تأملات في خطاب الإمام الحسين في جيوش الأعداء يوم عاشوراء

بقلم: الدكتور عبد الكاظم محسن الياسري

زحف جيوش الضلالة إلى معسكر الحسين عليه السلام

بعد خطاب الإمام في أهل بيته وأصحابه بدأت جيوش الأمويين تزحف نحو معسكر الإمام الحسين، واتخذت مكاناً مقابلاً للإمام وأصحابه، وكانت بأعداد كبيرة بلغت آلاف الرجال والفرسان يقودها عمر بن سعد بن أبي وقاص، ويشرف على مجموعاتها عدد من فرسان أهل الكوفة المعروفين، وكانت هذه الجيوش على أهبة الاستعداد للقتال ومجهزة بأنواع الأسلحة المعروفة في ذلك العصر، وقد ازدحمت في أرض كربلاء أجواء القتال والمعارك فأصبحت تسمع فيها حمحمة الخيول وهمهمة الرجال وقعقعة السلاح وقرع طبول الحرب والقتال.

الإمام الحسين عليه السلام يمارس مسؤوليته الشرعية في النصح والإرشاد

وفي مثل هذا الموقف الذي تهب فيه رياح الحرب من كل صوب، وترتفع فيه رايات القتال، رأى الإمام الحسين بحكم مسؤوليته الشرعية بوصفه إمام العصر ومن أهل بيت النبوة أن ينصح هؤلاء القوم ويبين لهم أنّ ما يريدون الإقدام عليه وما يدفعهم إليه قادتهم وأمراؤهم من عمل هو خطأ كبير، وانهم حين يقدمون على قتاله سوف يرتكبون اثماً كبيراً ويغضبون الله ورسوله، وانهم سوف يخسرون الدنيا والآخرة إذا ما أقدموا على قتله، كل هذا أراد الإمام بيانه للقوم انطلاقاً من مبادئ الدين الإسلامي الذي يؤمن به الجميع ومن حق المسلم على المسلم فيه النصيحة.

وهكذا وقف الإمام الحسين عليه السلام، أمام جيوش الأعداء ووجه نداءه إليهم بأسلوب مؤثر تخشع له القلوب ويستفز العواطف ويخاطب العقول لعل فيها بقية من دين فيردع النفوس عن غيها ويكبح نزعة الشر التي انطوت عليها نفوس المخاطبين الذين أصبحوا ضحايا للزيف والخداع والكذب الذي مارسه ساداتهم لينالوا سخط الله وغضبه ويخسروا الدنيا والآخرة. 

نص الخطبة الشريفة

وقف الإمام بين العسكرين فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي فصلى عليه ثم نادى بأعلى صوته ليسمعه الجميع: «أيها الناس اسمعوا قولي ولاتعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى أعتذر إلى الله وإليكم عن مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم عليّ سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم». ((تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ)) يونس/71 ،((إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)) الاعراف/196.

فلما سمعت النساء من أهل بيته ارتفعت أصواتهن بالبكاء فأرسل إليهن من يسكتهن فلما سكتن، حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد والملائكة والأنبياء، وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره، ولم يسمع متكلم قبله ولا بعده أبلغ منه في منطقه([1])، ثم واصل خطابه قائلاً: «الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم، وأعرض بوجهه الكريم عنكم وأحلّ بكم نقمته، وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم، وقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتباً لكم ولما تريدون، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم قد كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين([2])، أيّها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟.

ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه، وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه، أو ليس حمزة سيد الشهداء عم أبي، أو ليس جعفر الطيار عمي، أو لم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي (هذان سيدا شباب أهل الجنة) فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق، فوالله ما تعمدت الكذب مذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، ويضرّ به من اختلقه، وان كذبتموني فإنّ فيكم مَنْ إنْ سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدري وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي الحسن، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي».

