بقلم: الشيخ ياسر الصالحي
بتاريخ: 2 ــ 4 ــ 2014
الولادة والنشأة
ولد عام (1388هـ/ 1969م) في تونس، حاصل على شهادة
الثانوية، كان منذ صغره مولعاً بمطالعة الكتب والمجلاّت والحديث مع الآخرين في
المجالات الثقافية والعلمية.
ومن هذا المنطلق حصل أبو حسن على خزين علمي تمكَّن
من خلاله أن يتحرَّر من موروثاته العقائدية، ويشيّد لنفسه عقيدة مبتنية على
الأدلَّة والبراهين، وكان استبصاره عام (1407هـ/ 1987م).
دين الله لا يعرف بالرجال
يقول (أبو حسن) حول تقييمه لمذهب أهل السُنّة:
(أهمّ إشكالية موجودة في إخواننا أهل السُنّة أنَّهم لا يفصلون بين الإسلام بوصفه
ديناً سماوياً وسيرة الخلفاء، ويعدّون الخلفاء هم الإسلام، أي: إذا أشكلت على
الخلفاء فأنت تشكل على الإسلام!
وأهمّ ما يستدلّ به أهل السُنّة على مشروعية
خلافتهم بأنَّها لو كانت مخالفة لما يريده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لما
قبلها أكثرية الصحابة، ولكنَّهم لا يلتفتون إلى هذه الحقيقة بأنَّ الصحابة قد
يغفلون عن حقائق كثيرة، كما أنَّ الأنصار طالبوا بالخلافة وهم يعلمون بأنَّ
الخلافة في قريش من خلال حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم).
الانفتاح على الآخر
يقول (أبو حسن): (نحن لا نخشى مثل هذه الشبهات،
لماذا؟ لأنَّنا أصحاب دليل وأصحاب منطق، ولقد زرت أحد الإخوة من بلدتي، وطلبت منه
أن يأتيني بكتاب شيعي ولو كتاباً واحداً، ولكن لم يكن عنده ذلك.
قلت له: هذا هو الفرق بين الشيعة وأهل السُنّة،
اذهب إلى كلّ بيت شيعي تجد فيه كتب أهل السُنّة، وهذا عظيم، الانفتاح على الآخر،
ومعرفته ماذا يطرح؟ وماذا يريد؟).
عظمة شأن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام
تعدّ واقعة عاشوراء من الوقائع المتضمّنة للكثير من
الدروس والعبر التي تمدّ الإنسان بالعطاء الروحي والغذاء المعنوي، وتحفّز الطاقات
للعمل في ساحة الخير والصلاح.
والكثير من أهل السُنّة الذين يقتربون إلى
الاستبصار يجدون بأنَّ هذا الأمر يستدعي منهم التضحية، ولهذا يكون أصحاب الإمام
الحسين عليه السلام أسوة لهؤلاء فيتلقّون منهم درس الإيثار والتضحية.
وحول عظمة شأن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام
ينقل لنا (أبو حسن التونسي) قصّة طريفة، وهي:
شكَّك أحد الأشخاص ذات يوم في دلالة قول الإمام
الحسين عليه السلام:
«فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا أخير من أصحابي،
ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي»([1]).
وحاول بهذا التشكيك في الدلالة أن يشكّك في صدور
هذا الحديث من الإمام الحسين عليه السلام، وكان يقول في تشكيكه: بأنَّ أصحاب
الإمام الحسين لم يقوموا بعمل خارق للعادة، بل كان عملهم أمراً طبيعياً يفعله كلّ
إنسان في تلك الظروف التي أظهر العدوّ أقصى الخسّة والوضاعة، لأنَّ الإمام الحسين
عليه السلام سبط النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته، وهو ابن علي
عليه السلام والزهراء عليها السلام، وهو إمام عصره فمن الطبيعي أن ينصره الإنسان
المسلم.
