الصورة الحسية في الشعر الحسيني بين النشأة والمنهج

بقلم: الأستاذ الدكتور صباح عباس عنوز

المبحث الأول: نشأة الصورة الحسّية


التصقت الصورة الحسية بحياة الإنسان فطرياً، ورسمها في كهفه شعيرةً سحرية، فقدّسها؛ لأن الانفعال الإنساني كان بدائياً فهو بحاجة إلى الإيمان بالشكل الحسي قبل الجوهر. إذ لم يتطور العقل إلى مستوى النضج قبل القرآن الكريم، ومن هنا فأن المعاجز التي سبقت القرآن الكريم كانت كلها معاجز حسية، بسبب عدم نمو العقل الإنساني إلى مستوى التدبر والتفكر الكبيرين عند الناس, إلا المرسلين الذين حباهم الله سبحانه بالخصيصتين السابقتين، فكان الانسان في بداياته يعوّل كثيرا على الحسية.
لهذا كانت لعبادة الاصنام صلة وثيقة بتقديس الصورة الحسية, وقد تطورت العلاقة تدريجياً[1]، فرسموا موتاهم للذكرى، وبدأوا ينظرون الى الصورة نظرة اخرى فيها يكمن الاحترام، حتى تطور الأمر إلى التقديس، فأخذت رؤيتهم الى الصورة تنمو لديهم، وتسلقت مراحل من التطور والاهتمام, حتى جاء دور الصورة المرئية, فكانت عبادة الاصنام والاوثان تلبي حاجاتهم الحسية، اذ عُبدت الشمس والقمر والنجوم، وتطور الأمر إلى عبادة الصورة المتخيلة كالجن والملائكة[2]، فأعطوا كل رمز لما يقابله, ظناً منهم أن هذه الرموز تمثل المفاهيم التي ارتضوها تعبيراً حسياً لهم، فتغلغلت الصورة الحسية بنسيج تصورهم، وهذا يفسر كون المعاجز الإلهية الموجهة إليهم وقتية حسية، اي مراعاة لمقتضى حالهم، ثم شاعت فكرة الرمز في صور المعبودات, فعبدوا الشجرة وكانت رمزاً لتقديس الحياة، وعبدوا هبل وهو رمز لتقديس الشمس، وعبدوا ود وهو رمز لتقديس الرجل، وعبدوا سواع وهو رمز لتقديس المرأة[3]، ثم تخيلوا الزهرة حسناء تنزل الى الأرض لغواية هاروت وماروت[4]، وتصوروا الثريا بقرة أثيرية، ورأوا مناة والعزى إنسيات لأب اله[5].
وهكذا كانت الصورة شيئاً ملتصقاً بمعتقداتهم وفطرتهم, اذ انبثقت من وجدانهم وكانت انطلاقتها حسية، لبت حاجة الاقناع لانفسهم التواقة الى فهم الاشياء حسيا،فكانت مراميهم لا تتعدى الاشياء الحسية لانها اقرب الى فهمهم، فلذلك ولأهمية الصورة انتبه الشعراء إلى السماء ورموزها فصوروها[6].
فالصورة أخذت مأخذاً في تفكير الإنسان منذ القدم بسبب الانفعال الوجداني المنبثق من أعماق البشر، وتطورت على وفق تطور الرؤيا الحسية والعقلية لديه، ومما يؤكد ذلك ان المسلمين حينما دخلوا الكعبة بعد الفتح وجدوا صور ابراهيم واسماعيل (عليهما السلام) وبعدهما الازلام، فقال الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): "قاتلهم الله، والله لقد علموا انهما لم يستقيما بهما فأمر بطلس الصور[7]".
ولما كان الشعر العربي يقدّم الأغراض مصورة بهدف التأثير في المتلقي، فقد التفت العرب القدامى قبل الاسلام وفي أثنائه إلى جمال الشعر من خلال الصورة, ولاسيما الحسية التي كانت تتناسب مع رؤاهم المستقاة من البيئة، مع أن نفراً من المسلمين تحرج من قبول تلك النظرة لرؤيتهم ارتباط الشعر بالرائي من جهة الجن[8]، لكننا نجد اهتماماً واضحاً بالصورة، إذ أصبحت مقياساً لنقدهم كما هي الحال في حكومة أم جندب الطائية بين زوجها امرئ القيس وعلقمة بن الفحل، حينما رأى كل منهما نفسه أشعر من صاحبه، فاحتكما إليها، فطلبت منهما وصف فرسيهما لحظة ركوبهما.
قال امرؤ القيس[9]:
فللزجر إلهوبُ وللساق درة *** وللسوط منه وقع أخرج مهذبِ
قال علقمة [10]:
فأدْركهن ثانياً من عنانه *** يمرُّ كمر الرائح المتحلب
فحكمت لعلقمة وفضلّته؛ لأنه ادرك فرسه ثانياً من عنانه ولم يضرب بسوط ولم يزجر ولم يحرك ساقيه، (فالصورة الحركية كانت مقياس حكمها).
