بقلم: محمد رضا القاموسي
1- في حديث سابق، نشر في عدد متقدم، تحدثت عن دور القلم في توجيه الأمة، بإعتباره اداة فعالة في هذا الميدان، ثم تحدثت عن دور القلم عندنا نحن المسلمين، وكيف يجب أن يكون حتى نفيد منه في مجال الصراع الفكري بين الإسلام وسواه.
واليوم ونحن نعيش ذكرى ثورة الطف الخالدة، إلتقي مرة أخرى مع القارئ الكريم لأتحدث إليه عن أداة أخرى، هي (( المنبر الحسيني)) لاتقل أهمية عن الأولى، لو استمرت كما ينبغي في ميدان الدعوة إلى الإسلام المتمثل في سلوك أهل البيت ونظرتهم إلى الكون والحياة.
ولم تقتصر معطيات المنبر في هذا المجال فقط، بل إنه - في واقعه - مدرسة ثقافية تحوي شتى العلوم، وتفتح فيها مختلف الأسفار من عقائد وتأريخ وأدب وسير وتفسير، وعلوم أخرى، وكلنا يعرف مدى إتصال هذه العلوم بحياة الأمة ودورها المهم في بناء كيان المجتمع الثقافي الإسلامي.
ومعطى ثالث للمنبر لمسته الأمة في مواقع عديدة، هو توعية الجماهير بنشر الوعي الديني بين أبنائها وألهاب الحماس عندها من أجل أن تعيش الأمة حياة سعيدة، تضمن لها عزتها وكرامتها، كأمة لها نظمها وحضارتها.. وليس بعيد علينا دور المنبر في ثورة 1920 الخالدة حيث كان خطيبها الكبير المرحوم الشيخ محمد علي قسام- كما ينقل مؤرخوا الثورة – اللسان الناطق عن آلام الأمة وآمالها، والصوت المدوي من أجل أن ينال العراق حقوقه المغصوبة من الأعداء، والقوة الدافعة للجماهير إلى الإنخراط في سلك الثورة والنـزول إلى ميدان القتال.. وليس ببعيد علينا أيضاً مواقف بعض خطباء العراق وإيران وغيرهما حين أراد الإستعمار للشعوب الإسلامية أن تعيش في كابوس أنظمته الكافرة، فوقف هؤلاء ليقولوا كلمة الإسلام الصريحة في هذه الأنظمة، وليزيحوا الستار عما انطوت عليه من شر وشقاء للمجتمع.
2- ويتمتع المنبر اليوم بمكانة مرموقة في نفوس أبناء الأمة على اختلاف طبقاتها من شباب، وكهول، وشيوخ، وليس أدل على هذه المكانة من احتشادهم في المجالس الحسينية والورود إليها.
لذلك كان على المنبر أن يكون دائماً في إتصال وثيق بحياة الأمة وأن يكون للخطيب من المؤهلات ما تكفي لأداء هذه المهمة كاملة غير منقوصة.
ومؤهلات الخطيب اليوم كما يحددها استاذي الفضلي في مقال له:
1- أن يكون ذا ثقافة عامه تقوم على ركائز وأسس علمية يعي معلوماته ويقيمها على ضوء تلكم الركائز والأسس.. وبعبارة موجزة أن يكون عالماً عاماً.
2- أن يكون ذا نظرة اجتماعية بعيدة تفهم مقتضيات المناسبة ومتطلبات الموقف.
3- أن يكون ذا أفق فكري يستوعب في مداركه مختلف ذهنيات مستمعيه.
4- أن يكون واعياً لغة الجماهير أو المستمعين الذين يخاطبهم ومتخذاً منها وسيلة لعرض الفكرة..، وبتعبير آخر.. أن يكون واعياً للغة مخاطبة العقل عن طريق العاطفة.
5- أن ينوع ويلون في معروضاته وداخل الإطار العام لفكرة موضوعه.
6- أن يكون متوفراً على وسائل العرض والتأثير أمثال حسن الصوت، وطلاقة اللسان، وعذوبة المنطق، وفنية الإشارة ومناسبة الهيئة وما شاكلها.
7- أن يعيش فكرته ويحيا أهدافها ليتفاعل وإياها حينما يعرضها بغية نجاح التأثير.
إرسال تعليق