ويقول هذا الشخص: رأيت في عالم الرؤيا بعد بيان
تشكيكي هذا، وكأنّي حاضر في واقعة الطفّ فأعلنت للإمام الحسين عليه السلام
استعدادي لنصرته، فقبل الإمام الحسين عليه السلام ذلك، ولمَّا حان وقت الصلاة قال
الإمام عليه السلام:نحن نريد إقامة الصلاة فقف أنت هنا كي تحول بيننا
وبين سهام العدوّ حتَّى نؤدّي الصلاة.
فقلت: أفعل يا بن رسول الله، فشرع عليه السلام
بالصلاة، ووقفت أمامه، وبعد لحظات رأيت سهماً ينطلق نحوي بسرعة، فلمَّا اقترب
طأطأت رأسي من دون إرادتي فإذا بالسهم يصيب الإمام عليه السلام، فقلت: ما أقبح ما
فعلت، لن أسمح بعد هذا بتكرار مثله، أي بوصول سهم إلى الإمام عليه السلام.
وبعد قليل أتى سهم ثانٍ فحدث منّي ما حدث في المرَّة
الأولى، وأصيب الإمام ثانية بسهم آخر، وتكرَّرت الحالة ثالثة ورابعة، والسهام تصيب
الإمام أبا عبد الله عليه السلام وأنا لا أمنعها من الوصول إليه.
ثمّ حانت منّي التفاتة فرأيت الإمام ينظر إليَّ
مبتسماً، ثمّ قال: «فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا أخير من أصحابي».
فاستيقظت من منامي وعرفت أنَّ الله تعالى أراد أن
ينقذني من هذه الغفلة والجهالة، وعرفت أنَّنا ينبغي أن نكون من أصحاب العمل، ولا
نكون أهل قول مجرَّد عن العمل.
التأثّر بواقعة الطفّ
يقول (أبو حسن) حول واقعة الطفّ: «كان في السابق
يمرُّ علينا محرَّم، ونحن نعيش البعد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم،
وكنّا في تونس نعدّ عاشوراء عيداً، ومن هنا نفهم أنَّ الإمام الحسين عليه السلام
لا يعرفه الكثير من العامّة وحتَّى العلماء معرفة جيّدة، لأنَّ الدور الأموي على
مستوى تجهيل الأمّة وإبعاد الناس عن الإسلام الأصيل دور فعّال».
يقول (أبو حسن): «كنت جالساً في بيتي وأنا أشاهد
بعض الفضائيات الشيعية أيّام محرَّم الحرام، وإذا بمجموعة من الإخوة في الجنوب وفي
الشمال اتَّصلوا بي، وقدَّموا لي التعازي بمناسبة شهر محرَّم، فاستغربت وقلت في
نفسي: هذه تونس كانت لا تعتني بمحرَّم، ولكنَّها اليوم على رغم جهود الوهّابية حصل
هذا التحوّل في وطني الغالي، وبدأ الناس في تونس يلبسون السواد، ويضعون بعض
الرايات على منازلهم، ومكتوب فيها: يا حسين يا مظلوم، يا حسين يا غريب، يا حسين يا
شهيد».
ويضيف (أبو حسن): (لقد أدخل الإمام زين العابدين
عليه السلام كربلاء إلى عمق الشعور عند المسلم فجعلها جزءاً من كلّ مفردة من
مفردات حياتهم، فإذا أكلوا تذكَّروا جوع الإمام الحسين عليه السلام، وإذا شربوا
تذكَّروا عطش الإمام الحسين عليه السلام، وإذا خلدوا إلى الراحة تذكَّروا تعب
الإمام الحسين عليه السلام ومعاناته، وبذلك تحوَّلت كربلاء بفعل الإمام السجّاد
عليه السلام وطريقته الخاصّة إلى أسلوب حياة لدى قسم كبير من أبناء الأمّة
الإسلاميّة.
وبهذا يستلهم الإنسان دائماً من ثورة الإمام الحسين
عليه السلام ما ينير له الدرب في حياته، ويمنحه الاستقامة في كلّ الساحات التي
تتطلَّب الجهاد والمقاومة).
إرسال تعليق