فضلاً عن ذلك نجد حكومة النابغة الذبياني في تفضيل الخنساء على حسان بن ثابت[11] حين قال:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى *** وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وقالت الخنساء:
قذى بعينك أم بالعين عوار  *** أم أقفرت مذ خلت من أهلها الدار
إلى قولها:
وأن صخراً لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار
أو قول حسان بن ثابت في رده على كلام ابنه عبد الرحمن: (لسعني طائر ملتف ببردتين). فقال حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة.
ثم التفت القرآن الكريم إلى اهمية الصورة وقدسيتها في النفس, فدعى الناس إلى التفكير في أمر السماء والتأمل في ذلك[12]. وكانت المشاهد التي رسمتها الصورة البيانية حول الترغيب والترهيب واضحة في القرآن الكريم، لما لها من أهمية في النفس ووظيفة ارشادية واقناعية في تشجيع المتلقي على فعل الخير، أو ردعه عن فعل الشر لاسيما الصور الحسية.لان الخطاب القرآني يراعي مقتضى حال السامع فتتكون وظيفة نفعية لدى المتلقي ترتقي به الى مستوى المشاهدة، وهذا ما يتوخى من استعمال الاداء البياني فهو يقرب الصورة من ذهن المتلقي محسوسة مرئية مسموعة[13]، لذلك عد سيد قطب التصوير أهم أسلوب تأثيري في القرآن الكريم[14]، وما كان ذلك لو لم يُشغف العرب بالتصوير البياني الذي اخذ حيزا مهما في ادراكهم لِكنه الأشياء، وقد وردت كلمة (صورة) أو مشتقاتها ست عشرة مرة في القرآن الكريم [15]، فضلاً عن ذلك فقد كان حضور الصورة الحسية كبيراً فيه, لاسيما تلك التي وردت مبينة أحوال الامم السالفة، آخذة بنظر الاعتبار ذهنية الانسان التي عولت على رؤية البراهين حسياً، وربما كانت علاقة بين هذه الحال والمعاجز التي كانت كلها وقتية حسية انذاك، الا معجزة القرآن الكريم فقد كانت عقلية دائمية؛ لأن العقل بدأ يتطور ويبتعد شيئاً فشيئاً عن التعويل على الحس المطلق في رؤية الأشياء.

 وبدأ يبحث في علاقة النص القرآني بالتطور العلمي, فتنبه الدارسون إلى الاعجاز العلمي والاعجاز العددي والاعجاز التشريعي والاعجاز الغيبي والاعجاز البياني، وغيرها مما تستوجب من العقل التأمل والتدبر والتفكر لاستنتاجها, وما يهمنا هنا الصورة البيانية في القرآن الكريم التي أخذت مأخذاً مهماً في الدلالة. وظل الاهتمام يعنى بالصورة البيانية في العصرين الاسلامي والاموي ولاسيما الصورة الحسية، حتى إذا وصلنا إلى العصر العباسي كثر التنظير حول الصورة البيانية، وكان أبو تمام رائد جمال الصورة وكان لقوله الشعري[16]:
لا تسقني ماء الملام فإنني *** صبٌّ قد استعذبتُ ماء بكائي
وقعاً في النفوس في تكوينه صوراً ابداعية جديدة على وفق ادائه الخاص.
وقد دافع عنه الصولي (336 هـ) حينما نقدوه، وأرجعهم إلى قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[17].
فكان نقد الادباء لأبي تمام في عصره قد تركز في نقد صوره التي عولت كثيرا على الخيال الجامح، واعتماده على تراسل الحواس في بناء صوره الفنية، لذا جاء الرد النقدي من الصولي وهو يستشهد بالصورة البيانية التي جاءت في النص القرآني أنفا، ولا ريب في ذلك فأن القدرة على تكوين الصور سواء كانت ذهنية او حسية هي عملية صورية وخيالية في ان واحد[18],  ولقد وردت الصورة في الموروث النقدي للقدامى ولعل أقدمهم الجاحظ (ت:255هـ) حين عرّف الصورة بأنها: "ضرب من النسج، وجنس من التصوير[19]" وتبعه قدامة بن جعفر (ت:337هـ)، وأبو هلال العسكري (ت:395هـ)، وعبد القاهر الجرجاني (ت:471هـ)، وابن الأثير (ت:637هـ) وآخرون، وجاء المحدثون من العرب والأجانب وأعطوها تعابير لا تفترق عما سبقهم.
فحينما نقارن نصا للإمام علي (عليه السلام) في حديثه عن البليغ: "ما رأيتُ بليغاً قط إلا وله في القولِ ايجاز وفي المعاني إطالة[20]" بتعريف الناقد العالمي (فان) للصورة لوجدنا الرؤية واحدة، اذ يقول (van) عن الصورة: "كلام مشحون شحناً قوياً يتألف عادة من عناصر محسوسة، خطوط ألوان حركة ظلال، تحمل في تضاعيفها فكرة أو عاطفة أي أنها توحي بأكثر من المعنى الظاهر وأكثر من انعكاس الواقع الخارجي، وتؤلف في مجموعها كلاً منسجماً[21] فالبلاغة غرضها الافهام والصورة تحمل هذا الافهام باساليب بيانية في اثناء بث قصدية المتحدث إلى السامع، لذلك يؤكد المبدع أولوية الفهم والافهام ويحرص على رفع اللبس عن عمله الادبي، لذا ينتقي الصورة المقنعة. فالصورة نتاج المكونات البلاغية، والبلاغة وسيلة من وسائل الايحاء بالحقيقة عن طريق الخيال. وما الخيال إلا المهاد الذي تتأسس عليه الصورة، فالصورة الحسية هي جمع للحس والخيال معاً في عملية ابداعية يعول عليها الشاعر لإيصال غايته التعبيرية مصورة مرئية محسوسة لدى المتلقي؛ لأن التخيل احلال المعاني في الاذهان محل الصور والهيئات، أي ما يترتب في المدركات البصرية بسبب مدركات السمع[22].
