مناقشة روايات اتهام الإمام الحسن عليه السلام بأنه مزواج مطلاق ــ الرواية السادسة ــ

بقلم: الشيخ وسام برهان البلداوي

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن حسين، قال: كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء،وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه)[1].

هذه الرواية هي عين الرواية الخامسة مع تلاعب الرواة الوضاعين ببعض مفرداتها ليخيل للسامع أن هذه غير تلك، وإلا فان نفس المضامين في كلتا الروايتين متكررة،غاية الأمر ان الهدف من اختلاق الرواية الخامسة غير مصرح به في متن الرواية، بعكس هذه الرواية التي لم يستطع واضعها التستر على ما في قلبه من مكر فصرح بقوله (كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء) فالهدف إذن بيّنٌ، والقصد واضح لا يخفى على متأمل.

والرواية ضعيفة لأنها مروية عن محمد بن عمر الواقدي الأموي وهو كما عرفنا لا يوثق بنقله ولا يركن إلى روايته وهو من المجروحين عند أهل الجرح والتعديل.

ثم أين الدليل على قول الراوي (كان الحسن بن علي مطلاقا للنساء) فهلا قدم الراوي دليلا على قوله هذا، وهلا ذكر لنا أسماء وقبائل من طلقهن الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه بحيث صار بطلاقهن مطلاقا.

ولماذا يتعمد في كل الروايات التي صورت ان الإمام الحسن مزواجا أو مطلاقا إخفاء أسماء زوجاته أو مطلقاته؟

ولماذا احتفظ لنا التاريخ بأسماء أمهات أولاده ولم يحتفظ لنا التاريخ أسماء من طلقهن أو تزوج بهن ولم ينجبن له أولادا؟.

فهل السبب يعود إلى كثرتهن؟.

وإذا كان السبب يعود إلى كثرتهن فلماذا احتفظ لنا الرواة بعدد أزواج مارية بنت الجعيد بن صبرة والتي تزوجت عشرة من الرجال على التوالي والتي تقدم ذكرها في الفصل الأول[2].

فهل لأنها أهم من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه أم أن ذاكرة الرواة نشطة في مورد مارية بنت الجعيد بن صبرة ولكن حينما يصل الأمر إلى الإمام الحسن يصاب كل الرواة بالنسيان والهذيان ويفقدوا القدرة على ضبط الأسماء.

أم ان السبب في عدم ذكر أسماء مطلقات الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه يعود إلى عدم وجودهن إلا في مخيلة هؤلاء الوضاعين، ولو ذكروا أسماء وهمية من عند أنفسهم لانكشف كذبهم وبان افتراؤهم على الإمام صلوات الله وسلامه عليه فلذلك كان من المستحسن في نظرهم القاصر أن يترك الأمر هكذا مبهما وضبابيا.

ــــــــــــــــ
[1]البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص43، وترجمة الإمام الحسن من طبقات ابن سعد ص69 حديث رقم 112.
[2] كتاب المحبر لمحمد بن حبيب البغدادي ص435.

إرسال تعليق