كربلاء أنشودة الأجيال ورمز العدل وشعار الأحرار

بقلم: الشيخ محمد باقر الناصري / 

بسم الله الرحمن الرحيم

لابد لكل انسان في هذه الحياة من هدف يعمل من أجله وإن اختلفت الأهداف والغايات رفعة وضعة باختلاف الأذواق والمدارك وبقدر تفهم الإنسان لأسرار الحياة.

ونظرة الناس للحياة ترتبط تمام الارتباط بقضية الإيمان والدين والأخلاق. فمثلاً من لم يؤمن بالله ولا يعيش نظام الإسلام العتيد ينظر للحياة بأنها متعة فقط.

فمن أوتي حظاً منها فهو السعيد وعليه أن يعمل جاهداً للإستزادة من ملاذها ، ثراء، جاه، سلطان صحة. وهي ما يحق أن تسمى بـ (النظرة البهيمية) وجوهرها الزهد بجميع ما عدى ملاذ الحياة ومتعها.

أما من آمن بالله واليوم الآخر ودان بالإسلام قولاً وعملاً فتختلف نظرته عن تلك كل الإختلاف.

فالمسلم المؤمن هدفه أسمى من اللذة الزائفة والمتعة الزائلة فهو بقدر ما يرى للحياة من سمو ويستحري جوانبها الناصعة المحللة يصوب بنظره الى الحياة الآخرة ونعيمها وترتسم أمام المؤمن صور لعدالة الله في الموازين يوم القيامة وللسعادة المرجوة في نظام الله الأكمل بهذه الحياة.

ويندفع المسلم المؤمن جاهداً لتحصيل السعادتين ونيل الحسنيين وعندها يكون اندفاعه لغاية سامية وأهداف عالية لتحمل التبعات. كنفس الحسين بن علي (عليه السلام) والنفر الغر الأباة من أهل بيته وأصحابه فكانوا يتسابقون الى الجهاد في سبيل الله.

داعين باللسان فأن أبى الظالمون فطعناً بالسنان ومضى الحسين (عليه السلام) ومن معه شهداء الفضيلة.

وظن الجاهلون يومها أن الباطل قد إنتصر على الحق وأن الظلم صرع العدل والكفر هزم الإيمان.

ولكنها ضنون باطلة وأحكام فاشلة.

سرعان ما إنجلت الغبرة عن انتصار الحق والفضيلة وخلود أبطالها وإندحار الباطل والرذيلة.

وأصبح الحسين (عليه السلام) ويومه في كربلاء أنشودة الأجيال ورمز العدل وشعار الأحرار الثوار بوجه الظلم والظالمين أما بنو أمية أما الكفر والزيغ والظلم والفساد.

فقد هزمها الحسين (عليه السلام) بنهضته وجدد ما أوشك أن يندثر من معالم الإسلام كما يقول الشاعر:

بعث الدين من صعيدك بعثاً    ****    ثانوياً من بعد نشر وطي

وها هو الحسين (عليه السلام) بكل معنى الحياة.

وها هي مواكب الأمة تسير لتعبر عن تقديرها للحسين (عليه السلام) وموقفه في عاشوراء وولائها لمبادئه وتمسكها بشعار الحسين ((لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما)).

وقد تكون حلقة الصلاح والإصلاح في أمة الإسلام هو ما تفقده الأمة الإسلامية. ويعوزها تجديده وتجسيده في كل جوانب حياتها وخاصة منها الشعائر الدينية وما يكرس منها لتأبين الحسين (عليه السلام) في شهر محرم وصفر.

لأن الكثير منها لا ينسجم ونهج الحسين (عليه السلام) وأسس نهضته وهو ما نأمل أن تعيه الأمة وتعمل على إصلاحه.

إرسال تعليق