النية وأثرها في قبول الأعمال وردها

بقلم: السيد عبد الله شبر، شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية


النية في احاديث المعصومين عليهم السلام

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما الأعمال بالنيات»( تهذيب الأحكام، الطوسي: 1/83). وقال الصادق عليه السلام: «نية المؤمن خير من عمله»( الإستبصار، الطوسي: 2/ 62).


تعريف النية

إعلم أن النية أصل العبادة، وبها تمتاز عن العادة، وتطلق النية على معان أربعة:

الأول: ما عليه أكثر العامة العمياء من أنها اللفظ الذي يتلفظ به حين الشروع في الفعل، كأن يقول من أراد الوضوء: «أتوضأ لرفع الحدث قربة إلى الله تعالى» ونحوه وإن لم يكن في قلبه معنى هذه الألفاظ، وهذا لغو باطل بإجماع العلماء.

الثاني: إنها الإخطار بالبال، بأن تخطر هذه المعاني بباله ويتعقل معانيها، وهذا قريب من سابقه أيضاً لأن ثمرة النية هي الإخلاص والخلاص من الرياء، ولعل الداعي للإنسان على العمل هو الرياء ونحوه ولا ينفعه تصور هذه المعاني وإخطارها بباله وإجراؤها على قلبه.

الثالث: القصد المقارن للفعل، بأن يكون قاصداً لإيقاع الفعل حين الشروع فيه ولا يقع عن سهو وغفلة، وهذا المعنى لا يتصور خلو الفاعل العاقل غير الذاهل عنه، ولهذا قال بعض المحققين: لو كلفنا الله بإيقاع الأفعال بلا نيّة لكان تكليفاً بما لا يطاق(الحدائق الناضرة، البحراني: 11/ 469).

والرابع: الداعي والباعث على الفعل، وهذا هو الحق والمأمور به، فإن كان الداعي للإنسان على عبادته وأفعاله صحيحاً مأموراً به كانت نيته صحيحة وعمله مقبولاً وإن لم يخطر تلك الألفاظ والمعاني بخاطره، وإن كان الداعي والباعث له أمراً فاسداً ــ من رياء ونحوه ــ كان عمله باطلاً وإن أخطر القربة بخاطره وتصور معاني تلك الألفاظ بقلبه.

وهذه النية غير داخلة تحت الاختيار، لما عرفت من أنها انبعاث النفس وتوجهها إلى ملائم ظهر لها أن فيه غرضها إما عاجلاً أو آجلاً، وما لم يعتقد الإنسان أن غرضه منوط بفعل من الأفعال فلا يتوجه نحوه قصده، وذلك مما لا يتمكن من اعتقاده في كل حين بل لا بد له من رياضة واجتهاد، وإذا اعتقد فإنما يتوجه القلب إذا كان فارغاً غير مصروف عنه بغرض شاغل أقوى منه، وذلك لا يمكن في كل وقت.


أسباب تشتت النية

والدواعي والصوارف لها أسباب كثيرة بها تجتمع، ويختلف ذلك بالأشخاص والأحوال والأعمال، فإذا غلبت شهوة النكاح ولم يعتقد غرضاً صحيحاً في الولد لم يمكنه أن يتزوج على نية الولد، بل لا يمكن إلا على نية قضاء الشهوة إذ النية هي إجابة الباعث ولا باعث إلا الشهوة فكيف ينوي الولد.


طرق اكتساب النية الصالحة

نعم طريق اكتساب هذه النية مثلاً أن يقوى أولاً إيمانه بالشرع، ويقوى إيمانه بعظم ثواب من سعى في تكثير أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويدفع عن نفسه جميع المنفرات عن الولد من ثقل المؤونة وطول التعب وغيره، وإذا فعل ذلك فربما انبعث من قلبه رغبة الى تحصيل الولد للثواب، فتحركه تلك الرغبة وتحرك أعضاءه لمباشرة العقد، وإذا انتهضت القدرة المحركة للسان بقبول العقد طاعة لهذا الباعث الغالب على القلب كان ناوياً، وإذا لم يكن كذلك فما يقدره في نفسه ويردده في قلبه من قصد الولد وسواس وهذيان.

ولهذا امتنع جمع من العارفين من الطاعات، حيث لم تحضرهم النية، وكانوا يعتذرون بعدم حضور النية، فإن النية روح الأعمال، والعمل بغير نية صادقة رياء أو تكلف، وهو سبب المقت لا القرب.

وعن الصادق عليه السلام: «أنه أتاه مولىً له فسلم عليه وجلس، فلما انصرف انصرف معه الرجل، فلما انتهى إلى باب داره دخل وترك الرجل فقال له ابنه إسماعيل: يا أبه ألا كنت قد عرضت عليه الدخول؟ فقال: لم يكن من شأني إدخاله. قال: فهو لم يكن يدخل؟ قال: يا بني إني أكره أن يكتبني الله عراضاً»( المحاسن، البرقي: 2/ 417).

2 التعليقات

غير معرف الكاتب

موضوع جميل وانا احب ان اقرا كتب السيد عبد الله شبر

فاطمة الاحمد

تعليق
غير معرف الكاتب

موضوع جميل ياربي اتكون النيه على صادقة

تعليق

إرسال تعليق