ولم تختلف نظرة الباحثين المحدثين الى الصورة عن السابقين، -كما ذكرنا سابقا- فهم يلتقون في اطارها العام، وفي العصر الحديث نظر الباحثون الى الصورة من جوانب شتى فمنهم من رأها "ترسم مشهدا او موقفاً نفسيا او وصفا مباشرا[23]".
 ومنهم من رأها "تخطف في حدس الشاعر المبدع في خلال لحظة فائقة تنير معالم نفسيته جميعها[24]" وغير ذلك من التعريفات التي توطنت تنظيراتهم النقدية, فقد كثرت تعريفات الصورة عندهم وكلها تصب في فحوى واحد، ولسنا في صدد التنظير للصورة، ولكن مهمتنا تنحصر في الصورة الحسية في الشعر الحسيني، فأذا لملمت آليات نقدك، وتوجهت صوب الشعر الحسيني الممتد من عصر التوّابين أي من (شعر المخبآت) إلى يومنا هذا فأنك تلحظ الصورة البيانية سمة بارزة في الشعر الحسيني، أما المهيمنة على تلك الصورة فهي الصورة الحسية، اذ (تستأثر الحواس بالنصيب الاوفى من الصورة الفنية)[25].

 ومهما يكن من أمر فان الصورة الحسية ذات امتدادات زمنية عميقة، غائرةٍ في أطواء الزمن، وهي تحمل في تضاعيفها غايةً واحدة تتركز في تقديم الأفكار مصورةً عبر الحس بما يتوافق مع باعث القول ومقتضى حال المخاطب، فكانت الصورة الحسية قريبة من الذائقة الوجدانية للإنسان في كل عصر ومكان.
ولسنا في سياق الحديث عنها تأريخياً ولكن سنتوقف عند الصورة الحسية الحسينية التي هي موضوع بحثنا.

المبحث الثاني: نشأة الشعر الحسيني

 قال الدكتور أحمد أمين: "ثورة الحسين مادة خصبة استطاع أدباء الشيعة أن يستغلوها في فنّهم استغلالاً واسعاً أمدّ الأدب الشيعي بثروةٍ ضخمة من القصائد[26]"، ولا غبار على هذا القول إذا ما دققنا في شكل ومضمون القصيدة الحسينية، فهي أضافت إلى الشعر العربي عامة والوجداني خاصة رؤية جديدة في الشكل والمضمون، إذ إن وشيجةً تربط هذه القصيدة منذ بداياتها وحتى يومنا هذا، تلك الوشيجة هي الوجدان اليقيني، فقد أخذت القصيدة الحسينية مهمة اصلاحية نابعة من وجدان الشعر، تمثلت برصد الوظيفة الكبرى لثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي الاستنفار لقيم الله سبحانه بنصرة الحق ودفع الباطل مهما كان الثمن، اذ التفت اليها الشعراء ففقهوها وغدوا مقتنعين بها فجعلوها في صف التقى والصلاح ومعاني الخير للبشرية، فيما يأخذ أعداؤه في قصائدهم جانباً مظلماً لا تتحرك فيه إلا عيون الشيطان، ولا تدب فيه إلا حركة الخبث والجهل وسحب الباطل، وهذه السمة ولّدت بذرةً وجدانية ظلت متوقدة منذ الفاجعة الى يومنا هذا، اذ نمت روحيا بتجدد الزمان، فاخضرت يقيناً في وجدان المخلصين، إذ إن المتتبع لمسار التاريخ يجد المآتم وقد نمت نبتتها لحظة رجوع ثلة من الكوفيين من ساحة الحرب يندبون أنفسهم، ويلومون بعضهم، ويصارعون لوم الضمير، إذ لم تكن لديهم الشجاعة للاصطفاف مع سبط الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم), فكانوا أداةً بيد الخوف تسيّرهم أنى شاءت، وبدأ الندب الحسيني ينمو في كل ذهن رجع إلى صوابه، فاتسعت دائرته وكثرة حلقاته وبدا الوعي الجمعي عطشاً لنصرة آل البيت (عليهم السلام)، فأمتد الأمر إلى كل ضمير إنساني وخزته الفاجعة بآلامها. فنبّعت في المشاعر واستطالت من الوجدان شجرة حب للحسين (عليه السلام)، وسقتها عواطف الانتماء الانساني.
