قصة استبصار السيد أبو حيدر الكبيسي من العراق وبعض كلماته حول الإمام الحسين عليه السلام

المولد والنشأة

ولد عام (1958م) بمدينة (ذي قار) في العراق، من عائلة تعتنق المذهب الحنفي ونشأ في أوساط هذا المذهب.
تشرَّف باعتناق مذهب أهل البيت عليهم السلام عام (1986م)، بعد دراسات مكثَّفة ومعمَّقة ومحاورات عديدة أجراها مع العلماء.



في رحاب مأساة واقعة الطفّ

يقول فضيلة الشيخ الكبيسي: (كنت منذ الصبى أجد قلبي ينبض بمحبّة أهل البيت عليهم السلام، وكنت أهوى الحضور في المجالس التي تقام لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام - لاسيّما التي تقام في شهر محرَّم الحرام -، كما كنت أقصد حرمه الطاهر في كربلاء لأداء مراسم الزيارة أيّام الأربعين مع مواكب المعزّين من الشيعة، ممَّا أدّى إلى تعلّقي لمعرفة أهل البيت عليهم السلام وقراءة تاريخهم وتتبّع سيرتهم الشريفة.
وكنت بعد معرفتي لكلّ إمام من أئمّة أهل البيت عليهم السلام أقف منبهراً لعظمتهم وجلالة قدرهم، حتَّى إنَّني ولشدَّة إعجابي بشخصية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام صرت أذكره في الإقامة عند الصلاة، بالرغم من أنَّني كنت أؤدّي الصلاة وغيرها من الفرائض على وفق المذهب الحنفي!
كنت مسروراً بإلمامي ومعرفتي بأهل البيت عليهم السلام، ولكن مصرع الإمام الحسين عليه السلام وما جرى عليه من مآسي في كربلاء أوجد حرقة في قلبي، فكنت أطفئها بدموعي من خلال مشاركتي في مآتم العزاء التي تقام حزناً عليه، ولم أكن أبالي بالانتقادات التي كان يوجّهها لي أبناء طائفتي، لأنَّني كنت أرى أنَّ كلّ فرد يمتلك المشاعر الإنسانية ويتمتَّع بسلامة الوجدان يتأثَّر وينفعل بارتكاب أيّ ظلم أو جور بحقّ إنسان اعتيادي، فكيف به إذا سمع بوقوع ظلامة فادحة على قريب له أو عزيز كان يكنُّ له المحبّة من خلال قرابة أو صداقة أو عقيدة!؟
وكان واضح لديَّ أنَّ البكاء لا ينافي الصبر، بل هو يمثّل حالة طبيعية للنفس إزاء الأحداث المؤلمة، وأنَّ بكاء الإنسان بسبب المآسي التي تحلُّ به أو بأحد أحبّائه أو أعزّائه لا يتنافى مع الفطرة السليمة).

فلسفة البكاء على الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته

إنَّ البكاء على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته ليس أمراً يتلبس به، بل هو أمر يعيشه كلّ موالٍ للعترة في أعماق قلبه وأعماق كيانه، كما أنَّ البكاء عليه هو مواصلة لخطّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنهجه إزاء أهل بيته عليهم السلام، وقد قال تعالى: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب: 21).
كما أنَّه يمثّل المودَّة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستجابة لقول الباري: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (الشورى: 23).

منطلق الاستبصار

يقول فضيلة الشيخ الكبيسي: (أدركت أنَّ فاجعة الحسين عليه السلام لها بُعد مأساوي لا يصمد أمامه أيّ إنسان سليم الوجدان مرهف الإحساس، ولذلك تفاعلت بكامل كياني مع أحداث كربلاء، واندمجت بها قلباً وعقلاً.
ولقد شدَّني الإمام الحسين عليه السلام نحو مذهب أهل البيت عليهم السلام وأدركت أنَّه صاحب الحقّ، وأنَّ بكاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عليه هو إعلان عن سلب الشرعية عمَّن ناوءه وقاتله، حيث عدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سنخاً له حينما قال: «حسين منّي وأنا من حسين»([1]).
فمن هنا تبيَّنت لي الأهداف التي جاهد من أجلها الإمام الحسين عليه السلام، فتأثَّرت بنهضته وأعلنت استبصاري عام 1986م).





([1]) مسند أحمد 4: 172؛ سنن الترمذي 5: 324/ ح 3864؛ مستدرك الحاكم 3: 177.

إرسال تعليق