مقاطعة الشمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث لخطاب الإمام الحسين عليه السلام

فقال له الشمر بن ذي الجوشن: أنا أعبد الله على حرف إنْ كنت أدري ما تقول.
 فقال الإمام الحسين: «فإن كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم ؟، فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو بمال لكم استهلكته او بقصاص جراحة، ثم نادى يا شبث بن ربعي ويا حجار بن ابجر ويا قيس بن الاشعث ويا زيد بن الحارث... ألم تكتبوا إليّ، أن اقدم علينا قد اينعت الثمار واخضر الجناب وانما تقدم على جنود لك مجندة... قالوا لم نفعل قال الإمام: سبحان الله، بلى والله لقد فعلتم ثم قال: ايها الناس اذا كرهتموني فدعوني انصرف عنكم إلى مأمني من الأرض.

فقال له قيس بن الاشعث: أو لا تنزل على حكم بني عمك...
فقال الإمام الحسين (عليه السلام): أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل؟، والله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد)([3]).

عباد الله ((وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)) الدخان / 20. ((إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)) غافر / 27([4]).

نقلت نص هذا الخطاب وما تخلله من حوارات كاملاً لأنه قيل في مقام واحد أراد الإمام أن يبين فيه للمخاطبين طائفة من الأغراض على وفق ترتيب محدد وتحدث عن أمور عدة قصد إيضاحها.

الأسرار اللغوية والبلاغية في هذا الخطاب الشريف


1: هيمنة أسلوب الطلب على القسم الأول من خطابه عله السلام

بدأ الإمام خطابه بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله، ثم وجه نداءه إلى هؤلاء القوم بقوله «أيها الناس» ثم اتبع النداء بعدد من الأساليب الإنشائية، وكان أسلوب الطلب هو المهيمن على القسم الأول من خطابه، لأن المقام الذي قيل فيه الخطاب وغرض الإمام منه يتطلبان هذا النوع من التراكيب، فالإمام أراد أن يعظ القوم بما هو حق لهم عليه بوصفهم مسلمين وهو إمام عصرهم، فقد جاء بعد النداء «اسمعوا، لا تعجلوا» وغرض الإمام من هذا هو تهيأة القوم لسماع ما يريد قوله وما يريد ان يعظهم به، ويأتي قوله «أعظكم بما هو حق لكم علي» من كونه إماماً مفترض الطاعة ومن أهل البيت فمن حق هؤلاء القوم وهم يدينون بدين جده أن ينصحهم ويبصرهم بعاقبة ما يريدون الإقدام عليه من عمل، ويأتي هذا من باب تطبيق مبادئ الدين الإسلامي في مثل هذه المواقف وإلقاء الحجة عليهم وهم أحرار في قبول ما يقول أو رفضه.

2: الانتقال بالخطاب إلى أسلوب الشرط

وبعد هذا المدخل انتقل الإمام إلى أمر آخر هو تقديم العذر عن مقدمه إلى هذا البلد وقد بنى هذه الفقرة من خطابه على أسلوب الشرط الذي يرتبط فيه طرفا الخطاب «فان قبلتم عذري... كنتم أسعد، وإنْ لم تقبلوا... فأجمعوا...»، ويبدو من خلال أسلوب الشرط الذي بنى عليه الإمام هذه الفقرة من خطابه أنه قدم العذر عن قدومه إلى هذا البلد وقبوله دعوة أهلها، فإن قبلوا ذلك منه كانوا أسعد في دنياهم وآخرتهم، وإن لم يقبلوا ذلك فهو مستعد للقتال والدفاع عن أهدافه، يبدو ذلك واضحاً من خلال الآية التي مثلت جواب الشرط «فأجمعوا أمركم وشركاءكم...».

لقد أراد الإمام من هذا إلقاء الحجة على هؤلاء القوم وهو يعرف أنهم لا يقبلون منه ذلك لأن الأمر ليس في أيديهم إنما هم أداة تنفيذ ولديهم خيار آخر هو النزول على حكم الأمويين وقد عبر عن ذلك قيس بن الاشعث في حواره مع الإمام أو القتال حتى الموت.

وقد تقدمت الإشارة إلى أن الإمام لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبايع يزيد مهما كانت النتائج، وقد أعلن ذلك صراحة في كلامه مع والي المدينة، ومن هنا لم يكن أمامه بد من القتال والإمام الحسين حين خاطب القوم بهذا الأسلوب إنما يخاطب قوماً كاتبوه وبايعوه ودعوه إلى القدوم ثم نقضوا بيعتهم وتحللوا من عهودهم وجاءوا لقتاله، ومن هنا جاء بناء تراكيب هذه الفقرة على الأسلوب الشرطي الذي يقتضي فعلاً وجواباً وأداة تربط بينهما تجعل زمن السياق مستقبلاً.

