بقلم المستبصر: إبراهيم وترى من ساحل العاج
بتاريخ: 2 ــ 4 ــ 2014
إنَّ شخصية يزيد معروفة وواضحة لمن له أدنى مراجعة
لكتب التاريخ، لأنَّ الإنسان مخبوء تحت لسانه، والأقوال المنقولة عن لسان يزيد
تكشف بوضوح حقيقة أمره، كما أنَّ يزيد لم يكن من أمثال المنافقين ليخفي سريرته، بل
كان يجهر بالفسق والفجور قولاً وعملاً منذ نشأته حتَّى تنصيبه للخلافة، وورد أنَّه
قال بعد موت أبيه معاوية وإفضاء الأمر إليه: «قد ولّيت الأمر بعده، ولست أعتذر عن
جهل، ولا أشتغل بطلب علم»([1]).
فهو يقرّ بعنجهيته ولهوه وجهله، ويفرض على أمّة
الإسلام وجوده ويهدّد من يخالفه بالإرهاب والقتل، ولم يكن ما صدر من يزيد إلاَّ
لأنَّ الترف باعد بينه وبين الدين، فجعله شخصية دكتاتورية لا يهمّها سوى إشباع
غرائزها وتحقيق نزواتها مهما كلَّف الأمر.
كما أنَّ معاوية كان قد مهَّد له الأجواء والأرضية
ليعبث بها كيف ما شاء، فاستغلَّ يزيد هذا الأمر وارتكب ما تهواه نفسه، فكان يزيد
يفتقد الحدّ الأدنى من المقوّمات التي تجعله مؤهّلاً لمنصب الخلافة، بحيث أقرَّ
بذلك الدعي زياد بن أبيه - وهو من عُرف ببغيه وسوء سريرته - وكتب إلى معاوية بشأن
البيعة ليزيد: «ويزيد صاحب رَسْلَة وتهاون، مع ما قد أولع به من الصيد»([2])،
ويزيد معروف بالتهوّر وعدم الاتّزان، حيث قال عنه البلاذري: «لا يهمّ بشيء إلاَّ
ركبه»([3]).
وبمراجعة ما ذكره المؤرّخون عن مقاطع حياته تنكشف
بوضوح شخصية يزيد المستهترة، ويعود السبب الكبير في ضعف صلة يزيد بالدين هو ترعرعه
- كما سيأتي في الأجواء المسيحية التي نشأ فيها - وهذه الأجواء هي التي جعلته
عاجزاً عن النفاق والتظاهر بالورع والتقوى، والتلبّس بلباس الدين، وجعلته مجاهراً
بارتكاب المحرَّمات واقتراف الآثام([4]).
وكان الإمام الحسين عليه السلام يعلم أنَّ تولّي
يزيد للخلافة سوف يؤدّي إلى اضمحلال الدين، وتفشّي الضلال في أوساط الأمّة، فلهذا
كتب إلى معاوية جواباً على رسالته ووصف فيها يزيد بدقّة وبصراحة:
«... وفهمت ما ذكرت عن يزيد، من اكتماله وسياسته
لأمّة محمّد، تريد أن توهم الناس في يزيد! كأنَّك تصف محجوباً، أو تنعت غائباً، أو
تخبر عمَّا كان ممَّا احتويته بعلم خاصّ، وقد دلَّ يزيد من نفسه على موقع رأيه،
فخذ ليزيد فيما أخذ فيه، من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش، والحمام السبق
لأترابهنَّ، والقيان ذوات المعازف، وضرب الملاهي تجده باصراً»([5]).
ولكن معاوية كان يريد أن يحوّل الخلافة إلى ملكيّة
فلم يبال بما قيل له، بل حاول تمهيد أرضية الحكم لابنه وبذل قصارى جهده لتحقيق
ذلك، حتَّى وصل به الحدّ أن أمر بوضع أحاديث تروّض الناس على الخضوع والذلّ،
وترسّخ عقيدة الجبر في أوساط الأمّة، ليؤهّل بذلك الأرضية لرضوخها في قبول ابنه
كخليفة لله يجب السكوت على تصرّفاته مهما كانت، كما في حديث: «من رأى من أميره
شيئاً يكرهه فليصبر عليه، فإنَّه من فارق الجماعة شبراً، فمات إلاَّ مات ميتة
جاهلية»([6]).
وكان هذا الأسلوب إحدى طرق التضليل الديني الذي
ابتدعه معاوية لتثبيت ملكه وملك بني أمية! حيث قال له يزيد بعد أن تمَّت له البيعة
بولاية العهد: (والله ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا؟! فقال له معاوية: كلّ من
أردت خديعته فتخادع لك حتَّى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته)([7]).
