هل هناك من ينجو من ضغطة القبر؟

بقلم: الشيخ علي الفتلاوي

الجواب: ورد في الروايات أن الناجين من ضغطة القبر قليلون جداً وهذا ما أكده الإمام الصادق عليه السلام في الكافي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:

أيفلت من ضغطة القبر أحد؟، قال، فقال عليه السلام:

«نعوذ بالله منها، ما أقل من يفلت من ضغطة القبر، إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرها، فرفع رأسه إل السماء فدمعت عيناه وقال للناس: إني ذكرت هذه وما لقيت فرققت لها واستوهبتها من ضمة القبر، قال: فقال اللهم هب لي رقية من ضمة القبر؛ فوهبها الله له»([1]).

وهم كالآتي: ألف: من شفع فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأئمة عليهم السلام كما في تكملة الرواية السابقة فيقول:

إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرها، فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال للناس:

إني ذكرت هذه وما لقيت فرفقت لها واستوهبتها من ضمة القبر، قال: فقال اللهم هب لي رقية من ضمة القبر؛ فوهبها الله له»([2]).

باء: من مات في وقت شريف من أيام الأسبوع وهو يوم الجمعة ينجو من هذه الضغطة المخيفة كما في الرواية الآتية، في محاسن البرقي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال

«من مات يوم الجمعة كتب الله له براءة من ضغطة القبر»([3]).

بل في رواية أخرى هناك توسعة في الوقت مما أشارت إليه الرواية السابقة وهذا ما أشارت إليه الرواية:

«من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر»([4]).

وفي رواية ثالثة أن لليلة الجمعة أو يومها دوراً كبيراً في رفع عذاب القبر كله بما فيه ضغطة القبر وهذا ما ذكره الإمام أبو جعفر عليه السلام بقوله:

«بلغني أن النبي قال: من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة دفع عنه عذاب القبر».

جيم: وسنذكر بعض الأعمال التي تساعد على النجاة من ضغطة القبر وهي كما يلي: (الأول: رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال:

«مَنْ قرأ سورة النساء في كل جمعة أومِنَ مِنْ ضغطة القبر»([5]).

الثاني: رُوي:

«مَنْ أدْمَنَ قراءة (حم) الزخرف آمنه الله في قبرهِ منْ هَوامِّ الأرض وضغطة القبر»([6]).

الثالث: رُوي:

«مَنْ قرأ سورة (ن) والقلم في فريضة أو نافلة... أعاذه الله إذا مات مِنْ ضمة القبر»([7]).

الرابع: رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام:

«مَنْ مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أعاذه الله مِنْ ضغطة القبر»([8]).

الخامس: رُوي عن الإمام الرضا عليه السلام أنهّ قال:

«عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرّةً إلاّ أجير مِنْ عذاب القبر ومِن عذاب النار، ومُدَّ في عمره، ووسع عليه في معيشته»([9]).

السادس: روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

«مَن قرأ ألهاكم التكاثر عند النوم وقي مِنْ فتنة القبر»([10]).

السابع: قراءة دعاء: (أعددتُ لكل هول لا إله إلا الله...).

الثامن: الدفن في النجف الأشرف، فمن خواص هذه التربة الشريفة أنّها تُسقط عذاب القبر وحساب منكر ونكير عَنْ مَنْ يدفن فيها([11]).

التاسع: من الأمور النافعة لرفع عذاب القبر وضع جريدتين رطبتين مع الميت.

وروي: أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة.

وروي أيضا: (مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبر يُعَذَّب صاحبه، فدعا بجريدة فشقها نصفين، فجعل واحدةً عند رأسه، والأخرى عند رجليه، وأنّه قيل له: لم وضعتها؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم:

«إنّه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين»([12]).

ومن النافع أيضاً صبّ الماء على القبر لما ورد أن العذاب يرفع عن الميت ما دام القبر رطباً([13]).

العاشر: في أول يوم من رجب (تصلّي عشر ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله أحد ثلاث مرات... وقاك الله فتنة القبر وعذاب يوم القيامة)([14]).

(ويصلي في الليلة الأولى من رجب بعد صلاة المغرب عشرين ركعة بالحمد والتوحيد، فإنّها نافعة في رفع عذاب القبر)([15]).

الحادي عشر: أن تصوم أربعة أيّام من شهر رجب([16]).

وكذلك صوم اثني عشر يوماً من شعبان([17]).

الثاني عشر: ومن الأمور الموجبة للنجاة من عذاب القبر قراءة سورة الملك فوق قبر الميت كما روى ذلك القطب الراوندي عن ابن عباس قال:

(إن رجلا ضرب خباءه على قبر ولم يعلم أنّه قبر، فقرأ تبارك الذي بيده الملك، فسمع صائحاً يقول: هي المنجية.

فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:

«هي المنجية من عذاب القبر»([18]).

وروى الشيخ الكليني عن الإمام محمد الباقر عليه السلام أنه قال:

«سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر»([19]).