والإمام الحسين حين ذكر هذه الأمور لا يريد منها استعطاف القوم أو تغيير نواياهم، لأنه يعرف أنه جاء إلى هذه الأرض ليلاقي المصير الذي وعده به الله ورسوله ويعرف أيضاً أن القوم لن يقبلوا بما طلبه منهم لذا اتخذ قراره الحاسم باختيار القتال، ويدل على هذا الاختيار الآيتان اللتان ختم بهما هذه الفقرة من خطابه وبكت النسوة عند سماعها.

3: الوعظ والإرشاد باستعمال أسلوب التشخيص

وبعد إعلان الإمام اختيار القتال في حال رفض القوم إنصافه وقبول ما يطلبه، انتقل إلى موضوع آخر له صلة بما بدأ به خطابه من وعظ وإرشاد، ذلك انه يعرف انه تهالك القوم على قتاله والخروج عن طاعة الله ورسوله كله من أجل حطام الدنيا ورغبة في إرضاء نزعة الشر عند ولاة الأمر من الأمويين، ومن هنا أراد الإمام أن ينبه هؤلاء القوم إلى نهاية هذه الدنيا، وقد رسم لهم من خلال تراكيب خطابه صورة هذه الدنيا التي غرتهم فنسوا طاعة الله الذي خلقها وخلقهم لكي يتعظ من يتعظ قال: «الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالاً بعد حال فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغركم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركن إليها وتخيب طمع من طمع فيها».

لقد بنى الإمام تراكيب هذه الفقرة من خطابه بأسلوب يتسم بوضوح الإيقاع الموسيقي في مقاطعه، لكي يكون أكثر تأثيراً في نفس السامع من خلال ما يبعثه من موسيقى في فواصله «زوال ــ حال ــ غرته ــ فتنته ــ إليها ــ فيها»، ونلحظ ان الإمام استعمل ما يسمى بأسلوب «التشخيص» عند المحدثين في رسم صورة محسوسة لهذه الدنيا، فقد أضفى صفات المحسوسات على المعنويات، وجاء التعبير عن هذه الصورة بعبارات ذات موسيقى هادئة ينبعث منها نغم مؤثر يأخذ بالأسماع ويدخل القلوب بلا استئذان، يقول أحد الباحثين: «إذ أصبحت الدنيا بفضل التصوير الفني من المحسوسات التي تشارك الناس حياتهم اليومية من خلال إيهام المتلقي بمشاهدتها والاحساس بها حتى تكون الصورة أكثر قدرة على نقل المعنى وتوكيده، فاتخذ المنشىء من التشخيص وسيلة لتحقيق الآثار النفسية بنقل الدنيا من عالمها المعنوي إلى المحسوس فهي تغر وتخدع وتفتن وتخيب...»([5]).

لقد جسد الإمام في هذه الكلمات صورة متحركة للدنيا يحس بها كل من يسمعها، فقد أضفى الإمام على صورة الدنيا من صفات البشر ما يقربها إلى أذهان السامعين، ويعزز هذه الصورة ويزيدها صدقاً ما يحدث في واقع الحياة الذي يعيشه هؤلاء القوم أنفسهم، فهم يرون أنها لا تثبت على حال ولا تدوم لأحد مهما كان سلطانه وقوته، وكل شيء فيها إلى زوال وفناء، والعاقل هو الذي يأخذ العبرة من غيره مما يحدث في هذه الدنيا، ويصرف همه عنها ولا يركن إليها ويطمع فيها، والخاسر من يشتري داراً مصيرها الفناء والزوال، وهكذا وضع الإمام الحسين هذه الصورة المؤلمة للدنيا، لكي ينتبهوا إلى ما يقومون به من عمل من أجل هذه الدنيا، فهي لا تستحق أن يرتكب الإنسان من أجلها المعاصي فيخسر الدنيا والآخرة، ويبوء بغضب الله وسخطه، ويبدو واضحاً تأثر الإمام بما ورد من وصف للدنيا في كلام أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد رسم حال الدنيا بمثل هذه الصورة([6]).