لذلك ظل هذا الأمر قائماً حتى تكوّن جيش التوابين الذي انطلق للأخذ بثأر الحسين (عليه السلام)، فهذا الجيش لم يكن بحسب الدليل العقلي ما لم يهيئ له وعي جمعي نتيجةً لتراكم لوم الضمير، وبالفعل فأنهم حينما جهزوا جيشاً قوامه أربعة ألاف فارس وقصدوا رأس النظام في الشام مرّوا بالإمام الحسين (عليه السلام)، فانفجر بوحهم هناك، حتى وصلتنا صرخته الإنسانية، فباح التوابون بالذي خافوا منه بالأمس فكانت صرختهم صوت الضمير المتوجع من التأنيب، وكانت قصائدهم نتاج اللوعة والتأسي وذم الباطل والتيه من جانب، ومن جانب آخر أكبرت القصائد فعل الحسين واله (عليهم السلام) وصحبه الابرار ورأته موقف الحق وعنفوان الشجاعة، فافتخرت بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الأطهار.
 إذن مَنِ الذي حفر بئر الوجدان القدسي في عروق القصيدة الحسينية؟ لو وقفنا على أقوالٍ للإمام الحسين (عليه السلام) نستشف منها أن الأمام الحسين (عليه السلام) كان يعرف مصيره؛ لأنه قال أقوالاً لم يقلها أنسٌ أمام طاغوت جاهل متحكم فاسق خالٍ من كل مزايا الإنسانية.
الأول: قوله للوليد بن عتبة بن أبي سفيان والي المدينة حينما طالبه بالبيعة ليزيد: فرد الحسين (عليه السلام) عليه: "إنّا أهلُ بيتِ النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجلٌ شاربُ الخمر، قاتلُ النفسَ المحترمةَ معلنٌ بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله[27]".
والثاني: قوله لمروان بن الحكم وهو يطلب البيعة أيضاً ليزيد، قال الإمام الحسين (عليه السلام) له بعد أن أدرك أن هذا الرجل لا يفقه خط الحسين (عليه السلام):
"إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد ولقد سمعتُ جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن الخلافةَ محرّمةٌ على آل أبي سفيان[28]".
والثالث: قوله لأخيه محمد بن الحنفية: "لو لم يَكُنَّ في الدنيا ملجأ ولا مأوى، لما بايْعت يزيد بن معاوية[29]".
فهذه الأقوال تؤكد أن فاجعةً ستحدث، وأن الحق سيتكلم على قلة أهله؛ لأن الحسين (عليه السلام) لم ولن ولا يبايع بحسب مكونات شخصيته التي نهلت من فيض النبوة، فضلاً عن ذلك فقد أظهرت هذه الأقوال يزيداً متمثلاً بالفسق، وهو في منظور الامام الحسين (عليه السلام) لا يصلح لقيادة الامة الإسلامية، وأن بيعة مثل بيعة الحسين (عليه السلام) له ستهبه حصانة للتمادي والعبث بقيم الاسلام، لهذا كان الموقفُ الشعري راصداً بقوّة هذه الخصيصة وهذا الالق الروحي، والشموخ الهاشمي، والأنفة المحمدية، يوم رفض الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) الدنيا وما فيها من اجل اعلاء راية الاسلام، فجاء الحسين (عليه السلام) ليرفض الحياة في الذل، فكانت مقولته التي عبرت الفضاءات إلى أرجاء المعمورة «هيهات منا الذلة» جبال الكبرياء للرافضين الذل والخنوع. ومن اجل ان يحيى الاسلام وهب العزيز والنفيس له، فقال: «ان لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خذيني».
وبذلك كان الشعور الحي ينفلت من افواه القوافي معلناً صدق اليقين النابض بالحيوية تجاه هذا الموقف السامي، فرصدت القصائد العنف الجاهلي الانتقامي ومظاهر الحقد والتشفي بأهل البيت (عليهم السلام) في واقعة الطف الرهيبة، وأظهرت شموخ أهل البيت وسجاياهم الكريمة ومظلوميتهم، فأثّر ذلك في عواطف المجتمع الإسلامي والإنساني تأثيراً عميقاً، وظلت معالم الأسى مقرونة بالثورة وهي تفوح من كلام الشعراء في كل عصر لتخترق الضمير الإنساني، وتهز الوجدان أينما سمع ذلك الكلام. وأصبحت هذه القصائد محرك الأمل والخلاص في كل عصر يحتدم به الظلم، وينشر الطاغوت عباءة الخوف على رؤوس الناس، فحققت القصيدة الحسينية وظيفتها تجاه وحدة الصراع، وأصبحت خير ناقد لمساوئ حكّام العصر، او الظواهر غير السامية في المجتمع. ولأجل ان نساير المنهج في سياق القصيدة الحسية الحسينة التي هي موضوع بحثنا، نقف عند أوليات انبثاق شلالاتها، التي فاضت بحراً من الشعر ركبه كل ضمير تحسس هول فاجعة الطف وآلامها الانسانية، أو دفعته الأزمنة بمواقفها للدفاع عن حقه. لقد ذكر المسعودي أن أول من رثى الإمام الحسين (عليه السلام) التيمي تيم مرّه وكان هذا الرجل متقطعاً لبني هاشم إذ يقول[30]:
