مناقشة روايات اتهام الإمام الحسن عليه السلام بأنه مزواج مطلاق ــ الرواية الثامنة ــ

بقلم: الشيخ وسام برهان البلداوي

روى ابن سعد عن علي بن محمد يعني المدائني عن سحيم ابن حفص الأنصاري عن عيسى بن أبي هارون المري قال: (تزوج الحسن بن علي حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر وكان المنذر بن الزبير هويها فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها الحسن فخطبها المنذر فأبت أن تتزوجه وقالت شهر بي.

 فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقى إليه المنذر أيضا شيئا فطلقها ثم خطبها المنذر فقيل لها تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يعضهك فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها.

فقال الحسن لعاصم بن عمر انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث.

فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقى إليه المنذر.

فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر وحفصة عمته: هل لك في العقيق.

قال: نعم. فخرجا فمرا على منزل حفصة فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج.

ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق: هل لك في العقيق.

قال: نعم، فخرجا فمرا بمنزل حفصة فدخل الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج.

ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق هل لك في العقيق فقال يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة)[1].

وهذه الرواية أيضا مما لا يمكن لنا القبول بها ولعدة وجوه نذكر المهم منها:

الوجه الأول: هل للإمام الحسن زوجة باسم حفصة ابنة عبد الرحمن؟


لم نجد بحسب ما تتبعناه في أمهات المصادر التاريخية والروائية والرجالية وكتب التراجم ذكر لزواج الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه من حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر غير هذه الرواية، وكل من قال ان للحسن صلوات الله وسلامه عليه زوجة باسم حفصة اعتمد على هذه الرواية[2] المتضاربة المدسوسة كما سنثبته لاحقا ان شاء الله. وكذلك لم نعثر على وجود زوجة لعاصم بن عمر بن الخطاب باسم حفصة ابنة عبد الرحمن غير هذه الرواية،وكل من قال بزواجها منه اعتمد على هذه الرواية أيضا.

والموجود بل المشهور في كتب التراجم والرجال والتاريخ ان حفصة هذه هي زوجة المنذر بن الزبير بن العوام، وحينما يترجم لها لا يذكر لها زوجا غيره، قال عنها ابن حجر: (حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق،زوجة المنذر بن الزبير. روت عن أبيها وعمتها عائشة وأم سلمة. وعنها عراك بن مالك وعبد الرحمن بن سابط ويوسف بن ماهك وعون بن عباس. قال العجلي: تابعية ثقة وذكرها ابن حبان في الثقات)[3].

وربما ذكرت بعض المصادر زوجا آخر لها غير المنذر بن الزبير لكنه قطعا ليس الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ولا عاصم بن عمر بن الخطاب كما قال ابن سعد حينما ترجم لها بقوله: (حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم وأمها قرينة الصغرى بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم... فولدت له عبد الرحمن وإبراهيم وقرينة ثم خلف عليها بعد المنذر حسين بن علي بن أبي طالب)[4].

وقال ابن عساكر: (حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق كانت عائشة زوجتها المنذر بن الزبير بن العوام فولدت له عبد الرحمن وإبراهيم وقريبة ثم خلف عليها بعد المنذر حسين بن علي بن أبي طالب)[5].

فالمشهور إذن هو عدم زواجها من غير المنذر بن الزبير والحسين بن علي صلوات الله وسلامه عليه ولا ذكر لكل من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وعاصم بن عمر بن الخطاب في ضمن أزواجها، ولو كان لزواجهما منها حقيقة ومصداقية لذكر وشاع واشتهر فليس المنذر بن الزبير بأعظم شأنا من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ولا هو أفضل من عاصم بن عمر بن الخطاب حتى يذكر ويتم إهمالهما عند ترجمة حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر، ولان من عادة أهل الجرح والتعديل والترجمة أن يذكروا كل صغيرة وكبيرة عن الشخص المراد ترجمته وزواجها من الإمام الحسن عليه السلام أو احد أبناء عمر بن الخطاب ليس بالشيء الصغير ولا التافه الذي يمكن أن يتغاضى عنه لو كان موجودا فعلا.

