في الرياء وأقسامه والفرق بينه وبين السمعة

بقلم: السيد عبد الله شبر، تحقيق شعبة التحقيق في قسم الشؤون الفكرية

أولا: في ذمه وحرمته


قال الله تعالى: ((وَيْلٌ[1] لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سٰاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرٰاؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمٰاعُونَ))[2] وقال تعالى: ((يُرٰاؤُنَ النّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاّ قَلِيلاً))[3] وقال تعالى: ((كَالَّذِي يُنْفِقُ مٰالَهُ رِئاءَ النّاسِ))[4] وقال تعالى: ((فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))[5].

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء[6]، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون لهم[7] في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء! [8].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: يقول الله تعالى: من عمل عملاً أشرك فيه غيري فهو له كله وأنا منه برئ، وأنا أغنى الأغنياء عن الشرك[9].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يقبل الله عملاً فيه مقدار ذرة من رياء[10].

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن أدنى الرياء شرك[11].

وعن الصادق عليه السلام قال: قال الله تعالى[12]: أنا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً[13].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال[14]: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء، لا يخالطهم خوف، يعمهم الله بعقاب فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجاب[15] لهم[16].

وعنه عليه السلام[17] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الملك يصعد بعمل العبد مبتهجاً[18] به، فإذا صعد بحسناته يقول الله[19]: اجعلوها في سجين[20]، إنه ليس إياي أراد به[21].

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحب أن يحمد في كل أموره[22][23].

وقال عليه السلام[24]: أخشوا الله خشية ليست بتقدير[25]، واعملوا في غير رياء[26] ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكّله الله إلى عمله[27].

وقال الصادق عليه السلام: اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله[28].

وعنه عليه السلام[29]: كل رياء شرك، إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله[30].

وعنه عليه السلام[31] في قول الله عزّوجل ((فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))[32] قال: الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه. ثم قال: ما من عبد سرّ[33] خيراً فذهبت الأيام أبداً حتى يظهر الله له خيراً، وما من عبد يسر شراً فذهبت الأيام حتى يظهر الله له شراً[34].

وعنه عليه السلام[35]: ما يصنع أحدكم إن يظهر حسناً ويسر سيئاً، أليس يرجع إلى نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك، والله تعالى[36] يقول: (( بَلِ الإِْنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ))[37] إن السريرة إذا صحت قويت العلانية[38].

الفصل الثاني: في حقيقة الرياء والفرق بينه وبين السمعة وأقسام الرياء


أصل الرياء من الرؤية: وهي طلب المنزلة في قلوب الناس بإراءتهم خصال الخير. والسمعة من السماع: وهي طلب المنزلة في قلوب الناس بإسماعهم ما يوجب ذلك[39].

وحدّ الرياء: هو إرادة المنزلة بطاعة الله تعالى. والمرئي هو العابد. والرائي هو الناس المطلوب رؤيتهم لطلب المنزلة في قلوبهم. والمراءى به هي الخصال التي قصد المرائي إظهارها. والرياء هو قصده إظهار ذلك.

والمراءى به كثير وتجمعه خمسة أقسام، وهي: مجامع ما يتزين به العبد للناس البدن والزي، والقول، والعمل، والأتباع، والأشياء الخارجة.

وأهل الدنيا يراؤون بهذه الأسباب الخمسة، إلا أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال ليست من جملة الطاعات أهون الرياء بالطاعات.

القسم الأول: الرياء في الدين بالبدن بإظهار النحول والصفار، ليوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين وغلبة خوف الآخرة وقلة الأكل وسهر الليل، ويقرب منه خفض الصوت وإغارة العينين وذبول الشفتين ليوهم أنه مواظب على الصوم، ولهذا قال عيسى عليه السلام: إذا صام أحدكم فليدهن رأسه ويرجل شعره ويكحل عينيه[40]. وذلك لخوف الرياء.

القسم الثاني: الرياء بالزي والهيئة، كتشعث[41] شعر الرأس وحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي والهدوء في الحركة وإبقاء أثر السجود على الوجه وغلظ الثياب وتشميرها وترقيع الثوب لإظهار أنه متابع للسنة غير مقبل على الدنيا.