4: التحير من نتائج الحرب باستخدام التراكيب الفعلية التي توحي بالتجدد والحدوث

وبعد أن بين الإمام حال الدنيا وطبيعتها لهؤلاء القوم انتقل إلى أمر آخر هو ما يريد هؤلاء القوم الإقدام عليه من أجل هذه الدنيا التي تقدمت صفتها لكي ينتبهوا إلى نتيجة هذا العمل، يقول: «وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته وجنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم، وقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتباً لكم ولما تريدون، إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هؤلاء قوم قد كفروا بعد إيمانهم فبعداً للقوم الظالمين»([7]).

الناظر في هذه القطعة من الخطاب يجد أن تراكيبها بنيت في أغلبها على التراكيب الفعلية التي توحي بالتجدد والحدوث، وبدت الجمل فيها بأبعاد محددة لتكون سهلة الإدراك عند السامعين، لأن مقام الكلام يتطلب هذه السهولة ليكون الكلام مفهوماً من جميع السامعين، ذلك أن الإمام أراد أن يوضح خطورة الأمر الذي اجتمع هؤلاء القوم من أجله، لأن فيه ما يغضب الله ورسوله، وإذا استمر هؤلاء القوم في تنفيذ ما أمر به ولاتهم الظالمون فسوف يحل عليهم غضب الله وسخطه ويجنبهم رحمته، وقد اعتمد الإمام بنية الفعل الماضي لتأكيد أن ما يقوله واقع لا محاله «أعرض ــ أحل ــ جنّب» واستعمال الفعل الماضي في مثل هذا السياق فيه دلالة على حتمية وقوع الحدث الذي ذكره الإمام من إعراض الله عنهم وسخطه عليهم وإحلال نقمته عليهم... ويشبه هذا ما ورد في قوله تعالى:((أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ)) النحل / 1. فهو آتٍ لا محالة... .

5: استخدامه عليه السلام لأسلوب المدح والذم

ثم يستعمل الإمام أسلوب المدح والذم من خلال استعمال الفعلين «نعم وبئس» فالله نعم الرب، وهو ربنا الذي هدانا وأنعم علينا، أمّا هؤلاء القوم فبئس العبيد هم، لأنهم عصوا أمر ربهم وخالفوا رسولهم وحرموا الحلال، وأحلوا الحرام، واتبعوا الظالمين، ونصروا الحاكم الجائر وتخلوا عن أهل بيت النبوة، ووقفوا مع الباطل وأنكروا الحق، وبعد هذا الوعظ الذي أصم الشيطان آذان القوم عن سماعه، ذكّرهم الإمام بأنهم مسلمون، أطاعوا الله ورسوله وآمنوا بما جاء به من مبادئ واهتدوا إلى سبيل الخير والرشاد وأخرجهم من الظلمات إلى النور وأصبحوا بفضله سادة الدنيا، وها هم اليوم يخالفونه ولم يلتزموا بما أوصاهم به فقد ترك فيهم بعد رحيله الثقلين «كتاب الله وأهل بيته» وأوصاهم بالتمسك بهما في إشارة إلى قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسـكتم بهما لن تضلوا»([8]).

وما يحصل الآن في هذا المقام خلاف ما أمر به الله وأوصى به الرسول، فأنتم تزحفون إلى عترته وأهل بيته تريدون قتلهم لكي يرضى عنكم الولاة الظالمون، وتنصرون الباطل على الحق، وفي هذا إغضاب لله ورسوله، وحين لم يجد الإمام أُذناً صاغية من هؤلاء القوم، وصفهم بأنهم قوم استحوذ عليهم الشيطان، فأنساهم ذكر الله ومبادئ دينه الحنيف، وجعل في آذانهم وقرا فأَصمها عن سماع نداء الحق وسماع ما يقوله الإمام، وعندها دعا الإمام عليهم وعلى ما يريدون بقوله: «فتباً لكم ولما تريدون» وقد استعمل الإمام صيغة المصدر في الدعاء بحالة النصب ليكون أكثر توكيداً ويدل على تجدد الأمر واستمراره.