الوجه الثاني: حفصة بنت عبد الرحمن ومستوى التزامها الشرعي


قال ابن سعد: (أخبرنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه قالت رأيت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلت على عائشة وعليها خمار رقيق يشف عن جيبها فشقته عائشة عليها وقالت أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور ثم دعت بخمار فكستها)[6].

وهذه الرواية تشير وبشكل واضح إلى ان التزام حفصة بنت عبد الرحمن بإحكام الدين والشريعة لم يكن عاليا لاسيما في مسألة الحجاب التي كانت أحكامها وشروطها وأهميتها بديهية في ذلك العصر القريب جدا من عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يكون حالها في المسائل الأخرى الأكثر غموضا، هذا أولا.

وثانيا عدم مراعاتها للحجاب وشروطه لم يكن وبحسب المفهوم من رواية بن سعد بمعزل عن أنظار الأجانب وهو ما أثار حفيظة عائشة بنت أبي بكر، إذ لو كانت الرقة في حجابها بين النساء ومن غير أن يطلع عليه الرجال المحارم لما كان مستحسنا من عائشة أن تصب اللوم عليها ولكان بإمكان حفصة بنت عبد الرحمن أن تعتذر عن رقة حجابها بان ليس هنالك ناظر أجنبي ومع عدم وجود الناظر الأجنبي لا يجب على المرأة أن تتحجب أصلا فضلا عن لبسها للحجاب الرقيق، وإذا ما دققنا النظر في قول عائشة: (أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور) يصبح واضحا ما استنتجناه من ان حجابها الرقيق كان بمنظر من الرجال الأجانب لان سورة النور تحدثت عن حرمة إبداء الزينة وإظهار المفاتن أمام غير المحارم من الرجال الأجانب.

وكدليل آخر على مدى التزام حفصة بقواعد الشرع وقيود الحياء التي يجب على المرأة المسلمة مراعاتها نعرض رواية أخرى عن ابن سابط قال:(سألت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر قلت لها إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا استحيي أن أسألك عنه قالت سل يا ابن أخي عما بدا لك قال أسألك عن إتيان النساء في أدبارهن!!! فقالت حدثتني أم سلمة قالت كانت الأنصار لا تجي وكانت المهاجرون تجي فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فجباها فأبت الأنصارية فاتت أم سلمة فذكرت لها فلما أن جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم استحيت الأنصارية وخرجت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال ادعوها لي فدعيت له فقال لها نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا والصمام السبيل الواحد)[7].

ونحن هنا لا نزيد على أكثر من تعليق واحد وهو لماذا ترك السائل وجوه الأصحاب والتابعين من الرجال وفيهم الإمام الحسن والحسين وابن عباس وابن عمر وغيرهم وذهب ليسأل امرأة عن موضوع حساس لا يذكر عادة إلا في محافل وأجواء خاصة، مع ملاحظة ان حفصة بنت عبد الرحمن لم تكن كما قد عرفنا قبل قليل من ذوات الفقه والإحاطة بقواعده وأحكامه لانها وبسبب إهمالها لأبسط أمور الدين وهو الحجاب استحقت أن تنبه وتوبخ من قبل عمتها عائشة بنت أبي بكر،فهلا استحت من طرح هكذا سؤال عليها كما استحت تلك الأنصارية في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو كما استحى السائل حين أراد سؤالها، وهلا نبهته على ان من الواجب على المرأة أن لا تخضع في القول أمام الرجل الأجنبي حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض،وهلا نبهته على ان هذا السؤال يجب أن يطرح على الرجال من الصحابة ليجيبوه ولا ينبغي للنساء ان يجبنه عليه وعلى أمثاله لما فيه من خدش لحيائهن، إلى غير ذلك من التساؤلات التي لا نجد لها جوابا غير ان حفصة بنت عبد الرحمن هذه كانت ممن لا تهتم بمراعاة قيود الشريعة وأحكام الحجاب وضوابط الكلام مع الأشخاص الأجانب من غير المحارم، وامرأة تكون بهذه المواصفات يستحيل أن يقدم على خطبتها الإمام الحسن أو الحسين صلوات الله وسلامه عليهما [8].