القسم الثالث: الرياء بالقول، كالوعظ والتذكير والنطق بالحكمة وحفظ الأخبار والآثار وتحريك الشفتين بمحضر الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمشهد الخلق ونحو ذلك.

الرابع: الرياء بالأعمال، كمراءاة المصلي بطول القيام والركوع والسجود وإطراق الرأس وترك الالتفات ونحو ذلك.

الخامس: المراءاة بالأصحاب والزائرين والمخالطين، بأن يكثر التردد إلى العلماء والعباد والزهاد والفقراء والمساكين، أو يصير سبباً لكثرة ترددهم إليه ليقال إنه عظيم الرتبة في الدين[42].

الفصل الثالث: في درجات الرياء


إعلم أن الرياء يتفاوت فبعضه أشد وأغلظ من بعض، ويختلف باختلاف أركانه، وأركانه ثلاثة: المراءى به، والمراءى لأجله، ونفس قصد الرياء:

الركن الأول: نفس قصد الرياء


وله درجات أربع:

«الأولى» ــ وهي أغلظها ــ أن لا يكون مراده الثواب أصلاً، كالذي يصلي بين أظهر الناس الفرض أو النفل ولو انفرد لم يصلِ.

«الثانية» أن يكون له قصد الثواب أيضاً قصداً ضعيفاً.

«الثالثة» أن يكون قصد الثواب وقصد الرياء متساويين، بحيث لو كان كل منهما خالياً من الآخر لم يبعثه على العمل.

«الرابعة» أن يكون اطلاع الناس مرجحاً ومقوياً  لنشاطه، ولو لم يكن لكان لا يترك العبادة. والكل حرام ومبطل للعمل لما تقدم من قوله تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغنى الأغنياء عن الشرك»[43]، وقوله تعالى: ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ رَبِّهِ أَحَداً))[44]. وقوله عليه السلام[45] في علامة المرائي: يكسل في الخلوة وينشط عند الناس[46].

الركن الثاني: المراءى به


وهو الطاعات، وهو ينقسم إلى: الرياء بأصول العبادات، وإلى الرياء بأوصافها:

القسم الأول: له درجات ثلاث:

«الأولى» الرياء بأصل الإيمان وهو أغلظ أبواب الرياء، وأصحابه من المنافقين المخلدين في النار، وربما كان حال هذا أشد من الكافر حيث جمع بين كفر الباطن ونفاق الظاهر.

«الثانية» الرياء بأصول العبادات مع التصديق بأصول الدين. كالرياء بالصلاة والزكاة والحج والجهاد، وهذا أهون من الأول.

«الثالثة» الرياء بالنوافل والسنن التي لو تركها لا يعصي ولكن يكسل عنها في الخلوة وينشط عند الناس.

القسم الثاني: الرياء بأوصاف العبادات لا بأصولها، وهي أيضاً على ثلاث درجات:

«الأولى» أن يرائي بفعل ما في تركه نقصان العبادة، كالذي يكون غرضه تخفيف القراءة والركوع والسجود فإذا رآه الناس أحسن الركوع والسجود والقيام.

«الثانية» أن يرائي بفعل ما لا نقصان في تركه ولكن فعله في حكم التتمة والتكملة للعبادة، كالتطويل في الركوع والسجود ومدّ القيام وتحسين الاعتدال وطول القراءة والتأني فيها وفي الأذكار.

«الثالثة» أن يرائي بزيادات خارجة عن نفس النوافل، كحضوره الجماعة قبل القوم وقصده الصف الأول ويمين الإمام[47] ونحو ذلك.

الركن الثالث: المراءى لأجله


وله درجات ثلاث:

«الأولى» وهي أشدها ــ أن يكون مقصده التمكن من معصية، كالذي يرائي بعباداته ويظهر التقوى والورع بكثرة النوافل والامتناع من أكل الشبهات، وغرضه أن يعرف بالأمانة فيولى القضاء والأوقاف والوصايا أو مال الأيتام فيأخذها أو يودع الودائع فيجحدها.

«الثانية» أن يكون غرضه نيل حظ مباح من حظوظ الدنيا من مال أو نكاح امرأة جميلة أو شريفة.