مَرَرتُ على أبياتِ آلِ مُحمّدٍ *** فَلَمْ أرَها أمثالها يومَ حُـلَّتِ
فلا يُبْعِدُ اللهُ الديار وأهْلَها  *** وإن أصبحت من أهْلهِا قد تَخَلّتِ
وإنَّ قتيلَ الطفِ من آل هاشم *** أذلَّ رقابَ المسلمين فَذَلّـتِ
فهنا تفجع وتوجع لخلو الديار من أهل البيت (عليه السلام)، وأغلب الظن أن هذا الشعر هو أول شعر رُثي به الإمام الحسين (عليه السلام)[31]، ونستشف من كلامهِ سخط المسلمين على فعل يزيد، وقد أورد سبط بن الجوزي أن عُقبة بن عمرو السهمي أول من رثى الإمام الحسين (عليه السلام)، وروى ذلك الشيخ المفيد (ت:413هـ) في (المجالس) بسنده عن إبراهيم بن داحة[32] انه قال:
إذا العينُ قَرّتْ في الحياةِ وأنتمُ *** تَخافونَ في الدنيا.. فأظلم نُورُها
مررتُ على قبر الحسين بكربلا *** ففاض عليها من دموعي غَزيرُها
وما زِلتُ أبكيه وأرثي لشجوهِ *** ويُسْعِدُ عيني دَمعُـها وزفيرُها
وناديتُ من حول الحسين عصائباً *** أطافَت به من جانبيهِ قبورها
سلامٌ على أهل القبور بكربلا *** وقلَّ لها منّي سلامٌ يـزورها
فالقصيدة من البحر الطويل أظهرت نبرة الحداد من خلال انسجام حرف اللين والراء والهاء وألف الاطلاق، وكذلك تشعرك بالأسى والشجن وهما يصاحبان النص. ويقال إن أول من رثاه سليمان بن قَتَّة العدوي التميمي، وقد مرّ على القبور بعد ثلاث فنظر إلى المصارع وبكى بكاءً كثيراً وذكر القصيدة الانفة الذكر[33].
وبعد ذلك رثاه شاعر التوابين عبد الله بن عوف الاحمر الأزْدي واعتقد أن هذه القصيدة من (المخبآت) يقول[34]:
صحوتُ وودعتُ الصِبا والغوانيا  *** وقُلتُ لاصحابي أجيبوا المناديا
لِيَبْكِ (حسيْناً) كلما ذرَّ شارقٌ *** وعِندَ عسوف الليل من كان باكيا
فأضحى حسينٌ للرماح رديئةً *** وغودرَ مسلوباً لدى الطفِ ثاويا
سقى الله قبراً ضَمَّنَ المجد والتقى *** بغربية الطفِ الغَمام الغواديا
وتشعر أيضاً بالقافية المنتهية بالف الاطلاق التي تمنح الصوت بعداً موسيقياً حزيناً لاسيما اختيار الياء التي هيأت لاظهار نبرة الالم من عمق الاحساس عند الشاعر، وبالندم لعدم وجوده مع الحسين (عليه السلام) في ذلك اليوم فيقول:
فيا ليتني إذْ كان كنتُ نهدته  *** فضاربت عنه الشائنين الاعاديا
ودافعت عنه ما استطعت مجاهدا *** وأعملت سيفي فيهم وسنانيا
وعدَّ الدكتور يوسف خليف هذه القصيدة صورة صادقة لثورة التوابين[35] اذ عبرت عن صدق انتمائهم لقضية الحسين عليه السلام.
ويعد عوف بن عبد الله بن الأحمر شاعر الثورة، فحين فارق التوابون قبر الحسين (عليه السلام) وساروا يتقدمهم رؤساؤهم نحو الشام[36]، فقد كان هذا الشاعر يرجز[37]:
حَزَجْنَ يَلْمَعّن بنا إرسالا *** عَوابِساً يَحْملننا أبطالا
نُريد أن نلقى بها الأقيالا *** القاسطين الغُدُر الضُلالا
وقد رفَضْنا الأهل والاموالا *** والخفرات البيض والحِجالا
نُرضي بها ذا النِعَم المفضالا
ونستقرأ من النص أن التوابين قد انقادوا لصحوةِ ضمير كبرى، جعلتهم يرفضون الدنيا وما فيها من أجل رضا الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم ربطوا رضا الله سبحانه بالثأر لآل المصطفى (عليهم السلام) وهذا ما يتكلم النص به اجتماعياً، وما يفصحه وَعْيُهم الجمعي..