الوجه الثالث: هل صحيح ان المنذر بن الزبير طلق حفصة ابنة عبد الرحمن


عرفنا فيما مر ان المشهور من الأخبار هو ان حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر كانت زوجة المنذر بن الزبير وان زواجها من الإمام الحسن لا قائل به من أهل التاريخ والسيرة والتراجم وان كل من ذكرها زوجة للإمام الحسن اعتمد في قوله على هذه الرواية المطعون في مضامينها، ونحن وأثناء بحثنا حول شخصية حفصة وزواجها من المنذر بن الزبير عثرنا على نص مهم للصنعاني في كتابه المصنف يمكن أن يكون فيه توضيح مهم لحقيقة طلاق المنذر بن الزبير لزوجته حفصة، والنص يقول: (أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء أن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر كانت عند المنذر بن الزبير، فكان بينهما شيء، فسألته عائشة أم المؤمنين أن يملكها أمرها، فعرضت ذلك عائشة على حفصة، فأبت فراقه، فردته عائشة على المنذر، فلم يحسب شيئا)[9].

فقصة طلاق حفصة من المنذر يكشف عنها الصنعاني ويوضح حقيقتها ويبين ان الطلاق بينهما لم يقع اصلا وان ما وقع هو عبارة عن سوء فهم قد وقع بين الزوجين في فترة ما من حياتهما الزوجية، فتدخلت عائشة لحل هذا الخلاف عن طريق استحصال الإذن من قبل المنذر لتختار حفصة وبحرية البقاء معه كزوجة أو اختيار الطلاق كحل للمشكلة القائمة بينهما، ولكن حفصة ومن بعد أن مُلكت زمام أمرها اختارت البقاء معه،وبذلك لم يحصل طلاق بين الزوجين.

فإذا لم يكن طلاق بين المنذر وزوجته حفصة، كيف يقولون بانها تزوجت من الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ثم من عاصم بن عمر بن الخطاب.

الوجه الرابع: ما هو الهدف من إعلاء منزلة المنذر بن الزبير؟


لقد عودتنا الروايات السابقة التي ناقشنا مضامينها والتي جاء في ضمنها ذكر لأسماء بعض الرجال الذين تقرن أسماؤهم مع اسم الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه على ان تلك الأسماء لم تقحم في ضمن الرواية اعتباطا ومن غير هدف، ولم يقرن ذكرها بذكر الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه صدفة ومن دون تخطيط، بل كان هنالك كما عرفنا سابقا وكما سنعرف لاحقا خطوات محسوبة وبدقة من قبل الوضاعين لهذه الروايات فهم في الوقت الذي يحاولون الانتقاص من منزلة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وهيبته ومكانته من خلال هذه الروايات، يحاولون أيضا وفي المقابل إعلاء شان بعض الشخصيات التي عرفت بولائها للحكومات الأموية والعباسية المناهضة لأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وذكر المنذر بن الزبير في هذه الرواية ليس بخارج عن هذا المخطط كما سنعرف فيما يلي:

1: علاقة المنذر بن الزبير بمعاوية وابنه يزيد


للمنذر بن الزبير علاقات وثيقة للغاية بالدولة الأموية وبالخصوص بمعاوية بن أبي سفيان وعائلته وقد تحدث المؤرخون وأصحاب السير عن هذه العلاقة الوثيقة بقولهم: (قدم على معاوية قبل وفاته فأجازه بألف ألف درهم وأقطعه موضع داره بالبصرة بالكلاء التي يعرف بالزبير وأقطعه موضع ماله بالبصرة الذي يعرف بمنذران فمات معاوية وهو عنده قبل أن يقبض جائزته وأوصى معاوية أن يدخل المنذر في قبره فكان آخر من نزل في قبر معاوية)[10].

وقال ابن عساكر عنه: (المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ابن قصي بن كلاب أبو عثمان القرشي الأسدي وأمه أسماء بنت أبي بكر وفد على معاوية وغزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية ووفد أيضا على يزيد بن معاوية قبل الحرة)[11].