«الثالثة» أن يكون غرضه أن لا ينظر إليه بعين النقص وأن يعدّ من الخاصة والزهاد، كالذي يمشي مستعجلاً فيطلع عليه الناس فيحسن المشي ويترك العجلة كي لا يقال إنه من أهل اللهو والسهو لا من أهل الوقار، أو يبدر منه المزاح فيخاف أن ينظر إليه بعين الاحتقار فيتبع ذلك بالاستغفار وتنفس الصعداء وإظهار الحزن.

تقسيم آخر


الرياء منه: جلي، وخفي، وأجلى، وأخفى:

فالجلي الذي يبعث على العمل ويحمل عليه.

وأخفى منه ما لا يحمل على العمل بمجرده إلا أنه يخفف العمل، كالذي يعتاد التهجد كل ليلة ويثقل عليه، فإذا دخل عليه الضيوف نشط.

وأخفى من ذلك أن يعرض بإظهار العمل بالشمائل، كإظهار النحول والصفار وخفض الصوت وجفاف الريق وآثار الدموع وغلبة النعاس الدال على طول التهجد.

وأخفى من ذلك أن يختفي بحيث لا يريد الإطلاع ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه وينبسطوا في قضاء حوائجه، ويوسعوا له في المكان، وإن قصر فيه مقصر ثقل على قلبه، ولو لم تسبق منه تلك الطاعات والعبادات لما توقع ذلك.

وقد يكون العمل مخفياً قد قصد به وجه الله تعالى ولكن لما اتفق اطلاع غيره عليه استرّ بذلك، فإن كان قصده إخفاء الطاعة والإخلاص لله ولكن لما اطلع عليه الخلق علم أن الله أطلعهم عليه وأظهر الجميل من أحواله فيستدل به على حسن صنيع الله به ونظره له وإلطافه به، فيكون فرحه بجميل نظر الله لا بحمد الناس وقيام المنزلة في قلوبهم، ولا بأس بذلك، قال تعالى: ((قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا))[48]، وكذا إذا استدل بإظهار الله الجميل وستره القبيح عليه في الدنيا أنه كذلك يفعل به في الآخرة، إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستر عليه في الآخرة[49] فيكون الأول فرحاً بالقبول في الحال.

وهذا التفات إلى المستقبل، وكذا إذا كان سروره من حيث رغبة المطلعين على الاقتداء به في الطاعة فيتضاعف بذلك أجره، فيكون له أجر العلانية بما أظهر آخراً وأجر السر بما قصده أولاً، ومن اقتدى به في طاعة فله أجر أعمال المقتدين به من غير أن ينقص من أجورهم شيء[50].

وكذا إذا فرح بطاعتهم لله في مدحهم إياه وبحبهم للمطيع وبميل قلوبهم إلى الطاعة، كما روي أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله أسرُّ العمل لا أحب أن يطلع عليه أحد، فيطلع عليه فيسرني؟ قال: لك أجران أجر السر وأجر العلانية[51].

وعن الباقر عليه السلام أنه سئل عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟ قال: لا بأس، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر الله له في الناس الخير إذا لم يكن صنع ذلك لذلك[52].

وأما إذا كان فرحه وسروره من حيث قيام منزلته في قلوب الناس حتى يمدحوه ويعظموه ويقوموا بقضاء حوائجه ويقابلوه بالإكرام في مصادره وموارده فهو رياء مذموم[53].

ومن جملة أقسام الرياء ترجيحه العمل في الملأ على الخلاء، وعدّ بعضهم عكسه أيضاً رياء، لأنه لو كان عمله خالصاً لله لما تفاوت عنده الخلاء والملاء.

ومن جملة أقسامه ترك العمل خوفاً من الوقوع في الرياء، فإنه قد أراح الشيطان من الإفساد.

تقسيم آخر


قد يكون الرياء بغير العبادات، وهو قد يكون مستحباً وقد يكون واجباً، إذ يجب على المؤمن صيانة عرضه وأن لا يفعل ما يعاب عليه، فلا يليق بذوي المروءات أن يرتكبوا الأمور الخسيسة بأنفسهم عند مشاهدة الناس وإن جاز لهم في الخلوة، ولهذا ورد الأمر بالتزين[54] وإظهار النعمة[55] وإظهار الغنى[56] وكتم الفقر[57] ونحو ذلك من الشريعة المقدسة.

وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد يوماً أن يخرج على أصحابه وكان ينظر في جب[58] من الماء ويسوى عمامته وشعره، فقيل له، أو تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم إن الله يحب من العبد أن يتزين لإخوانه إذا خرج إليهم[59].

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ليتزين أحدكم لأخيه المسلم كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة[60].

وقال الصادق عليه السلام: الثوب النقي يكبت العدو[61]... وكل ذلك رياء محبوب.

الفصل الرابع: في سبب الرياء وعلاجه


إعلم أن الرياء بالعبادة إنما ينشأ من حب لذة الحمد، والفرار من ألم المذمة، والطمع مما في أيدي الناس، فالعلاج أن يعرف العبد مضرة الرياء، وما يفوته من صلاح قلبه، وما يحرم عنه في الحال من التوفيق وفي الآخرة من المنزلة عند الله، وما يتعرض له من العقاب والمقت[62] والخزي[63]، وما يفوته من ثواب الآخرة ورضاء الله وأنه قد أتعب بدنه وأحبط أجره، وقد خسر الدنيا والآخرة لما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق، فإن رضاء الناس غاية لا تدرك[64]، وكلما يرضى به فريق يسخط به فريق، ورضاء بعضهم في سخط بعض، ومن طلب رضاهم في سخط الله سخط الله عليهم وأسخطهم عليه[65].

والأمور كلها والقلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء[66]، «ومن أصلح في ما بينه وبين الله أصلح الله في ما بينه وبين الناس»[67]، ومن أسخط الله الذي بيده جميع الأمور برضاء الناس الذين ((لا يَمْلِكُونَ لأَِنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا))[68] ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً[69] فهو أحمق سفيه[70]، وكيف يبعثه على العمل الطمع بما في أيدي الناس وهو يعلم أن الله هو المسخر للقلوب بالمنع والإعطاء.

ومهما تكن عند امرئ من خليقــة*** وإن خالها تخفى على الناس تعلم[71]

وربما كشف الله للناس خبث سره فيمقتوه ويكرهوه ويخسر الدنيا والآخرة، ولا بد من كشف سره على رؤوس الأشهاد يوم حشر العباد، ولو أخلص لله عمله لكشف الله لهم إخلاصه وحببه إليهم وسخرهم له، وأطلق ألسنتهم بحمده والثناء عليه. هذا كله مع أنه لا كمال في مدحهم ولا نقص في ذمهم، ولو كان راغباً في المدح وخائفاً من الذم فليرغب في مدح الملائكة المقربين، بل في مدح رب العالمين، وليخش من ذمه وذمهم.

ثم ينبغي أن يعود نفسه إخفاء العبادات وإغلاق الأبواب دونها كما تغلق الأبواب دون الفواحش، ويجعل قلبه قانعاً بعلم الله واطلاعه على عبادته، ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم غير الله به، وإذا واظب على ذلك مدة سقط عنه ثقله[72].

وليستعن بالله ويجاهد، «فمن العبد المجاهدة ومن الله الهداية»[73] ((وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا))[74] و((اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ))[75].