وكان هذا الأمر مدعاة ليس لظهور التوابين، وانما لثورات أخرى معارضة للنظام الاموي مثل، ثورة المدينة المنورة، وثورة المختار ضد عبيد الله بن زياد، وثورة مطرف بن المغيرة وهو من رجال الحكم الأموي وقد ثار ضد الحكم أنذاك، وكان حينها والياً على المدائن، وكذلك ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث وكانت ضد الحجاج وبني امية، وثورة زيد بن علي (عليه السلام)، فكانت قضية الحسين (عليه السلام) قد أسقطت حكم بني أمية. ورسمت طريقاً جريئاً للرافضين لحكمهم مهما كانت الدوافع والغايات التي انبثقت منها الثورات، فضلا عن ذلك فقد ظل مسار ضيائها متصلا عبر الازمنة وبقيت اشعته تومض حين تدلهم حياة الناس، وتلبد سماءهم غيوم الظلم، فمن سلك اثارها حطم قيود البؤس والطغاة، لذلك استشهد بها رجال من العالم على اختلاف مللهم وعقائدهم وأجناسهم مثل غاندي، وماوسيتونج وأضرابهم، فضلا عن شعراء عالميين تُيّموا بقضية الحسين (عليه السلام) مثل جوته الالماني او بوشكين الروسي أو غيرهم.
وعودا على بدء فقد كثر الشعر الحسيني في الحقب الزمنية المتتالية منذ استشهاد الامام الحسين(عليه السلام) حتى وقتنا الحالي، وأخذ يظهر شاعر حسيني مميز في هذا المجال في كل عصر، وقد جاءت تجارب شعرية كبيرة امتداداً لهذا النمط من الشعر العربي الذي اصبح أكثر خلوداً في النفس، لتعاون الوجدان اليقيني المصدّق لاحقية ثورة الحسين (عليه السلام) مع الشعور بالاسى لما مرّ به آل المصطفى (صلوات الله وسلامه عليهم). فكانت ثنائية حق اهل البيت (عليه السلام) وحزن الشاعر على ما مر بهم هي التي ترسم خطين متوازيين في قصديّة النص الشعري الحسيني، فجاء الكميت بن زيد الأسدي الكوفي (ت:126هـ) قمة شعرية عالية في هذا الجانب، ويحق لتاريخ العرب الادبي أن يفخر به كونه واحداً من صناع المجد الشعري العربي، وممن امتازوا بصدق الموقف وانتصاره للحق، فأخذت قضية الحسين (عليه السلام) جزءاً مهماً من شعره.
ففي ديوانه (الهاشميات)[38] جاءت قصيدته اللّامية مثالاً حياً على ذلك.
كأن (حسيناً) والبهاليلُ حولَه *** لأسيافهم ما يَختَلي المتبتلُ
ولم أرَ موتورين أهلَ بصيرةٍ  *** وحقَّ لهم أيدٍ صحاحُ وأرجلُ
كشيعتِهِ والحربُ قد ثَغِيَتْ بهم *** أمامهم قِدْرٌ تجيشُ ومِرْجَلُ
وهنا إشارة إلى ما لحق بأتباع آل البيت (عليهم السلام) بعد واقعة الطف، فالشعر خير من ينقل لنا ذلك تاريخاً ويصور وقائعه، فهو صوت آخر للتاريخ. ثم جاءت سلسلة من الشعراء الحسينيين حتى يومنا هذا، رسموا الصورة الشعرية الحسينية بوجدانهم، ووهبوها إلى المتلقي بحسيتهم، وأثروا بناءها بفنيتهم، فازدهر الشعر وأثمر، وكان إضافة جديدة وجيدة للأدب العربي. امتازت قصيدته بالبناء الشعري الخاص وعمق العاطفة والتفنن في إيصال الدلالة إلى السامع، فضلاً عن رهافة الحس وصدق اليقين والوظيفة الجمالية والاجتماعية،فقد صوّر الشعراء مصرع الإمام الحسين (عليه السلام) وآل البيت (عليهم السلام)، فأوغلوا في الصورة، واهتموا بالدلالة, وتألقوا في الأسلوب, وكانوا حريصين على تقديم المشهد الصوري مرئياً محسوماً إلى المتلقي ليتفاعل وجدانياً معه.
 ويرى الدكتور الصغير " ان الهيكل الفني للقصيدة الحسينية أخذ طابعه التكاملي في عصر سيدنا ومولانا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) (83 – 148هـ) حيث كان يقوم في توجيه ذلك جماعياً بل ويدعو إليه دلالياً وإيحائياً[39] "، والحق أن توجيهاً واضحاً للإمام الصادق (عليه السلام) تجاه الشعر والشعراء أسهم في حركية الشعر الحسيني وزاده نمواً كما نتلتمس ذلك في قوله (عليه السلام) لجعفر بن عفان أحد شعراء عصره حينما دخل عليه وقال له الإمام (عليه السلام): "بلغني أنك تقول الشعر في الحسين (عليه السلام) وتُجيد، فقال الشاعر: نعم جعلتُ فداك فأنشد، فقال (عليه السلام): ما من أحد قال في الحسين (عليه السلام) شعراً فبكى وأبكى به إلا أوجب الله له الجنة، وغفر له [40]". فأنشد الشاعر جعفر بن عفّان:
لَيِبْكِ على الإسلام من كان باكيا *** فقد ضُيّعَتْ أحكامُه وآسْتُحِلّتِ
غداة (حسينٌ) للرماح دريئة  *** وقد نهلت منه السيوفُ وعلَّتِ
وغُودِرَ في الصحراء لحماً مبددا *** عليه عُناقُ الطيرِ باتَتْ وظَلّتِ
فما نَصَرَتْهُ أُمّةُ السوءِ إذ دَعَا  *** لقد طاشت الاحلامُ فيها وضَلّتِ
ألا بَلْ محوا أنوارهم بأكفهم  *** فلا سلمتْ تلك الأكُفُّ وشُلّتِ
فبكى الإمام الصادق (عليه السلام)، وبكى من حوله وقال: "والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون، ههنا يسمعون قولك في الحسين (عليه السلام) ولقد بكوا كما بكينا أكثر[41] ".