وقال خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام: (المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي: من وجوه قريش وشجعانهم في صدر الدولة الأموية. وهو أخو عبد الله بن الزبير... انقطع إلى معاوية بن أبي سفيان. وأوصى معاوية أن يحضر المنذر غسله عند موته... وانتقل المنذر إلى البصرة، وأمر له معاوية بمال، فدفعه إليه عبيد الله بن زياد ــ أمير البصرة ــ وأقطعه دارا بها...)[12]. فالمنذر بن الزبير بن العوام وفقا لما تقدم يعتبر أموي الهوى والميول والنزعة ومن المقربين عندهم ولقربه منهم أوصى إليه معاوية أن يتولى غسله ودفنه وتجهيزه وأمر له بالصلات والأعطيات قبل موته وبعده.

2: علاقة المنذر بن الزبير بأخيه عبد الله بن الزبير


عرف عبد الله بن الزبير اخو المنذر أيام شبابه بولائه لبني أمية وأكثر من اهتم به منهم عثمان بن عفان فكان من خاصته حتى انه لما حصر عثمان كان عبد الله ممن كان برفقته في داره هو ومروان بن الحكم، قال محمد بن سعد: (وقد كان عثمان أمر عبد الله بن الزبير على الدار)[13]، ولشدة ثقة عثمان بن عفان فيه أوصى في ساعاته الأخيرة أصحابه بقوله: (من كانت لي عليه طاعة فليطع عبد الله بن الزبير)[14].

ولما قتل عثمان وتولى الخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه كان عبد الله بن الزبير من اشد المحرضين على قتاله ونكث بيعته، حتى ان بعض المحققين ذهب إلى ان عبد الله بن الزبير هو من أشعل حرب الجمل وأقام قيامتها[15].

وكان يسب الإمام علي ويشتمه قال ابن أبي الحديد: (وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب)[16].

ولكن ولاء عبد الله بن الزبير للأمويين قد تغير في آخر عمره وتبدل إلى عداء سافر بينه وبينهم حتى رفض بيعة يزيد بن معاوية، وأقام له دولة وإمارة في مكة، ولكنه ومع ذلك لم يتغير موقفه العدائي من أهل البيت صلوات الله وسلامه عليه وأشياعهم فقد أذاق أبناءهم وأتباعهم أنواع المصائب والشدائد أيام إمارته المشؤومة قال ابن أبي الحديد: (جمع عبد الله بن الزبير محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلا من بني هاشم، منهم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، وحصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم، وقال: لا تمضي الجمعة حتى تبايعوا لي أو أضرب أعناقكم، أو أحرقكم بالنار، ثم نهض إليهم قبل الجمعة يريد إحراقهم بالنار، فالتزمه ابن مسور بن مخرمة الزهري، وناشده الله أن يؤخرهم إلى يوم الجمعة، فلما كان يوم الجمعة دعا محمد بن الحنفية بغسول وثياب بيض، فاغتسل وتلبس وتحنط، لا يشك في القتل، وقد بعث المختار بن أبي عبيد من الكوفة أبا عبد الله الجدلي في أربعة آلاف، فلما نزلوا ذات عرق، تعجل منهم سبعون على رواحلهم حتى وافوا مكة صبيحة الجمعة ينادون: يا محمد، يا محمد! وقد شهروا السلاح حتى وافوا شعب عارم، فاستخلصوا محمد بن الحنفية ومن كان معه )[17]، ومواقف عبد الله المخزية تجاه أهل البيت وشيعتهم كثيرة يطول بذكرها المقام وفيما ذكرناه كفاية لمنصف.