ــــــــــــــ
[1] في النص القرآني: "فويل".
[2] سورة الماعون/ 4 ــ 7.
[3] سورة النساء/ 142.
[4] سورة البقرة/ 264.
[5] سورة الكهف/ 110.
[6] في المنية: "هو الرياء".
[7] ليس في المنية: "لهم".
[8] منية المريد، الشهيد الثاني: 317 ــ 318، الباب الثالث في المناظرة وشروطها وآدابها وآفاتها، الفصل الثاني في آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق.
[9] المحجة البيضاء، الفيض الكاشاني: 6/ 140، كتاب ذم الجاه والرياء، بيان ذم الرياء.
[10] عدة الداعي، ابن فهد الحلي: 228، الباب الرابع في كيفية الدعاء، القسم الثالث في الآداب المتأخرة عن الدعاء. وفيه النص: "إن الله لا يقبل عملا فيه مثقال ذرة من رياء".
[11] عيون الحكم والمواعظ، الليثي: 141، الفصل الثاني عشر.
[12] في الكافي:"عن علي بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال الله عزّوجل: ... الحديث".
[13] الكافي، الكليني: 2/ 295، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح 9.
[14] في الكافي: "عن أبي عبد الله عليه السلام، قال ... الحديث".
[15] في الكافي: "فلا يستجيب".
[16] الكافي، الكليني: 2/ 296، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح 14.
[17] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[18] بهج به، أي: فرح به وسر.
الصحاح، الجوهري: 1/ 300، مادة "بهج".
[19] في المنية والبحار: "الله عزّوجل".
[20] سجين (فيه كتاب الفجار) وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ودواوينهم كما في الصحاح، قال أبو عبيدة: وهو فعيل من السجن، كالفسيق من الفسق، ومنه قوله تعالى: ((كَلاّ إِنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ)) (سورة المطففين/7) وقال ابن عرفة: هو من سجنت، أي: هو محبوس عليهم كي يجازوا بما فيه (و) قيل (واد في جهنم أعاذنا الله تعالى منها) وجزم البيضاوي في هود، أنه: جهنم نفسها. وقال ابن الأثير: هو اسم علم للنار. وقال الراغب: هو اسم لجهنم بإزاء عليين، وزيد لفظه تنبيها على زيادة معناه. (أو حجر في الأرض السابعة) و به فسرت الآية أيضا. وقال مجاهد: هو اسم الأرض السابعة. وقيل في سجين، أي: في حساب. وقيل معنى الآية: كتابهم في حبس لخساسة منزلتهم عند الله عزّوجل، وأما قول الخفاجي: سجين كتاب جامع لأعمال الكفرة، فذكر الراغب: أن كل شئ ذكره الله عزّوجل بقوله: وما أدراك. فسره، وكل ما ذكره بقوله وما يدريك تركه مبهما. وفى هذا الموضع ذكر: ((وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ)) (سورة المطففين/ 8) وكذا في قوله عزّوجل: ((وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ)) (سورة المطففين/ 19) ثم فسر الكتاب لا السجين والعليين، قال: وفى هذه لطيفة موضعها الكتب المطولات (و) السجين (العلانية) يقال فعل ذلك سجينا، أي: علانية.
تاج العروس، الزبيدي: 9/ 231، فصل السين.
[21] منية المريد، الشهيد الثاني: 318، الباب الثالث في المناظرة وشروطها، الفصل الثاني في آفات المناظرة. بحار الأنوار، المجلسي: 69/ 303، كتاب الإيمان والكفر، باب 116 الرياء/ ح50.
[22] في الكافي: "في جميع أموره".
[23] الكافي، الكليني: 2/ 295، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح8.
[24] أي: "أمير المؤمنين عليه السلام".
[25] في الكافي: "ليست بتعذير".
[26] في الكافي: "واعملوا لله في غير رياء".
[27] الكافي، الكليني: 2/ 297، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح17.
[28] الكافي، الكليني: 2/ 293، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح2.
[29] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[30] مشكاة الأنوار، الطبرسي: 311، الفصل الثالث في الرياء.
[31] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[32] سورة الكهف/ 110.
[33] في الكافي: "أسر".
[34] الكافي، الكليني: 2/ 293 ــ 294، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح4.
[35] أي: "الإمام الصادق عليه السلام".
[36] في الكافي: "والله عزّوجل".
[37] سورة القيامة/ 14.
[38] الكافي، الكليني: 2/ 295، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح11.
[39] أنظر: بحار الأنوار، العلامة المجلسي: 69/ 266، كتاب الإيمان والكفر، باب 116 الرياء/ بيان الحديث 1. 
[40] إحياء علوم الدين،الغزالي:3/263،كتاب ذم الجاه والرياء،بيان حقيقة الرياء وما يراءى به.
[41] رجل أشعث شعث شعثان الرأس، وقد شعث شعثا وشعاثا وشعوثة وشعثته أنا تشعيثا، وهو المغبر الرأس، المتلبد الشعر جافا غير دهين.