جرائم يزيد بن معاوية
عند تولّي يزيد الخلافة لم يجد الإمام الحسين عليه
السلام بُدّاً من رفض بيعته وتوعية الناس وتنبيههم بالخطر الذي كان يهدّد جذور
الإسلام، فقال عليه السلام لمَّا بلغه ذلك:«وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمّة براع مثل
يزيد»([8]).
فقابله يزيد بعنف حتَّى حدثت مجزرة كربلاء الرهيبة،
فذُبح الحسين عليه السلام وقتل آل رسول الله عليهم السلام ومن شايعهم، ومُثّل بهم
أبشع تمثيل، وسُبيت نساءهم وذراريهم، ونُهب رحلهم، ثمّ لم يكتف يزيد بهذه الجريمة،
بل أمر بالهجوم على مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعارضتهم لحكمه،
فاستباحها وقتل أهلها وهتك الأعراض فيها، فافتضَّ عساكره في هذه الواقعة ألف بكر!
وقتل الآلاف من المسلمين فيهم جمع من الصحابة! وجريمته المنكرة هدمه للكعبة
المشرَّفة وحرقها وترويع أهل الحرم المكّي! وكلّ هذا ذكره المؤرّخون وأصحاب السير
وغيرهم.
وقد ذكر المؤرّخ الأموي ابن عبد ربّه الأَندلسي
أخباراً عجيبة، ومثالب كثيرة، من شربه الخمر، وقتل ابن الرسول، ولعن الوصيّ، وهدم
البيت وإحراقه، وسفك الدماء، والفسق والفجور، وغير ذلك ممَّا قد ورد فيه الوعيد
باليأس من غفرانه، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله([9]).
كما أنَّ يزيد بن معاوية
اعتمد في ارتكابه لهذه الجرائم على أعوان لا يؤمنون بشيء من القيم الإنسانية، بل
كانوا مزيجاً من المسوخ البشرية وذوي العاهات النفسية الغريبة التركيب، فكانوا
يمتلكون نفوساً مليئة بالحقد والتدمير للأمّة الإسلاميّة ورموزها المقدَّسة.
فكان من هؤلاء: مستشاره ونديمه المرافق له كظلّه
(سرجون النصراني) الذي أدّى دوراً هدَّاماً في الكيان الإسلامي، فقرَّبه يزيد
ومنحه المكانة العالية وبسط يده في الدولة، لأنَّ يزيد عاش مدّة طفولته وشبابه
المبكر مع اُمّه (ميسون) وأخواله بني كلب النصارى; وكان من شعراء يزيد (الأخطل)
وهو نصراني لئيم أيضاً، تمادى في هجوه للأنصار! ولم يكتف يزيد بذلك، بل عهد بتربية
أحد أبنائه إلى مربًّ نصراني!
واعتمد أيضاً على الأدعياء وأبناء الأدعياء،
كـ(عبيد الله بن زياد) المعروف ببغضه لآل البيت عليهم السلام وشيعتهم، والمشهور
بفتكه وقسوته، كما اعتمد على (عمر بن سعد بن أبي وقّاص) المعروف بطمعه وحبّه للمناصب،
وهو الذي وجّه لحرب الحسين عليه السلام، وكان أوّل من شنَّ الحرب في أرض كربلاء
ضدّ الإمام الحسين عليه السلام ليرضي بذلك ابن زياد فيولّيه بلاد الري وجرجان،
فرمى بسهم نحو معسكر أبي عبد الله عليه السلام وقال: (اشهدوا لي عند الأمير أنّي
أوّل من رمى)، ثمّ رمى الناس([10])!
واعتمد يزيد على الخارجي (شمر بن ذي الجوشن) الذي
عرف عنه النَصب والعداوة لآل علي عليه السلام، تلك العداوة التي جسَّدها بكلّ خسّة
عند تولّيه لذبح سيّد الشهداء عليه السلام!
وغير هؤلاء كثير، فكانت تصرّفاتهم مطابقة لتصرّفات
يزيد بحيث غلب على أصحابه وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيّامه ظهر الغناء
بمكّة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب!
وإنَّ التاريخ بالرغم من كتابة أكثر فصوله بأقلام
كانت تداري حكّام الجور الذين كانوا يبغضون علياً وبنيه عليهم السلام قد ذكر أفعال
يزيد وشخصيته، ولكن مع ذلك نجد هناك بعض ممَّن في قلبه مرض حاول الدفاع عن يزيد
ولم يجوّز لعنه!