وقد رثى الحسين (عليه السلام) رهط كبير من الشعراء العباسيين، إذ ظلت مسألة استشهاده تدمّع في اطواء الشاعر العربي بوصفه مرهف الحس، فهو لا يمر على مصيبة كربلاء إلا ونزّت عواطفه وأضرم أوارها حسرةً على الحسين وآل بيته (عليهم السلام)، فقد رثاه ابن الهبارية محمد بن محمد بن صالح الهاشمي العباسي البغدادي، حينما اجتاز كربلاء فمرّ على قبر الإمام الحسين (عليه السلام) فبكى وقال مرتجلاً[42]:
أحسينُ والمبعوثِ جدِّك بالهدى *** قَسَماً يكونُ الحقُّ عنه مُسائِلي
لو كنتُ شاهد كربلا لبذلتُ في *** تنفيس كربك جُهْدَ بذلِ الباذلِ
فقال قصيدة طويلة تمنى لو كان مع الإمام الحسين (عليه السلام)، ثم نام في مكة فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال له: جزاك الله عني خيراً، أبشر فأن الله قد كتبك ممن جاهد بين يدي الحسين (عليه السلام)[43].
ويقول الدكتور الصغير "ولا شك أن شعراً كثيراً لم يصل إلينا قد قيل في العصر الأموي، وقد اختفى حذر بني أمية، إلاّ أن شعراً رائعاً وصل إلينا بحدود في اوائل العصر العباسي[44]" وكتب منصور النميري في زمن هارون الرشيد قصائد كثيرة في الحسين (عليه السلام) ومنها قوله[45]:
ألم يُبْلغكَ والانباءُ تنمى *** مصُالُ الدهرِ في وُلْدِ البتولِ
بتربة كربلاء لهم ديارٌ *** نِيامُ الأهلِ، دارسة الطُلولِ
تحيات ومغفرة وروح *** على تلك المحلة والحلولِ
فالشاعر يخاطب السامع بخطاب يسكنه العتب، وكأن الآخر لم يسمع بمصاب ولد البتول، فهو يذكره بالمصاب، ويلفت نظره إلى الطلول، ثم يسلم على محلتهم، وأخذ الشاعر يتمنى في قصيدته أن يكون قد أدرك يوم الحسين (عليه السلام)، وهذه خصيصة رددها الشعراء حتى يومنا هذا، إذ إنهم تمنوا حضور واقعة الطف مع الحسين (عليه السلام) فهو يقول[46]:
ألا يا ليتني وُصلت يميني *** هناك بقائم السيف الصقيل
فَجِدْتُ على السيوف بحرّ وجهي *** ولم أخذل بنيك مع الخذول
واستمر الشعراء يبكون الحسين (عليه السلام) بقصائدهم، وكانت دموعها صورهم الحسية المعبرة. التي تجذب السامع إليها وتأخذه إلى فناء الواقعة. من خلال مشاهدها الحسية المختلفة, ويعد السيد الحميري اسماعيل بن محمد من أعلام الشعراء السابقين في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) في أوائل العصر العباسي، ومما قاله[47]:
أمْرِرْ على جدثِ الحسينِ *** وقُلْ لأعظمِهِ الزكيّهْ
يا أعظماً لا زلـتِ من *** وطفاءَ ساكبةٍ رويّهْ
ما لذّ عيش بعد رضك *** بالجياد الأعوجيّهْ
قبرٌ تضمن طيبـاً *** آباؤه خيرُ البريّهْ
يا عينُ فابكي ما حييتِ *** على ذوي الذممِ الوفيّهْ
وكان دعبل بن علي الخزاعي "يمثل دور الريادة في الرثاء الفني لسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) ويستوعب في ذلك الغرض من وجوه عدة، فهو يبكي ويستبكي، ويندب ويطلب الندبة، ويصور فيحسن التصوير، ويتظلم فيجيد غرض الظلامه بما يمكن أن تعده في هذا مؤسساً لأصول الرثاء الحسيني[48]". والحق ان القصيدة الرثائية الحسينية قد أخذت طابعا خاصا بها على يديه شمل الشكل والمضمون معا، لقد هنأ الكميت (رحمه الله) الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بولاية عهد المأمون سنة 200هـ، فقال تائية جاء فيها[49]:
أفاطمُ لو خلتِ الحسين مجدّلاً *** وقد مات عطشاناً بشطِ فراتِ
إذن للطمتِ الخدَّ فاطمُ عنده *** وأجريت دمع العين في الوجناتِ
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي *** نجـوم سماوات بأرض فلاةِ
ديار رسول الله أصبحن بلقعاً *** وآل زياد تسكـن الحجـرات
وآل رسول الله تسبى حريمهم *** وآل زيادٍ أمنوا السربـاتِ
ثم تتالى الشعراء مثل الشريف الرضي، والسيد المرتضى، ومهيار الديلمي، والحسين بن الحجاج، وأبي فراس الحمداني، وأبي تمام، وكشاجم، وسبط بن التعاويذي، وأبي دهبل الجمحي، والقاسم بن يوسف الكاتب، وبديع الزمان الهمداني، وابن الهبارية، وابن أبي الحديد، وأضرابهم، ممن كان لكلماتهم وقع حزين في أذن السامع وقدرة إقناعية في إيصال مظلومية أهل البيت (عليهم السلام)، فكانت مشاعرهم الصادقة تتحرك في أمواج النص الشعري، موضحة ومعلنة شغفهم بحب الحسين بن علي (عليه السلام).
