها السلام قد خلقت من أنوار عدة أي بمعنى أن نورها خلقه الله عز وجل من الأنوار التي أشارت إليها الروايات لما فيه من حكمة ربانية يمكن استظهارها من هذه الأحاديث الشريفة نفسها، وهي كما يأتي:
  أولا:   نلاحظ أولاً أن هناك تدرج في مراحل خلق هذا النور وهي:
أ . مرحلة خلقه من نور الله تعالى.
ب . مرحلة خلقه من نور عظمة الله جل شأنه.
ج . مرحلة خلقه من نور عرش الله عز وجل.
د . مرحلة خلقه من نور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
هـ . مرحلة خلقه من نور الوصي علي عليه السلام.
وهو أشبه ما يكون بمراحل تكوين الجنين في رحم أمه فانه يحتاج إلى أربعين أسبوعاً حتى يتمكن من الظهور بهذا الشكل الذي قدره الله تعالى؛ وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المراحل التكوينية في قوله تعالى: {ثم خلقنا النطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}( سورة المؤمنون، الآية: 14).
وهذه السنة التكوينية نجدها أيضاً في خلقه تعالى للسماوات والأرض فقد جعل مراحل تكوينها في ستة أيام كي يأخذ الزمن استحقاقه في الخلق، وإلا فـ{إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون}( سورة يس، الآية: 82).
ولهذه السنة فقد استلزم ظهور نورها أن يمر بهذه المراحل التي أشارت إليها الأحاديث الشريفة.

  ثانيا:   دلت الأحاديث على حملها عليها السلام لخصائص الأنوار التي خلقت منها، بمعنى أن الله تعالى قد خلق من أنوار العترة النبوية عليهم السلام، الجنة والسماوات والملائكة والشمس والقمر وغيرها مما يدل على أن نور فاطمة عليها السلام قد حمل من خصائص تلك الأنوار التي خلق منها، أي أنه حمل من خصائص نور الله ونور عظمته ونور العرش ونور الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونور الوصي عليه السلام.

  ثالثا:   سنخية نور فاطمة عليها السلام بمعنى أن نورها سنخ من هذه الأنوار التي خلق منها، أي أنها: بضعة من نور الله ونور عظمته ونور عرشه ونور حبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ونور الولي الأعظم علي عليه السلام.

  رابعاً:   حصول نورها على الأثر الأعظم بمعنى أن الله تعالى قد جعل لنور فاطمة عليها السلام من الأثر ما لم يبلغه نور آخر فهو أشبه ما يكون بمصباحٍ جمع فيه قناديل عدة أوقدت في وقت واحد فكم يكون أثر نور هذا المصباح.
لذا: نجد أن الأحاديث قد دلت على بلوغها عليها السلام لمقامات لم يبلغها أحد لأنها إشعاع من تلك الأنوار التي خلقت منها فلها من الشفاعة والشرف والقوة والعلم ما لهذه الأنوار المقدسة.

  خامسا:   انها محل الحجاب الأعظم لعروج الفيض الأقدس وهبوطه بمعنى ان الفيض الأقدس وهم صنف من الملائكة المقربين والكروبيين حينما يريدون العروج إلى مقام نور حبيب الله وسيد رسله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى مقام نور ولي الله وسيد أوصيائه ومنهما إلى الله جل شأنه يكون عروجهم عليهم السلام من محل نور فاطمة عليها السلام وعندما يهبط هذا الفيض الأقدس من نور الله عز وجل إلى محل نور المصطفى ووصية إلى محل نور فاطمة عليها السلام ومنها إلى أبنائها الأئمة الأحد عشر عليهم السلام ومنهم يهبط الفيض إلى المؤمنين والخلق أجمعين وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نحن صنايع الله والخلق كلهم صنايعٌ لنا»( الخصائص الفاطمية للشيخ محمد باقر الكجوري: ج2، ص610، ط انتشارات الشريف الرضي). وقول الصادق عليه السلام: «نحن حجب الله» دال على المطلوب.
وهو أحد أوجه قول الإمام الحسن العسكري: «نحن حجج الله على الخلائق وأمنا فاطمة حجة الله علينا»( الانتصار للعاملي: ج7، ص192، ط دار السيرة، بيروت ــ لبنان).

1 التعليقات:

روز لين روز الكاتب

ما شاء الله شكرا على المواضيع المهمة الممكن نستفاد منها حتى بالعلم

تعليق

إرسال تعليق