ثم يسترجع الإمام إلى الله مما يريد هؤلاء القوم الإقدام عليه، فإليه ترجع الأمور، ويصفهم بأنهم قوم ظالمون كفروا بعد إيمانهم بالله ورسوله فبعداً لهم ولأعمالهم التي تكون سبباً في غضب الله ورسوله عليهم، وقد استمد الإمام هذا الوصف من القرآن الكريم.
 

6: التحول إلى الأسلوب الإنشائي بدلاً من الأسلوب الخبري الذي بدأ به خطابه

ومن أجل أن يضع الإمام القوم أمام واقع الأمر، ويبين لهم طبيعة الشر التي سيطرت على نفوسهم وعقولهم فأنستهم كل شيء حتى ذكر ربهم ومبادئ دينهم، لجأ إلى مخاطبة عقولهم وقلوبهم من خلال التذكير بأمور معروفة لديهم، ويدركها العرب جميعاً، فلا أحد من العرب يجهل أن الحسين هو ابن بنت رسول الله وابن وصيه، وانه سيد شباب أهل الجنة ــ يقول: «أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا ــ هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه ــ أوليس حمزة سيد الشهداء عم ابي، أوليس جعفر الطيار عمي، أولم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي. هذان سيدا شباب أهل الجنة».

لقد تغيرت بنية الخطاب في هذه القطعة، فقد صاغ الإمام تراكيبه بأسلوب مؤثر وعبر عما يريد بأسلوب انشائي بدلاً من الأسلوب الخبري الذي بدأ به خطابه، وذلك أن هذا المقام يتطلب هذا النوع من الأساليب، لأنها أكثر تأثيراً وأشد وقعاً في نفوس السامعين فهي تشد السامع إليها وتستلزم منه إجابات محددة لذا يطالعنا الخطاب في هذه القطعة بحشد من الأساليب الإنشائية كل منها يتطلب جواباً من السامعين (نداء، أمر مكرر، استفهام، استفهام انكاري..). وقد شكلت هذه الأساليب بنية هذا المقطع من الخطاب، وقد حشدها الإمام ليشد إليها أذهان السامعين ويدفعهم إلى التفكير في وضع إجابات لهذه المطالب، وإن كانت معروفة لديهم.

7: استخدامه عليه السلام لأسلوب الطلب والأمر

بدأ الإمام خطابه بنداء مؤثر «أيها الناس» ومن الطبيعي أن مثل هذا النداء في مقام يستعد فيه الرجال للقتال وتصطخب فيه أصوات السلاح وتقرع طبول الحرب يوحي بأن المنادي يريد أن يقول شيئاً يستلزم الانتباه والإصغاء، ويجعل السامع مشدوداً ومتيقظاً لسماع ما يقال، وحين أنصت القوم لهذا النداء أتبعه الإمام بطائفة من صيغ الطلب يتبع بعضها بعضاً وفي كل منها طلب يستلزم جواباً «انسبوا، ارجعوا، عاتبوا، انظروا»، ويمكن القول: إن هذا يأتي من باب تذكير القوم بأمور يستلزم المقام التذكير بها، فقد سيطرت على أفكارهم نزعة الشر والانتقام فأنستهم كل شيء، وإلاّ فهم يعرفون الحسين ويعرفون جده وأباه وأمه، وكل شيء عنه.

وبعد هذا طلب منهم مراجعة أنفسهم وقد استعمل مع هذا الفعل أداة العطف «ثم» التي تفيد في السياق دلالة التراخي ووجود مهلة بين المعطوف والمعطوف عليه، وهذا ما يقتضيه السياق وطبيعة الفعل «راجع» ذلك أن مراجعة النفس لايمكن أن تكون بصورة متسرعة. وإنّما تحتاج إلى وقت لإعادة النظر فيما يريد الإنسان الإقدام عليه.

ولو استعمل «الواو أو الفاء» وهما يصلحان في هذا الموضع لما وصل إلى الدلالة التي تؤديها «ثم». ويوحي تكرار صيغ الأمر وعطف بعضها على بعض بدلالة الإلحاح والتأمل فيما يريد الإنسان الإقدام عليه لأن التسرع في مثل هذه المواقف تكون له نتائج غير سليمة.