كتاب العين، الفراهيدي: 1/ 244، مادة "شعث".
[42] أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 263 ــ 264، كتاب ذم الجاه والرياء، بيان حقيقة الرياء وما يراءى به.
[43] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/ 180، بيان الخطبة 32.
[44] سورة الكهف/ 110.
[45] أمير المؤمنين عليه السلام.
[46] الكافي، الكليني: 2/ 295، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح8. وفيه النص: «ثَلاثُ عَلاماتٍ لِلْمُرائِي: يَنْشَطُ إِذَا رَأى النّاسَ، وَيَكْسَلُ إِذَا كَانَ وَحْدَهُ، وَيُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ».
[47] انظر: بحار الأنوار، المجلسي: 69/ 273، كتاب الإيمان والكفر، باب 116 الرياء/ بيان الحديث 1.
[48] سورة يونس/ 58.
[49] عدة الداعي، ابن فهد الحلي: 224، الباب الرابع في كيفية الدعاء، القسم الثالث في الآداب المتأخرة عن الدعاء.
[50] عن إسماعيل الجعفري، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام، يقول: من استن بسنة عدل فاتبع كان له أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شي‏ء، و من استن بسنة جور فاتبع كان له مثل وزر من عمل به من غير أن ينقص من أوزارهم شي‏ء.
المحاسن، البرقي:1/27، كتاب ثواب الأعمال، السادس ثواب من سن سنة عدل/ ح8.
[51] بحار الأنوار،المجلسي:69/274،كتاب الإيمان والكفر،باب 116 الرياء/ بيان الحديث1.
[52] أنظر: الكافي، الكليني: 2/ 297، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء/ ح 18.
[53] أنظر: إحياء علوم الدين، الغزالي:3/ 266 ــ 271،كتاب ذم الجاه والرياء، بيان درجات الرياء.
[54] قال تعالى: ((يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) سورة الأعراف/31.
[55] قال تعالى: ((يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ)) سورة الأحزاب/ 9.
[56] قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إظهار الغنى من الشكر».
غرر الحكم، الآمدي: 279، طريق الشكر/ ح1.
[57] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره كان كالصائم القائم، و من أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف و لا رمح، و لكن بما أنكر من قلبه».
جامع الأخبار، الشعيري: 112، الفصل الثامن والستون في كتمان الفقر.
[58] الجب: بئر غير بعيدة القعر.
كتاب العين، الفراهيدي: 6/ 25، مادة  "جب".
[59] أنظر:إحياء علوم الدين،الغزالي:3/265،كتاب ذم الجاه والرياء،بيان حقيقة الرياء وما يراءى به.
[60] الكافي، الكليني: 6/ 439 ــ 440، كتاب الزي والتجمل والمروءة، باب التجمل وإظهار النعمة/ ح10.
[61] الكافي، الكليني: 6/ 441، كتاب الزي والتجمل والمروءة، باب اللباس/ ح1.
[62] مقته مقتا: أبغضه.
لسان العرب، ابن منظور: 2/ 90، مادة "مقت".
[63] الخزي: ذل مع افتضاح، وقيل هو: الانقماع لقبح الفعل.
الفروق اللغوية، العسكري: 215/ الرقم 840.
[64] أنظر:مجموعة ورام،ورام بن أبي فراس:1/ 192، بيان الرخصة في كتمان الذنوب.
[65] أنظر: رسائل الشهيد، الشهيد الثاني: 1/ 153.
[66] عن حمران قال سمعت أبا جعفر عليه السلام، يقول: «إذا كان الرجل على يمينك على رأي ثم تحول إلى يسارك فلا تقل إلا خيرا ولا تبرأ منه حتى تسمع منه ما سمعت وهو على يمينك فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ساعة كذا وساعة كذا وإن العبد ربما وفق للخير».
علل الشرائع، الصدوق: 2/ 604، باب 385 نوادر العلل/ ح75.
[67] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4/ 396، من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموجزة / ذيل حديث 5845.
[68] سورة الرعد/ 16.
[69] إشارة إلى قوله تعالى: ((وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَِنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً)) سورة الفرقان/ الآية 3.
[70] السفيه: الجاهل.
لسان العرب، ابن منظور: 13/ 498، مادة "سفه".
[71] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 18/ 137. وفيه: قال زهير بن أبي سلمى: البيت.
[72] أنظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 87 ــ 88، الباب الرابع في الرياء والكبر والعجب وعلاجهم، الفصل الأول الرياء في العبادة. إحياء علوم الدين، الغزالي: 3/ 274 ــ 277، كتاب ذم الجاه والرياء، بيان دواء الرياء وطريقة معالجة القلب فيه.
[73] رسائل الشهيد، الشهيد الثاني: 156، أسرار الصلاة.
[74] سورة العنكبوت/ 69.
[75] سورة التوبة/ 120.

إرسال تعليق