ونحن إنما قدمنا هذه المقدمة لنبين ان المنذر بن الزبير كان احد اذرع عبد الله بن الزبير القوية واحد المدافعين عنه والمقاتلين دونه حتى انه قُتل دفاعا عن ذلك الضال قال محمد بن سعد: (بايع أهل مكة لعبد الله بن الزبير فكان أسرع الناس إلى بيعته... فولى المدينة المنذر بن الزبير...)[18] ونقل ابن عساكر في تاريخه عن محمد بن الضحاك قال: (كان منذر بن الزبير يقاتل مع أخيه عبد الله بن الزبير جيش الحصين بن نمير في الحصار الأول... فقتل المنذر فما زاد عبد الله على أن قال عطب أبو عثمان... قتل المنذر بن الزبير وهو ابن أربعين سنة وبلغني أن رجلا من أهل الشام دعا المنذر إلى المبارزة وكان كل واحد منهما على بغلة فخرج إليه المنذر فضرب كل واحد منهما صاحبه ضربة خر صاحبه لها ميتا)[19].

3: هل كان المنذر بن الزبير منافقا في أفعاله


قال النووي في شرح صحيح مسلم عن النفاق: (النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه)[20]، وقال ابن جريج: (المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته،ومدخله مخرجه، ومشهده مغيبه)[21]، وقال عبد الرحمن بن ناصر السعدي: (واعلم أن النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي والنفاق العملي)[22].

ووفق هذه التعاريف للنفاق[23] نسأل هل كان المنذر بن الزبير منافقا في أفعاله وأقواله وتصرفاته؟ ونحن هنا نقدم للقارئ الكريم نصين تاريخيين يصرحان بحقيقة هذا الرجل ويعطيان الجواب المناسب للسؤال المتقدم.

النص الأول قال ابن الأثير: (فعزل يزيد الوليد وولي عثمان بن محمد بن أبي سفيان... فبعث إلى يزيد وفدا من أهل المدينة فيهم... والمنذر بن الزبير ورجالا كثيرة من أشراف أهل المدينة فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم... فلما رجعوا قدموا المدينة كلهم إلا المنذر بن الزبير فإنه قدم العراق على ابن زياد وكان يزيد قد أجازه بمائة ألف... وأما المنذر بن الزبير فإنه قدم على ابن زياد فأكرمه وأحسن إليه وكان صديق زياد فأتاه كتاب يزيد حيث بلغه أمر المدينة يأمره بحبس المنذر فكره ذلك لأنه ضيفه وصديق أبيه فدعاه وأخبره بالكتاب فقال له إذا اجتمع الناس عندي فقم وقل ائذن لي لأنصرف إلى بلادي فإذا قلت بل تقم عندي فلك الكرامة والمواساة فقل إن لي ضيعة وشغلا ولا أجد بدا لي من الانصراف فتلحق بأهلك. فلما اجتمع الناس على ابن زياد فعل المنذر ذلك فأذن له في الانصراف، فقدم المدينة، فكان ممن يحرض الناس على يزيد، وقال: إنه قد أجازني بمائة ألف ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره وأصدقكم عنه والله إنه ليشرب الخمر والله إنه ليسكر حتى يدع الصلاة وعابه بمثل ما عابه به أصحابه وأشد...)[24].

والنص الثاني عن ابن عساكر: (وحدثني محمد بن الضحاك الحزامي قال كان المنذر بن الزبير وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حرام يقاتلان أهل الشام بالنهار ويطعمانهم بالليل)[25].

فاذا كان يزيد بن معاوية جائرا ظالما مستحلا للحرمات غير جائز له التصرف بأموال المسلمين ومقدراتهم كيف يقبل أن يأخذ منه المنذر جوائزه وعطاياه، ثم ان ابن الزبير ما دام متنعما برضا يزيد اللعين فانه يترك التحريض عليه وعلى خلع بيعته وبمجرد ان أحس بوجود خطر عليه من قبل يزيد فر إلى المدينة مستصرخا نادبا محرضا ولعيوب يزيد معددا فأي نفاق اكبر من هذا، ثم أي نفاق وأي خديعة اكبر من أن يطعم أهل الشام بالليل ويقتلهم ويسفك دماءهم في النهار؟!.