البعض منع لعنه حفاظا على كرامة أبيه معاوية
1: ابن كثير
قال بعد ما نقل عن أبي الفرج الحنبلي تجويز
لعنه:«ومنع من ذلك آخرون، وصنَّفوا في ذلك أيضاً لئلاَّ يجعل لعنه وسيلة إلى أبيه
أو أحد من الصحابة، وحملوا ما صدر منه من سوء التصرّفات على أنَّه تأوَّل وأخطأ،
وقالوا: إنَّه كان مع ذلك إماماً فاسقاً، والإمام إذا فسق لا يعزل بمجرَّد فسقه
على أصحّ قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروج عليه لما في ذلك من إثارة الفتنة،
ووقوع الهرج وسفك الدماء الحرام... وأمَّا ما ذكره بعض الناس من أنَّ يزيد لمَّا
بلغه خبر أهل المدينة وما جرى عليهم عند الحَرّة من مسلم بن عقبة وجيشه، فرح بذلك
فرحاً شديداً، فإنَّه كان يرى أنَّه الإمام وقد خرجوا عن طاعته، وأمَّروا عليه
غيره، فله قتالهم حتَّى يرجعوا إلى الطاعة ولزوم الجماعة»([11]).
(وإن عشت أراك الدهر عجباً) فالخروج على السلطان
الجائر المستحلّ لحرام الله المؤدّي إلى وقوع الهرج وسفك الدم الحرام غير جائز!
وبقاء الحاكم الذي عمَّ بظلّه الهرج والمرج، وسفك بأمره دم آل رسول الله عليهم
السلام وهدم بأمره بيت الله و... كلّ هذا جائز.
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (الصافّات: 154).
2: ومنهم الذهبي
وقال الذهبي عن لعنه: «ويزيد ممَّن لا نسبّه ولا
نحبّه، وله نظراء من خلفاء الدولتين، وكذلك في ملوك النواحي، بل فيهم من هو شرّ
منه، وإنَّما عظم الخطب لكونه ولّي بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بتسع
وأربعين سنة، والعهد قريب، والصحابة موجودون، كابن عمر الذي كان أولى بالأمر منه
ومن أبيه وجدّه»([12]).
فالذهبي لا يسبّه لوجود نظراء
سوء مثله، ولا يحبّه لأنَّ ابن عمر أولى بالأمر منه! ولهذا عظم الخطب عنده، لا
لقتله سيّد شباب الجنّة وريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا لقتله
المسلمين وهتكه للأعراض في المدينة المنوَّرة، ولا لهدمه الكعبة المشرَّفة!
وزعم أبو بكر ابن العربي المالكي أنَّ الحسين قتل
بسيف جدّه صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يجوز لعن يزيد لذلك([13])!
3: ومنهم ابن حجر والغزالي والمتولي
واستحسن ابن حجر الهيثمي ما ذهب إليه الغزالي
والمتولّي بعد أن نقل قولهما في كتابه الصواعق: «لا يجوز لعن يزيد ولا تكفيره،
فإنَّه من جملة المؤمنين، وأمره إلى مشيئة الله إن شاء عذَّبه، وإن شاء عفا عنه»([14])!
النصب والعداوة لآل الرسول هو الذي انطق هؤلاء
ويا ترى من أين جاء له الإيمان؟! وهو الذي وضع رأس
الحسين عليه السلام ورؤوس آل عبد المطَّلب بين يديه وتمثَّل بأبيات المشرك ابن
الزبعرى - التي افتخر فيها بانتصار قريش على المسلمين يوم أُحُد - فجعل يزيد ينشد:
ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسلْ
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً *** ثمّ قالوا يا يزيد لا تُشلْ
قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ
كما أنَّه نكث رأس الحسين عليه السلام بخيزرانته
وأنشد يقول بمرأى ومسمع من المسلمين:
لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعلْ
لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزلْ([15])
وأقواله هذه توحي أنَّه كان من الذين: (جَحَدُوا بِها
وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (النمل: 14)، (فَإِنَّها لا
تَعْمَى الأَْبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحجّ:
46).
العلماء المصرّحون بكفر يزيد وجواز لعنه
وممَّا يستنتج من أفعال يزيد
بن معاوية، أنَّه كان لا يؤمن بالله عز وجل في قرارة نفسه، وكان جانحاً ميّالاً
للعبث في تصرّفاته، وحاقداً على النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وآله، ولهذا
جزم بعض علماء العامّة بكفره وجواز لعنه، كابن الجوزي، والقاضي أبي يعلى،
والتفتازاني، وجلال الدين السيوطي، وأحمد بن حنبل([16])،
وغيرهم.
وقد ألَّف ابن الجوزي كتاباً أسماه (الردّ على
المتعصّب العنيد، المانع من ذمّ يزيد)، وقال فيه: «سألني سائل في بعض مجالس الوعظ
عن يزيد بن معاوية وما فعل في حقّ الحسين عليه السلام، فقلت: يكفيه ما فيه...!