وجاءوا عشرات بعدهم، وقد ختموا بناعية الطف السيد حيدر الحلي.
ثم جاء القرن العشرين، فكان الشعراء من العراقيين والعرب والعالم قد كتبوا عن واقعة الطف، وقد برعوا هؤلاء في تجسيد الصورة الحسية للثورة الحسينية بما قالوه من شعر اتسم بالدقة في التعبير والجودة في السبك، وهم يرسمون لنا الوقائع التي ظلت خالدة مدى الدهور، بما امتلكوه من ملكة فنية استطاعت أن تكون إضاءة حية في قصائدهم.

ــــــــــــــــــــــ
[1] ظ: المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام: 9/250.
[2] ظ: المستطرف في كل شيء مستظرف /324.
[3] ظ: التمثيل والمحاضرة/13؛ظ: كتاب الاصنام/27.
[4] ظ: بدائع الزهور في وقائع الدهور/43.
[5] ظ: في طريق المثولوجيا عند العرب /96.
[6] ظ: الصورة الفنية معيارا نقديا/16.
[7] ظ: النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/132.
[8] ظ: تاريخ اداب العرب:3/58.
[9] ديوان امرئ القيس /143.
[10] ديوان علقمة الفحل /35.
[11] ظ: الموشح، المرزباني /82، والشعر والشعراء، ابن قتيبة: 1/344.
[12] ظ: الصورة الفنية معياراً نقدياً، عبد الاله الصائغ /16.
[13] الاداء البياني في لغة القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق د- صباح عباس عنوز 20-21
[14] ظ: التصوير الفني في القرآن /156.
[15] وردت في السور الآتية: آل عمران /6، الانعام/73، الاعراف / 11، الحشر / 24، غافر / 64، التغابن / 3، الانفطار /8.
[16] ديوان إبي تمام / 63.
[17] الاسراء: 24.
[18] قصة الفلسفة، ول ديورانت ترجمة د- فتح الله محمد المشعشع 581.
[19] الحيوان، الجاحظ: 3/131.
[20] كتاب الصناعتين، ابو هلال العسكري /180.
[21] تمهيد في النقد الحديث، روز غريب /192ومابعدها.
[22] ظ: منهاج البلغاء /249ـ250.
[23] فن الوصف وتطوره في الشعر العربي:16.
[24] التفسير النفسي للادب د- عز الدين اسماعيل 89.
[25] الصورة الشعرية، دي لويس/ 4.
[26] ضحى الاسلام، د.أحمد امين:3/304.
[27] اللهوف، ابن طاووس/10.
[28] المصدر السابق /11.
[29] مقتل الحسين، بحر العلوم /169.
[30] ظ: مروج الذهب: 3/64.
[31] ظ: الامام الحسين (عليه السلام)، عملاق الفكر الثوري، د. محمد حسين الصغير /358.
[32] ظ: أعيان الشيعة، الامين العاملي: 4/371.
[33] ظ: م.ن:4/971.
[34] ظ: معجم الشعراء، المرزباني/126، وظ مروج الذهب، المسعودي:3/93.
[35] ظ: حياة الشعر في الكوفة، د.يوسف خليف /383.
[36] ظ:الامام الحسين عملاق الفكر الثوري، د.محمد حسين الصغير/289.
[37] مروج الذهب، المسعودي:3/93.
[38] ظ: هاشميات الكميت /70ـ71.
[39] ظ: الإمام الحسين عليه السلام عملاق الفكر الثوري، د. محمد حسين علي الصغير/355.
[40] وسائل الشيعة، الحر العاملي:10/464.
[41] ظ: الدر النضيد، الامين العاملي /58-59.
[42] ظ: الكنى والالقاب، عباس القمي:1/439.
[43] ظ: المصدر نفسه: 10/439.
[44] الامام الحسين عملاق الفكر الثوري، د.محمد حسين علي الصغير /357.
[45] الدر النضيد، الامين العاملي / 259ـ260.
[46] الدر النضيد / 259ـ260.
[47] المصدر نفسه /352.
[48] الإمام الحسين عليه السلام عملاق الفكر الثوري، د. محمد حسين علي الصغير/358.
[49] الدر النضيد / 259.

إرسال تعليق