ونستخلص من النقاط الثلاث السابقة ان الهدف من إعلاء مقام المنذر وتصويره بصورة الزوج المثالي المحب لزوجته والذي لا يمكن أن يتخلى عنها ويتركها ويفعل المستحيل في سبيل إرجاعها إلى عصمته حتى لو تطلب الأمر أن يحتال على الحسن بن علي صلوات الله وسلامه عليه وعلى غيره، وبالمقابل تصوير الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه بانه رجل والعياذ بالله أشبه بالمغفلين يطلق زوجته بمجرد أن يسمع كلاما عنها من شخص غير نزيه مثل المنذر بن الزبير، ومن دون ان يطلب منه بينة ولا دليلا، ومن ثم إذا ما طلقها بقي صلوات الله وسلامه عليه متعلق القلب بها لا يقدر على نسيانها ولا يطيق فراقها فيذهب ليراها مرة بعد مرة، مرة مع زوجها الثالث عاصم بن عمر بن الخطاب ومرة مع عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وحينما يذهب في المرة الأولى مع عاصم ويدخلان هو وعاصم على حفصة تحاول الرواية أن تظهر عدم اكتراث حفصة بشأن الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وعدم اهتمامها بأمره فتقول: (فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث) بمعنى آخر انها تجاهلت وجوده صلوات الله وسلامه عليه وكان لحضور عاصم ولشخصيته وكلامه تاثير أقوى عليها، وأيضا تريد الرواية أن تصل بالقارئ من حيث يعلم أو لا يعلم إلى أن حفصة كانت تحب عاصما أكثر من حبها للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه فلذلك كان اهتمامها به اكبر وإقبالها عليه اشد.

ثم تحاول الرواية أن تشدد الإساءة إلى الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه عن طريق سرد تفاصيل أكثر لإصرار الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وحاشاه إلى الوصول إلى هذه المرأة على الرغم من زواجها من غيره، ودون أن يكترث إلى عدم اهتمامها به في المرة السابقة، فيأخذ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن مرتين ويحاول في هاتين المرتين أن يخفي صلوات الله وسلامه عليه وحاشاه ما في نفسه من الرغبة في رؤية حفصة، ويتذرع لأخذ عبد الله إلى العقيق بالتمويه والمخادعة حاشاه فيقول له (هل لك في العقيق) ولكنه صلوات الله وسلامه عليه حالما يصل إلى بيت حفصة لا يتمالك نفسه دون أن يدخل عليها ويتحدث معها طويلا ثم يخرج.

ثم يكرر نفس هذا الفعل بعد أيام، وبنفس الطريقة الرخيصة،وفي المرة الثالثة حينما أراد أن يكرر ما فعله في المرتين السابقتين يواجهه عبد الله بقوله (فقال يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة) فيكشف له عبد الله عن نيته ويخبره بما يحاول أن يخفيه ويتستر عليه.

ولا نجد هدفا ومبررا لكل هذه الأكاذيب غير الإساءة والانتقاص لشخص وهيبة وعظمة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وأنى لهم ذلك وقد رفع الله سبحانه له ذكره وطهره من كل دنس وعيب ونقص ووضعه في بيتٍ أذن الله أن يرفع ويكرم ويبقى شامخا مجده على رغم أنوف المدلسين والوضاعين.

الوجه الخامس: من هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر؟


بالرغم من ان أهل الجرح والتعديل من أصحاب المدرسة السنية قد وثقوا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن واعتبروه مدنياً تابعياً ثقةً كما ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب[26]، إلا أن سيرته وأخباره لم تكن تحكي عن التزام وإيمان فقد كان ماجناً كما وصفه ابن منظور بقوله: (وأبو عتيق: كنية، ومنه ابن أبي عتيق هذا الماجن المعروف)[27]، والمعروف بلقب ابن أبي عتيق هو عبد الله الذي نحن بصدد شرح حاله.

قال ابن حجر: (قال: البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق المعروف بابن أبي عتيق. روى عن عمة أبيه عائشة وعن ابن عمر)[28].

