هل أن أرواح المؤمنين والكفار تزور أهلها بعد الموت؟

بقلم: الشيخ علي الفتلاوي

الجواب: ورد في الكافي أن المؤمنين والكفار على حد سواء يزورون أهلهم في أوقات معينة وبصورة العصفور أو أقل منه فيرون أهلهم، فأمّا المؤمنون يرجعون في فرح وسرور لما رأوا من حسن حال دين أهلهم، وأما الكفار فإنهم يرون أهلهم ويرجعون إمّا بحسرة عندما يرون أن أهلهم يعملون بالصالحات وإما في حزن عندما يرونهم بشر وحاجة، ويزور الأموات أهليهم عند زوال الشمس، ولكن المؤمنين يؤذن لهم بالزيارة أكثر من مرة في الأسبوع وعلى قدر فضلهم وهذا ما أشارت إليه الروايات الآتية:

روى ثقة الإسلام في الكافي بإسناده (عن الصادق عليه السلام قال:

«إنّ المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب ويستر عنه ما يكره، وإن الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره ويستر عنه ما يحب، قال:

ومنهم من يزور كل جمعة، ومنهم من يزور على قدر عمله»[1].

وعن أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال:

«ما من مؤمن ولا كافر إلا وهو يأتى أهله عند زوال الشمس، فإذا رأى أهله يعملون بالصالحات حمد الله على ذلك، وإذا رأى الكافر أهله يعملون بالصالحات كانت عليه حسرة»[2].

وعن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سألته عن الميت يزور أهله؟ فقال: «نعم».

فقلت: في كم يزور؟ قال: «في الجمعة وفي الشهر وفي السنة على قدر منزلته».
فقلت: في أي صورة يأتيهم، قال: «في صورة طائر لطيف يسقط على دارهم ويشرف عليهم فإن رآهم بخير فرح وإن رآهم بشر وحاجة وحزن اغتم»[3].

وعن عبد الرحيم القصير قال: قلت له: المؤمن يزور أهله؟ قال:

«نعم، يستأذن ربه فيأذن له فيبعث معه ملكين فيأتيهم في بعض صور الطير يقع في داره ينظر إليهم ويسمع كلامهم»[4].

عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: يزور المؤمن أهله؟ فقال: «نعم».

فقلت: في كم؟ قال: «على قدر فضائلهم، منهم من يزور في كل يوم؛ ومنهم من يزور في كل يومين، ومنهم من يزور في كل ثلاثة أيام».

قال: ثم رأيت في مجرى كلامه يقول: «أدناهم منزلة يزور كل جمعة».

قال: قلت في أي ساعة؟ قال: «عند زوال الشمس ومثل ذلك».

قال: قلت في أي صورة؟ قال: «في صورة العصفور وأصغر من ذلك، ويبعث الله عز وجل معه ملكاً فيريه ما يسره ويستر عنه ما يكره، فيرى ما يسره ويرجع إلى قرة عين»[5]).

تذكير


لا أظن أن القارئ الكريم قد يغفل عن تكليفه بعدما قرأ هذه الروايات إلا أن الذكرى تنفع المؤمنين.

فأقول:
1ــ ليجتهد المؤمن في إدخال السرور على روح أمواته من خلال طاعته لله تعالى وتلبسه بالإيمان والعمل الصالح في آناء الليل وأطراف النهار وليكون سببا في إدخال السرور على المؤمن وينال بذلك ثواب من أدخل السرور على المؤمنين.

2ــ لا ينسى المؤمن أن يتحف أمواته بشيء من الثواب ليرجع الميت إلى قبره بهديته فرحاً كما ورد في الرواية الشريفة:

جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

«ما تصدرت لميت فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوؤها يبلغ سبع سماوات ثم يقوم على شفير الخندق (القبر) فنادي:

السلام عليكم يا أهل القبور، أهلكم أهدوا إليكم بهذه الهدية فيأخذها ويدخل بها في قبره فتوسع عليه مضاجعة»[6].

كما روي بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام:

(قال الراوي: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يصلّى عن الميت؟ فقال:
«نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك».

قال: فقلت له: فأشركُ بين رجلين في ركعتين؟ قال:«نعم...».

ثم قال عليه السلام: «إن الميت ليفرح بالترحم عليه والإستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدي إليه»)[7].

3ــ لا يتوهم المؤمن بأن الثواب الذي يهديه إلى الميت هو ناشئ عن إطعام الطعام أو الصدقة المادية فقط، وإنما هناك أنواع كثيرة من الثواب تأتي من جراء أعمال سهلة لا مؤنة فيها كإهداء ثواب (الصلوات على محمد وآله) وزيارة الأئمة المعصومين عليهم السلام أو تلاوة القرآن أو الكلمة الطيبة مع الناس بل كل أعمال البر والخير والمعروف يمكن إهداء ثوابها إلى الموتى.

4ــ ركعتان خفيفتان أحب إلى الميت من البكاء والنوح عليه كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مرّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبر دفن فيه بالأمس إنسان وأهله يبكون فقال:

«ركعتان خفيفتان مما تحتقرون أحب إلى صاحب هذا القبر من دنياكم كلها»[8].


ــــــــــــــــــــــ
[1] الكافي: ج3، ص230.
[2] المصدر السابق.
[3] المصدر السابق.
[4] المصدر السابق.
[5] الكافي: ج3، ص231. تسلية الفؤاد، عبد الله شبر: ص114 ــ 115.
[6] منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص73.
[7] منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص74؛ من لا يحضره الفقيه: ج1، ص183، وفيه بدل ثم قال: فقال.... .
[8] تنبيه الخواطر: ج2، ص225.

3 التعليقات

غير معرف الكاتب

ولقد كرمنا بني ادم ... لا ادري هل ان الرواية التي مضمونها ان الميت يأتي لاهله في صورة طائر لطيف صحيحه ام لا .... وشكرا على التذكير فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ... شئنا ام أبينا فاننا سنكون غدا من اصحاب القبور ... اللهم انا نسالك حسن العاقبة

تعليق
غير معرف الكاتب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكركم جزيل الشكر على هذه المعلومات واتمنى من الراري ان يوفقكم لكل خير وعمل صالح انه سميع مجيب

تعليق

انا اشعر بوالدي يزرني كل جمعه قبل الصلاه ولكن لم أرى طائر

تعليق

إرسال تعليق