8: استخدامه عليه السلام لتراكيب الاستفهام الاستنكاري

وبعد سياق الأمر الذي حدد فيه الإمام ما يريده من هؤلاء القوم انتقل إلى سياق آخر من سياقات الطلب وهو الاستفهام، وقد بنيت تراكيب الاستفهام على الاستفهام الإنكاري وهو ما يتطلبه السياق ويحدده المقام، ذلك أن الإمام أراد من خلال تكرار هذا الأسلوب إقرار القوم بحقيقة ما يريد قوله، لذا وجدنا الإمام يسوق في قطعة صغيرة عدداً من تراكيب الاستفهام الإنكاري، ليثير من خلالها عواطف القوم ويدفع كثيراً منهم للتفكير في وضع إجابات لهذه التساؤلات التي تتابعت في هذا المقطع من الخطاب ويبدو من النص أن الإمام كان دقيقاً في استعمال هذه التراكيب، لقد وجه الإمام سؤاله إلى القوم: «هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي»؟.

وبعد طلبه منهم أن ينسبوه فقد يكون نسبه إلى رسول الله وصلته به رادعاً لهؤلاء القوم عما يريدون الإقدام عليه من أمر. ثم اتبع ذلك بسلسلة من الاستفهام الإنكاري كان الغرض منه إقرار القوم واعترافهم أنّ ما يقوله هو الحق، لأن جواب هذا النوع من الاستفهام هو إقرار بإثبات مابعده، ذلك أن بنية الاستفهام الإنكاري تدل على إثبات ما بعدها على وجه الحقيقة لذا تكون إجابته بـ«بلى». ففي قوله تعإلى: ((أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ)) التين/8.

وقول الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راح
يكون بإثبات أن الله هو أحكم الحاكمين، والمخاطبين خير من ركب المطايا في نظر الشاعر، يقول الإمام: «أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي، أوليس جعفر الطيار عمي، أولم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي ــ هذان سيدا شباب أهل الجنة».

الناظر في هذه التساؤلات يجد أنّ ما بعدها هو حق ثابت يعرفه المسلمون جميعاً، فالحمزة هو عم الإمام علي بن أبي طالب حقاً وصدقاً، وجعفر الطيار هو عم الإمام الحسين، وقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحسن والحسين ثابت يعرفه جميع المسلمين، وسمعه الصحابة من الرسول. كل هذه الأمور وغيرها ثابتة يعرفها المسلمون من العرب وغيرهم، ولم يرد الإمام من ذكرها إخبار القوم بشيء ولم يعرفوه إنما أراد من ذكرها إقرار القوم بها حقاً وصدقاً، وعندها يكون مايريدون الإقدام عليه من قتله وانتهاك حرمته خطأ كبيراً يحاسبهم الله عليه حساباً عسيراً ويخسرون الدنيا والآخرة.

9: استعماله عليه السلام لأسلوب الشرط

ولذا نجد الإمام يدعو القوم إلى التصديق بما يقوله، لأنه هو الحق وهو الواقع الذي لا خلاف فيه، ولكن نزعة الشر أعمت بصائر هؤلاء القوم وجعلتهم لا يفقهون شيئاً مما يقال لهم، فقلوبهم غلف عن فهم ما يقال ومن أجل توكيد ما ذهب إليه الإمام وتصديقه يحيلهم إلى سؤال من معهم من الصحابة مستعملاً في ذلك أسلوب الشرط بقوله: «فإن صدقتموني بما أقول... وإن كذبتموني فإن فيكم من لو سألتموه عن ذلك أخبركم به...».

ثم يحيلهم إلى طائفة من الصحابة لكي يسمعوا منهم ويؤكدوا لهم الحقيقة في هذا الأمر ــ سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك ــ وهذه الطائفة من الأسماء التي ذكرها الإمام في خطابه هي أسماء عدد من الصحابة ممن عاصروا رسول الله وسمعوا منه ما قاله في حق الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة ــ وأنهما إمامان إن قاما وإن قعدا.