وقد رويت له قصص وأخبار تؤيد ما وصفه به ابن منظور وتؤكد كونه ماجنا من أهل الفسوق والعصيان، اخرج الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام: (وحكى مصعب الزبيري قال: لقي ابن أبي عتيق عبد الله بن عمر فقال: إن إنسانا هجاني، فقال:

أذهبت مالك غير مترك *** في كل مومسة وفي الخمر
ذهب الإله بما تعيش به *** فبقيت وحدك غير ذي وفر

فقال له: أرى أن تصفح، فقال: والله لأفعلن به لا يكنى فقال ابن عمر: سبحان الله لا تترك الهزل، وافترقا، ثم لقيه فقال: قد أولجت فيه. فأعظم ذلك ابن عمر وتألم فقال: امرأتي والله التي قالت البيتين)[29].

والرواية صريحة في تبيان مستواه الأخلاقي الضحل بحيث هجته زوجته ووصفته بالذي مر ذكره.

وذكر محمد بن حبيب البغدادي في كتابه المنمق ان مروان بن الحكم أيام إمارته قد حد جماعة وجلدهم بسبب شربهم للخمر ومنهم عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: (وحد مروان أيضا سهيل بن عبد الرحمن بن عوف في الخمر، وحد مروان أيضا ابن أبي عتيق واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر في الخمر)[30].

وبعد ان عرفنا حال هذا الماجن يصبح غير خاف على القارئ الكريم سبب ذكر اسمه في هذه الرواية فهم أخزاهم الله وخذلهم وعن طريق هذه الرواية أرادوا أن يثبتوا ان هنالك صحبة وصداقة بين الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وبين هذا السكير الماجن ليصلوا من خلال هذا إلى ان شبيه الشيء منجذب إليه فإذا كان صديق الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ماجنا وسكيرا، فالإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وحاشاه مثله، فتصل الدولة الأموية والعباسية إلى مبتغاها، وليظهروا أيضا ان الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه كان يصاحب أهل الفسوق والعصيان وبهذا تبرر أفعال خلفائها ومصاحبتهم لكل فاسق وماجن وتقريبهم لكل خمار سكير.

فالقضية إذاً اكبر من مجرد إثبات كون الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه مطلاقاً أو مزواجاً، فهي فوق ذلك قضية ضرب لنزاهة وعفة وقداسة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه وتحطيم للصورة المشرقة التي رسمها له النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أذهان الصحابة والتي نقلوها للأجيال، فبيضت صفحات التاريخ وأشرقت به وبها شمس الحقيقة التي لن يطمسها إرجاف هؤلاء ولا تدليساتهم ومغالطاتهم.

الوجه السادس: هل عادت حفصة إلى المنذر بن الزبير بعد طلاقها؟


نصت هذه الرواية على ان حفصة حينما طلقها عاصم بن عمر بن الخطاب خطبها المنذر وللمرة الثانية قال الراوي (... فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقى إليه المنذر أيضا شيئا فطلقها ثم خطبها المنذر فقيل له تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يعضهك فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها...).

بينما نجد رواية أخرى تصرح بان حفصة رفضت أن تتزوجه بعد أن طلقها عاصم بن عمر بن الخطاب فعن ابن أبي الحديد المعتزلي قال: (وروى أبو الحسن المدائني، قال: تزوج الحسن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر،وكان المنذر بن الزبير يهواها، فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها، فخطبها المنذر، فأبت أن تتزوجه، وقالت:شهر بي، فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوجها، فأبلغه المنذر عنها شيئا فطلقها، فخطبها المنذر، فقيل لها: تزوجيه، فقالت: لا والله ما أفعل، وقد فعل بي ما قد فعل مرتين، لا والله لا يراني في منزله أبدا)[31].

وهكذا تناقض لا يمكن التغاضي عنه إذ التناقض كاشف عن ضعف الرواية بل ووضعها، كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الكتاب.

الوجه السابع: هل كان الإمام الحسن ابن أم عبد الله ابن أبي عتيق؟


في المقطع الأخير نسمع عبد الله بن أبي عتيق يخاطب الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه بقوله: (ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق هل لك في العقيق فقال يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة) والسؤال المهم هنا هو ما هو مقصود ابن أبي عتيق من قوله للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه يا بن أم فهل كان الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه ابن أمه فعلا؟ والجواب هو قطعا لا، لان أم عبد الله بن أبي عتيق كما يقول ابن سعد في الطبقات الكبرى هي: (رميثة بنت الحارث بن حذيفة بن مالك بن ربيعة بن أعيا بن مالك بن علقمة بن فراس من بني كنانة)[32]، والإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه هو ابن فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب والتي يمتد نسبها إلى هاشم، وبين كلا الوالدتين بون شاسع وفرق واسع فكيف صار له ابن أم،وكيف لم يعترض عليه الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه.