قال: تجوّز لعنه؟ فقلت: قد أجازها العلماء الورعون، منهم الإمام أحمد بن حنبل
[فإنَّه ذكر في حقّ يزيد ما يزيد على اللعنة]»([17]).
وروى عن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء، أنَّه روى في
كتابه المعتمد في الأصول بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل، قال: «قلت لأبي: إنَّ
قوماً ينسبوننا إلى توالي يزيد؟! فقال: يا بني، وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟
[فقلت: فلـِمَ لا تلعنه؟! فقال: ومتى رأيتني لعنت شيئاً يا بني]، لـِمَ لا تلعن من
لعنه الله في كتابه؟ فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال: في قوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ
تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) [محمّد: 22 و23]. فهل
يكون فساداً أعظم من القتل؟»([18]).
وقد صنَّف القاضي أبو يعلى كتاباً ذكر فيه بيان من
يستحقّ اللعن، ومنهم يزيد، وقال: «الممتنع من ذلك إمَّا أن يكون غير عالم بجواز
ذلك، أو منافقاً...»([19]).
وقال سعد الدين التفتازاني: «وبعضهم أطلق اللعن
عليه، لما أنَّه كفر حين أمر بقتل الحسين عليه السلام، واتَّفقوا على جواز اللعن
على من قتله، أو أمر به، أو أجازه، أو رضي به. والحقّ: إنَّ رضى يزيد لعنه الله
بقتل الحسين عليه السلام واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ممَّا تواتر معناه، وإن كانت تفاصيله آحاداً، فنحن لا نتوقَّف في شأنه،
بل في إيمانه، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه»([20]).
وقال الآلوسي في تفسيره بعد أن ذكر كلام ابن الجوزي
في يزيد: «وأنا أقول: الذي يغلب على ظنّي أنَّ الخبيث لم يكن مصدّقاً برسالة
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم... ولو سُلّم أنَّ الخبيث كان مسلماً فهو مسلمٌ
جمع من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان، وأنا أذهب إلى لعن مثله على التعيين،
ولو لم يتصوَّر أن يكون له مثل من الفاسقين، والظاهر أنَّه لم يتب، واحتمال توبته
أضعف من إيمانه»([21]).
وواقعة الحَرّة تشهد على فعل يزيد بالمدينة وأهلها،
وخصوصاً بعد ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من
أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين...»([22]).
فيزيد بن معاوية ملعون آيس من
رحمة الله، وقد دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو لم يولد بعد، فقال
صلى الله عليه وآله وسلم: «يزيد لا بارك الله بيزيد...، نُعي إليَّ الحسين،
واُوتيت بتربته، وأُخبرت بقاتله... واهاً لفراخ آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم
من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف»([23]).
كما لعنه صلى الله عليه وآله وسلم بالوصف أيضاً،
فقال: «سبعة [ستّة] لعنتهم وكلّ نبيّ مجاب الدعوة... والمستحلّ من عترتي ما حرَّم
الله»([24]).
وأخرج ابن أبي شيبة، وأبي يعلى، والروياني، والحافظ
السلمي، والنيسابوري، والبيهقي، وابن عساكر، والضياء، عن أبي ذر رحمه الله أنَّ
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أوّل من يبدّل سُنّتي رجل من بني أميّة -
وزاد الروياني - يقال له: يزيد»([25]).
وقد تبرَّء بعض بني أميّة من سوء فعاله، وأدانوا
سيرته، حتَّى أنَّ ابنه معاوية قال عنه عندما هلك يزيد: «إنَّ أعظم الأمور علينا علمنا
بسوء مصرعه، وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول، وأباح الحرمة، وحرق الكعبة...»([26]).
ومن كلام ابنه هذا يحكم بكفره لا محالة، لأنَّه
غيَّر حكم الله وبدَّل شريعة الإسلام بإباحته للخمر - وتحليل الخمر يعني الحكم
بأنَّها حلال ومباح - وفاعل ذلك كافرٌ شرعاً لا خلاف فيه، وإذا قيل: إنَّه ولد من
مسلم، يكون مرتدّاً فطرياً يجب قتله!
كما أكَّد عمر بن عبد العزيز إدانته لأفعال يزيد،
عندما ذكره رجل في بلاطه فقال: أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال: (تقول أمير
المؤمنين!؟)، فأمر به فضرب عشرين سوطاً([27]).
وقد ارتكب يزيد من الجرائم حتَّى خشي الناس غضب
الله عليهم! فعن عبد الله بن حنظلة - غسيل الملائكة -، قال: «فوالله ما خرجنا على
يزيد حتَّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، إنَّ رجلاً ينكح الأُمّهات والبنات
والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة...»([28]).
إرسال تعليق