نهضة السبط يتيمه التاريخ واسطورة الزمن الخالدة

بقلم: عبد الصمد الجعفري

قف دون رأيك في الحياة مجاهداً   ****    ان الحيـاة عقيـده وجهـاد

صلوات الله وسلامه على روحك الطاهرة يا ابا عبد الله، فلقد وقفت دون مبدئك المقدس وقفة تجلى فيها سمو العظمة الشخصية باجلى مظاهره، ولقد جاهدت دونه جهاد ضم الى بطولة الرجولة عزة النفس واباءها، ونجدة العزيمة الصادقة وفروسيتها. وتوجتها بتاج العظمة. فاينما وجه الفاحص المدقق وجهه    و نظره في اية ناحية من نواحيها البارزة بروز الشمس في رابعة النهار وجد العظمة الشخصية متلألأة كالدرة في اعلاها حتى كانت يتيمه التاريخ واسطورة الزمن الخالدة. حية الى ماله من خلود باقية الى ماللانسانية من وجود فيها ذكرى مريرة ولوعة شجية، كما فيها عظة بالغة للانسانية التي ترتضيها الاديان السماوية حيث فيها الامن والسلامة والطمأنينة والسعادة الوارفة. اذ لو سارت هذه الانسانية المعذبة اليوم على غرار ما سطرته لها من درس في مصحف الزمن لعمت الالفة ولاشتد اواصر حبل مودتها. ولكن هذه الانسانية في سبات عميق. برقت امام ناظريك آية ربك المنـزلة على صدر جدك (صلى الله عليه وآله وسلم) ((اطيعوا الله والرسول وأولي الامر منكم......)) فأبت ذاتيتك الابية وقدسية نفسك الزكية ان تمد يد المبايعة ليزيد الفجور لعلمك ان في المبايعة الطاعة. وطاعة كهذه هي المنكر. بل والبغي والعدوان. فاجبت من جاء لك بالمبايعة عارضاً ((انا اهل بيت النبوة. ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة. بنا فتح الله وبنا ختم. ويزيد رجل فاسق. شارب الخمر. وقاتل النفس المحرمة معلن بالفسق. ومثلي لا يبايع مثله)) ثم انك لم تكتف بهذه الكلمات التي لها معانيها السامية. ومراميها العظيمة المغزى المتناهية المرمى. وانما اقمت وجه هذا المنكر ثورة خالدة. فارت كربلاء من جرائها ببحر من دمك القاني. ثم بعثت في اعماق هذا البحر الخضم صرخة عصفت منها امواجه فتلاقفته تلاقفاً هد عروشه وقوض اركان دعائمه القائمة على اعمدة من الظلم الفاحش فبقي حتى عصر الذرة والى ما بعده بتعاقب الحقب والاجيال لا تذكر مخازيه الا وقرنت بالسب والشتم واللعن. وفعالك الباقية مآثرها بقاء الذكرى المعتز بها الدهر الخالد.لا تذكر الا مشبعة بالتكبير والتهليل والتعظيم لعلم منك ان هذه الثورة. وهذه الصرخة قضاءاً على الانسانية الشريرة. واظهاراً لحقوق المؤمنين المعذبين. واليتامى المأكولين والمساكين المدهوسين ولو كان في هذا اخراج الروح المكرمة من جسدها العبق الفواح وما معنى خروجها الا السمو الى الملكوت الاعلى وانها صاعدة الى ربها راضية مرضية. شاكية هذه الانسانية الشريرة اليه.

لقد ترفعت عن البقاء والعيش مع مثل هذه الانسانية فطارت الى علياء ملكوتها. بجوار جدها وامها وابيها. بعد ان مزقت اشلاء الضلال. وخرقت حجب الظلام. وطهرت الارض من هذه الادران. ادران ارجاس حثالة من بقية الجاهلية الاولى. ومع ذلك فقد رسمت على صفحة وجه الزمن درساً نأخذ منه معنى الانسانية الكاملة اذا ما تفهمناه. ونتعلم منه الرجولة والبطولة والتضحية بكامل مراسمها، ومعالمها اذا ما درسناه او سيرناه ونستمد منه روح الاخاء والاباء والشمم اذا ما تعلمناه او تلقناه، لا من افواه ((النواحين)) اذ هم وحدهم الذين احاطوه بسياج من خزعبلات اضاليلهم واراجيفهم. ولكن من تلك الافواه المعطرة بعطر هذه الرسالة الخالدة من الذين اوجبوا على انفسهم بثها في الملأ، من اولئك الرجال الموسومين بالخطباء بكل ما في كلمتي من معاني الخطابة الحقه، حيث ذرفت الدمعة وسكوبها وان كانت وفية صادقة بريء منها حسين العز والشمم ما لم تكن عن معرفة، ودراسة واسعة الاطراف لسمو شخصيته ولمكارم ومقاصد ما قدم نفسه وعياله وكل آله لاجلها، اذ بهذه المعرفة، وبهذه الدراسة الوافية يرقى الانسان الى مدارج الانسانية المنشودة في الاديان لا بالدمع وحده وما للحسين من غاية سوى هذه الغاية، وهل غاية انبل واشرف وابلغ من هذه الغاية المقدسة ؟ وفي هذه المعنى قال الاستاذ نور الدين الاخوي:

ايها الباكي رويداً  فليكن    ****    وحده لم  يجنِ الا الحنظلا
قتل السبط لتحـيى امـة    ****    تنشئ العز وتحمي الاملا

ولكنا نعلل النفس ونعقد الامل بشباب حاضرتنا ((النجف الاشرف)) هذا الشباب الناهض بروح فياضة بالطهر والحنان تحت ضوء هدي علمائه العاملين ورجالاته المخلصين لان تتفهم الانسانية هذه المعاني النبيلة على يدهم حتى تصل الى اوج الاماني ومحط المجد ومنه تعالى نستمـد واياهـم العون والتوفيق والسلام عليكم.

إرسال تعليق