فهذا اللفظ إما قد جاء سهوا على لسان الراوي، وكما قيل في المثل (لا حافظة لكذوب)، وإما أن أصل القصة حدثت مع احد أبناء أم هذا القائل ولكنها لفقت للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه.

ـــــــــــــــ
[1] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج60 ص292 في المنذر بن الزبير بن العوام.
[2] منهم ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة ص411 حيث قال (ان المنذر فارقها وتزوجها الحسن بن علي رضي الله عنهما فاحتال المنذر عليه حتى طلقها فتزوجها عاصم بن عمر فاحتال عليه المنذر حتى طلقها فأعادها المنذر).
[3] تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 ص 361.
[4] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 8 ص 468 ــ 469.
[5] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 60 ص 291.
[6] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 8 ص 72.
[7] مسند أبي يعلى الموصلي ج8 ص322 حديث رقم 4926، جامع البيان لابن جرير الطبري ج2 ص539 نساؤكم حرث لكم،العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني ج1 ص562 في قوله تعالى نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم، الدر المنثور لجلال الدين السيوطي ج1 ص262 ذكر الأقوال في تفسير قوله تعالى نساؤكم حرث لكم القول الأول.
[8] لم نجد بحسب ما تتبعناه ذكر لحفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر في زوجات الإمام الحسين عليه السلام أيضا غير ما تقدم عن ابن سعد وابن عساكر، فلم نعثر على مصدر موثوق يذكرها ورواية كل من ابن سعد وابن عساكر مأخوذة من مصدر واحد فتكون غير ناهضة بالمطلوب لمخالفتها للمشهور.
[9] المصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج 6 ص 516.
[10] تاريخ الإسلام للذهبي ج 5 ص 256 ــ 257.
[11] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 60 ص 287 ــ 291.
[12] الأعلام لخير الدين الزركلي ج 7 ص 293
[13] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 3 ص 70.
[14] المصدر السابق.
[15] أحاديث أم المؤمنين عائشة للسيد مرتضى العسكري ج 1 ص 259 وما بعدها.
[16] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج1 ص22 القول في نسب أمير المؤمنين.
[17] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 123 ــ 124.
[18] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 147.
[19] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 60 ص 293.
[20] شرح مسلم النووي ج2 ص47، وراجع أيضا الديباج على مسلم لجلال الدين السيوطي ج1 ص79.
[21] تفسير ابن كثير لابن كثير ج 1 ص 50.
[22] تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي ص 42.
[23]  تلك التعاريف السابقة وان كانت غير دقيقة ولا  تمثل ما يذهب إليه الإمامية من تعريف للنفاق إذ ليس كل إظهار لخلاف الباطن هو نفاق، وشاهده في القران قوله تعالى: ((وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ)) فتسمية لقران له بالمؤمن يدل على ان كتمان الإيمان وإظهار الكفر ليس نفاقا بل هو داخل في باب التقية، أما النفاق فهو كتمان الكفر وإظهار الإيمان، واحتجاجنا هنا بكلام مسلم وغيره داخل في باب إلزام الخصم بما ألزم به نفسه.
[24] الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 4 ص 102 ــ 104.
[25] تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 60 ص 293.
[26] تهذيب التهذيب لابن حجر ج6 ص10.
[27] لسان العرب لابن منظور ج 10 ص 238.
[28] تهذيب التهذيب لابن حجر ج6 ص10.
[29] تاريخ الإسلام للذهبي ج 7 ص 140.
[30] كتاب المنمق لمحمد بن حبيب البغدادي ص 397 .
[31] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 13.
[32] الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد ج 5 ص 195.

إرسال تعليق