الثالث عشر: في دعوات الراوندي نقل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:

«ما من أحد يقول عند قبر ميت إذا دفن ثلاث مرّات: (اللهم إنّي أسألُكَ بحق محمدٍ وآل محمدٍ أنْ لا تُعَذِّبَ هذا المَيِتَ) إلاّ دفع الله عنه العذاب إلى يوم ينفخ في الصور»([20]).

الرابع عشر: روى الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:

«مَنْ صَلّى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت الأرض زلزالها خمس عشرة مرّة آمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة»([21]).

الخامس عشر: ومن النافع فعله لرفع عذاب القبر صلاة ثلاثين ركعة في ليلة النصف مِن رجب يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة والتوحيد عشر مرّات([22]).

وكذلك في الليلة السادسة عشرة([23]) والليلة السابعة عشرة([24]) من رجب.

وكذلك أن يصلي في الليلة الأولى مِنْ شعبان مائة ركعة بالحمد والتوحيد، وبعد أن يفرغ من الصلاة يقرأ التوحيد خمسين مرّة([25]).

وكذلك يصلي في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة، وإذا جاء نصر الله عشر مرات([26]).

وورد ليوم النصف من رجب صلاة خمسين ركعة بالحمد والتوحيد والفلق والناس، فإنّها نافعة لرفع عذاب القبر([27]).

ومثلها صلاة مائة ركعة ليلة عاشوراء([28]))([29]).

السؤال: هل يعذب المصلوب عذاب القبر لاسيما ضغطة القبر؟

الجواب: أجاب على ذلك الإمام الصادق عليه السلام بقوله:

روى علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: سألته عن المصلوب يعذب عذاب القبر؟ قال: فقال:

«نعم إن الله عز وجل يأمر الهواء أن يضغطه»([30]).

وفي رواية أخرى، سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المصلوب يصيبه عذاب القبر فقال:

«إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عز وجل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر»([31]).

ويستشف من هذه الرواية أن الميت يتعذب بعذاب القبر وإن لم يكن له قبر ترابي بحسب الظاهر، ولا يقتصر العذاب على ضغطة القبر بل يتعداه إلى غيره بدليل أن السائل الذي سأل الإمام عليه السلام عن عذاب القبر مطلقاً فلم ينفِ الإمام عليهم السلام العذاب عن الميت المصلوب وإنما أشار إلى الضغطة من باب ذكر مصداق من مصاديق العذاب، أو لعل الإمام عليه السلام دفع إشكالاً مقدراً في ذهن السائل وهو (كيف يضغط المصلوب ولم يكن له قبر من تراب) فرد عليه بأنه يضغط بالهواء.




([1]) الكافي: ج3، ص263. تسلية الفؤاد، عبد الله شبر: ص94.
([2]) الكافي: ج3، ص263. تسلية الفؤاد، عبد الله شبر: ص94 ــ 95.
([3]) المحاسن: ص58. تسلية الفؤاد، عبد الله شبر: ص91 ــ 92.
([4]) أمالي الصدوق: ص169، تسلية الفؤاد، عبد الله شبر: ص86.
([5]) ثواب الأعمال للصدوق: ص131. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص62.
([6]) ثواب الأعمال للصدوق: ص141. نقله في البحار: ج87، ص2، ح3.
([7]) ثواب الأعمال: ص147. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص63.
([8]) الأمالي للصدوق: ص231. بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج6، ص221، ح17.
([9]) روضة الواعظين للنيسابوري: ج2، ص320. بحار الأنوار: ج87، ص161.
([10]) ثواب الأعمال للصدوق: ص153. بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج76، ص200، ح14.
([11]) إرشاد القلوب للشيخ الديلمي: ص439. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص64.
([12]) الفقيه: ج1، ص144، ح402. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص66.
([13]) الكافي: ج3، ص200، ح6.
([14]) الإقبال لابن طاوس: ص637.
([15]) الإقبال لابن طاوس: ص629.
([16]) ثواب الأعمال للصدوق: ص79. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص67.
([17]) ثواب الأعمال للصدوق: ص87. الأمالي للصدوق: ص30.
([18]) الدعوات للقطب الراوندي: ص279، ح817.س
([19]) الكافي: ج2، ص633، ح26. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص68.
([20]) الدعوات للقطب الراوندي: ص270، ح770. بحار الأنوار: ج82، ص54، ح43.
([21]) مصباح المتهجد: ص228.
([22]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص652.
([23]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص664.
([24]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص665.
([25]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص683.منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص69.
([26]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص722.
([27]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص658. منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص70.
([28]) إقبال الأعمال لابن طاوس: ص555 ــ 556.
([29]) منازل الآخرة للشيخ عباس القمي: ص62 ــ 70.
([30]) الكافي للكليني: ج3، ص241، برقم 4728 ــ 16.
([31]) المصدر السابق: برقم 4729 ــ 17.

إرسال تعليق