لكن هذا الخطاب وما أورده فيه الإمام من احتجاج صادف من القوم قلوباً كالحجارة أو أشد قسوة، وأسماعاً فيها وقر عن سماع نداء الحق، قلوباً سيطر عليها الشيطان فأعماها عن رؤية الخير، قلوباً تمكنت منها نزعة الشر فنزعت منها كل رحمة، وعقولاً سيطر عليها حب الدنيا وزينتها فشغلها عن التفكير بالآخرة، لقد أصم الشيطان آذانهم وأعمى أبصارهم، فلم يفرقوا بين نور الحق وظلام الباطل، ولم يميزوا بين بياض الصبح وسواد الليل، فلم ينتفعوا منها بشيء وصدق عليهم قول الشاعر.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظلمُ

ولأنهم هكذا يجيبه جلف جاف يقال له شمر بن ذي الجوشن أنا أعبد الله على حرف إن كنت أدري ما تقول هذا جواب مجرم كافر سفاك نزع الله الرحمة والإنسانية من قلبه، وجعله لا يفقه شيئاً مما حوله فهو بهيمة كما وصفه أحد أصحاب الإمام الحسين.

10: الانتقال من الخطاب العام إلى الخطاب الخاص لأشخاص معينين

وحين وجد الإمام الحسين هؤلاء القوم لا يسمعون خطاباً ولا يفقهون قولاً، وهم ينكرون كل ما سمعوه وما فعلوه وجه نداءً خاصاً إلى الملأ منهم وخصهم بأسمائهم قال: «يا شبث بن ربعي ويا حجار بن أبجر ويا قيس بن الأشعث ويا زيد بن الحارث... ألم تكتبوا اليّ أن اقدم قد أينعت الثمار واخضر الجناب، وإنما تقدم على جنود لك مجندة...».

لقد انتقل الإمام إلى الحوار مع هؤلاء القوم بعد أن ألقى عليهم الحجة ووعظهم بما هو حق لهم عليه، وبين لهم طريق الحق والهدى، فوجد أنهم لا يسمعون خطاباً، ولا يملكون جواباً لما يقول، لقد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم كل شيء، وأنكروا ما سمعوا وما فعلوا، ولم يعرفوا سوى لغة الحرب، وقد وصف أحد الأدباء هذا الموقف بقوله:
لم أنسه إذ قام فيهم خاطباً
فإذا هم لا يملكون خطابا
فغدوا حيارى لا يرون لو عظه
إلا الأسنة والرماح جوابا
صلت على جسم الحسين سيوفهم
فغدا لساجدة الظبا محرابا

لقد خص الإمام جماعة ممن كاتبوه وطلبوا منه القدوم إلى العراق وعاهدوه أن يبذلوا أرواحهم وأموالهم دفاعاً عنه، وهم الآن في صف أعدائه ويحملون أسلحتهم عليه، ويعدون العدة لقتاله، وهو موقف يثير العجب، وأغرب منه جوابهم للإمام حين وجه إليهم النداء بأسمائهم، لقد أجابوه، اننا لم نفعل، لقد كذبوا على الله وعلى الناس وتنكروا لكل ما فعلوه.

11: استخدام أسلوب القسم والتوكيد والتعجب

وأمام هذا الجواب الذي يثير الاستغراب اضطر الإمام إلى استعمال أسلوب فيه من القوة والتوكيد ما يدل على كذب هؤلاء الرجال، فقد استعمل الإمام في سياق رده على جوابهم القسم والتوكيد والتعجب من فعل هؤلاء وجوابهم قال: «سبحان الله والله لقد فعلتم» بدأ الإمام رده على جوابهم بالتعجب مما قالوه ثم اتبعه بحرف الجواب «بلى» وهو حرف يجاب به في سياق النفي، أجاب به قولهم «لم نفعل»، ثم أتبع ذلك بقسم عظيم بلفظ الجلالة ومؤكدين هما «اللام وقد» والله لقد فعلتم، نعم فعلوا كل ذلك صدقت يا سيدي يا أبا عبد الله، صدقت وهم الكاذبون فقد كاتبوك ودعوك إلى القدوم وقالوا: إنما تقدم على جند لك مجندة، ثم تنكروا لكل ما فعلوه، وأصبحوا في صف أعدائك.

12: العودة إلى أسلوب الشرط

وبعد رد الإمام على جوابهم «لم نفعل» بالصورة التي تقدمت استمر الإمام في حواره مع القوم مستعملاً أسلوب الشرط الذي تكرر كثيراً في خطاباته مع هؤلاء القوم: «أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض».

إن ما ورد في هذه الفقرة يعد حجة يلقيها الإمام على هؤلاء القوم وهو يعرف ان الأمر ليس في أيديهم ويعرف أن مصرعه ومثواه في هذه الأرض، وقد عبر عن ذلك حين وطئت قدماه أرض كربلاء، وهو لا يريد الانصراف من هذا المكان، ولو افترضنا أنهم سمحوا بذلك لما فعل الإمام منه شيئاً لأنه ماضٍ لأداء رسالة لا يمكنه التراجع عنها.

13: استخدام القسم وتكرار أداة النفي ثلاث مرات للتعبير عن الغضب الشديد والقوة في الوقت نفسه

ويقول له قيس بن الأشعث: «أو لا تنزل على حكم بني عمك فإنهم لن يروك إلا ما تحب...».
وحين سمع الإمام هذا الكلام منه، غضب منه وتغيرت لهجته وأسلوب خطابه معهم، لأن هذا الرجل هو أخو محمد بن الأشعث الذي يطلبه بنو هاشم بدم مسلم بن عقيل، رسول الإمام الحسين إلى أهل الكوفة فيرد عليه الإمام بأسلوب غاضب قائلاً: «أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم أكثر من دم مسلم بن عقيل، لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد عباد الله ((وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)) الدخان / 20. ((إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)) غافر / 27.

لقد كانت التراكيب التي ألّفت بنية هذا الخطاب فيها دلالة على الغضب والقوة في الوقت نفسه وهذا ما يتطلبه المقام، لأن الإمام الحسين لم يخرج إلى العراق لينزل على حكم الأمويين ويبايع يزيد بالخلافة لأنه رفض هذا الأمر وهو في المدينة، ومن هنا فقد خرج ثائراً ورافضاً لبيعة يزيد بن معاوية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتقبل مثل هذا العرض من قوم قتلوا أخاه وابن عمه واجتمعوا لقتاله، لذا نراه يطلق تلك العبارة التي مثلت قراره الحاسم في هذا الأمر، وهو القتال الذي لابد منه من أجل إحياء الدين والدفاع عنه ضد ظلام الكفر والطغيان، تلك العبارة التي أصبحت فيما بعد شعاراً خالداً لكل الثائرين من أجل الحق والكرامة، ولكل مظلوم في وجه من ظلمه.

وقد بنيت هذه العبارة بألفاظ وتراكيب يتفجر الغضب والرفض من كل كلمة منها، بدأت بالقسم بلفظ الجلالة، وهو قسم عظيم يستعمل في الأمور الكبيرة والعظيمة، وتكررت فيها أداة النفي ثلاث مرات على قصرها لتوحي بدلالة الرفض الشديد لما طلب منه، ولا شك أن مثل هذا التكرار فيه دلالة على التوكيد وقوة نفي المراد.

نعم لقد خرج الإمام ثائراً من أجل نصرة الحق والدفاع عن الدين ووضع كل شيء في مكانه الصحيح، وسوف يستمر في هذا المنهج مهما كان صعباً ومهما كان الثمن غالياً إمّا النصر وإمّا الشهادة.

لقد خرج الإمام الحسين من أجل الكرامة خرج ليقدم نفسه ومن معه قرابين من أجل دين محمد، لأن في موته انتصار الحق على الباطل وانتصار الدم على السيف، وسوف يكون مخلداً في الدنيا والآخرة، وهذا ما تدل عليه العبارات التي استعملها الإمام في خطابه مع هؤلاء القوم، وعبر فيها عن رفضه لبيعة الظالمين، رفضها في كربلاء كما رفضها من قبل في المدينة.

.............................................
الهامش:

([1]) تاريخ الطبري 6 / 242.

([2]) مقتل الإمام الحسين، الخوارزمي / 345.

([3]) في بعض النسخ (فرار) بالفاء وما أثبتناه هو الصواب.

([4]) انساب الاشراف 3 / 188، وينظر الكامل 3 / 287.

([5]) التصوير الفني في خطب المسيرة الحسينية / 118، وينظر الاسس الفنية لاساليب البلاغة العربية/188.

([6]) ينظر نهج البلاغة 1 / 221.

([7]) تاريخ الطبري 6 / 242.

([8]) سنن الترمذي 1 / 223.

إرسال تعليق